المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌معروف الرصافى شاعر من أبرز شعراء العراق الحديثة، وأكثرهم جرأة وصراحة - موجز دائرة المعارف الإسلامية - جـ ٣٠

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌مرداس، بنو

- ‌المصادر:

- ‌مرصد

- ‌المصادر:

- ‌المرصفى، حسين

- ‌المصادر:

- ‌المرعشيون

- ‌1 - أسرة السادة المرعشيين فى "مازانداران

- ‌أ - المرحلة الأولى

- ‌ب- المرحلة الثانية

- ‌2 - بعض سلالة أسرة السادة المرعشيين فى "مازانداران

- ‌المصادر:

- ‌مرو الشاهيجان

- ‌مروان بن الحكم

- ‌مروان بن محمد بن الحكم

- ‌مريم عليها السلام

- ‌أ) نعم اللَّه على مريم عليها السلام ومنزلتها: البشارة

- ‌ب) منزلة مريم عليها السلام الدينية

- ‌قصة مريم وعيسى عليهما السلام

- ‌1) ميلاد مريم عليها السلام

- ‌2 - بشارة عيسى عليه السلام:

- ‌المصادر:

- ‌المزدلفة

- ‌المصادر

- ‌المساحة، علم

- ‌المصادر:

- ‌مساحة

- ‌المصادر:

- ‌مسقط

- ‌ المصادر

- ‌مسواك

- ‌المصادر:

- ‌مشربية

- ‌المصادر:

- ‌مصدق

- ‌المصادر:

- ‌مصر *

- ‌(أ) مصر -بكسر الميم- اسم شخص سميت باسمه مصر

- ‌المصادر:

- ‌(ب) - مصر - بفتح الميم- والجمع أمصار يعنى فى التاريخ الإسلامى الباكر تجمعات سكنية تنمو خارج معسكرات الجيوش العربية الفاتحة خارج شبه جزيرة العرب، وتلا ذلك إطلاقه على عواصم البلاد المفتوحة. وكلمة مصر -بفتح الميم- من أصل سامٍ قديم، وفى الأكادية، يدل اسم "مصرو" على "الحد الفاصل" وعلى البلد، وفى العبرية والآرامية تدل كلمة مصر ومصرانا على البيت أو الحقل كمكان معين محدد

- ‌مصر قبل الفتح العربى

- ‌فتح العرب لمصر:

- ‌النظم الإدارية والمالية والاجتماعية فى مصر منذ الفتح حتى عهد عبد الملك:

- ‌من العباسيين إلى الفاطميين 750 - 969 م:

- ‌الفترة الفاطمية 969/ هـ 1171 م:

- ‌المصادر:

- ‌مصطفى "الأول

- ‌‌‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌مصطفى "الثانى

- ‌مصطفى "الثالث

- ‌‌‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌مصطفى الرابع

- ‌مصطفى بشتلى

- ‌المصادر:

- ‌مصطفى باشا بيرقدار

- ‌مصطفى جلبى

- ‌مصطفى خازندار

- ‌المصادر:

- ‌مصطفى خيرى أفندى

- ‌المصادر:

- ‌مصطفى عبد الرازق

- ‌المصادر:

- ‌مصطفى باشا قره

- ‌مصطفى كامل

- ‌المصادر:

- ‌مصطفى باشا لالا

- ‌‌‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌مصطفى باشا النشار

- ‌مصعب بن الزبير

- ‌المصادر:

- ‌المصلحة

- ‌المصادر:

- ‌المطيع للَّه الفضل

- ‌مظالم

- ‌العصر العباسى:

- ‌الأساس النظرى:

- ‌العصور الوسطى:

- ‌ المصادر

- ‌معافر

- ‌ المعافرى

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌معاوية بن أبى سفيان

- ‌المصادر:

- ‌معبد بن وهب

- ‌المصادر:

- ‌المعتزلة

- ‌التطور التاريخى:

- ‌الأفكار المذهبية:

- ‌المصادر:

- ‌المعتضد باللَّه العباسى

- ‌المعتمد بن عباد

- ‌حياته:

- ‌المعجزة

- ‌معد

- ‌المصادر:

