المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وقد رسخ السادة المرعشيون -مثل علماء الامامية الآخرين- أنفسهم فى - موجز دائرة المعارف الإسلامية - جـ ٣٠

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌مرداس، بنو

- ‌المصادر:

- ‌مرصد

- ‌المصادر:

- ‌المرصفى، حسين

- ‌المصادر:

- ‌المرعشيون

- ‌1 - أسرة السادة المرعشيين فى "مازانداران

- ‌أ - المرحلة الأولى

- ‌ب- المرحلة الثانية

- ‌2 - بعض سلالة أسرة السادة المرعشيين فى "مازانداران

- ‌المصادر:

- ‌مرو الشاهيجان

- ‌مروان بن الحكم

- ‌مروان بن محمد بن الحكم

- ‌مريم عليها السلام

- ‌أ) نعم اللَّه على مريم عليها السلام ومنزلتها: البشارة

- ‌ب) منزلة مريم عليها السلام الدينية

- ‌قصة مريم وعيسى عليهما السلام

- ‌1) ميلاد مريم عليها السلام

- ‌2 - بشارة عيسى عليه السلام:

- ‌المصادر:

- ‌المزدلفة

- ‌المصادر

- ‌المساحة، علم

- ‌المصادر:

- ‌مساحة

- ‌المصادر:

- ‌مسقط

- ‌ المصادر

- ‌مسواك

- ‌المصادر:

- ‌مشربية

- ‌المصادر:

- ‌مصدق

- ‌المصادر:

- ‌مصر *

- ‌(أ) مصر -بكسر الميم- اسم شخص سميت باسمه مصر

- ‌المصادر:

- ‌(ب) - مصر - بفتح الميم- والجمع أمصار يعنى فى التاريخ الإسلامى الباكر تجمعات سكنية تنمو خارج معسكرات الجيوش العربية الفاتحة خارج شبه جزيرة العرب، وتلا ذلك إطلاقه على عواصم البلاد المفتوحة. وكلمة مصر -بفتح الميم- من أصل سامٍ قديم، وفى الأكادية، يدل اسم "مصرو" على "الحد الفاصل" وعلى البلد، وفى العبرية والآرامية تدل كلمة مصر ومصرانا على البيت أو الحقل كمكان معين محدد

- ‌مصر قبل الفتح العربى

- ‌فتح العرب لمصر:

- ‌النظم الإدارية والمالية والاجتماعية فى مصر منذ الفتح حتى عهد عبد الملك:

- ‌من العباسيين إلى الفاطميين 750 - 969 م:

- ‌الفترة الفاطمية 969/ هـ 1171 م:

- ‌المصادر:

- ‌مصطفى "الأول

- ‌‌‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌مصطفى "الثانى

- ‌مصطفى "الثالث

- ‌‌‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌مصطفى الرابع

- ‌مصطفى بشتلى

- ‌المصادر:

- ‌مصطفى باشا بيرقدار

- ‌مصطفى جلبى

- ‌مصطفى خازندار

- ‌المصادر:

- ‌مصطفى خيرى أفندى

- ‌المصادر:

- ‌مصطفى عبد الرازق

- ‌المصادر:

- ‌مصطفى باشا قره

- ‌مصطفى كامل

- ‌المصادر:

- ‌مصطفى باشا لالا

- ‌‌‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌مصطفى باشا النشار

- ‌مصعب بن الزبير

- ‌المصادر:

- ‌المصلحة

- ‌المصادر:

- ‌المطيع للَّه الفضل

- ‌مظالم

- ‌العصر العباسى:

- ‌الأساس النظرى:

- ‌العصور الوسطى:

- ‌ المصادر

- ‌معافر

- ‌ المعافرى

- ‌المصادر:

- ‌المصادر:

- ‌معاوية بن أبى سفيان

- ‌المصادر:

- ‌معبد بن وهب

- ‌المصادر:

- ‌المعتزلة

- ‌التطور التاريخى:

- ‌الأفكار المذهبية:

- ‌المصادر:

- ‌المعتضد باللَّه العباسى

- ‌المعتمد بن عباد

- ‌حياته:

- ‌المعجزة

- ‌معد

- ‌المصادر:

- ‌المعراج

- ‌1 - فى التفسير الإسلامى والتقاليد الشعبية والصوفية للعالم العربى

- ‌2 - فى الأدبيات العربية:

- ‌3 - أدبيات المعراج فى شرق وغرب أفريقيا:

- ‌المصادر:

