الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المغول. ومع مرور الوقت، تراجعت "مرو" وواحتها أكثر فأكثر. وفى فترة المملكة الصفوية كانت عرضة للهجمات المستمرة من جانب الأوزبيجان والتى فاقت من تدهورها.
وتلقت ضربة قاضية مع نهاية القرن الثامن عشر، فقد هاجم معصوم خان (لقب فيما بعد مراد شاه) القاجار التركمانى الحاكم المحلى لمرو القديمة، بيرم على خان، وقتله فى سنة 1785 م. ودمر "مراد شاه" أيضًا سد مور غاب 30 ميل/ 48 كم أعلى مرو، ومن ثم تقلصت بشدة الحالة الاقتصادية للإقليم، وحل الخراب على مرو، وعانت المنطقة المحيطة بها من الأهمال الشديد.
وفى سنة 1884 م احتل الجيش الروسى واحة "مرو" وتخلصت فى السنة التى تلتها من التهديد الأفغانى، بانتصار الجنرال كوماروف. ومنذ سنة 1887 م وما بعدها، بذلت محاولات تحقق لها قدر كبير من النجاح لإعادة الحياة الزراعية إلى الإقليم الخرب، عن طريق إقامة سدين على "المورغاب" وهما "كوش الهندى" و"باند سلطان" ويمر الخط الحديدى، الممتد من "كراسنوفودسك" إلى بخارى وسمرقند وطشقند من خلال عشق أباد ومرو، وأنشا فرع من مرو، فى اتجاه الجنوب إلى كوشا على الحدود الأفغانية.
ودخلت "مرو" منذ سنة 1924 م ضمن تركمانستان فى روسيا.
مصطفى محمود محمد [بوسورث C. E. Bosworth][ياكوبوفسكى A. Yu. Yakubovskii]
مروان بن الحكم
مروان بن الحكم بن أبى العاص أبو القاسم، ثم أبو عبد الملك، أول خليفة من الفرع المروانى من بنى أمية. لم يطل حكمه أكثر من بضعة شهور قلائل، فيما بين سنتى 64/ 65 هـ (685/ 684 م).
وأمه هى آمنة بنت علقمة الكنانية التى تنحدر من نفس عشيرة بنى أمية من قريش، وهو "أبو العاص". وهو ابن عم "عثمان" مباشرة ويختلف الناس
فى تاريخ مولده فمنهم من يجعله فى السنة الثانية للهجرة ومنهم من يؤخرها إلى الرابعة، وإن كان الأرجح إنه ولد قبل الهجرة وأيا كان الحال فإنه لابد وأنه عرف النبى [صلى الله عليه وسلم]، وبذلك يعد من الصحابة وقد أصبح كاتبا لعثمان كما اشتهر بمعرفته العميقة للقرآن الكريم حتى لقد قيل عنه أنه كان من أعمق الناس فهما للقرآن، انظر فى ذلك (الأنساب للبلاذرى جـ 5 ص 125) وقد ساعده هذا دون شك فى تحقيق النصوص القرآنية عندما جمع الكتاب الكريم زمن خلافة عثمان. وساهم فى هذه الفترة أيضا فى الحملة على شمال إفريقيا، والتى يقال أن نصيبه من الغنائم فيها كان كبيرا حتى كان سبب ثروته الفاحشة وكثرة أملاكه بالمدينة، وذكر فيما بعد أنه تولى حكومة فارس حينا من الدهر وجرح فى وقعة يوم الدار وهو يدفع ثوار العسكر المصرى عن بيت عثمان فى سنة (35 هـ/ 656 م). كما حارب فى معركة الجمل إلى جانب "عائشة" وأتباعها، حيث انتهزها فرصة ليذبح "طلحة" الذى اعتبره المسئول الأول عن مقتل عثمان على أن العجيب من أمره إنه والى عليا بعد المعركة.
وتولى "مروان" فى أثناء خلافة "معاوية" حكم "البحرين"، ثم تناوب مرتين حكم "المدينة" أولاهما من 41 - 48 هـ = (661 - 668 م) والثانية من 54 - 57 هـ، وكان ذلك مناوبة مع قريبيه سعيد بن العاص والوليد بن عتبة. وقد تكون الشكوك قد ساورت معاوية مؤخرا إزاء تنامى طموحات مروان، وخصوصا مع إدراكه للكثرة العددية لأسرة "أبى العاص" عن نظيرتها عائلة "حرب" جد معاوية، وكان لمروان كما يقول البلاذرى فى كتابه الأنساب عشرة أبناء وابنتان، أما أخوته فكانوا كما يقول الثعالبى فى اللطائف عشرة وزيادة على ذلك فقد كان عما لعشرة. وقد تكون المخاوف من عائلة "أبى العاص" هى التى دفعت بمعاوية إلى "استلحاق" زياد بن سمية المعروف بزياد بن ابيه والى إسراعه على غير المألوف بتعيين ابنه "يزيد" وريثا للخلافة أثناء حياته. وصحيح أن "السفيانيين" كانت تعوزهم الخبرة
وبلوغ السن (باستثناء الوليد بن عتبة ابن شقيق معاوية) لكى يخلف أحدهم معاوية، وأن الأمويين كانوا قد طُردوا من "الحجاز" فكان مروان هو أبرز الشخصيات الأموية، بما له من هيبة ونفوذ وكبر سن.