- ‌المعراج

- ‌1 - فى التفسير الإسلامى والتقاليد الشعبية والصوفية للعالم العربى

- ‌2 - فى الأدبيات العربية:

- ‌3 - أدبيات المعراج فى شرق وغرب أفريقيا:

- ‌المصادر:

- ‌4 - المعراج فى الأدب الإندونيسى:

- ‌المصادر:

- ‌5 - المعراج فى الفن الإسلامى:

- ‌المصادر:

- ‌معروف الرصافى

- ‌المصادر:

- ‌معرة النعمان

- ‌المعرة تاريخيا:

- ‌المصادر:

- ‌المعرى

- ‌المعز بن باديس

- ‌المصادر:

- ‌المعلقات

- ‌المعلوف

- ‌المصادر:

- ‌معن بن أوس

- ‌معن بن زائدة

- ‌المصادر:

- ‌المعنيون

- ‌المصادر: وردت فى المتن

- ‌معين المسكين

- ‌المغرب *

- ‌1 - جغرافية المغرب

- ‌2 - تاريخ المغرب

- ‌المغرب قبل الإسلام:

- ‌قدوم الإسلام:

- ‌المرابطون والموحدون:

- ‌المرينيون:

- ‌العدوان المسيحى وإحياء الشعور المدينى لدى المسلمين:

- ‌دولة الأشراف السعديين:

- ‌الأشراف الحسنيون:

- ‌المغرب والقوى المسيحية:

- ‌الأزمة المغربية وفرض الحماية الفرنسية:

- ‌3 - السكان

- ‌1 - البربر:

- ‌2 - العرب:

- ‌3 - اليهود:

- ‌4 - عناصر مختلفة:

- ‌4 - الحياة الاجتماعية والاقتصادية

- ‌أ- فى الريف:

- ‌ب- المدن:

- ‌ج- الحياة الاقتصادية:

- ‌5 - التنظيم السياسى

- ‌القضاء:

- ‌ملكية الأرض:

- ‌6 - الحياة الدينية

- ‌أ- البربر قبل الإسلام:

- ‌ب - الدخول فى الإسلام:

- ‌جـ- تطور الإسلام فى المغرب:

- ‌د - الإسلام فى المغرب الحديث:

- ‌7 - مسح لغوى

- ‌8 - الحياة الثقافية

- ‌مراكز التعليم:

- ‌مؤرخو المغرب الأقدمين:

- ‌الجغرافيا:

- ‌أدب التراجم:

- ‌المصادر:

- ‌المغناطيس

- ‌المغيرة بن شعبة

- ‌المغيرية

- ‌المفضليات

- ‌1 - جمع ورواية:

- ‌2 - نصوص منقحة وشروح:

- ‌3 - تحليل المضمون

- ‌المصادر:

- ‌المقالة

- ‌المصادر:

- ‌مقام

- ‌تشكيل وتطور السلم النظرى للأصوات:

- ‌قيم المسافات وتكوين الأجناس

- ‌تكون المقامات الديوانية الموسيقية من الأجناس:

- ‌التسمية والمقارنات

الفصل: ‌ ‌معروف الرصافى شاعر من أبرز شعراء العراق الحديثة، وأكثرهم جرأة وصراحة

‌معروف الرصافى

شاعر من أبرز شعراء العراق الحديثة، وأكثرهم جرأة وصراحة فى التعبير عن آرائه السياسية. ولد فى بغداد سنة 1875 م، أبوه عبد الغنى محمد من أصل كردى من قبيلة الجبارية (بين كركوك والسليمانية فى شمال العراق (وكان رجلا تقيا، عمل كشرطى "درك" خارج بغداد، ولهذا فقد نشأ معروف وتلقى تعليمه على يد أمه فاطمة بنت جاسم، والتى تفرغت له فى منزل أبيها وأصلها من قبيلة عربية، وهى فرع من قبيلة شمر التى استوطنت فى حى قرغول فى بغداد).