- ‌4 - المعراج فى الأدب الإندونيسى:

- ‌المصادر:

- ‌5 - المعراج فى الفن الإسلامى:

- ‌المصادر:

- ‌معروف الرصافى

- ‌المصادر:

- ‌معرة النعمان

- ‌المعرة تاريخيا:

- ‌المصادر:

- ‌المعرى

- ‌المعز بن باديس

- ‌المصادر:

- ‌المعلقات

- ‌المعلوف

- ‌المصادر:

- ‌معن بن أوس

- ‌معن بن زائدة

- ‌المصادر:

- ‌المعنيون

- ‌المصادر: وردت فى المتن

- ‌معين المسكين

- ‌المغرب *

- ‌1 - جغرافية المغرب

- ‌2 - تاريخ المغرب

- ‌المغرب قبل الإسلام:

- ‌قدوم الإسلام:

- ‌المرابطون والموحدون:

- ‌المرينيون:

- ‌العدوان المسيحى وإحياء الشعور المدينى لدى المسلمين:

- ‌دولة الأشراف السعديين:

- ‌الأشراف الحسنيون:

- ‌المغرب والقوى المسيحية:

- ‌الأزمة المغربية وفرض الحماية الفرنسية:

- ‌3 - السكان

- ‌1 - البربر:

- ‌2 - العرب:

- ‌3 - اليهود:

- ‌4 - عناصر مختلفة:

- ‌4 - الحياة الاجتماعية والاقتصادية

- ‌أ- فى الريف:

- ‌ب- المدن:

- ‌ج- الحياة الاقتصادية:

- ‌5 - التنظيم السياسى

- ‌القضاء:

- ‌ملكية الأرض:

- ‌6 - الحياة الدينية

- ‌أ- البربر قبل الإسلام:

- ‌ب - الدخول فى الإسلام:

- ‌جـ- تطور الإسلام فى المغرب:

- ‌د - الإسلام فى المغرب الحديث:

- ‌7 - مسح لغوى

- ‌8 - الحياة الثقافية

- ‌مراكز التعليم:

- ‌مؤرخو المغرب الأقدمين:

- ‌الجغرافيا:

- ‌أدب التراجم:

- ‌المصادر:

- ‌المغناطيس

- ‌المغيرة بن شعبة

- ‌المغيرية

- ‌المفضليات

- ‌1 - جمع ورواية:

- ‌2 - نصوص منقحة وشروح:

- ‌3 - تحليل المضمون

- ‌المصادر:

- ‌المقالة

- ‌المصادر:

- ‌مقام

- ‌تشكيل وتطور السلم النظرى للأصوات:

- ‌قيم المسافات وتكوين الأجناس

- ‌تكون المقامات الديوانية الموسيقية من الأجناس:

- ‌التسمية والمقارنات

الفصل: وقد رسخ السادة المرعشيون -مثل علماء الامامية الآخرين- أنفسهم فى

وقد رسخ السادة المرعشيون -مثل علماء الامامية الآخرين- أنفسهم فى أجزاء كثيرة من العالم الإسلامى (إيران - العراق - سوريا - تركيا - مصر) وفى أطراف المحيط الهندى وشرق افريقيا (زنزبار) وجاوة.

‌المصادر:

(1)

Moojan Momen: An Introduction to shi'i Islam This history and doctrine of twelver shi'ism

(2)

S. A. Arjomand: The shadow of God and the hidden Iman

(3)

Imam From religions: M. J. Fisher dispute to Revolution

(4)

نور اللَّه شوشتارى: مجالس المؤمنين (جزءان) - "إحقاق الحق".

(5)

القاضى أحمد قمى (نسبة إلى قم): خلاصة التواريحْ.

(6)

عبد الرزاق السمرقندى: مطلع السعدين ومجمع البحرين "جزءان".

(7)

ظاهر الدين مرعشى: تاريخى جيلان وديلمستان.

(8)

جلال الدين منجّم يازوى: روزنامه.

(9)

شرف الدين على يازدى ظفرنامه.

