الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
7 -
فقه جهاد الأعداء
قال الله تعالى: {وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (6)}
…
[العنكبوت: 6].
وقال الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (15)} [الحجرات: 15].
أعداء الإنسان ستة:
ثلاثة في الداخل وهم:
النفس .. والشيطان .. وحب الدنيا.
وثلاثة في الخارج وهم:
الكفار والمشركون .. والمنافقون .. وأهل الكتاب
وإذا انتصر الإنسان على الأعداء في الداخل مكنه الله من الانتصار على الأعداء في الخارج، وإذا انهزم أمام أعدائه في الداخل سهل لأعدائه في الخارج السيطرة عليه، والتحكم بحياته كما قال سبحانه:{وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (41)} [الحج: 40 - 41].
وجهاد هؤلاء الأعداء يكون بتحقيق الإيمان في النفوس، لتذوق طعمه وتتلذذ بحلاوته، فتنشط لطاعة الله، ويسهل عليها اقتحام المشاق، وبذل المحبوب للنفس، وحملها على ما يحب الله وإن كرهته النفس.
ويتم ذلك بحمل النفس على أن تعرف الله ربها بأسمائه وصفاته وأفعاله، وتعرف ما يحبه الله من الإيمان والعبادات والآداب والأخلاق، وتعرف ما يكرهه الله من الكفر والشرك والبدع والأخلاق السيئة، فإذا عرف العبد ما يحب الله فعله .. وإذا عرف ما يكره اجتنبه، ففاز برحمة الله ورضوانه وجنته:
وأما جهاد الشيطان فيكون بالاستعاذة بالله من شره، ومعرفة أنواع أسلحته التي يستخدمها في إغواء الناس وإفسادهم، وتنحصر في ثلاثة أنواع:
الشبهات .. والشهوات .. والتزيين.
فهو يقذف بالشهوات في نفس العبد، فيفجر كل طاقات غرائز الإنسان، ويشعل نار الفتنة التي لا سبيل إلى إخمادها إلا بالاتصال الفوري بالله وذكره:{إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ (201)} [الأعراف: 201].
كما يرمي الشيطان بالشبهة في القلب فيثير الشكوك، ويحرك خواطر السيئة، فيصيب الإنسان بالحيرة والتردد، فيفتر العزم، ويقل العمل.
وعلاجه بالاستعاذة بالله من شره: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (36)} [فصلت: 36].
أما سلاح التزيين فهو أقوى أسلحته، وأشد أنواعه، وأكثرها فتكاً بالإنسان، فلدى الشيطان من القدرة ما يقلب به العجوز من النساء في عين ناظرها وكأنها حوراء، وتزيين الحرام من المآكل والمشارب والأقوال والأفعال ما يجعل الإنسان يقدم عليه، ويفرح به، ويؤثره على الحلال.
وحرب الشيطان تكون بردِّ كل شبهة يثيرها، وإبعاد كل شهوة يلقيها، وفعل كل طاعة يثقلها وينفر عنها، واجتناب كل معصية يدعو إليها.
والتفطن لكل طلاء وتزيين يحاول به الإيقاع في شراكه وحبائله.
وذلك كله بعد الاحتماء والالتجاء إلى الله بالاستعاذة بالله من شره، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
أما جهاد حب الدنيا وشهواتها، فالشيطان يستخدمها ليخدع الإنسان، ويجره
إلى المعاصي عن طريق الشهوات، ثم يسوقه عن طريق الشهوات إلى المحرمات، ثم يوقعه في الكبائر لتكميل شهواته، ثم يشغله بالشهوات والمحرمات والكبائر عن أوامر الله، ثم يخرجه من الدين.
فالمسلم يأخذ من الشهوات المباحة حسب أمر الشرع، ويستخدمها في طاعة الله، وينفقها في مرضاة الله، ويجتنب الشهوات المحرمة مطلقاً، ويقبل على طاعة الله، ويجعل الدنيا وسيلة للآخرة.
وبهذا يتكون المجتمع الإسلامي القادر على تحمل أعباء جهاد الكفار والمشركين، والمنافقين وأهل الكتاب، فإن من لا يجاهد نفسه ولا ينتصر عليها لا يقدر على جهاد غيرها.