ذهب معروف إلى "الكُتاب" فى بغداد حيث تعلم القراءة وترتيل القرآن وحفظه، وبعد أن قضى ثلاث سنوات فى المدرسة الابتدائية التحق بالمدرسة الرشدية العسكرية. ورسب فى امتحانات السنة الرابعة، ولم يستمر فى دراسته المدنية المؤهلة للخدمة العسكرية أو الحكومية ومن ثم فقد تحول إلى الدراسات الدينية، وتتلمذ على يد العالم الشهير محمد شكرى الآلوسى (1857 - 1924 م)، وآخرين من أمثال شيخ عباس القصاب وقاسم القيس لمدة اثنتى عشرة سنة. وكان تلميذا متميزا، ثم أصبح صوفيا مخلصا، وعرفانا بذلك أطلق عليه أستاذه اسم معروف الرصافى نسبة إلى العالم الصوفى الشهير معروف الكرخى.

ولا تدلنا مصادر السير والتراجم عن الكيفية التى فى دراسته معيشته السنوات فى دراساته الدينية والأدبية، ولا الكيفية التى حقق بها تلك المكانة الشعرية المرموقة. كل ما نعرفه هو أنه كان مضطرا للعمل كمدرس فى مدرستين ابتدائيتين فى بغداد، ثم تركها إلى مدرسة ثالثة فى "المندلى" فى "ديالا" سعيا وراء الأجر الأعلى.

وحاول فيما بعد أن يعود ليستقر فى بغداد واجتاز فيها بتفوق اختبارا فى اللغة العربية والأدب، ومن ثم عُين مدرسا فى مدرسة ثانوية، حتى سنة 1908 م. وخلال هذه السنوات نشر قصائد فى المجلات المصرية الدورية الشهيرة مثل المؤيد والمقتطف، مثلما

ص: 9418

فعل غيره من الشعراء المشهورين فى العراق، أمثال الزهاوى، نظرًا لأنه لم تكن هناك مجلات دورية متميزة تصدر فى العراق فى ذلك الوقت وأصاب قدرا من الشهرة فى الأقطار العربية الأخرى وكذلك بين المهاجرين العرب فى أمريكا، ولم تبدأ فى شعره حتى هذه المرحلة أى ميول دينية، فقد كان علمانيا خالصا يدعو إلى حرية التفكير فى مواجهة حكم الاستبداد، ويحث شعبه على الأخذ بروح العلم والثقافة والاقتداء بالنمط الأوروبى، واصفا ومادحا الاختراعات الحديثة، مدافعا عن ضحايا الظلم الإجتماعى، ناعيا الأوضاع المتدهورة التى آلت إليها الدولة العثمانية، وخصوصا فى العراق وأيد أيضا شعار الثورة الفرنسية الذى تبناه حزب التجمع والتقدم، وهو "الحرية والعدالة والمساواة"، كما يتجلى ذلك فى قصائده الصادرة فى "ديوان الرصافى".

وبعد الثورة التركية الفتية فى 10 يوليو 1908 م ترجم إلى العربية أغنية التجمع لشاعرهم "توفيق فكرت"، والتى أصبحت النشيد المدرسى فى العديد من الأقطار العربية، ويبدو أن تعاطفه مع أيديولوجية حزب الجمع والتقدم، أغرت فرع الحزب فى بغداد، والتى كان يرأسه مراد بك سليمان (شقيق محمود شوكت)، أن يدعوه لرئاسة تحرير القسم العربى فى جريدة الحزب السياسية الثقافية الصادرة بلغتين والناطقة بلسانه.

واحتفل الرصافى شعرا وفعلا بإعلان الدستور (دستور 10 يوليو 1908). فقد اقتحم الرصافى مع مجموعة من اصدقاء اليهود والمسيحيين جامع "الوزير" فى يوم من أيام الجمعة، وأزاحوا الخطيب بالقوة من فوق المنبر، وألقوا خطبا دعائية لإيديولوجية حزب التجمع والتقدم. وأثار تصرف الرصافى غضبا عارما بين الدوائر الدينية والمحافظة فى بغداد، وطالبوا بشنقه، وتظاهروا أمام الوالى ناظم باشا، حتى أن الأخير وضعه فى الحجز التحفظى حرصًا على حياته.