بهجت عبد الفتاح عبده [ج. كالمارد J. Calmard]

‌مرو الشاهيجان

" مرو" هى المدينة التى كانت تقع فى منطقة الواحة الخصبة، وإن عرفت أيضًا بمناخها غير الصحى فى العصور الكلاسيكية والإسلامية الوسطى. وتمتد على الجزء الأسفل من مجرى نهر "مرغاب" على الأطراف الشرقية الشمالية من فارس. ويطلق عليها أيضًا اسم "مرو العظيمة". وتقع تاريخيًا فى نطاق إقليم "خراسان" وكانت قبل الإسلام قاعدة لحماية الحدود، ومركزًا لحكام الأقاليم فى العصور الإسلامية. وهى، أى مرو القديمة، تدخل الآن فى نطاق "تركمانستان". ويعود اسم "مرو الشاهيجان"، ويعنى (مرو الملكية)، إلى الدور الذى لعبته كمقر لممثلى السلطة الملكية، وحصن أمامى يحمى العالم الإيرانى ضد القادمين من السهوب الأسيوية الداخلية، وهى تختلف عن

ص: 9280

المدنية الأصغر "مرو الروخى" أو "مرو النهرية" الواقعة أعلى النهر.

وتتوافر عن تاريخ "مرو" معلومات أكثر من أى مدينة أخرى فى فارس أو آسيا الوسطى، وإن كانت المصادر لم تفصح عن زمن معين يعود إليه تاريخ وادى "مرغاب"، إلا أن دراسة الآثار فى تلك المنطقة، هى التى يمكن أن يكون لها القول الفصل، ولازالت هذه الدراسة فى مراحلها الأولى. وعلى ضوء المعلومات المتاحة، فإن الأمر قد جرى كما يلى:

فى العصر "الأشمندى"(من القرن السادس حتى الرابع قبل الميلاد)، نشاهد مجتمعًا زراعيًا على درجة عالية من التطور فى إقليم "مرغاب" الواقع فى نطاق الدولة الفارسية ويصف لنا الكتاب الإغريق فى العصور القديمة، ويفيضون فى شرح ذلك، وخصوصًا الجغرافيين منهم والمؤرخين فى حملات الاسكندر الأكبر (336 - 323 ق. م). فهم لم يجدوا فقط فى هذا الإقليم مجتمعًا مستقرًا من السكان، وإنما أيضًا مجتمعًا ريفيًا يمارس الزراعة بتقنيات متطورة، وكانوا أيضًا يزرعون الكروم، ويصنعون منها خمورًا جيدة.

وتشير المصادر الكلاسيكية إلى "مرغاب" على أنها نهر "مارجوس" وإلى إقليم "مرو" على أنه "مارجيانا" وينسب البعض إنشاء المدينة إلى "الإسكندرا"، بيد أن المرجح أن بناءها أو إعادة بنائها يعود إلى فترة أبعد قليلًا حيث ينسب إلى ملك "السيليوسيين" أنتيكوس الأول سوتر (280 - 261 ق. م)، فى وقت معاصر لبناء السور الذى كان يهدف إلى حماية المنطقة الزراعية من البدو القادمين من السهوب المجاورة ثم استوطنها أسلاف الشعب التركى، ولا يوجد ما يدعونا إلى التشكك فى تاريخ إنشاء "مرو".

وبصرف النظر عن التاريخ الذى يعود إليه إنشاء أقدم بناء فى منطقة وهو القلعة بالتحديد، وهذا ما ستكشف عنه نهائيًا دراسة الآثار. فإن الحقيقه المؤكدة، هى وجود زراعة متطورة فى وادى "مرغاب" اشتلمت على نظام للرى، فى وقت يسبق عصرنا هذا بقرون عديدة. ولا يعزى النمو السريع لواحة مرو إلى هذا فحسب، بل إن الفضل فيه يعود أيضًا

ص: 9281

إلى أن طريق القوافل التجارية الضخمة، الذى كان يربط آسيا الغربية مع الصين، كان يمر عبر أراضيها فى المرحلة "البارثية"، فقد كانت القوافل القادمة من آسيا الغربية تمر عبر "مرو" إلى "بلخ" ومنها عبر "درواز" والجزء الشمالى "بادخشان" إلى "آلاى كاشجار" ثم أخيرًا إلى الصين. وفى الفترة الساسانية تحرك الطريق التجارى أكثر إلى جهة الشمال، فكانت القوافل تعبر "مرو" إلى "كارجوى" و"سمرقند" و"سميريك" أو أرض الأنهار السبعة. ولم تكن "مرو" مجرد مركز مزدهر على الطريق التجارى، بل كانت مدينة صناعية عظيمة، إلا أن التاريخ لم يفصح عن التفاصيل الكاملة للحياة فى هذه المدينة، إلا بعد الفتح العربى.