فيجاهد المسلم هؤلاء الأعداء في سبيل الله، حتى لا تكون فتنة، ويكون الدين كله لله كما قال سبحانه:{وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (39)} [الأنفال: 39].
وقال سبحانه: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (73)} [التوبة: 73].
والجهاد للأعداء يكون بالدعوة إلى الله أولاً، فإن لم يؤمنوا فعلى أهل الكتاب أن يدفعوا الجزية، فإن أبوا فعلى المسلمين قتالهم.
أما الكفار والمنافقون فلا يُقبل منهم إلا الإسلام، فإن أبوا فعلى المسلمين قتالهم، فسبيل الله هي الجهاد، وطلب العلم، ودعوة الخلق به إلى الله.
واليهود والنصارى يعرفون أن هذا القرآن حق من عند الله، ويعرفون من ثم ما فيه من سلطان وقوة، وما فيه من خير وصلاح، وما فيه من طاقة دافعة للأمة التي تدين به، وبالأخلاق التي جاء بها، وبالشرائع التي سنها، ويحسبون كل حساب لهذا الكتاب وأهله.
ويعرفون حق المعرفة أن الأرض لا تسعهم وتسع أهل هذا الدين، إنهم يعرفون ما فيه من حق، ويعرفون ما هم فيه من باطل، ويعرفون أن هذا الدين لا يمكن أن
يهادن الجاهلية التي صاروا إليها.
ويعرفون جيداً أن هذا الدين لا يمكن أن يستعلي إلا على أنقاض الجاهلية التي هم عليها، ولا يمكن أن يكون الدين كله لله حتى تجلو الجاهلية عن هذه الأرض.
وهم يعلمون كل ذلك، ويدرسون هذا الدين دراسة دقيقة عميقة، وينقِّبون عن أسرار قوته، وعن مداخله إلى النفوس، ويبحثون بجد كيف يستطيعون أن يفسدوا القوة الموجهة في هذا الدين؟.
وكيف يلقون بالريب والشبه والشكوك في قلوب أهله؟ وكيف يحرفون الكلم عن مواضعه؟ وكيف يصدون أهله عن العلم الحقيقي به؟ وكيف يحولونه من حركة دافعة تحطم الباطل والجاهلية، وتسترد سلطان الله في الأرض، وتطارد أعداءه، وتجعل الدين كله لله، إلى حركة ثقافية باردة .. وإلى بحوث نظرية ميتة .. وإلى جدل فقهي أو طائفي فارغ .. وإلى مسابقات وألغاز؟.
وكيف يفرغون مفهوماته وقواعده وأصوله في أنظمة وتصورات غريبة عنه، مدمرة له، مع إيهام أهله أن عقيدتهم محترمة مصونة؟
إنهم يدرسون هذا الدين دراسة عميقة فاحصة، لا لأنهم يبحثون عن الحقيقة، ولا لينصفوا هذا الدين .. كلاّ.
إنهم يقومون بهذه الدراسة العميقة لأنهم يبحثون عن مقتل لهذا الدين، ويبحثون عن منافذه ومساربه إلى الفطرة ليسدوها، ويبحثون عن أسرار قوته ليقاوموه منها، مستخدمين المنافقين والمغفلين في ذبحه.
ولو تمكنوا من الإجهاز عليه بالحديد والنار لفعلوا .. ولكنهم عجزوا فحاربوه بإثارة الشبهات حوله، والتشكيك به؛ لينفروا المسلمين منه، ويصدوا الناس عنه:{يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (8)} [الصف: 8].
وأهل الكتاب يعرفون كل صغيرة وكبيرة في هذا الدين، فهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم، وهم يعلمون أن الهجوم الصريح على هذا الدين يثير حماسة
الدفاع والمقاومة؛ لذلك يلجأ معظمهم إلى إزجاء الثناء لهذا الدين حتى ينوِّم المشاعر المتوفزة، ويخدِّر الحماسة المتحفزة .. وينال ثقة القارئ واطمئنانه، ثم يضع السم في الكأس، ويقدمها للجهال والمغفلين.