إلا أنه فى بداية سنة 1909 م وبناء على طلب أحمد جودت محرر جريدة "إقدام"، وصل الرصافى إلى إستانبول

ص: 9419

مارا ببيروت، لإصدار النسخة العربية من المجلة، التى كان الأمل معقودا عليها لخلق تفاهم جديد بين الفصيلين الرئيسيين فى الدولة العثمانية، الأتراك والعرب، ولتكون ناطقة بلسان الحزب. وخاب أمل الرصافى، عندما علم بأن المحرر لم يستطع تدبير الدعم المالى اللازم لإصدار الجزء العربى، لذلك فقد رحل إلى "سالونيكا" ومن هناك سار محمود شوكت، قائد الجيش الثالث لمقدونيا بجيشه إلى إستانبول وخلع السلطان عبد الحميد الثانى فى 13 أبريل سنة 1909 م، ومؤيديه برئاسة "درويش وحدتى" الذى كان قد تقلد السلطة فى 31 مارس 1909 م. وفى قصيدته "رقية الصريع" هجا الرصافى الحكومة العثمانية لاستبدادها ووصفها بأنها ضد التقاليد الإسلامية ودعا إلى حكومة جمهورية من أجل تحقيق الحرية كما فى أوروبا. ووصف فى قصيدته (فى سيلانيك) مسيرة الثورة ورحلته مع الجيش إلى إستانبول ضد السلطان. وفى قصيدته "تموز الحرية" حيا الثورة التركية الفتية وعبر عن سعادته بالإطاحة بعبد الحميد.

وعند عودته إلى العراق، عبر بيروت استقبله الأدباء بترحيب جم وعلى رأسهم أمين الريحانى. وكان يعانى أيامها من ضائقة مالية ولكن لحسن حظه، فقد ساعده مالك المكتبة الأهلية بشراء ديوانه، وقام محيى الدين خياط بتنقيح قصائده وترتيبها، وكتابة المقدمة وكانت هذه الطبعة مثل تلك التى تلتها مليئة بالأخطاء المطبعية. وتحتوى طبعة دار العودة فى بيروت سنة 1970 م على عدد أقل من الأخطاء، بيد أن الطبعة الجديدة، التى علق على حواشيها مصطفى على الرصافى صديقه الحميم ومريده، والصادرة فى أربعة أجزاء عن الحكومة العراقية فى بغداد سنة 1974 م، وهى فقط الطبعة الكاملة والمرخصة، واستبعدت القصائد الجنسية للرصافى من كل الطبعات -فيما عدا قصيدته "بداعة لا خلاعة"- ولم تسمح السلطات العراقية بنشرها أبدا. ولم تتضمن الطبعات الأسبق العديد من الأبيات والقصائد التى تهاجم الملك فيصل الأول وحاشيته وتعارض وصاية عبد اللَّه ونورى السعيد وآخرين.

ص: 9420

واستأنف عمله فى جريدة "بغداد" عند عودته إلى الوطن، ولكنه سرعان ما قبل عرضا جديدا هذه المرة من "جمعية أصدقاء العرب" التى يرأسها "الزهاوى" و"فهمى المدرس" فى إستانبول لتحرير جريدتهم اليومية "سبيل الرشاد" وفى إستانبول كان يلقى محاضرات فى مدرستين عاليتين فى اللغة العربية والأدب. وقام بتعليم "طلعت باشا" -العضو البارز فى حزب التجمع والتقدم- اللغة العربية، وكانت لعلاقته مع طلعت أثرها فى أن يُنتخب فيها سنة 1912 م فى مجلس النواب العثمانى. نائبا عن منطقة العراق، وتزوج أيضا أرملة اسمها "بلقيس" لم ينجب منها. ويذكرها مرتين فى ديوانه: فى القصيدة الأولى عندما تطلب منه "ألا يرحل، بينما ترغمه طموحاته أن يفعل". وفى القصيدة الثانية، ناشد فيها عائلة الجميل طالبا العون للسفر إلى تركيا، ليرى "من يحن قلبه إلى رؤياها". ويبدو أنه طلقها أخيرا فى سنة 1925 م رسميا، لأنه لم يكن قادرا على إعالتها.