وبإعادة ترتيب المعلومات التى أضافها المؤرخون والجغرافيون العرب، تكتمل صورة ما كانت عليه "مرو" فى زمانهم وفى التاريخ القديم. ولكى نتفهم الدور الذى لعبته "مرو" فى الحياة الاقتصادية فى غريب آسيا وفى آسيا الوسطى، يجب أن نستعين بما ذكره العرب من الجغرافيين والمؤرخين السياسيين فى القرن (الرابع الهجرى/ العاشر الميلادى) عن نظام الرى، والمستوى العالى من التنسيق والرقابة والصيانة لقنواته تحت إشراف "المتولى" أو "مقسم الماء" وهو المقابل للمصطلح الفارسى "مسئول الرى المحلى"(مير - آب). ويعمل تحت رئاسة هذا المسئول عن الرى، طاقم ضخم للصيانة المستمرة للقنوات يضم مجموعة من الغواصين. وكان هناك سد على "المرغاب" فوق المدينة، ينظم توزيع مخزون المياه، والذى يقاس عن طريق وحدة قياس أطلق عليها "مقياس" قياسًا على القياس النيلى الشهير. ويتكون هذا المقياس أساسًا من لوح خشبى مقسم إلى فواصل مدرجة بعلامات عند كل "شعيرة"، وكان هناك ديوانًا يسمى "الكاستبزود"(النقص والزيادة) -يحتفظ فيه بسجل لهؤلاء الذين يحق لهم المشاركة فى المياه.

وكانت الفترة من القرن (الثانى الهجرى/ السابع الميلادى) إلى القرن

ص: 9282

(الثامن الهجرى/ الثالث عشر الميلادى)، هى الحقبة التى تحقق فيها لواحة "مرو" رخاء اقتصادى عظيم، عاصرت فيه نظامًا بالغ التطور فى المقايضة والصرف. وتطور فيها العديد من طرق الزراعة وتقنيات الاستزراع، فيما عدا زراعة القمح الذى كانت تستورده من وديان "كاشكا - داريا" و"زاراقشان". وكان الناس يربون دودة الحرير، ووجدت فى "خاراق" جنوب غرب "مرو" قبل قدوم المغول بوقت قصير، مؤسسة تسمى "الديواكوش" لتدريس علم القزازة "تربية دود القز"، وكانت تستورد معظم الحرير الخام لمصانع الحرير الشهيرة بها. واشتهرت الواحة أيضًا بقطنها الناعم الذى كانت تصدره خامًا أو مصنعًا إلى معظم البلاد. وضمت منطقة "مرو" عددًا من المؤسسات الكبيرة التى كانت تدر على ملاكها عائدًا ضخمًا، حتى أنه فى القرن (الثانى الهجرى/ الثامن الميلادى) كانت مجموعة القرى كلها يملكها رجل واحد. ومن المؤكد أن الفلاحين كانوا خاضعين للقيود الإقطاعية لملاك الأرض (الدهاقين)، فكانوا ملزمين بالسداد العينى فى زمن الفتح العربى، ومن القرن (الثانى الهجرى/ الثامن الميلادى) إلى القرن (الرابع الهجرى/ العاشر الميلادى) بالسداد العينى والنقدى، إلا أننا لم نعرف بصورة قاطعة مقدار تلك المبالغ النقدية التى كانوا ملزمين بسدادها. وقدر للمدينة الواقعة فى القلب من منطقة الزراعة الكثيفة. أن يكون لها مستقبلًا مشرقًا. وإذا أضفنا إلى ذلك كونها مركزًا تجاريًا مزدهرًا على طرق القوافل بين غريب ووسط آسيا ومنغوليا والصين، فإننا نتحقق بسهولة من الكيفية التى نمت بها المدينة بسرعة فائقة بمصانعها وأسواقها وزراعاتها ونستطيع أن تميز فى الوقت الحالى داخل نطاق الإقليم القديم لمرو ثلاثة مواقع لمدن قديمة:

1 -

قلعة جافور المناظرة لمدينة "مرو" فى المرحلة الساسانية والإِسلامية المبكرة.

2 -

قلعة السلطان القريبة جدًا من الموقع السابق على الجانب الغربى، وهذه هى "مرو" القرون من (الثانى/ السابع الهجرى) إلى (الثامن/ الثالث

ص: 9283

عشر الميلادى) والتى دمرها المغول فى سنة 1321 م.

3 -

قلعة عبد اللَّه خان جنوب مرو قلعة السلطان، وأعاد بناءها "شاهرخ" فى سنة (812 هـ/ 1409 م). وتلك هى كل بقايا المدينة الشهيرة وضواحيها القريبة.

