الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وابرهة بجيش عظيم فقتلوا ملك اليمن واستولوا عليه ثم اختلفا فقتل إلياط بعد أن شرم أنف ابرهة وحاجبه وعينه وشفته فبرئ واستقل بالملك فغضب عليه النجاشي فأرسل تحفا إليه حتى رضي فأقره ولهذا سمي الشرم وقيل لأن أباه ضربه فشرم أنفه وجبينه ثم إن ابرهة رأى ان الناس يتجهزون أيام الموسم فقال أين يذهبون فقيل يحجون بيت الله بمكة قال ما هو قيل من الحجارة قال وما كسوته قيل ما يأتي من هنا، قال والمسيح لأبنين لكم خيرا منه فبني كنيسة بصنعاء بأنواع الرخام ونقل لها الحجارة المنقوشة بالذهب والفضة من قصر بلقيس وحلى الكنيسة بالذهب والفضة وأنواع الجواهر ونصب فيها صلبانا من ذهب وفضة ومنابر من عاج وغيره وكان يشرف منها على عدن لارتفاع بنائها ولذا سماها القليس بضم القاف وفتح اللام مشدودة ومخففة فتحتية ساكنة فسين مهملة أو بفتح القاف وكسر اللام لأن الناظر لها تسقط قلنسوته عن رأسه، فأراد صرف الحج إليها وكتب للنجاشي إني بنيت كنيسة باسم الملك لم يكن مثلها أريد صرف حج العرب إليها وأمنعهم من الذهاب لمكة فلما شاع ذلك في العرب خرج رجل من كنانة مغضبا فتغوط فيها ولحق بأرضه، وقيل أججت فيها فتية من العرب نارا فحلف ليهدمن الكعبة حجرا حجرا فكتب إلى النجاشي بذلك
وسأله أن يبعث له فيله "محمود
ا" فلما قدم الفيل خرج في ستين ألفا فلما سمعت العرب بخروجه رأوا جهاده حقا عليهم فخرج رجل من ملوك اليمن اسمه ذو نفر بنون ففاء فراء فقاتله فهزم هو واصحابه وأتى به في وثاق فحبسه عنده ثم مضى فلما كان بأرض خثعم خرج إليه نفيل الخثمعي في قبيلته ومن تبعه من العرب فهزموا وأسر نفيل فلما هم بقتله قال لا تقتلني فإني دليلك بأرض العرب فخرج به يدله فلما مر بالطائف خرج إليه مسعود بن متعب في رجال ثقيف فقالوا أيها الملك إنما نحن عبيدك سامعون مطيعون ولست تريد هذا البيت يعنون بيت اللات إنما تريد الذى بمكة ونحن نبعث معك من يدلك فبعثوا معه أبا رغال فلما بلغ الجيش المغمس وهو موضع بطريق الطائف كمعظم
ومحدث على ثلثي فرسخ من مكة مات أبو رغال فرجمت العرب قبره فهو القبر الذى يرجم إلى اليوم ثم أرسل ابرهة خيلا له عليها رجل من الحبشة يقال له الأسود بن مفصود بفاء وصاد مهملة وأمره بالغارة فاستاق إبل قريش وغنمها وفيها مائتا بعير لعبد المطلب وقيل له فيها أربعمائة ناقة وهمت قريش وكنانة وهذيل ومن كان بالحرم بقتاله ثم عرفوا انهم لا طاقة لهم فتركوه وركب عبد المطلب في قريش فلما طلع جبل ثبير استدارت دارة غرة رسول الله صلى الله عليه وسلم على جبهته واشتد شعاعها حتى صار مثل الشمس ومعنى استدارة الدرة حصولها فلما نظر عبد المطلب إلى ذلك قال يا معشر قريش ارجعوا فقد كفيتم هذا الأمر فوالله ما استدار هذا النور مني إلا أن يكون لنا الظفر فرجعوا ثم إن ابرهة أرسل حناطة بضم المهملة الحميري وقال سل عن سيد أهل هذا البلد ثم قل له ان الملك لم يأت لحربكم إنما جاء لهدم هذا البيت فإن لم تتعرضوا دونه