كان الشغل الشاغل للرصافى هو الحفاظ على وحدة الدولة العثمانية من خلال توحيد كل الأديان والقوميات المختلفة فيها. وكذلك ابقائها وفقا لإيديولوجية لجنة التجمع والتقدم ولهذا السبب هاجم التجمع العربى فى باريس (يونيو 1913 م) وانتقد أعضاءه فى قصيدته الساخرة "ما هكذا" متهما إياهم بتعريض وحدة الدولة للخطر، وتشجيع أطماع الفرنسيين فى سوريا، وزرع العداء بين المسيحيين والمسلمين. كان الرصافى فى الواقع مدافعا عظيما عن إحياء الروح والثقافة العربية داخل إطار الدولة العثمانية. وناقدا عنيفا للقوى الأوروبية التى تسعى لتدميرها وحينما اندلعت الحرب العالمية الأولى، نظم قصيدة "الوطن والجهاد" يدعو فيها المسلمين أن يدافعوا عن الإسلام، وينتقد فيها المصريين لتأييدهم البريطانيين، ويعبر عن أمله فى أن يهزم العراق العدو الزاحف نحوها. إن هذا التضامن مع الدولة العثمانية يفسر لنا أيضا لماذا لم يرث الرصافى فى شعره هؤلاء القوميين العرب الذين شنقهم جمال باشا (1916 م). ويبرر من ناحية أخرى هجومه على

ص: 9421

الشريف حسين فى مكة لثورته ضد العثمانيين ولم يحتفل بتأسيس الحكومة العربية فى دمشق برئاسة الأمير فيصل بن الحسين (1918 م)، ولا أسف على طرد الأخير من سوريا (1919 م)، كما أنه لم يذكر كثيرا فى شعره الثورة العراقية ضد بريطانيا فى سنة 1920 م.

وبعد نهاية الحرب فى سنة 1918 م ترك الرصافى إستانبول إلى دمشق، حيث شكل الأمير فيصل حكومته العربية، بيد أن الأمير تجاهله بسبب قصائده الساخرة -فيما سبق- من والد فيصل الشريف حسين ومن القوميين العرب، ولم يتوقع الرصافى فى الواقع استقبالا من هذا النوع من الأمير فيصل زميله السابق فى البرلمان العثمانى، وخاب أمله لأنه كان يعتقد أنه اتخذ الموقف الشريف والصحيح لمصلحة الدولة العثمانية.

وعلى ذلك فقد قبل وظيفة فتن دار المعلمين فى القدس (1918 - 1921 م)، حيث أصبح هو محرر النشاط الاجتماعى والأدبى هناك مع الكتاب الفلسطينيين، إسعاف نشاشيبى وخليل سكاكينى وعادل جبر. وفى سنة 1921 م نشر مدير الكلية خليل طوطاح مجموعة للرصافى من 17 أغنية مدرسية مع الخلفية الموسيقية لها تحت عنوان "مجموعة الأناشيد المدرسية"، كتب مقدمتها إسعاف النشاشيبى.

وتناول "صفا خلوصى" فى مقالته "معروف الرصافى فى القدس" هذه الفترة من حياته ويعتقد "خلوصى" أن القصيدة التى نظمها الرصافى بعد حضوره المحاضرة التى ألقاها البروفيسور "ايه. ش يهودا" عن حضارة العرب. بدعوة من "راغب النشاشيبى" عمدة القدس، والتى حضرها الأستاذ هيربرت صمويل المندوب السامى البريطانى لفلسطين، نجحت فى أن تحول الانتباه عن قرارات المؤتمر العربى الفلسطينى المنعقد فى حيفا فى ديسمبر سنة 1920 م، وأن تُقلص المعارضة لسياسة صمويل. وفى هذه القصيدة (إلا هيربرت صمويل)، أشاد الرصافى بالمحاضرة وحديث هيربرت صمويل، وأشار كذلك إلى

ص: 9422

روابط الدم العربية اليهودية، منكرا اتهامهما بالعداء المتبادل، وعبَّر أخيرا فيها عن مخاوف العرب من أن يُطردوا من وطنهم وأثارت القصيدة احتجاجات قوية من الوطنيين العرب ومن الشاعر اللبنانى المارونى وديع البستانى الذى كان يعيش فى حيفا، فألف قصيدة يعنف فيها الرصافى. وأدت هذه الحملة القوية ضده إلى اقتناعه بقبول الدعوة للعودة إلى بغداد ليصبح محررا فى جريدة مؤيدة لطالب باشا النقيب الذى كان يطالب بعرش العراق. ورحل الرصافى إلى العراق، بيد أن قيام بريطانيا "النقيب" إلى الهند لتمهيد طريق الأمير فيصل إلى حكم العراق، أوقف إصدار الجريدة، وعُين الرصافى بدلا من ذلك فى منصب نائب مدير مكتب التراجم، والذى اعتبره أدنى من قدرته وتاريخه السابق المجيد.