ويرجع تاريخ قلعة مرو، والتى عاصرت بناء المدينة فى منطقة "قلعة جافور"، إلى تاريخ سابق على المدينة نفسها. وكان من المعتقد أن مدينة قلعة جافور هى الموقع الأقدم (وتسمى شهرستان)، لأنها نشأت حول قصر أحد كبار الإقطاعيين (دهقان)، أى حول القلعة نفسها، وعليه فلا يعقل أن تكون "شهرستان" سابقة فى الوجود على بدايات مدينة "مرو" إلا أن الكشف الأثرى هو الأقدر على حسم هذه القضية.

وعند وصول العرب، وجدوا أن الربع الغربى من المدينة قد تطور كثيرًا وأصبح أهم أجزائها وهو الجزء الذى يطلق عليه الجغرافيون العرب اسم "رياضى". وفى البداية كان السوق يقع على حافة "شهرستان" بالقرب من بوابة المدينة، غير بعيد عن السور الغربى، ويمتد أحد أجزائه خلف هذا السور مع امتداد قناة "رازق". وبنى العرب المسجد العظيم فى وسط "شهرستان". وشيئا فشيئًا، مع انتقال النشاط فى المدينة صوب "الرياض" انتقل معه المركز الإدارى والدينى للمدينة إلى هناك أيضًا. وأقيم جامع آخر على ضفة قناة "رازق" والذى خصصة "المأمون" فى بداية القرن (الثالث الهجرى/ التاسع الميلادى) للشافعيين. وفى منتصف القرن (الثانى الهجرى/ الثامن الميلادى)، فى زمن القائد "أبو مسلم"، ظل المركز يتحرك أكثر صوب الغرب من ضفتى قناة "ماجان" وبدأت المدينة منذ ذلك التاريخ تحتل بالتدريج موقع "الربض"، لذلك فإن مدينة "مرو" لم تكن تتجاوز "قلعة جافور" فى القرون من (الثانى الهجرى/ الثامن الميلادى) إلى (السابع الهجرى/ الثالث عشر الميلادى). بيد أن المدينة التى ما زالت أنقاضها موجودة إلى الغرب منها، تعرف الآن على أنها "قلعة السلطان". لكن "شهرستان" لم

ص: 9284

تفقد أهميتها مرة واحدة. ويأخذ موقع المدينة القديمة فى قلعة السلطان شكلًا مثلثًا يمتد من الشمال إلى الجنوب بمساحة مساوية لمساحة "قلعة جافور". ويحيط بها سور ضعيف مبنى من الطوب النئ، له عدة أبراج ومبان أخرى ملحقة بالقلعة، التى شيدت بأمر السلطان ملكشاه فى الفترة ما بين سنتى (462 هـ/ 1070 م)، (472 هـ/ 1080 م)، وهى واحدة من أروع المبانى التى شيدت فى تلك الحقبة.

وكانت المدينتان -فى زمن الجغرافيين العرب- محاطتين مع ضواحيها بسور ما زالت بقاياه موجودة حتى اليوم. وفيما يتعلق بالسور المبنى فى زمن "أنتيكوس الأول"، فقد ظلت شواهده باقية حتى القرن (الرابع الهجرى/ العاشر الميلادى) وذكره "الاصطخرى" سنة 260 تحت اسم "الراى".

وتغير التركيب الاجتماعى لمدينة "مرو" بشكل جذرى فى الفترة التى تمركزت فيها فى قلعة السلطان، مثلما تغيرت الحياة الاجتماعية والاقتصادية فى غرب آسيا ووسطها بشكل عام. إن نمو المدن وتطور الحياة الحضرية وتبادل المنتجات بين المدن والريف وبدو السهوب، وكذلك امتداد مسارات القوافل التجارية، والتى لم تعد مقصورة على تجارة الكماليات وسلع الترف، شجع كل ذلك على نمو طبقات جديدة من المجتمع. فلم يعد هناك وجود "للدهاقنة"، الذين كانوا هم كبار الملاك فى مدينة "مرو" من القرن (الثانى الهجرى/ الثامن الميلادى) حتى القرن (السابع الهجرى/ الثالث عشر الميلادى)، على الرغم من أن "أكشاكهم" فى "قلعة جافور" ظلت متواجدة حتى نهاية القرن (السادس الهجرى/ الثانى عشر الميلادى)، فقد أصبح السادة هم التجار الأثرياء والطبقة العليا الحاكمة. وعلى الرغم من انتساب كليهما إلى الارستقراطية المحلية، إلا أن الزراعة تراجعت وحلت التجارة مكانها، وأصبحت أملاك المدينة هى مصدر الثروة، وتغيرت أوضاع الحرفيين الذين امتنعوا عن العمل كعبيد لدى "الدهاقنة". وحتى القرن (الثالث الهجرى/ التاسع الميلادى) كان ما زال

