الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التالية على ذلك:
1 -
لو كان النبى قد أسرى به بالروح مناما، لما كان هناك أساس لطلب البرهان على صدق روايته ونعت مخالفيه بالكفر.
2 -
تقول الآية الكريمة أن اللَّه أسرى بعبده، وليس بروح عبده.
3 -
لو كان الإسراء بالروح لما كان هناك ضرورة للبراق، لأن الركوب عليه يكون للجسد لا للروح.
وتسوق الأحاديث تفاصيل أكثر عن المعراج، وهنا نجده مرتبطا بالإسراء، بحيث أن المعراج تم من ذلك المكان المقدس، وإن كنا نجد روايات تقول إن المعراج كان من مكة، ولا تذكر شيئا عن الإسراء. ومن هذه الروايات ما يجعل المعراج تاليا لشق صدر الرسول، وذلك بعد البعثة بقليل كإعداد لمرحلة النبوة، ومنها ما لا يربط بين الحدثين، على أساس أن شق الصدر كان فى مرحلة الطفولة.
وتزيد بعض الروايات فى التفصيل لتصف السلم الذى كان به الصعود للسماء، فتتحدث عن بهائه وروعته. ويطلق على هذا السلم اصطلاحا "المعراج". ففى سورة المعارج يصف اللَّه نفسه بأنه "ذو المعارج" الذى {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} .
وقد ثار الجدل حول ما إذا كان المعراج حقيقة أم رؤيا، أى بالروح أم بالجسد. كما رفضت الروايات المتواترة أن يكون الرسول [صلى الله عليه وسلم] قد رأى اللَّه رؤى العين عند مثوله أمام العرش.
وعند الصوفيين، فإن المعراج رمز لارتفاع الروح عن نطاق المحسوسات. ولعل قصة المعراج كان لها أثر فى رواية أبى العلاء المعرى "رسالة الغفران"، والتى بدورها كان لها تأثير على رواية دانتى "الكوميديا الإلهية".
وطبقا لابن سعد، فقد وقع الإسراء فى السابع من ربيع الأول، والمعراج فى السابع عشر من رمضان. ولكن الاحتفال بليلة المعراج يتم منذ قرون فى ليلة السابع والعشرين من رجب.
2 - فى الأدبيات العربية:
تذهب قصص المعجزات المبنية على الرؤى، سواء كانت كتابية أم شفوية،
فى مسيرة التطور إلى أبعاد تتجاوز ما يقبله التحليل الدينى. وعلى ذلك، فإن أدبيات المعراج ينبغى أن تفهم من خلال مجموع ما قدمه مؤلفوها سواء كانوا معروفين أو مجهولين، الذين كرسوا جهودهم لبحث المعراج.
ولسنا فى وضع يسمح لنا أن نضع تسلسلا زمنيا لتطور هذا القصص. ولكن دراسة الرحلة المقدسة، بصرف النظر عما يرفضه رجال الدين منه، يسهم فى تحليل الخيال القصصى لدى المسلمين.
وتبنى القصص بصفة رئيسية على أساس رواية ابن عباس، ابن عم الرسول [صلى الله عليه وسلم] وهو ما يأخذه فى الاعتبار فى قصة المعراج بعض المؤلفين المعروفين إلا أن اغلبها مشكوك فى نسبه لمؤلف معين.
أما المعروفون من المهتمين بهذا الموضوع فنذكر منهم:
- القشيرى، أبو القاسم عبد الكريم، المتوفى فى 465/ 1073، وقد نشر كتابه "كتاب المعراج" فى القاهرة عام 1964 م.
- البكرى، أبو الحسن أحمد بن عبد اللَّه، يعتقد أنه عاش فى النصف الأخير من القرن السابع الهجرى/ الثالث عشر الميلادى، وفى كتابه "كتاب قصص المعراج" يقدم رواية قريبة من المنسوبة لابن عباس.
- الغيطى، محمد بن أحمد على المتوفى عام 984 هـ/ 1576 م، مؤلف "الابتهاج بالكلام على الإسراء والمعراج"، مطبوع فى 1970 م.
- البرزنجى، المفتى الشافعى للمدينة ومؤلف "قصة المعراج". وكان حفيده جعفر بن إسماعيل المتوفى فى 1217 هـ/ 1899 م من فقهاء الشافعية ومن المتخصصين فى السيرة، وهو مؤلف "تاج الابتهاج على النور الوهاج فى الإسراء والمعراج"، مطبوع فى القاهرة عام 1314 هـ وعلى حاشيته كتاب جده. وتختلف رواية البرزنجى عن المنسوبة لابن عباس من حيث اللغة والرواية، فهى رواية موجزة متحفظة، بما يدل على فقيه مهتم بمصداقية ما يرويه.
إن تطور أدبيات المعراج قد أدى إلى دمجها فى ثلاث قصص تروى كمعجزات للنبى:
(أ) قصة شق الصدر، وتذكرها بعض الروايات كتمهيد للمعراج.
(ب) قصة الإسراء، وقد ربطت فى بعض الروايات بالمعراج، على الرغم من ذكر تاريخين مختلفين للحدثين.
(ج) وأخيرا قصة المعراج ذاته، بما تتضمنه من صعود للسماوات ومثول أمام العرش وحوار مع اللَّه ورؤية الجنة والنار والعودة إلى مكة.
وقد تم تصنيف هذه الموضوعات على النحو الآتى:
(أ) قصص الأنبياء، والتى تتحدث فى بدايتها عن نشأة الكون.
(ب) التاريخ العام والذى يتحدث فى أمور متعلقة بالكون، وتعطى الدراسة المقارنة بينه وبين قصص المعراج دلالات هامة.
(ج) قصة الحشر والتى تستشهد بالنصوص المتعلقة بالقيامة والتى تتحدث عن مصير البشر بعد البعث. والعلاقة بين قصص المعراج وقصص القيامة جد وثيقة، فنفس أسلوب تصوير المشاهد، ونفس الصور الخيالية، هو ما أخرج كلا النصين.
ولنا أن نلاحظ أيضا اقتباس هذه الصور فى أعمال أخرى، فكتاب "عجائب المخلوقات" للقزوينى يتكلم باستفاضة عن الملائكة، وما تضمنته قصص ألف ليلة وليلة من حوادث كونية، مؤسس فيما يبدو على كتاب "قصص الأنبياء" للثعلبى. وما نتحدث عنه هنا هو ما يصح أن نطلق عليه مجموعات الكتابات غير الموثقة المتعلقة بالجحيم والجنة والملائكة والعرش، والسماوات، والتى تمثل كل مجموعة منها نوعا مستقلا بذاته، تضمن تراثا إسلاميا وغير إسلامى. والتحليل المفصل لهذه الأعماله سوف يمكننا من التوثيق التاريخى لهذه الأدبيات.
كما لا يمكننا أن نعزل قصص المعراج عن الأعمال الصوفية لأمثال ابن العربى وابن سينا والسهروردى، فكتاب "ككتاب التوهم" للمحاسبى يتضمن العديد من هذه الموضوعات.