الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقام
الجمع مقامات، والمعنى الحرفى للكلمة: وضع، مكان، درجة، وقد بدأ ظهور اللفظ فى الدراسات الموسيقية الإسلامية بنهاية العصر العباسى، وكان يعنى به مقامات ديوانية ذات جذور عربية - إيرانية - تركية تم استيعابها موسيقيًا، ومازالت مستخدمة على نطاق واسع حتى اليوم يهيمن تمامًا على المفاهيم الموسيقية، وأغلب الظن أن ذلك الاستخدام قد نبع من المكان المخصص للموسيقى العازف أو المغنى بغرض أداء مقام موسيقى معين، إلا أننا سنرى فيما بعد أن كل مقام أيضًا له مكان محدد ووضع ما على رقبة العود.
وفى الواقع فإن لفظ مقام يتسع لأكثر من مجرد ترجمته حرفيا mode. فالمقام يعرف كلا من: مقام الصيغة formulary mode (ج. تشسيللى J. Chailley)، والمفهوم اليونانى للمقام المنسق الشامل Systemic mode، ونظام السلم الموسيقى Scale system (ج. ك. شابرية J. Cl. Ch.Chabrier) مع الأوكتاف السباعى (سلم، ديوان أساسى) أو، إذا ما خرجنا عن نطاق الأوكتاف، الإنشاء الديوانى المحلل، والذى تمت معايرته أو تصوره على العود من خلال ربط الأجناس Genres الثلاثية، والرباعية، أو الخماسية (جنس، والجمع أجناس)، والخطة، والطريقة أو بروتوكول التنفيذ للارتجال أو الأداء التفسيرى للمقام حسب الأنماط والصيغ، والقفلات الموسيقية، وأخيرا الخاصية المميزة (روح المقام ethos) أو الوجدان المقامى (روح الجنس)، بحيث يرتبط كل ذلك بمفهوم المقام الموسيقى المعين.
ومثل ذلك المعنى المتسع نوعًا ما للفظ، والذى يضم النظام، والإنشاء، والصيغة مع هَبْوَه aura المقام، يستلزم ترادفًا نسبيًا للفظ "مقام" مع أسماء عمومية أخرى استخدمها علماء الموسيقى المسلمون فى القرون الوسطى، مثل: لان Lahn، وجام Djam، وطريقة Tarika، ودستان Dastan، ومجرى Madjra وترقيب Tarkib، وجنس Djins، ودور Dawr، وشد Shadd، ومركب Murakkab، وشعبة Shuba، وباردا Barda وآواز Awaz، وجوشا،
وبحر Bahr . . الخ. وحتى لو ظل لفظ المقام فى القرن العشرين هو أكثرها تقليدية ونموذجية، فإن الأسماء الأخرى تشير للمقام فى مناطق متنوعة: نغمة Naghma، نغم Nagham (المشرق العربى)؛ طاب Tab، صنعة Sana (المغرب)؛ أواز Awaz، داستجاه dastgah، نغمه Naghma (إيران). وما زال لفظ مقام مستخدمًا فى تركيا كما هو، ومجام فى أذربيجان وتركمانستان، وماقوم Makom فى آسيا الوسطى. وهناك جدل بين علماء الموسيقى، يضع أنصار النظام المقامى فى مواجهة ضد أنصار الصيغة المقامية Makam-Form. ويظهر التناقض هنا عندما ندرك الحقيقة التالية:
عندما يتم إنجاز النظام المقامى بحيث يؤول إلى كيان موسيقى محسوس، سيستلزم ذلك معه تصوير إنشاءاته فى صيغة ارتجال لحنى مقامى منفرد يقوم به (على خير وجه) عازف ماهر (وهو ما يعرف بالتقاسيم)، أو صوت بشرى دون موسيقى مدونة (وهو ما يعرف باسم الليالى)، أو فى صيغة معالجة آلية -سواء من الذاكرة أو مدونة- يؤديها مجموعة من العازفين (تخت أو جوق)، أو أوركسترا كامل مع العازفين المنفردين، والفنيين والأصوات الكورالية. وفى الحالة الأخيرة، نجد أن المستمع يحفظ الموسيقى والشعر والصيغة أكثر من النظام نفسه، وفى بعض البلدان مثل المغرب، أو آسيا الوسطى -إيران وأذربيجان- أو العراق نجد أن المقام يكون مفهومًا بدقة من خلال صيغه أو نماذجه، والتى تنتقل من الأستاذ إلى تلميذه، على الآلة الموسيقية، أو توكل إلى عازفين منفردين لديهم معرفة وثيقة بالريبرتوار التقليدى (نوبة فى المغرب، ماكوم فى آسيا الوسطى، رديف فى إيران، موقام فى أذربيجان أو مقام فى العراق على سبيل المثال).
وعلى الرغم من هيمنة وسطوة الغناء (الأصوات البشرية) وتأثير الكلمات والقصائد الشعرية الرصينة على الشعوب الإسلامية، وحتى لو ظلت هى النواة وبيت القصيد فى الثقافة