ص: 9285

هناك من يؤدى رسوم الإقطاع إلى الدهاقنة. ويبدو أنهم قد تحرروا منذ ذلك التاريخ وما تلاه. كما تغير أيضًا مظهر المدينة من الناحية الطبوغرافية ومن ناحية المبانى. فبعد أن كان السوق فى شهرستان (قلعة جافور)، يقع عند نهاية المدينة وفى جزء منه خارجها، استهوت الحياة الحضرية "الرباض" لتصبح الأسواق والورش فى قلب المدينة وغدت "مرو"(قلعة السلطان) فى القرن (الخامس الهجرى/ الحادى عشر الميلادى)، مدينة تجارية ذات نمط شرقى منتظم، فهى يخترقها شارعان رئيسيان، يصل أحدهما الشمال بالجنوب، والآخر الشرق بالغرب، وتقع عند تقاطعهما "الكارسو"، وهى مركز السوق تظلله قبة وتقع فيه الحوانيت ذات الأسطح المستوية وورش الحرفيين الصغيرة. وكان هناك الصرافيين والصائغين والدباغين، وأيضًا النساجين والنحاسين والخزافين إلى آخره. وهى لم تشتمل على المراكز الإدارية والدينية فحسب، بل ضمت أيضًا القصور والمساجد والمدارس ومنشآت أخرى. فكان يوجد فى الشمال من "الكارسو" على سبيل المثال، الجامع العظيم الذى شيد بالفعل فى عهد "أبو مسلم"، وقيل إنه ظل قائمًا حتى غزو المغول، إلا أنه لا بد وأنه قد أعيد بناؤه أكثر من مرة. وإلى جوار الجامع العظيم، كانت هناك قبة الضريح المبنية على مقبرة السلطان "سنجار" وتفصلها عن الجامع نافذة بقضبان حديدية. ويقال إنه كان من الممكن رؤية قبة الضريح بلونها الأزرق التركواز من على بعد يوم سفر. وداخل الأسوار المحيطة بالمسجد، كان هناك مسجدًا آخرًا، بنى فى نهاية القرن (السادس الهجرى/ الثانى عشر الميلادى) والذى ينسب إلى الشافعيين". ويبدو أن "أبو مسلم" شيد القبة فى عهد "ياقوت" بالطوب المحروق (الأحمر) ويبلغ ارتفاعها 55 ذراعًا، ولها عدة أروقة ذات أعمدة، والتى يقال عنها إنها كانت تستخدم على أنها "دار الإمارة" ولم يتبق أى أثر فى مكانها إلى جوار الجامع العظيم الذى بناه أبو مسلم.

وكان لمدينة "مرو" فى هذه الفترة -إلى جانب سورها العظيم- متاريسها

ص: 9286

واستحكاماتها الداخلية، والتى كانت تفصل بين أحيائها المختلفة.

واشتهرت المدينة بمكتباتها العامرة قبل أن يجتاحها الطوفان المغولى. أما عن تاريخها، فقد كانت "مرو" تحت حكم الساسانيين عاصمة الحدود الشمالية الشرقية لـ "مرزبان" لكونها القاعدة الأمامية، والتى تقع خلفها المدن التى تشكل دولًا بمفردها مثل "سوغدية" ومملكة خوارزم ودول السهوب مثل الأتراك الغربيين، وقد تكون "مرو" هى موطن (موهو) الرحالة البوذى الصينى "هيورين تسانج". وتظهر على الخريطة الصينية فى أوائل القرن الرابع عشر تحت اسم "ما - لى - ووه". وازدهرت فيها المسيحية النسطورية حتى عهد المغول، حيث كان ينادى بأسماء زعمائها الكنيسيين على أنهم حاضرون فى المجالس الكنسية؛ والتى كانت أسقفية قبل سنة 553 هـ، ثم أصبحت فيما بعد مطرانية. وقد كان المطران "إليا" هو الذى قام بدفن جثة "يزدجرد الثالث" الذى قتل فى "باب - بى"(بابان). وكان يوجد بها دير "ماسارجاسان" الذى يقع على الشمال من "قلعة سلطان".

