الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عرفات ومنى"، كلها ومن ثم يكون يوم الجمع هو يوم عرفات، وأيام الجمع هى أيام منى، والشعائر التى تتصل بليلة المزدلفة ترجع إلى الفترة الوثنية القديمة، والتى يعترف بها العرب أنفسهم عندما يجعلون "قُصّى" تشعل النار المقدسة فى هذه الليلة، ويقولون إن إرشاد الحجيج وهم يرحلون إلى منى إنما هو امتياز لأسرة أدوان Adwen (*) والمكان المقدس فى المزدلفة هو تل قزح -وحتى بعد أن أعلن محمد [صلى الله عليه وسلم]- مناقضًا عن عمد ما كان يمارسه الوثنيون- أن المزدلفة كلها "موقف ظل هذا التل يحتفظ بقدسيته القديمة ويقول "الأزرقى" إنه كان هناك برج متين مستدير فوق هذا التل، كانت تشتعل عليه نيران المزدلفة، وقد كانت النيران تشعل بالخشب فى عهد هارون الرشيد وبعد ذلك أصبحت تضاء بالشموع - وفى العصر الإسلامى تم تشييد مسجد محمد [صلى الله عليه وسلم] على بعد أربعمائة متر من البرج، والأزرقى يقدم وصفا تفصيليا له، على حين يتحدث المقدسى عن مكان للصلاة ونافورة عامة ومئذنة ويذكر بيرتون أيضا برجا عاليا منعزلا فى المزدلفة، ولكن الإنارة فى ليلة المزدلفة تتم فوق المسجد.
المصادر
(1)
الطبرى: تاريخ الرسل والملوك تحقيق De Goeje ليدن 1879 - 1901 م.
(2)
الأزرقى، تاريخ مكة.
(3)
Burton: Personal Narrahue of a Pilgrimage to el Medinah and Meccah
وقد ترجمت هذه الرحلة كاملة للعربية - نشر الهيئة المصرية العامة للكتاب.
بهجت عبد الفتاح [ف. بوهل F. Buhl]
المساحة، علم
علم المساحة: اسم يطلقه العرب على العلم المختص بالقياس وبالهندستين
(*) مناسك الحج فى الإسلام كلها موجهة للَّه سبحانه ولم يكن الأمر كذلك فى الجاهلية. [المترجم]
المستوية والفراغية؛ وهو بمعناه الواسع يشمل قياس كل ما يمكن أو يلزم قياسه، وبصفة خاصة الأطوال والمساحات والحجوم والأوزان والأعداد، ومن ثم فهو يختلف عن الجيوديسيا Geodesy (دراسة شكل الأرض وقياس سطحها) التى تناولها العرب فى كتابات مستقلة.
والتعاريف التى وضعها المسلمون لعلم المساحة تتباين كثيرا؛ فمنها ما هو واسع مثل تعريف العُماوى "قياس يعتمد على تقدير كمية مجهولة بمقارنتها بكمية معلومة بوحدات معينة"، وإن كانت أغلب التعاريف تحصر معناه فى قياس الأطوال والمساحات والحجوم. ونجد الرسائل المختصة بالهندسة تتوالى طوال الفترة التى قام فيها المسلمون بدور ناقلى الثقافة القديمة (من بداية القرن التاسع إلى أفول نجم الرياضيات العربية حوالى عام 1600 م). وكان الغرض من هذه الأعمال تزويد المعماريين والجنود والمساحين بالوسائل المناسبة والأرضية النظرية لأعمالهم. ويمكن تمييز ثلاث مجموعات من هذه الرسائل تبعا للأساليب التى تتبعها فى المعالجة: -
أ- رسائل شبيهة إلى حد كبير بما لدينا من قوانين رياضية، وهى مختصرة بقدر الإمكان، وتوضح طريقة الحساب دون تقديم أمثلة (ومن أمثلتها رسالة ابن البنا).
ب- رسائل تشتمل على أمثلة محلولة بالكامل (ومن أمثلتها رسالة البغدادى).
جـ- رسائل تشتمل فقط على سلاسل من المسائل المحلولة بالكامل، وهى عبارة عن ضرب من كراسات التمارين (ومن أمثلتها رسالة أبى بكر).
وفيما يتعلق بطريقة العرض فى تلك الأعمال لا يسعنا الحديث عن قوانين رياضية بالمعنى المعروف الآن، إذ لم تُعْرَف صياغة القوانين الرياضية بهذا الأسلوب إلا فى عصر متأخر وبين العرب المغاربة، بل وربما كان ذلك فى مجال الجبر فقط، فقواعد حساب المساحات كانت تكتب بالكلمات بما فى ذلك أحيانا الأشكال الواردة بالنص.
وكانت الأعمال المختصة بعلم المساحة -خصوصا الكبيرة منها- تشتمل على ما يلى: -
أولا: مدخل الكتاب؛ ويشمل التعريف بالعلم وشرح وتصنيف الأشكال الهندسية والتعريف بالوحدات المستخدمة فى القياس. ثانيا: قواعد الحساب للسطوح المستوية كالأشكال الرباعية (المربع والمستطيل ومتوازى الأضلاع. . إلخ)، والمثلثات بأنواعها وعديدات الأضلاع، والدائرة وأجزائها، وكذلك الأجسام الفراغية (كالمنشور والإسطوانة)، والأجسام الهرمية والمخاريط، والكرة وأجزائها، وغير ذلك من الأجسام المنتظمة وشبه المنتظمة.
ثالثا: أمثلة عملية؛ وهذه كانت بصفة عامة نادرة الورود فى الأعمال الخاصة بالمساحة، وكثيرا ما نجد تمارين على تقسيم الحقول مصاغة على نمط أعمال إقليدس وهيرو، ولسفاسوردا (مساح يهودى) تمارين على تقسيم الحقول الواقعة على المنحدرات، وعلى القمم والارتفاعات والأجسام المجوفة، وللحنبلى بعض التمارين الخاصة بالمواضع غير الميسور قياسها كقاع البئر وعرض النهر. ومن المسائل الأخرى المطروقة حساب مقدار الأحجار أو الطوب اللازم لبناء منزل أو سقف وتحديد ارتفاع حائط.
ومن هذه الأعمال ما يُعَدُّ مرجعا شاملا كأعمال الحنبلى والكاشى، ومنها ما هو مختصر للغاية حتى أنه غالبا ما يتناول جوانب فقط من الموضوع. وطرق حساب الحجوم هى نفسها ما نجده عند الإغريق والمصريين، وفى الحالات التى لا يكون فيها الأمر كذلك تكون طرق الحساب مستنبطة بطريقة استقرائية وتجريبية؛ فللكرخى مثلا طريقة لحساب حجم الكرة استنبطها من مقارنة وزن مكعب من الشمع بوزن كرة منه صنعت من هذا المكعب وقطرها مساو لطول ضلعه. ومن الجلى أن مثل هذه الطرق لابد وأن تؤدى إلى نتائج تقريبية وقوانين قائمة على التقريب، وتلك هى طبيعة الهندسة العملية.