وشعر بالإهمال والإهانة فى هذا الوقت، بينما كان من دعاهم "بالمنافقين والمجردين من المواهب" يتبوءون أعلى المناصب ذات النفوذ. وفى نهاية سنة 1922 م وسافر إلى بيروت وقرر ألا يعود إلى العراق، ولكن حينما سمع عن الدعوة لانتخابات أول برلمان عراقى، عاد إلى بغداد، وهناك أصدر جريدته اليومية "الأمل"(من أكتوبر - 20 ديسمبر 1923 م) والتى امتدح فى افتتاحياتها السياسة البريطانية فى العراق وحاول أن يمد جسور الود مع الملك فيصل الأول، بيد أنه أصيب بخيبة أمل شديدة، إذ لم يُنتخب كعضو فى البرلمان وفى نهاية سنة 1923 م عين مفتشا للغة العربية فى وزارة التعليم، وقام بإلقاء محاضرات فى كلية دار المعلمين فى بغداد فى الأدب العربى، وهى المحاضرات التى صدرت تحت غنوان "دروس فى تاريخ أدب اللغة العربية" فى بغداد سنة 1928 م.

وساءت أحواله المالية فى هذه الفترة، وفيها كتب معظم قصائده التى تهاجم بضراوة الملك فيصل الأول وحكومته -وخصوصا المسئولين فى وزارة التعليم- وكذلك البريطانيين. ولم ينشر بعض هذه القصائد وإن زاعت شفويا وانتشرت نسخها اليدوية. وفى قصيدته "حكومة الانتداب"، هجا

ص: 9423

فيها الحكومة العراقية باعتبارها شعارا زائفًا للدستور والبرلمان، وأكد فيها على أن الحكومة مُستبعدة من البريطانيين وفى قصيدة له لم يتضمنها ديوانه، اتهم الملك (فيصل) الأول بأنه لا يفعل شيئا، بل "يعد الأيام ويتلقى راتبه". ولعنه هو وقصره متمنيا لهما الدمار.

ومن أجل أن يتغلب على حالة الفقر الملازمة له، كتب قصائد مدح فى عبد المحسن السعدون وآخرين، طلبا للدعم المالى.

وعن طريق معاونة سعدون، نجح فى الانتخابات وأصبح عضوا فى مجلس النواب العراقى، بيد أن انتحار سعدون فى 13 نوفمبر سنة 1929 م. كان خسارة فاجعة له. ورثاه فى عدة قصائد. إلا أن الرصافى نجح فيما بعد عدة مرات فى أن ينتخب لفترة دامت ثمانى سنوات.

وبين سنتى 1933 - 1934 م عاش الرصافى فى الفالوجا فى ديالا، وهناك كتب "الشخصية المحمدية أو حل اللغز المقدس". ووصفه خلوصى بأنه تحفة أدبية، وأضاف أنه وفقا لما ذكره أصدقاؤه المقربون نصع بألا ينشر قبل سنة 2000 م". وصرح بأن هذا الكتاب وصف على أنه هرطقة، . . . زاخر بالأفكار البغيضة. وتحتفظ الأكاديمية العراقية للعلوم بميكروفيلم له.