وأهل الكتاب يعلمون أن هذا القرآن منزل من الله بالحق، وما يزالون يعلمون أن قوة هذا الدين وقوة أهله إنما تنبثق عن هذا الحق الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم.
ولا يزالون من أجل علمهم بهذا كله يحاربون هذا الدين، ويحاربون هذا الكتاب حرباً لا تهدأ، وأشد هذه الحروب التي يقوم بها أهل الكتاب وأشرسها هي تحويل الحاكمية عن شريعة هذا الكتاب إلى شرائع كتب أخرى من صنع البشر، وجعل غير الله حكماً، حتى لا تقوم لكتاب الله قائمة، ولا يصبح لدين الله وجود.
وإقامة ألوهيات أخرى في البلاد التي كانت الألوهية فيها لله وحده، يوم كانت تحكمها شريعة الله التي في كتابه، ولا تشاركها شريعة أخرى، ولا يوجد إلى جوار كتاب الله كتب أخرى تستمد منها القوانين والأنظمة، ويرجع إليها، ويستشهد بفقراتها وموادها كما يستشهد المسلم بكتاب الله وآياته، وقد صار ذلك الآن، وأصبح واقعاً لا يحتاج إلى دليل وأهل الكتاب من يهود ونصارى من وراء هذا كله، فهل يرضى بذلك عاقل سوى؟.
ألا ما أخطر عداوة اليهود، إنهم الذين يقبعون وراء بيوت الأزياء، ووراء دكاكين التجميل، ووراء سعار العرى والتكشف، ووراء الأفلام والصور التي تقود هذه الحملة المسعورة.
إن هذه الأرباب تصدر أوامرها فتطيعها القطعان والبهائم العارية في أرجاء الأرض طاعة مزرية، إنهم يهود يقومون بإصدار أوامرهم على البهائم المغلوبة على أمرها، لتكون عارية ضالة مسرفة كافرة: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا
فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ (100)} [آل عمران: 100].
إنهم بلا شك يبلغون أهدافهم كلها من وراء إطلاق هذه الموجات المسعورة في كل مكان، أهدافهم من تلهية العالم كله بهذا السعار، وإشاعة الانحلال الجسدي والخلقي من ورائه، وإفساد الفطرة البشرية، وجعلها ألعوبة في أيدي مصممي الأزياء والتجميل.
هذا فضلاً عما تحققه هذه الألعوبة من تحقيق الأهداف الاقتصادية، وسحب أموال البشرية إلى جيوبهم من وراء الإسراف في استهلاك الأقمشة وأدوات الزينة والتجميل، وسائر الصناعات التي تقوم على هذا السعار وتغذيه، فَوَاهٍ لهذه الأمة التي يعبث اليهود بأجسادها وأخلاقها، وينهبون أموالها وهي غافلة لاهية؟.
أخرجها اليهود من المساجد وساحات الجهاد، وميادين الدعوة، ومنابر التعليم إلى الأسواق وأماكن اللهو واللعب، وأسواق الرذيلة، وقاعات الرياضة والفن، وأغرقتهم في الأموال والشهوات.
وقد أكثر الله من ذكر أحوال بني إسرائيل مع أنبيائهم، فهي أكثر القصص وروداً في القرآن كله، وما ذلك إلا لتعتبر بهم هذه الأمة، ولا تقع فيما وقعوا فيه من الأخطاء الجسام، ومحاربة دين الله وقتل رسله، فبنو إسرائيل هم أول من واجه الدعوة الإسلامية بالعداء والكيد والحرب في المدينة وما حولها، فقد كانوا حرباً على المسلمين منذ اليوم الأول لوصل الإسلام إليها.
وهم الذين احتضنوا النفاق والمنافقين في المدينة، وأمدوهم بوسائل الكيد للمسلمين، وهم الذين حرضوا المشركين وواعدوهم وتآمروا معهم على حرب النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وهم الذين تولوا حرب الإشاعات والدس والكيد في الصف المسلم، كما تولوا بث الشبهات والشكوك والتحريفات حول العقيدة،
وحول النبي صلى الله عليه وسلم كما قال الله عنهم: {وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (72)} [آل عمران: 72].
