المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌«ما ولدني من سفاح الجاهلية شيء - نزهة الأفكار في شرح قرة الأبصار - جـ ١

[عبد القادر المجلسي]

فهرس الكتاب

- ‌الكلام على البسملة

- ‌«ما ولدني من سفاح الجاهلية شيء

- ‌ ولنذكر حين تم شرح هذه الأبيات

- ‌ من يعقوب إسرائيل الله

- ‌(وحملت آمنة الزهرية)

- ‌ أصغر كوكب في السماء أكبر من الأرض بمائة وعشرين مرة

- ‌ وسأله أن يبعث له فيله "محمود

- ‌(فغاضت المياه) هذا من عجائب

- ‌(عفا جانب البطحاء من ال هاشم

- ‌ أول داخل رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌(بيان مبعث النبي الهادي

- ‌(فقام يدعو الإنس والجن إلى

- ‌ فكان أول دم أريق فى سبيل الله

- ‌(وكان قادرا على التدمير…لو شاء

- ‌ الجن على ثلاثة أصناف:

- ‌ وفى الجن ملل

- ‌ أول من خط بالقلم

- ‌(بيان هجرة النبى المختار

- ‌ واهتز لموته عرش الرحمن

- ‌ ما أكل منها جائع إلا شبع

- ‌(يا دار خير المرسلين

- ‌(أولها) غزوة ودان

- ‌ هذا كتاب من محمد رسول الله

- ‌أما غزوة بدر فهي أعظم

- ‌ لها سبعة أولاد شهدوا بدرا

- ‌(هنيئا زادك الرحمن فضلا

- ‌ وبعدها "غزوة أحد

- ‌ أنسيتم ما قال لكم رسول الله

- ‌(أنا ابن الذي سالت على الخد عينه

- ‌ غزوة حمراء الأسد

- ‌ غزوة دومة الجندل

- ‌ غزوة الخندق

- ‌ فلم يقم لقريش حرب بعدها

- ‌ اللهم منزل الكتاب

- ‌غزوة بني قريظة

- ‌ غزوة بني لحيان

- ‌ غزوة ذي قرد

- ‌ لئن رجعنا إلي المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل

- ‌ قال أهل الإفك في الصديقية الطاهرة

- ‌ غزوة الحديبية

- ‌ وإذا توضأ كادوا يقتتلون علي وضوئه

- ‌ فلما حصل الصلح اختلطوا بالمسلمين

- ‌ ثم خرج في بقية المحرم إلى خيبر

- ‌ثم يلي خيبر فتح واد القرى

- ‌ غزوة القضاء

- ‌غزوة مؤتة

- ‌ثم بعد مؤتة غزوة فتح مكة

- ‌غزوة حنين

- ‌ولما أسلمت ثقيف تكلمت أشرافهم

- ‌ اللهم لا تنسها لأبي سفيان

- ‌غزوة بني سليم

- ‌غزوة بني قينقاع

- ‌ثم غزوة السويق

- ‌غزوة غطفان

- ‌غزوة بحران

- ‌غزوة تبوك

- ‌(طلع البدر علينا

- ‌ولنذكر كلاما مختصراً في البعوث

- ‌ ثم بعد ذلك سرية محمد بن مسلمة

- ‌ثم سرية زيد بن حارثة إلى القردة

- ‌ فأتتهم فقتلت منهم سبعمائة رجل

- ‌ويليه بعث أبي عبيدة بن الجراح

- ‌ أيها الناس إني قد أجرت أبا العاصي

- ‌ثم سرية زيد سادسة إلى واد القرى

الفصل: ‌«ما ولدني من سفاح الجاهلية شيء

بعدما أوحى الله تعالى إلى شيث ان اتخذ ابنك أنوش صفيا ووصيا علم أنه نعيت إليه نفسه فأوصى ولده أنوش بفتح الهمزة فنون مضمومة آخره شين معجمة ومعناه الصادق ويقال يا نش بتحتية فنون مفتوحة فمعجمة لوصية آدم وهي أن لا يضع هذا النور الذى كان في وجه أدم كالشمس إلا في المطهرات من النساء ولم تزل هذه الوصية جارية تنتقل من قرن إلى قرن أي من واحد إلى واحد وسماه قرنا تجوزا إلى أن أوصل الله النور الى عبد المطلب وولده عبد الله ولم يوص عبد المطلب ولده بذلك لتعاطيه تزوجه من آمنه مع علمه بمكانها وأن نكاحها لا أثر فيه من الجاهلية فكفاه ذلك عن الوصية وذلك النور موجود في جميع الآباء ويجوز تفاوته فيهم انظر الزرقاني، وما ذكره وفي مطالع المسرات وكذا في الحلة السيراء أنه كقيل ولم أر الهمز في واحد منهم.