وحينما ظهرت العقبات فى سنة (60 هـ/ 680 م) أمام تولى يزيد بن معاوية إلى جانب رفض مدن الحجاز له قام مروان بن الحكم ينصح "الوليد بن عتبة" حاكم "المدينة" باستخدام القوة ضد المتمردين. وبعد أن انسحبت قوات "مسلم بن عقبة المرى" وعادت إلى بلاد الشام فى (بداية سنة 64 هـ خريف 683 م)، أجبر أنصار ابن الزبير الأمويين وأحلافهم الذين كانوا قد طُردوا من المدينة ثم عادوا إليها مع عسكر يزيد وفيهم على وجه الخصوص أفراد من آل العاص بقيادة مروان، قد ارغمهم أنصار مدعى الخلافة عبد اللَّه بن الزبير أن يتخلوا عن أملاكهم الموجودة بالحجاز والفرار إلى الشام مرة ثانية. وعاد مروان إلى الشام مع بداية سنة 684 م. وتقول بعض المصادر إنه لم يمض مباشرة إلى بلاط قصر معاوية بن يزيد فى دمشق، فلما مات الأخير جابه مروان تأييدًا واسعا (حتى فى فلسطين وشمالى الشام) لقيام خليفة زبيرى فداخل اليأس مروان فى أن تكون ثمَّة خلافة للأمويين واضطر هو ذاته لمبايعة عبد اللَّه بن الزبير، غير أنه قوى ساعده بإلحاح عبيد اللَّه بن زياد بن أبيه بذهاب ممثله إلى اجتماع أهل الشام فى "الجابية"، والمنعقد للدعوة إلى خلافة "معاوية" الثانى. وأن يؤيد استخلاف واحد آخر بتأييد من قائد جذام وهو "روح بن زنباع" أن ينادى به خليفة ويكون ولى عهده كل من "خالد بن يزيد بن معاوية" و"عمرو بن سعيد الأشدق" كخلفاء من بعده. واستطاع مروان، بهذه المبايعة والتأييد من "كلب" بقيادة "ابن بَحْدَل"، أن يهزم "القيسيين " بقيادة "الضحاك بن قيس الفهرى" فى معركة "مرج راهط" التى وقعت فى يوليو أو أوائل أغسطس سنة 684 م. وبعد فترة قصيرة من استقراره كخليفة فى دمشق، تزوج مروان من أم هاشم واسمها الفاخته بنت أبى هاشم بن عتبه، وهى أرملة "زياد الأول" وأم ولديه، فوثقت هذه
المصاهرة الدبلوماسية بينه وبين "السفيانيين". وأصبح مروان قادرا حينئذ على تثبيت دعائم حكمه فى الشام وفلسطين واتسمت فترة حكمه القصيرة بالنشاط العسكرى فبدأ بطرد الحاكم الزبيرى "عبد الرحمن بن عتبة الفهرى"، والملقب "بابن جحدم" من مصر. ويبدو أن مروان قد ضمن هذا الإقليم الأخير فى رجب سنة 65 هـ (فبراير - مارس سنة 685 م) واستعمل عليه ابنه "عبد العزيز" وعلى الرغم من تضارب المصادر فيما بينها تضاربا كبيرا فى هذا الموضوع، إلا أنه يبدو أن قوات مروان قد دحرت أيضا هجوما زبيريا على فلسطين كان يقوده مصعب بن الزبير. ومن الممكن -وإن لم يكن ثم ما يؤكده- أن إحدى كتائب الجيش المروانى غزت "الحجاز" تحت قيادة حبيش بن دُلجة إلا أنه اندحر فى "الربذة" شرقى المدينة وليس من شك فى أن مروان قد اتخذ الإجراءات لتأمين العراق القى أعلنت ولاءها للزبيريين فأرسل إليها جيشا بقيادة "عبيد اللَّه بن زياد" ألذى تفادى المرور من مركز العداء القيسى فى قيرقيسياء فى "الجزيرة"، ووصل "الرقة" حيث وافته الأنباء بوفاة مروان التى كانت فى ربيع سنة (65 هـ/ 685 م)، ويحتمل أن يكون موته بسبب وباء الطاعون الذى انتشر فى الشام فى ذلك الحين، وتتضارب المصادر فى تحديد تاريخ وفاته وتقدر فترة حكمه ما بين ست أشهر إلى عشرة أما عمره وقت وفاته فلا يعرف إذ تقول بعض المصادر أنه مات عن عمر يناهز 63 سنة، وإن كان الأرجح أنه قبض وقد جاوز السبعين.
وانتهز مروان فرصة نجاح حملته المصرية ليجعل الخلافة من بعده لولديه عبد الملك وعبد العزيز فتولاها عبد الملك فى دمشق بعد وفاة أبيه بدون معارضة ظاهرية -على الأقل فى دلك اللحظة- وكانت حياة مروان حياة زاخرة بالعمل، وخصوصا فى سنيه الأخيرة إذ كثرت حملاته العسكرية والمفاوضات المتعلقة بتوليه الخلافة. ويبدو أنه عانى أخيرا من أثار الجروح المختلفة التى أصيب بها. ولُقب بسبب طوله وهيئته النحيلة