الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المصادر:
1 -
بدوى طياته: معروف الرصافى دراسة أدبية للشعر العراقى وبيئته السياسية والاجتماعية، القاهرة، 1947 م.
2 -
مصطفى على: الرصافى، صلتى به، القاهرة، 1948 م.
معرة النعمان
موضع هام فى أحد أقضية شمال سوريا الذى يضم القسم الجنوبى من جبل الزاوية الذى يتكون من الجزء الجنوبى من مصياف وما يلحق به من القرى. وتشتهر معرة النعمان بأنها مسقط رأس الشاعر الضرير أبى العلاء المعرى. وهى تقع فى نطاق شمالى فينيقيا على مسافة رحلة يومين (سبعين كيلومترا) إلى الجنوب من حلب، كما تقع على الحافة الشرقية من إقليم غنى بالآثار القديمة. وإذا مضينا من الغرب إلى الشرق شاهدنا الأحجار الجيرية التى ترجع إلى العصر الأيوسينى - الحجرى كما يوجد البازلت على بعد اثنى عشر كيلو مترا إلى الشرق وهو يرجع إلى العصر (البليوسينى).
وليست هناك مياه جارية فى المناطق المجاورة، ويكون على السكان أن يجمعوا مياه الأمطار فى صهاريج. وقد أتاحت مياه الأمطار وما يستخرج من الآبار الفرصة لزراعة وفيرة منذ العصور القديمة. ويقول "ابن جبير" إن عبور المنطقة التى تغطيها الحدائق والتى تمتد إلى محيط المدينة كلها يستغرق يومين. وقد كانت هذه الأرض، فى العصر الأيوبى، من أخصب الأراضى وأغناها فى العالم. فمنذ العصور الكلاسيكية القديمة كانت الأراضى الواقعة غربى معرة النعمان مشهورة بزراعة أشجار الزيتون والكروم. كما كان يزرع بالقرب من المدينة وفى الحدائق أشجار الفستق واللوز كما تمتد إلى الشرق حقول الحبوب من حنطة وشعير. وهذه المنطقة تنتج ثلاث سلع رئيسية هى القمح والزيتون والزبيب للتصدير المباشر، الأمر الذى يؤدى إلى الجمع المتكرر بكميات كبيرة لهذه المنتجات.
وإذا قَبِلْنا قول القائل إن معرة النعمان هى "أرا" Ara لما بينهما من تشابه فى النطق فإن وجود مستوطنة بشرية فى موقع المدينة الحالى بالقرب جدا من "تل مَنَاس" يرجع إلى الألف الأولى قبل الميلاد. والواقع أن "أرا" قد وردت فى النصوص الأشورية ضمن أراضى الإمبراطورية (الأشورية) فى عام 738 قبل الميلاد. وليس هناك شك فى أنها هى نفس المدينة التى تظهر باسم "أرَا" Arra كواحدة من المدن اليونانية الرومانية التى وردت فى مذكرات الرحالة "أنطونين" والتى يمكن أن تتطابق مع "ميجارا" Megaara (التى تحدث عنها سترايو، والتى ينطقها المؤرخون اللاتين فى العصور الوسطى باسم Marra، على حين يطلق عليها المؤرخون الغربيون للحروب الصليبية "لامار" La Marre أو "لامير" La Maire) . . ولكن معرة النعمان بنطقها الحالى، وحسبما يقول المؤلفون العرب، كانت تشير فى العصر الأموى إلى مدينة وإقليم يقعان فى المنطقة المناخية الرابعة ويدخلان ضمن جند حمص، ومن عهد هارون الرشيد اندمجتا فى قنسرين وهذا هو السبب فى أن مؤرخا مثل "خرداذبة"(المتوفى قبل عام 272 هـ/ 885 م) يعد هذه المنطقة واحدة من "العواصم". أما البلاذرى (المتوفى عام 279 هـ/ 892 م). واليعقوبى (المتوفى عام 278 هـ/ 1355 م) ومن بعدهما ابن بطوطة (756 هـ/ 1355 م) وخليل الظاهرى (872 هـ/ 1468 م) فى "الزبدة"، فيقولون إنه مرّ على المدينة وقت كانت تسمى فيه "بذات القصور" أما الدمشقى فيتحدث عن "ذات القصرين".
أما الجزء الثانى من الاسم فإنه -حسبما ذكر البلاذرى الهراوى فيما بعد- مأخوذ من اسم أحد صحابة رسول اللَّه [صلى الله عليه وسلم] وهو النعمان بن بشير الأنصارى الذى كان -فى خلافة معاوية- واليا على الكوفة ومنطقة حمص ثم مات ابنه فى معرة -والتى يقال إن حاكمها عندما مات يزيد- كان نعمان بن بشر، الذى مات فى عام 65 هـ/ 684 م. وهناك قول آخر بأن اسم المدينة مأخوذ من "النعمان بن عدى الساطع" من أسرة بنى تنوخ التى عاشت فى المدينة والمنطقة.
وقد كانت معرة النعمان، منذ إنشائها، ملتقى طرق هاما، ومركزا اقتصاديا نشطا، فالمدينة تقع على محور يمتد من "قورس" عند سفح جبال طوروس، حتى فلسطين، مارا بحلب وحماة وحمص ودمشق وهذا الطريق يمر موازيا بالسفح المنحدر الشرقى لجبل "زاوية"، ويلتف حول السهل الذى يمتد إلى الشرق. . وثمة طريق آخر يمر بها وهو يربط بين حماة وأنطاكية. . وفى منتصف الطريق بين أنطاكية والمعرة توجد "روجيّة" وهى "قشطيل الروح" الواقعة فى إقليم الروح الذى يفصل أنطاكية إلى الجنوب. . وهناك طريق لهم يمضى تجاه الغرب من "معرة" عن طريق الحَسّ والبارة ويمضى فوق "جبل زاوية" ثم يعبر نهر العاصى عند جسر "الثغر" قبل أن يصل إلى اللاذقية.
وإلى الجنوب يمر الإنسان بمعرة النعمان إلى كفر طاب، حيث يمكن أن يصل الإنسان إلى أفامية أو شيزر. ويجب أن نلاحظ أن طريق حلب وحمص القديم والذى سلكه اليعقوبى فى القرن الثالث الهجرى أى التاسع الميلادى، لم يكن يمر بمعرة النعمان، ولكن عن طريق "تل ماناس" الواقع على بعد عدة كيلومترات إلى الشرق عن الطريق الحالى، ومع ذلك فإن رحلة "أنطونين" تشير إلى طريق حماة (الذى يعرف باسم طريق "أرا إبيفانيا" لقد كانت هناك شبكة طرق محكمة تربط القرى الزراعية التى إلى الشرق بمعرة النعمان ولم تكن هذه المدينة مكانا للراحة فحسب بل أيضا مركزا للتبادل "التجارى" بين الجبل والسهل؛ كما كانت مركز تجميع كبير للمنتجات الزراعية؛ وكانت فى عام 340 هـ/ 951 م مدينة مزدهرة بالفعل. . ولأنها "مفتاح" حماة، فقد فرض عليها قدرها فى العصور الوسطى، أن تكون الهدف الأول الذى يسعى للحصول عليه أى عدو قادم من الشمال الغربى أو من الشمال أو من الشمال الشرقى، على حين كانت تشكل بالنسبة لأى حاكم لحماة، خط دفاع متقدم. أما فى العصر العثمانى فقد تأكدت الأهمية الاقتصادية للمدينة فى أن سنجق معرة النعمان كان يتولى لوائحها المالية. . وكانت