الثانية: اعلم ان الله تعالى طهر هذا النسب الشريف من سفاح الجاهلية كما ورد في الأحاديث المرضية فروى البيهقي عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ‌

‌«ما ولدني من سفاح الجاهلية شيء

، ما ولدني إلا نكاح الإسلام» والسفاح الزنا والمراد به هنا أن تسافح المرأة رجلا مدة ثم إذا أعجبته وأعجبها يتزوجها بعد ذلك، وهذا التفسير للقسطلاني، قال شارحه ولولي كما قال شيخنا أن يراد به ما هو أعم فإن جملة الأحاديث دلت على نفي جميع نكاح الجاهلية عن نسبه من نكاح زوجة الأب لأكبر بنيه والجمع بين الأختين ونكاح البغايا وهو أن يطأ البغي جماعة متفرقون فإذا ولدت ألحق بمن غلب عليه الشبه منهم ونكاح الاستبضاع وهو ان المرأة إذا طهرت من الحيض قال لها زوجها أرسلي لفلان استبضعي منه ويعتزلها زوجها حتى يبين حملها فإن بان أصابها زوجها إن أحب ومن نكاح الجمع وهو أن يجتمع رجال دون عشرة ويدخلوا على بغي كلهم يطؤها فإذا وضعت ومر لها ليال بعده أرسلت إليهم فلا يتخلف رجل منهم فتقول قد عرفتم الذى كان من أمركم وقد ولدت فهو ابنك يا فلان تسمى من أحبت فلا يستطيع نفيه

ص: 34

وان لم يشبهه اهـ.

وقال الكلبي كتبت للنبي صلى الله عليه وسلم خمسمائة أم فما وجدت فيهن سفاحا ولا شيئا مما كان في أمر الجاهلية وفي الحديث خرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح من لدن آدم إلى أن ولدني أبي وأمي رواه الطبراني وابن عساكر وروى أبو نعيم عن ابن عباس مرفوعا «لم يلتق أبواي قط على سفاح، لم يزل الله ينقلني من الأصلاب الطيبة إلى الأرحام الطاهرة مصفى مهذبا» ، وروى ابو نعيم عنه صلى الله عليه وسلم عن جبريل قال:«قلبت مشارق الأرض ومغاربها فلم أر رجلا أفضل من محمد عليه الصلاة والسلام، ولم أر بنى أب أفضل من بنى هاشم» وأخرجه الطبراني والإمام أحمد والبيهقي والديلمي وابن لال وغيرهم قال الحافظ ابن حجر لوائح الصحة لائحة على صفحات هذا المتن وقال ابن تيمية وليس فضل العرب لقريش فبني هاشم بمجرد كون النبي صلى الله عليه وسلم منهم وإن كان هذا من الفضل بل هم في أنفسهم أفضل أي باعتبار الأخلاق الكريمة والخصال الحميدة. قال وبذلك يثبت للنبي صلى الله عليه وسلم أنه أفضل نفسا ونسبا وإلا ثبت الدور انظر الزرقاني.

ولما ذكر نسبه صلى الله عليه وسلم جره ذلك إلى ذكر حفر زمزم وذكر الذبيحين لأن حافرها عبد المطلب جده وحفرها هو بسبب كون عبد الله ذبيحا، فقال:

(وشيبه) هو عبد المطلب شيبة الحمد (إذ) أي حين فهو ظرف زماني مضاف للجملة بعده والعامل فيه قوله الآتي همت وقوله (بئر زمزم) مفعول حفر ومضاف إليه ما قبله ومعنى (حفر) أراد حفرها وشرع فيه كما يأتي وحفر كضرب (همت بمنعه) من اتمام حفرها (قريش) فاعل همت وذلك أنه جعل يحفرها ثلاثة أيام فلما بدى له الطي كبر وقال هذا طي إسماعيل فقاموا إليه فقالوا إنها بئر أبينا إسماعيل وإن لنا فيها حقا فأشركنا فيها فأبى فقال عدي بن نوفل بن عبد مناف، يا عبد المطلب تستطيل علينا وأنت فذ لا ولد لك ولم يكن له يومئذ ولد إلا

