الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وذكر الفاكهي أن عبد الملك ندم على إذنه للحجاج فى هدمها ولعن الحجاج وفى مسلم نحوه من وجه آخر وقد أراد الرشيد أو أبوه أو جده أن يعيده على ما فعل ابن الزبير فناشده مالك وقال أخشى أن يصير ملعبة للملوك فتركه واستمر ما فعله الحجاج إلى الآن وسيبقى إلى تخريب الحبشة للكعبة فقال العلماء ان هذا البناء لا يغير ولم يتفق لاحد من الخلفاء ولا غيرهم تغيير شيء مما فعله الحجاج إلا في الميزاب والباب وعتبته وكذا وقع الترقيم فى الجدار والسقف وسلم السطح غير مرة وجدد فيها الرخام وأول من فرشها به عبد الملك قال الزرقاني فالمتحصل من الآثار كما أفاده الفتح والإرشاد والسبل وشفاء الغرام أنها بنيت عشر مرات، وقد علمتها. وزعم بعضهم أن عبد المطلب بناها بعد قصي وقبل بناء قريش قال الفاسي ولم أره لغيره وأخشى أن يكون وهما اهـ المراد منه.
وبعض ما قدمته من الاكتفاء وفي الاكتفاء أن آدم على بنائه له بناه من خمسة أجبل، طور سيناء وطور زيتاء ولبنى والجودي وبنى قواعده من حراء وفيه أن آدم وحواء أسساه بصخر أمثال الخلفات أي النوق الحوامل أذن الله للصخر أن تطيعهما فلما مات آدم وليه بعده ابنه شئت فكان كذلك حتى حجه نوح عليه السلام فلما كان الطوفان رفع البيت وبقيت قواعده وعلى أن شئت أول من بنى الكعبة فإنها كانت قبل أن يبنيها خيمة من ياقوتة حمراء يطوف بها آدم ويانس بها لأنها أنزلت إليه من الجنة وأول من بناه بعد رفعه إبراهيم اهـ المراد منه.
(بيان مبعث النبي الهادي
…
صلى عليه خالق العباد)
المبعث الإرسال والنبي تقدم اشتقاقه عند قوله بجاه المصطفى النبي وهو من أوحي إليه بواسطة ملك أو دونه سواء أمر مع ذلك بالتبليغ أو لم يؤمر به فإن أمر بالتبليغ فرسول وإلا فنبي غير رسول هذا هو المشهور الذي عليه الجمهور كما قاله القاضي عياض والسنوسي وغيرهما. وقال التفتازاني بترادفهما وأن كلا منهما مأمور بالتبليغ وهي طريق المشارقة وقيل بينهما عموم وخصوص بإطلاق لكن لا على الوجه المتقدم وعليه فالنبي أعم لأنه من أوحي إليه كان له كتاب أو
شارع جديد أو لم يكن، ويخص الرسول بمن أوحي إليه وكان له شرع جديد آو كتاب، والهادى المرشد للعباد إلى دين الله تعالى، ثم أشار الناظم رحمه الله تعالى إلى تعيين الآتى له بالوحي من الله تعالى وتعيين المكان الذى أتاه فيه والسن التى أوحي إليه عند بلوغها وغير ذلك مما يتعلق بأمر البعثة مما سيذكره فقال:
(وجاءه) أي النبي صلى الله عليه وسلم (جبريل) سيد الملائكة على مذهب الجمهور وقيل ميكائيل أفضل منه وهما أفضل من جميع الملائكة اتفاقا قاله البيجوري وجبريل هو صاحب الوحي إلى الأنبياء على نبينا وعلى جميعهم الصلاة والسلام، ومعناه عبد الله، قال فى القاموس وجبرائيل أي عبد الله، وفيه لغات كجبرعيل وحزقيل وجبرعل وسمويل وجبراعيل وجبرعل وحزعال وكربال وبسكون الياء بلا همز كجبريل وبفتح الياء جبريل وبياءين جبرييل وجبرين بالنون ويكسر اهـ.