وكان "يزدجرد"، آخر الساسانيين، قد هرب قبل غزو العرب لمرو، وقتل هناك فى سنة (31 هـ/ 651 م) على يد المرزبان ماهوى سورى، لذلك فقد ارتبط بالمدينة الاسم الشائن "خونة الملوك" وقد فتحها العرب فى نفس السنة على يد حاكم خراسان، عبد اللَّه ابن عمير بن كوريز، الذى عقد معاهدة مع "ماهوى" تدفع بمقتضاها إتاوة أو جزية تتراوح بين مليون و 2 مليون درهمًا بالإضافة إلى 200.000 جراب من القمح، وأن يكون الدهاقنة المحليون فى الواحة هم المسئولون عن جمع الجزية وتوفير الفتاوى للجنود العرب العاملين بالحامية، فى منازل شعب "مرو". وهكذا فقد كان هناك منذ البداية فرقًا جوهريًا فى نمط الاستيطان عن ذلك النمط الذى ساد فى الأمصار الكبرى العراق وفارس، حيث أقام العرب معسكرات منفصلة كمراكز لنفوذهم. وترك عبد اللَّه بن عمير حامية

ص: 9287

قوامها 400 رجل فى "مرو"، ثم أرسل "زياد بن أبيه" فى سنة (51 هـ/ 671 م) حوالى 50.000 أسرة من البصرة والكوفة حيث استوطنوا فى قرى الواحة عن طريق الحاكم الربيعى ابن زياد الحارثى وبدأت فى ذلك الحين عملية امتزاجهم مع السكان الإيرانيين المحليين، وخصوصًا حينما بدأ بعض العرب يتملكون الأرض الخاضعة للضريبة فى الريف، ومن ثم أصبحوا خاضعين من الناحية المالية لسداد الأتاوة للدهاقنة، وقد تكون تلك الأوضاع الاجتماعية الشاذة فى واحة مرو، هى التى أسهمت فى الدور الذى لعبته فى أواخر عصر الأمويين كبؤرة للدعوة العباسية فى الشرق، ذلك أن الدعاية المصاحبة للدعوة الهاشمية قد شقت طريقها مبكرًا بين العناصر العربية المستوطنة. وفى سنة (117 هـ/ 736 م) اكتشف أمر بعض العملاء العباسيين هناك، وأعدموا وسرعان ما تشكلت بعد ذلك لجنة الاثنى عشر من النقباء، يرأسها "سليمان بن كثير الخزاعى". وكان أبو سلمه الخلال موجودًا فى "مرو" سنة (126 هـ/ 746 م) وبعدها بسنتين وصل أبو مسلم كممثل للإمام العباسى إبراهيم بن محمد بن على بن عبد اللَّه بن عباس.

واستثمر أبو مسلم النزاع القبلى بين قبيلتى قيس ويمان، وجموع السكان العرب المستوطنين، والواقعين تحت وطاة الظلم المالى، الذى لم تفلح فى معالجته نهائيًا الإصلاحات التى أدخلها الحاكم الأموى نصر بن سيار فى سنة (121 هـ/ 739 م).

وبمساعدة "اليمانيين" ضد نصر ومؤيديه من "عرب الشمال" استطاع أبو مسلم فى أوائل سنة (130 هـ/ 748 م) أن يحكم قبضته على "مرو".

واستمرت "مرو" عاصمة الشرق فى أوائل حكم العباسيين على الرغم من الرطوبة الخانقة والمناخ القاسى. فقد ظلت هى مقر حكم المأمون عندما كان واليًا على الأقاليم الشرقية وأثناء خلافته حتى سنة (202 هـ/ 817 م)، حينما تركها إلى بغداد. وتوالى عليها الحكام "الطاهريين" من خراسان إلا أن

ص: 9288

"الصفاريين" الذين اقتلعوهم منها، فضلوا أن يجعلوا عاصمتهم فى نيشابور، بالرغم من أن "مرو" ظلت هى المركز التجارى الرئيسى لخراسان واستمر ازدهارها تحت حكم "السمانيين". بيد أن الاضطرابات التى جرت فى خراسان خلال العقود الأخيرة من حكم "السمانيين". حينما وقع الصراع بين القادة العسكريين طمعًا فى السلطة، أثرت بالسلب على ازدهار "صرو". وأصاب الخراب ثلث "الربعى"(المدينة الخارجية)، ودُمرت القلعة أيضًا، علاوة على أن الصراع الطائفى والشقاق الحزبى، كان قد استشرى فى المدينة، والذى يبدو أنه تفشى إلى المدن من خراسان فى ذلك الوقت.