ص: 35

الحارث فقال له أبا القلة بتعيرني والله لئن أتاني الله عشرة من الولد ذكورا لأنحزن أحدهم عند الكعبة رواه ابن سعد والبلاذري وفي الخميس سفه عليه وعلى ولده ناس من قريش ونازعوهما وقاتلوهما قاله الزرقاني وإلى هذا أشار بقوله (فنذر) كضرب ونصر أي إلتزم بالحلف كما مر فيحتمل أنه المراد بالنذر ويحتمل أن الإلزام تكرر مرة بالنذر ومرة بالحلف قاله محمد بن عبد الباقي. وفي عبارة المواهب الممثالة لعبارة الناظم (إن جاءه) أي ولد له من (البنين) أي الذكور (عشره) بفتح الشين وكسرها (يحمونه) أي يمنعونه (من البغاة) جمع باغ وهو الظالم وإنما كانوا بغاة لأنهم أرادوا منعه من أمر اختصه الله تعالى به بل هي في الحقيقة إنما قصد بها النبي صلى الله عليه وسلم وهو ولده فهي لعبد المطلب لا لغيره (الفجره) جمع فاجر وهو المنبعث في المعاصي (لينحرن واحدا) منهم عند الكعبة (تقربا به) مفعول لأجله أي لأجل التقرب لله، وعبارة المواهب وشرحها ليذبحن أحدهم قربانا لله عند الكعبة (فلما رام) أي طلب وقصد عبد المطلب (نحره) أي نحر ولده الذى خرج القدح عليه وهو عبد الله والد المصطفى صلى الله عليه وسلم وكان أحب ولد عبد المطلب إليه لرؤية نور المصطفى صلى الله عليه وسلم في وجهه كما في الزرقاني (أبى) أي امتنع (منه) أي من نحره (قريش) لعزه وشرفه فيهم فقاموا إليه في أنديتهم وقالوا له والله لا ندعك تذبحه حتى تعذر فيه إلى ربك بأن تسأل الكاهنة فإنها إن ذكرت أنه يذبح كان ذلك عذرا عندهم ولإن فعلت هذا لا يزال الرجل يأتي بابنه ويذبحه وتكون سنة مستمرة في قومك لأنك رئيسهم فيقتدون بك فما بقاء الناس على هذا. وقال له المغيرة بن عبد الله بن عمر وابن مخزوم وكان عبد الله بن أختهم والله لا تذبحه أبدا حتى تعذر فيه فإن كان فداؤها بأموالنا فديناه انظر الزرقاني. (فمضى) عبد المطلب أي ذهب وركبوا معه (لخيبرا) حصن قرب المدينة (مستامرا) حال من فاعل مضى أي حال كونه مشاورا (كاهنها) أي خيبر فيما يصنع أي شخصها الموصوف بالكهانة وذلك أنهم قالوا له انطلق إلى فلانة الكاهنة وعند

ص: 36

ابن اسحاق وانطلق إلى الحجاز فإنه به عرافة لها تابع من الجن وهو على حذف مضاف أي أحد أرض الحجاز فلعلها أن تأمرك بأمر فيه فرج لك فركبوا حتى أتوها بخيبر والكاهنة قيل اسمها قطبة ذكره عبد الغني في كتاب الغوامض وذكر ابن اسحاق ان اسمها سجاح والذى في الروض سجساح فلما أتوها قص عليها عبد المطلب القصة فقالت لهم ارجعوا عني حتى يأتيني تابعي فلما خرجوا من عندها قام عبد المطلب يدعو الله ثم غدوا عليها فقالت لهم قد جاءني الخير، كم الدية عندكم؟ فقالو عشرة من الإبل، فقالت ارجعوا إلى بلادكم ثم قربوا صاحبكم إلى موضع ضرب القداح ثم قربوا عشرة من الإبل ثم اضربوا عليه وعليها القداح فإن خرجت القداح على صاحبكم فزيدوا في الإبل عشرة أخرى ثم اضربوا أيضا هكذا حتى يرضى ربكم ويخلص صباحكم، فإذا خرجت على الإبل فانحروها فقد رضى ربكم ونجى صاحبكم وإلى هذا أشار بقوله (فأمرا) أي الكاهن عبد المطلب (أن) بفتح الهمزة تفسيرية (استهم عليه) أي على عبد الله أي اضرب عليه بالسهام أي القداح (والآبالي) جمع إبل (فإن عليه) أي على عبد الله (خرجت) القداح بالذبح (في الحال) أي الزمن الذى ضربت القداح فيه عليه وعلى الإبل (فزد عليه) أيي على العدد الذى ضربت عليه وعلى عبد الله القداح (عشرة) أخرى (واقترعا) أي أضرب عليه وعلى عبد الله القداح أيضا وهكذا حتى تقع القداح على الإبل (حتى) غاية للزيادة (إذا السهم) أي القدح، (عليها) أي الإبل (وقعا* فانحر) الإبل فداء له (فإن ربه) أي الولد (قد رضيا بأنها) أي الإبل (له) أي لولدك (فداء) خبر إن ويتعلق به المجرور قبله أي فإن وقوع السهم على الإبل أمارة على رضى ربك بفداء ولدك بالإبل فانحرها ودع ولدك وكأنها غلب على ظنها أن السهم واقع على الإبل لا محالة قال جميعه في المواهب وشرحها (فعيا) فعل أمر من وعى أي حفظ والألف بدل من نون التوكيد الخفيفة تتميم للبيت، (ففعل) عبد المطلب بعد ان رجع هو وقومه إلى مكة (الذي به قد أمرا) أي أمرته به الكاهنة فقربوا عبد الله وقربوا عشرة من الإبل وقام عبد المطلب يدعو الله تعالى، قاله

ص: 37