الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الولى. وأرض هذه المناطق معفية من دفع الضرائب الحكومية، وأكثر من ذلك فإنه لأحفاد الولى الحق من فرض بعض الرسوم لصالحهم، بجعل مقرر معترف به من قبل السلطان. كذلك يستفيد هؤلاء الأحفاد من دخل النذور التى يدفعها الزوار إلى الضريح وتُعرف بالزيارة. وفى كل عام يقام مولد لهذا الولى عند مقامه يُعرف باسم (الموسم)، ويجتمع الناس فى هذا الموسم من كل مكان لاحتفال بمولد السيد ولمشاهدة الألعاب النارية التى تطُلق فى الهواء على شرفه.
وتُطلق تسمية (الزاوية) على المكان الذى به ضريح الولى. وغالبًا ما تمتلك هذه الزوايا أراضيها الخاصة وتستفيد مما يدخل إليها من دخل وهدايا. ونستطيع أن ندرك مدى المكانة الاجتماعية والسياسية التى تمتعت بها الزوايا وتميزت بها على ما حولها من مراكز علمية وذلك بسبب ما كان لها من شهرة وثروات زائدة. على أن وجود هذه الزوايا كان أمرًا مهما للغاية بالنسبة للمغرب، فهى زيادة على أنها مراكز لإحياء السنة، فهى تُعطى تجددًا ونشاطًا للإسلام فى البلاد. وقد كان بعض هذه الزوايا مراكز للمتصوفة، وقد ظلت على الدوام قواعد علمية ثابتة للتعاليم الدينية. ويفسر لنا ذلك المكانة الممتازة التى كانت عليها سلالة الأولياء والصالحين أو المرابطين فى بلاد المغرب. فإذا أضاف هذا الولى إلى ميزاته الدينية والأخلاقية ميزة انتسابه إلى بيت النبوة الشريف، يصبح شريفًا الأمر الذى يرفع من مكانته ويزيد فى امتيازاته الروحية والمادية. وقد حاول كثير من الأولياء الذين لا ينتسبون إلى بيت النبوة أن يلحقوا أنفسهم بهذا البيت وأن يبحثوا لأنفسهم عن نسب يلحقهم به حتى تزداد مكانتهم بين الناس. وبذلك ازداد عدد الأولياء الذين نسبوا أنفسهم إلى الأشراف فى المغرب.
7 - مسح لغوى
يتكلم مغاربة المغرب بلغتين: البربرية والعربية. واللغة البربرية هى الأقدم فى المغرب وليس لدينا دليل على بداية الكلام بها، أما بالنسبة للعربية، فلقد دخلت إلى المغرب مع الفتح
الإسلامى له فى القرنين الأول والثانى الهجريين/ السابع والثامن الميلاديين. ولكن حتى وصول بنى هلال وبنى سليم إلى المغرب (القرن السادس الهجرى/ الثانى عشر الميلادى)، بدأ أن العربية، لغة للثقافة غير الدينية لم تكن متداولة إلا فى المدن أما الريف فقد استمر فى تكلمه بالبربرية، ولم تنتشر العربية بين البربر إلا بعد أن وصلت القبائل العربية إلى سهول بلادهم. وباستثناء منطقة جبالة، فإن مناطق المغرب المرتفعة ظلت متمسكة باللغة البربرية بينما أخذت المدن والأراضى المنخفضة تتحدث بالعربية تدريجيا.
ولقد دخلت اللغة العربية المغرب على مرحلتين على الأقل: الأولى فى القرن الثانى/ الثامن الميلادى وقت الفتح الإسلامى، ثم الثانية فى القرن السادس الهجرى/ الثانى عشر الميلادى مع مقدم بنى هلال وبنى سليم إلى المغرب. وحتى مجئ العرب المذكورين إلى المغرب بواسطة سلطان الموحدين يعقوب المنصور، بدا أن العربية لم تكن متداولة سوى فى مدن الشمال الكبيرة، حيث كان يوجد عدد كبير من العرب هناك. ولقد كانت العربية هى لغة الدين ومن المدن انتشرت العربية بين السكان فى الريف المجاور للمدن، وقد لاحظ الإدريسى ذلك بقوله أنه فى القرن السادس الهجرى/ الثانى الميلادى تحدثت قبائل بربر جنوبى فاس (بنو يوسف، فندلاوا، بهلول، زواوه، مقاصة، غيات وسلقوم) العربية. ويشرح النفوذ اللغوى الذى بذلته المدن على الريف المحيط بها سبب تعريب ريف جبال جبالة فى الوقت الذى ظلت فيه بقية مرتفعات المغرب تتحدث بالبربرية. وتمتد أرض منطقة جبالة، بالمعنى الواسع، على شكل هلال من طنجة إلى تازة. وهى محاطة بسياج من المدن، وهى مدن: نكور، باديس، ققيزاز، تطوان، سبته، القصر الصغير، طنجة، أرزيله، القصر الكبير، البصرة، أزجن، بنوتاؤده، واليل، فاس وتازا، التى هى موانى أو أسواق متاحة لقبائل المنطقة،