الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إسخاط السكان المدينة رأوا مدنهم تدمر، وبيوتهم تحرق، ونساؤهم وأطفالهم يذبحون أو يباعون كرقيق.
وكما تعرض المغرب لتهديد من البرتغاليين، تعرض لتهديد أيضًا من المشرق من جانب الأسبان.
ولقد كان الأسبان قد انهوا حركة (الاسترداد) بالإستيلاء على غرناطة (1492 م).
ولذلك كانت لديهم فسحة فى مزيد من الفتح خارج الأندلس، وهم لا يزالون يشتغلون بالحماسة الدينية، فقاموا بمحاربة المسلمين على الأرض الإفريقية، ولقد كان احتلال المرسى الكبير (1507 م) ووهران (1509 م) وفرض الحماية على مملكة تلمسان قد شكل خطرًا كبيرًا على مسلمى المغرب.
ولقد نتج عن التهديد المسيحى إيقاظ الشعور الدينى عند المسلمين وقد كان هذا التهديد، حركة النهضة واليقظة الإسلامية التى حدثت فى المغرب، وظلت قائمة حتى اليوم، وكان للتنظيمات الصوفية فى المغرب دور فى حركة الجهاد هذه.
دولة الأشراف السعديين:
حظى الأشراف السعديون من نسل السيدة فاطمة، ابنة الرسول [صلى الله عليه وسلم]، بالمكانة التى ردتها اليقظة الدينية إليهم. وكان هؤلاء الأشراف قد جاءوا من الجزيرة العربية إلى المغرب عند نهاية القرن الثامن الهجرى/ الرابع عشر الميلادى، واستقروا فى وادى دِرعه، بينما استقر فرع آخر منهم (وهم الأشراف العلويون الحسنيون) فى تافيلالت. ولم يستغرق إحرازهم النفوذ على قبائل الجنوب منهم وقتًا طويلًا. وهكذا تصدروا بشكل طبيعى لمساندة أهل الجنوب، الذين كانوا قد تعرضوا لهجمات البرتغاليين من سانت كروز (أغادير). وفى سنة 917 هـ/ 1511 م وافق تارو دائب على طلب المسلمين بأن يقودهم لمحاربة المسيحيين وتكفل بذلك. وبدأ الشريف فى إحراز النصر على البرتغاليين بفضل مساعدة المتصوفة الفعالة. ولقد كفلت الحرب المقدسة التى شنت على نحو منتظم لابنيه أحمد الأعرج ومحمد المهدى امتلاك كل جنوب المغرب حتى
نهر أم الربيع. ولم ينتج عن تدخل السلطان المرينى بالقوة فى الصراع بين الأخوين سوى التعجيل بسقوطه. واستولى محمد المهدى على فاس سنة 957 هـ/ 1550 م؛ ولقد أحرز الأشراف السعديون نصرًا حاسمًا على المدينيين، بمساعدة أتراك الجزائر حين أحبطوا محاولة المرينيين استعادة حكمهم سنة 961 هـ/ 1554 م.
ولقد عنى مجئ السعديين لحكم المغرب بإعادة بنائه وتكوينه. فلقد فرض محمد المهدى وخلفاؤه من بعده سلطتهم على كل البلاد، وقاموا بحمايتها من العدوان الخارجى وقاموا بتوسيع حدودهم بحملات حربية قاصية. ولقد تغلبوا فى النهاية على المصاعب التى اختلقها لهم أتراك الجزائر، وشهدت معركة القصر الكبير سنة 986 هـ/ 1578 م -تعرف أيضًا بمعركة وادى المخازن- وقف هجوم البرتغاليين المضاد على المغرب. ولقد احتل أحمد المنصور (986 - 1019 هـ/ 1578 - 1610 م) تمبكتو وحطم إمبراطورية أسكيا فى جاو. ولمدة نصف قرن، كان المغاربة أسيادًا على السودان الغربى (غرب أفريقيا)، من ضفاف السنغال حتى برنو، ولقد مكنت الأسلاب التى أحرزتها حملات الفتح هذه، السلطان من الاحتفاظ ببلاط رائع، ماثل هيئة البلاط العثمانى، وتزيين عاصمته مراكش بنصب تذكارية فخمة.
وينتمى إلى نفس الفترة أيضًا تنظيم (المخزن). ولقد اعتمد السعديون الأول على مساندة قبائل الجنوب العربية. ولقد أضاف المنصور إلى هذه القبائل قبائل عربية أخرى من مناطق تلمسان ووجدة وكان الفتح العثمانى للجزائر قد دفع بها إلى المغرب. ولقد تسلم هؤلاء (الشراقه) المشارقة، كما أُطلق عليهم، أراض حول فاس مقابل تأديتهم الخدمة العسّكرية. وبدعم الجيش النظامى المكوَّن من عناصر الخوارج والمغاربة الأسبان والزنوج، وتدرب على يد المرتزقة الأتراك، زوَّد (المخزن) السلطان بأدوات حفظ النظام وجباية الضرائب؛ وقد كان هذا الجيش أداة حكومة الأشراف الرئيسية الذى أفضى إلى أن يكون هو الحكومة بذاتها.