ومنذ منتصف سنة 1941 م، بعد انقلاب رشيد عالى الكيلانى، عاد إلى بغداد حيث عاش فى فقر. وقد أيد الانقلاب فى شعره هاجيا البريطانيين والوصى على العرش "عبد اللَّه" وكذلك نورى السعيد والمسئولين الآخرين، الذين اتهمهم بالفساد. ومع فشل الانقلاب، والذى أعقبه مذبحة اليهود المعروفة بـ "فرهود" احتلت القوات البريطانية بغداد (2 يونية 1941 م). وفيما بعد ألقى القبض على الجنرالات الأربعة للكيلانى "المربع الذهبى" ونفذ فيهم الإعدام شنقا. ونظم الرصافى مرثاة طويلة فى فشل الانقلاب وشنق قادته، وتوعد فيها بأنه سيأتى اليوم الذى سيقضى فيه الجيش على العائلة الملكية. إلا أنه لم يعتقل وظل بلا موارد حتى اضطر إلى بيع السجائر فى حانوت صغير.

ص: 9424

أصدر فى سنة 1944 م كتابه "رسائل التعليقات" والذى تضمن ثلاثة تفنيدات اثنين لكتابى زكى مبارك "التصوف الإسلامى"(1938 م) و"النثر الفنى"(1934 م) والثالث تفنيد، لكتاب "كيتانى" عن حياة محمد [صلى الله عليه وسلم] إن الآراء التى عبّر عنها الرصافى عن الأحذية فى تفنيده كتاب "التصوف الإسلامى". جلبت عليه موجة من الانتقادات والغضب العارم، واتهم بالتجديف وصدرت الفتاوى بإدانته وتحريم كتابه. ويبدو أن هذه الهجمات دفعته إلى كتابة وصيته، والتى أكد فيها أنه كان مسلمًا آمن باللَّه وبمحمد [صلى الله عليه وسلم] وأنه آمن بجوهر الدين، ولكنه يترفع به عن توافه الأمور.

ومع نهاية سنة 1944 م، خصص له أحد الأغنياء من ذوى النفوذ السياسى "مظهر الشادى" مبلغ 40 دينارًا شهريًا إلى نهاية حياته، والتى جاءت فى 16 مارس سنة 1945 م.

وتقوم الشهرة العريضة التى حققها الرصافى على شعره السياسى والاجتماعى. وينقسم ديوان الرصافى إلى 11 قسمًا تختلف أطوالها: (1) فى الكون "8 قصائد"(2) الموضوعات الاجتماعية "36 قصيدة"(3) الفلسفة "9 قصائد"(4) فى الوصف "59 قصيدة"(5) فى الحريق "3 قصائد"(6) فى الرثاء "24 قصيدة"(7) فى المرأة "8 قصائد"(8) التاريخ "11 قصيدة"(9) السياسى "42 قصيدة"(10) الحرب "8 قصائد"(11) قصائد قصيرة، أقصرها من "بيتين" بعضها مرتجل فى الاستقبالات والحفلات، وأطولها "29 بيتًا". وتتضمن هذه الأقسام مع بعضها "346" قصيدة. وتتكون أطول قصيدة بقافية واحدة من 104 بيتًا، وهى قصيدة عن السيرة الذاتية لأبى بكر الرازى، والقصيدة النثرية فيه هى (الفقر والمرض) فى "51" مقطعًا خماسيًا. وعمومًا فإن هذا التقسيم للقصائد هو تقسيم عشوائى. ومعظم قصائده أحادية القافية، ينقسم كل بيت فيها إلى شطرين، ويكون الشطران فى البيت الافتتاحى مصراعين (لهما نفس القافية) وتتخذ القليل من قصائده الشكل المقطعى. والقصيدة النثرية الثانية عن آثار الفقر

ص: 9425

فى العراق. ونظم قصائده مقفاة بالقوافى الصعبة التى يتجنبها الشعراء الآخرون مثل ز، ص، ظ، ض، ط، ن، وله ثمانى قصائد. يحدد المقدار العددى للحروف فى الشطرات الأخيرة تاريخ نظمها (على حساب الاجمل) وهى الطريقة التى كانت مستخدمة فى فترة ما بعد الكلاسيكية إلا أن معظم قصائده غير مؤرخة. وله بعض القصائد الأخرى منظومة على الوزن والقافية لأمثلة كلاسيكية شهيرة لقصائد المتنبى والمعرى، وبعض منها مقتبس حتى من الشعر الجاهلى.