فلا حاجة له بدمائكم فإن هو لم يرد حربا فأتني به فسأل فقيل له عبد المطلب فقال ما أمره به ابرهة فقال عبد المطلب والله لا نريد حربه وما لنا بذلك من طاقة هذا بيت الله الحرام وبيت خليله ابراهيم فإن يمنعه فهو بيته وحرمه وإن يخلي بينه وبينه فوالله ما عندنا دفع عنه قال حناطة فانطلق معه عبد المطلب ومعه بعض بنيه فتكلم أنيس سائس فيل ابرهة فقال أيها الملك هذا سيد قريش ببابك يستأذن عليك وهو صاحب عز مكة ويطعم الناس في السهل والوحوش والطير في رؤوس الجبال فأذن له ابرهة وكان عبد المطلب أجمل الناس وأعظمهم فعظم في عين ابرهة فأجله أن يجلس تحته وكره ان تراه الحبشة يجلس معه على سرير ملكه فنزل عن سريره وجلس على بساطه وأجلسه معه إلى جنبه ثم قال لترجمانه قل له ما حاجتك قال حاجتي أن يرد علي مائتي بعير أصابها فقال لترجمانه قل له كنت أعجبتني حين رأيتك ثم قد زهدت فيك تكلمني في مائتي بعير وتترك بيتا هو دينك ودين آبائك لا تكلمني فيه، فقال عبد المطلب إني أنا رب الإبل وإن للبيت ربا سيمنعه. قال ما كان ليمنع مني، فقال أنت وذاك،
فرد عليه إبله فقلدها وأشعرها وهللها وجعلها هديا للبيت وبثها في الحرم فرجع عبد المطلب إلى قريش فأخبرهم الخبر وأمرهم بالخروج من مكة والتحرز في شعب الجبال والشعاب اهـ. ويروى ان حناطة لما نظر إلى وجه عبد المطلب خضع وتلجلج لسانه وخر مغشيا عليه فكان يخور كما يخور الثور عند الذبح فلما أفاق خر ساجدا لعبد المطلب وقال أشهد أنك سيد قريش حقا ثم أخبره بمراد ابرهة ويروى أن عبد المطلب لما حضر عند ابرهة أمر أنيسا بضم الهمزة وفتح النون وسكون المثناة سائس فيله الكبر الأبيض العظيم الذى كان لا يسجد للملك ابرهة كما كانت تسجد له الفيلة أن يحضره بين يديه ليرهب به شيبة الحمد فأحضره فلما نظر إلى وجه عبد المطلب برك كما يبرك البعير وخر ساجدا وأنطق الله تعالى الفيل وقال السلام على النور الذى في ظهرك يا عبد المطلب واستشكل كون النور في عبد المطلب على المشهور من أنه كان عليه السلام حملا في بطن أمه إذ ذاك وأجيب بأن الله تعالى أحدث نورا في عبد المطلب يحاكي النور الذى استقر في آمنة مع زيادة حتى صار في وجهه كالشمس وأطلع عليه الفيل فسجد إكراما له قاله الزرقاني ثم ان ابرهة لما بلغ المغمس برك الفيل فوجهوه راجعا إلى اليمن فقام يهرول ووجهوه إلى الشام ففعل مثل ذلك فوجهوه الي المشرق ففعل مثل ذلك ووجهوه الى مكة فبرك، وغي ذلك يقول أمية ابن أبي الصلت:
(إن ايات ربنا بينات
…
ما يماري بهن إلا الكفور)
(برك الفيل بالغمس حتى
…
ظل يحبو كأنه معقور)
ويروى أنه لما برك ضربوه في رأسه ضربا شديدا ليقوم فأبي ونحوه قول ابن اسحاق فضربوا رأسه بالطبرزين ليقوم فأبي فأدخلوا محاجنهم في مراقه فبزغوه بها ليقوم فأبي. والطبرزين بفتح الطاء المهملة والباء الموحدة وسكونها آلة عوجاء من حديد والمحاجن جمع محجن عصى معوجة وقد يكون في طرفها حديد والمراق أسفل البطن وبزغوه بفتح الموحدة وزاي مشددة فغين معجمتين شرطوه بحديد