الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سوى تأكيد ما أقره العقل، طبعا لا يكفى العقل لبيان كل ما هو حرام أو واجب، فمن القرآن علمنا فرضية الصلاة بشكلها وحرمة الأكل فى رمضان. وقد يكون هناك شئ من التعارض مع العقل فى ذلك، فترك الطعام أمر ضار، وهو بالتالى شر، ولكن العقل يمكنه أن يعلم أن تحمل ضرر بسيط اتقاء لضرر أكبر، وهو عقاب اللَّه الذى توعد به من يعصيه. وحتى القانون قد يكون أساسه عقلى، من واقع إدراك العقل لما يمكن أن يتحقق أو لا يتحقق بالنسبة لعمل معين واستحقاق مرتكب العمل للخلود فى جهنم، وهو ما يسمى هذا العمل بأنه شر أو ضار هو أيضا من الخير.
وفى هذا الموضوع بالذات يبدو المعتزلة فى تعارض بين مع الأشاعرة، الذين يرون أن الأساس لكل شئ هو الوحى وأن الخير هو ما يأمر به اللَّه والشر هو ما ينهى عنه. فما يعتبره اللَّه خير فهو خير، وما يعتبره شر فهو شر، ولا يذهب أهل السنة كلهم إلى هذا الرأى.
المصادر:
(1)
الشهرستانى، الملل والنحل.
(2)
J. Van Ess: Art Mutazila in Ency of Relagram N. 1987
على يوسف [د. جمرت D. Gimaret]
المعتضد باللَّه العباسى
المعتضد باللَّه أبو العباس أحمد بن طلحة بن المتوكل، وأمه أم ولد وكانت جارية إغريقية اسمها "ضرار"، ولا يعرف متى كان مولده ولكن من المحتمل أن يكون حوالى سنة 245 هـ = 860 م)، وقد رباه أبوه تربية عسكرية، ونجده منذ سنة 267 هـ (= 880 م) وهو يدير عمليات ضد الثوار الزنج، وقد نزلت به هزيمة نكراء على يد قوات خمارويه بن أحمد ابن طولون، ولم تكن العلاقات بين المعتضد وبين أبيه طيبة على الدوام، حتى أنه فى إحدى المرات فى سنة 275 هـ (= 888 م) يأمر بالقبض عليه.
ولما مات أبوه فى صفر عام 278 هـ (= يونيو 891 م) ولى العهد وبويع
بالخلافة ولقب بالمعتضد، [وإن كان الوارد فى بعض المصادر العربية أنه بويع يوم وفاة أبيه المعتمد على اللَّه لإحدى عشرة ليلة بقيت من رجب سنة 279 هـ (= 15 أكتوبر 892 م) ونص خليفة حتى وفاته سنة 289 هـ] وقد أيّده فى تولى الخلافة [بعد خلع أخيه المفوّض بن المعتمد] أكبر أنصار والده لاسيما الوزير عُبيد اللَّه بن سليمان بن وهب [الذى ظل وزير، له حتى وفاته سنة 288 هـ] كما أيده قائد جيشه بدر المعتضدى، ولما كان المحرم من عام 279 هـ (= أبريل 892 م) ثم خلع المفوّض خلعًا مستهجنًا من ولاية العهد التى نقلوها إلى المعتضد، الذى صار بعد ستة أشهر (رجب 279 هـ) الخليفة ولم يجد أى معارضة.
لقد كان قوة المعتضد الكبرى تتمثل فى العلاقات الوثيقة مع الجيش تلك العلاقات التى ورثها عن أبيه، هذا إلى جانب الروابط القوية المتناغمة بين كبار رجال الدولة المدنيين والقادة العسكريين وراى المعتضد باللَّه أن يستغلّ مصادر القوة هذه لإعادة تأكيد قوة أسرة بنى العباس، وكان يقود جيوشه بنفسه ومضى معظم أيام خلافته فى الحروب، وإن وجد نفسه مضطر، للاعتراف بضياع خراسان والشام ومصر من أيدى العباسيين أو على الأقل فى وقته إذ ذاك، ولقد بذل وجاهد فى محاولة منه لإعادة بسط السيطرة العباسية على الإقاليم المركزية كالعراق والجزيرة التى كانت هامة جدًا باعتبارها مصدر الحبوب لبغداد وغربى فارس.
أما فى الجزيرة فقد اصطدم بوالى "آمد" واسمه أحمد بن عيسى بن شيخ الشيبانى [وتقول المصادر العربية أنه فى أول خلافته سار إلى بنى شيبان بالموضع الذى يجتمعون فيه من أرض الجزيرة، ولما كانت سنة 280 هـ (= 893 م) أخرج أحمد من الموصل واستولى هو على البلد، كما انتزع مدينة "آمد" فى سنة 286 من ولد أحمد بن عيسى وخليفته واسمه محمد، ووقف إلى جانبه فى هذه اللحظة الشيخ حمدان بن حمدون التغلبى، مما أدى عن غير قصد إلى بداية قيام الأسرة الحمدانية.
كان جوهر سياسة المعتضد فى فارس أى فى خراسان دسجتسان] قيام ألية من العلاقات القوية مع عَمرو ابن ليث القائد الصّفّارى، بما كان ذلك محاولة منه لبث نوع من المشاركة كتلك المشاركة التى كانت لأسلافه مع الطاهريين، وكان الإقليم مقسمًا إلى مناطق نفوذ فكان الصفاريون يحتفظون فى أيديهم بخراسان والشرق وفارس، على حين كان العباسيون يسيطرون على الرى وأصفهان والمناطق الغربية، إلّا أن العباسيين لم يستطيعوا أن يؤكدوا وجودهم فى الرّى التى سلموها إلى الصفاريين سنة 284 هـ (= 897 م)، أما فى منطقة أصفهان فإن آخر واحد من بنى "دُلف" واسمه "عُمَر بن أحمد بن عبد العزيز قد طرد فى سنة 283 هـ (= 896 م) ورجعت المدينة لتستظل بظل حكم بنى العباسى، ثم والى المعتضد سنة 285 هـ عَمْرًا ولاية تركستان إلّا أنه هزم هزيمة أذلَّتْه على يد إسماعيل السامانى فارسلوه إلى بغداد حيث مات فى حبسه سنة 289 هـ فى أعقاب.
ولقد مات المعتضد فى ربيع الثانى سنة 289 هـ (= أبريل 902 م) بعد أن عهد إلى ولده المكتفى بالحكم من بعده، وكان المكتفى هذا قد تدرب تدريبًا عمليًا أيام ولايته حكومة الرّى والجزيرة، وقد استطاع أن يمد سلطان العباسيين وقوتهم بصورة كبيرة وذلك بفضل نشاطه الحربى وعزمه الكبير، إلّا أن عهده كان شديد القصر فلم يساعده على تحقيق أمله فى إعادة تدعيم السلطة العباسية.
راجع فى ذلك الطبرى، ومروج الذهب للمسعودى، والدولة العباسية لمحمد الخضرى.
De Goeje: Memoire sur، le Carmathes du Bahrain (1862) ولى سترانج بلدان الخلافة الشرقية.
أيمن حسن حبشى [هـ كينيدى H. Kenidi]