وفى نهاية حياته تحرر من هذا التأثير الكلاسيكى على أسلوبه الأدبى والاستعارات، واستطاع أن يستخدم شعره السياسى بأسلوب تلقائى مرن. ومن الواضح تأثره بالمتنبى فى سماته الشخصية مثل الكبرياء والصدق وطريقته المحببة فى التعبير عن أفكاره واستخدام الأمثال فى شعره مثل المتنبى، وتباهى بنفسه وشعره فى قصائد المدح التى نظمها يطلب فيها المساعدة، بينما كان تأثير "المعرى" عليه واضحًا فى نظرته الفلسفية وأفكاره عن الدين واللَّه، بما فى ذلك مذهب الشك والأحديه. وعلى العكس من ابن سيناء كان الرصافى يشك فى خلود الروح وصعودها إلى السماء، وفى الدين كوحى من السماء. واعتبر أن الدين من اختراع حكماء لصالح النوع البشرى. لكنه مثل "وليام بلاك" آمن بتناغم الجسد والروح ووحدتهما وأنه حتى وإن افترض خلود الروح، فهو يحيل إلى الاعتقاد بأنها غير مطلعة على الحياة. ومن ناحية أخرى فهو يستحث لدى العرب الحاجة إلى إحياء العلوم والثقافة من أجل الوحدة والحرية. ودافع عن حرية النساء وخصوصًا المسلمات. ودافع أيضًا عن حرية الفكر والسلوك والصحافة. وكان يرى أنه حرى بالرجل الحر أن يخرق العادات والتقاليد إذا شعر أنه من الضرورى أن يفعل. وناصر المقهورين والمضطهدين وضحايا المجتمع من الفقراء والمرضى، ودعا إلى الأمن الاجتماعى والمساواة. وأنحى بالأئمة على العرب لقصورهم وعجزهم، ولتغنيهم بتاريخم ومجدهم القديم. إن القصيدة المتميزة، التى

ص: 9426

توضح موقفه تجاه المضطهدين وضد التعصب الدينى، هى قصيدته "أم اليتيم". وهو يربط فى قصة الأرملة الأرمنية وابنها اليتيم بين ضحايا التعصب والكره العنصرى، حيث قتل زوجها فى مذبحة الأرمن فى تركيا فى سنة 1915 م، وأعلن أن الإسلام برئ من مثل هذه القسوة. ووصف أيضًا الاختراعات التقنية الجديدة مثل التلغراف والسكك الحديدية والسيارة والساعة، إلى آخره. وأبدى إعجابه باختراع محرك البخار والكهرباء.

وفضل العروض أو الأوزان الطويلة التى تناسب نغماته الحماسية والبلاغية، مثل الطويل والوافر والكامل والبسيط والخفيف. واتسم شعره بالعقلانية دون العواطف. فقد عبر عن أفكاره بأسلوب تعريفى مباشر غير قائم على الاستعارات والرموز، وكان مغرمًا بالمفردات الكلاسيكية.

وفى أعماله العلمية دل على معرفته العريضة والعميقة باللغة العربية وآدابها وبالإسلام وتاريخه، إلا أنه اعتمد أكثر على موهبته وعلى ما درسه فى شبابه. وفيما يلى أعماله المنشورة على حسب الترتيب الزمنى لظهورها:

1 -

الرقية (رواية) لنامق كمال ترجمها من التركية إلى العربية الرصافى فى سنة 1909 م.

2 -

ديوان الرصافى.

3 -

مجموعة الأناشيد المدرسية.

4 -

دفع الهجنة فى ارتضاخ اللكنة (مفردات عربية مستخدمة باللغة التركية وبالعكس).

5 -

نفع الطيب فى الخطابة والخطيب.

6 -

تمائم التربية والتعليم.

7 -

محاضرات الأدب العربى.

8 -

محاضرة فى صلاح اللغة العربية للتدريس.

9 -

دروس فى تاريخ اللغة العربية.

10 -

رسائل التعليقات.

11 -

على باب سجن أبى العلاء.

12 -

علام الضباب.

13 -

الأدب الرفيع فى ميزان الشعر.

وهناك ستة أعمال أخرى غير منشورة ما زالت غامضة، أهمها الشخصية المحمدية.

ص: 9427