وذلك كله قبل أن يسفروا بوجوههم في الحرب المعلنة الصريحة.
فلم يكن بدّ من كشفهم للمسلمين ليتقوهم ويحذروهم، وقد علم الله أنهم سيكونون أعداء هذه الأمة في تاريخها كله، كما كانوا أعداء هدى الله في ماضيهم كله.
فعرض الله لهذه الأمة أمرهم كله مكشوفاً، ووسائلهم كلها مكشوفة.
وبنو إسرائيل هم أصحاب آخر دين قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، وقد امتد تاريخهم قبل الإسلام فترة طويلة، ووقعت الانحرافات في عقيدتهم، ووقع منهم النقض المتكرر لميثاق الله معهم، ووقع في حياتهم آثار هذا النقض، وهذا الانحراف.
فاقتضى هذا أن تُلم الأمة المسلمة وهي وارثة الرسالات كلها بتاريخ القوم، لتتقي مزالق الطريق، ومداخل الشيطان، وبوادر الانحراف.
وقد علم الله أن الأمد حين يطول على الأمم تقسو قلوبها، وتنحرف أجيال منها، وهذه الأمة سيمتد تاريخها إلى أن تقوم الساعة، فجعل سبحانه أمام أئمة هذه الأمة نماذج من العقابيل التي تُلم بالأمم، يعرفون منها كيف يعالجون الداء بعد معرفة طبيعته.
وقد أنعم الله على أهل الكتاب بنعم كثيرة، واختارهم على العالمين في زمانهم، وأفاء عليهم من عطاياه كما قال سبحانه:{وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ (20)}
…
[المائدة: 20].
ولكن أهل الكتاب لم يشكروا النعمة، فنقضوا الميثاق، ونسوا الكتاب، وحرفوا الكلم عن مواضعه، ولجوا في المعاصي، فاستحقوا غضب الله ولعنته، وحق عليهم القول بسبب ما اقترفوا، وباءوا بغضب على غضب كما قال سبحانه: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ
ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78)} [المائدة: 78].
ثم كانت اللعنة الأبدية على جميع بني إسرائيل إلا الذين يؤمنون بالنبي صلى الله عليه وسلم ويتبعون ما جاء به، وهذا حكم لا راد له، ولا معقب عليه:{وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (167)} [الأعراف: 167].
ونحن علينا القيام بطاعة الله ورسوله، وإبلاغ الدين للبشرية، والجهاد لإعلاء كلمة الله كما قال سبحانه:{وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78)} [الحج: 78].
أما مراتب جهاد المنافقين فكما يلي:
الأولى: وعظهم وتخويفهم بالله عز وجل وبما أعد لهم من العذاب الأليم كما قال سبحانه: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا (63)} [النساء: 63].
الثانية: البراءة منهم وهجرهم وعدم موالاتهم ومقاطعة مجالسهم إن لم يتوبوا كما قال سبحانه: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا (140)} [النساء: 140].
الثالثة: عدم الرضا عنهم، أو قبول اعتذار من ثبت كذبه منهم، كما قال سبحانه:{يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (96)} [التوبة: 96].
الرابعة: عدم قبولهم في الأعمال والمناصب الدينية الهامة، لشدة خطرهم على الأمة كما قال سبحانه: {فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ
الْخَالِفِينَ (83)}
…
[التوبة: 83].
الخامسة: جهادهم كسائر الكفار باليد واللسان، كما قال سبحانه:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (73)}
…
[التوبة: 73].
السادسة: تهديدهم بفضح خباياهم، ونفيهم وقتلهم، كما قال سبحانه:{لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا (60) مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا (61)} [الأحزاب: 60. 61].
السابعة: عدم الصلاة عليهم، أو الاستغفار لهم، أو الترحم عليهم، كما قال سبحانه:{وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ (84)}
…
[التوبة: 84].
…
[التوبة: 80].
الثامنة: قتل المنافق الذي ثبت نفاقه بالبينة الواضحة إن لم يتب، كما قال سبحانه:{قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ (52)} [التوبة: 52].