بيد أن "مرو" عادت إلى الانتعاش من جديد تحت حكم السلاجقة، فقد غيرت ولاءها من الغزنوية إلى التركمانية فى سنة (428 هـ/ 1037 م) وأصبحت عاصمة "كاجرى بيج داوود" حاكم النصف الشرقى للإمبراطورية السلجوقية المؤسسة حديثًا.

ومنذ سنة 1110 م والتى أصبح فيها "سنجر" نائب الملك فى الشرق، قام والد الأخير ملكشاه ببناء سور طوله 12300 خطوة حول المدينة، والتى تحملت فى عهد "سنجر" هجمات من مختلف أعداء السلاجقة، مثل "خوارزم شاه أتسيز"، والذى أغار على "مرو" فى سنة (536 هـ/ 1141 م) وحمل معه خزانة الدولة. وبنى سنجر فى "مرو" ضريحه الشهير الذى يبلغ ارتفاعه 27 مترًا على مساحة مربعة، وأسماه "دار الآخرة" وفى خلال حكم "سنجر" أحكم السلاجقة السيطرة على التركمانيين فى السهوب المحيطة "بمرو" عن طريق الشرطة الرسمية، ولكن فى سنة (548 هـ/ 1153 م). تمرد "الغز" ضد هذه السيطرة، وهزموا "سنجر" ووقعت "مرو" فى أيدى البدو الذين تمسكوا بها مع "بلخ" و"السرخس" إلى أن فرض "الخوارزمشاهيون" حكمهم على شمال خراسان. وقاست "مرو" الويلات فى زمن الغزوات المغولية الأولى، حينما أطاحوا بحكم الخوارزميين، فقد نهبها

ص: 9289

أتباع "تولوى" فى همجية وتوحش فى بداية (618 هـ/ 1221 م)، ويقال إنهم قتلوا 300 ألفا أو 700 ألفًا من أهلها. وبأخذ عنصر المبالغة فى الاعتبار، فمن المؤكد أن "مرو" تلقت لطمة قاسية زلزلت مكانتها، واستغرقت منها قرنين من الزمان حتى تشفى من آثارها. وفى منتصف القرن (الثامن الهجرى/ الرابع عشر الميلادى)، زحفت الرمال وغطت على الأرض الزراعية للواحة.

فماذا تبقى إذن من مدينة القرن (الثانى الهجرى/ الثامن الميلادى) إلى القرن (السابع الهجرى/ الثالث عشر الميلادى) أكثر من السور الذى ذكرناه بالفعل؟ لقد غطى الركام والربى والأكام موقع قلعة السلطان كله وكذلك مواقع المبانى القديمة.

وترتفع فى الوسط مثل النصب التذكارى للماضى العظيم قبة ضريح السلطان سنجر، التى تبرز كواحدة من أجل المبانى حتى القرن (السادس الهجرى/ الثانى عشر الميلادى) وهنا يبرز التساؤل عن وجود علاقة بين "دار الإمارة" مع القبة والأروقة الكثيرة ذات الأعمدة السابق ذكرها كانت "مرو" تضم فى تلك الفترة العديد من المبانى داخل منطقة "قلعة سلطان " وكذلك الكثير من المبانى خارج أسوارها، وخصوصا الضاحية الغربية. وفى سنة (108 هـ/ 1406 م) سعى الحاكم التيمورى "شاهروخ" لكى تستعيد تلك المنطقة مكانتها المزدهرة والتى كانت يومًا واحة يانعة. وأعد خطة لذلك سارت على النحو التالى: أعيد بناء السد فى موقعه القديم وجرت المياه مرة أخرى فى قناته القديمة بيد أنه لم يكن رى إلا جزء واحد من الواحة. كما أعيد بناء المدينة، ولكن ليس على الموقع القديم لأنه لم يأت إحضار الماء بكميات وافرة إلى "قلعة السلطان". وتناظر مدينة "مرو" فى هذه الفترة المدنية القديمة "قلعة عبد اللَّه خان"(تنسب الأسطورة الشائعة بناء هذه القلعة إلى الشيبانى عبد اللَّه بن إسكندر)، وكانت مساحتها التى تغطى حوالى ثلاثمائة "بولا" مربعًا، أقل من مساحة "مرو" فى الحقبة المغولية. ولا يمكن مقارنة مدينة "مرو" فى هذه الفترة بتلك التى كانت فى فترة ما قبل

ص: 9290