(في غار حرا) بكسر الحاء المهملة وتخفيف الراء والمد والتذكير على الصحيح وحكي الفتح والقصر وهي لغة مصروف على إرادة المكان ممنوع على إرادة البقعة فيذكر ويؤنث جيل بينه وبين مكة نحو ثلاثة أميال على يسار الذاهب إلى منى وزعم الخطابي خطاً المحدثين في قصره وفتح حائه والأربعة فى قباء أيضا وجمعها القائل:
(حيا وقبا ذكر وأنثهما معا
…
ومد وأقصر واصرفن وامنع الصرفا)
قاله الزرقاني
(من بعد أربعين عاما غيرا) أي مضى يعني أنه صلى الله غليه وسلم كان أول مجيء جاءه جبريل له صلى الله عليه وسلم بالوحي أي كلام الله عز وجل بعد أن أتم أربعين سنة من مولده صلى الله عليه وسلم وهذا هو الذى قاله جمهور العلماء، قال السهيلى وهو الصحيح عند أهل السير والعلم بالأثر، النووي وهو الصواب المروي فى الصحيحين عن ابن عباس وأنس وقيل وأربعين يوما، وقيل وعشرة أيام وقيل وشهرين، وعن مكحول أنه بعث بعد اثنين وأربعين سنة، وقيل ابن ثلاث وأربعين، وهو شاذ، وقيل خمس وأربعون، وهو أشذ منه قال الخطابي وجمع بأن ذلك حين حمي الوحي وتتابع (في يوم الاثنين) متعلق بجاء أي وجاءه
جبريل فى يوم الاثنين ويشهد له ما رواه مسلم عن أبي قتادة الحارث بن ربعي بكسر الراء شهد المشاهد إلا بدرا ففيها خلف أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم الاثنين فقال فيه ولدت وفيه أنزل علي وفى رواية لمسلم فقال ذاك يوم ولدت فيه ويوم بعثت فيه أوقال أنزل علي فيه والمشهور الذى عليه الأكثر أنه بعث في رمضان قاله الحافظان ابن كثير
وابن حجر وصححه الحافظ العلائي، قال في الفتح فعلى الصحيح المشهور أن مولده في ربيع الأول يكون حين أنزل عليه ابن أربعين سنة وستة أشهر وعلى أنه باعث في رمضان فالذي اقتصر عليه القسطلاني فى الإرشاد وبه صدر فى المواهب أنه بعث يوم الاثنين لسبع عشرة ليلة خلت منه وقيل لسبع منه وقيل لأربع وعشرين ليلة منه وقال ابن عبد البر والمسعودي بعث يوم الاثنين لثمان من ربيع الأول سنة إحدى وأربعين وبه صدر ابن القيم وعزاه للأكثرين ثم حكي أنه
كان في رمضان قال في الفتح فعلى هذا يعنى كونه بعث في ربيع يكون عمره أربعين سنة سواء، وجمع بين النقلين بما فى حديث عائشة أول ما بدى به من الوحي الرؤيا الصالحة وحكى البيهقي أن مدتها ستة أشهر فيكون نبي بالرؤيا في ربيع الأول ثم أتاه جبريل في رمضان وحمل عليه بعضهم الرؤيا جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوءة، لأن مدة الوحي كانت ثلاثا وعشرين سنة فيها ستة أشهر مناما وذلك جزء من ستة وأربعين وأما الجمع بين نزول اقرأ فى رمضان وأول المدثر في ربيع فاعترض بأن نزول المدثر بعد ثلاث سنين وقيل كان ابتداء المبعث في رجب لسبع وعشرين منه، اهـ. ملخصا من المواهب وشرحها.
تنبيه:
أختلف فى المنزل علي النبي صلى الله عليه وسلم على ثلاثة أقوال:
* أحدها اللفظ والمعنى وأن جبريل حفظ القرآن من اللوح المحفوظ كل حرف بقدر جبل قاف، وتحت كل حرف منها معان لا يحيط بها إلا الله،
* الثاني ان جبريل نزل بالمعانى خاصة وعلم صلى الله عليه وسلم تلك
المعانى وعبر عنها بلغة العرب الظاهر قوله نزل به الروح الأمين على
* الثالث أن جبريل ألقى عليه المعنى وعبر بهذه الألفاظ بلغة العرب، وأن أهل السماوات يقرؤنه بالعربية اهـ. من الزرقاني.
وقريب منه اليوسي فى حاشية الكبرى، فعلى الأول يكون جبريل تلقى الحروف من اللوح وعلى كلا القولين الأخيرين يكون جبريل سمع كلام الله تعالى القائم بذاته الذي ليس بحرف ولا صوت ولكن على الاول منهما عبر جبريل عما فهمه من كلام الله تعالى بلغته للنبي صلى الله عليه وسلم فعبر النبي صلى الله عليه وسلم عما فهمه من كلام جبريل بلغته التى هى العربية وعليه فألفاظه القرآن مخلوقة على لسان محمد صلى الله عليه وسلم وعلى الأخير فألفاظه مخلوقة على لسان الملك، وهي التى نزل بها، ويدل على أن المنزل الألفاظ ظاهر قوله تعالى قل نزله روح القدس انظر اليوسي
(
…
بسورة العلق
…
صلى عليه الله فالق الفلق)
المجرور متعلق أيضا بجاء يعني أن أول ما نزل به جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم من القرآن سورة العلق وهي اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق، والعلق الدم المجتمع الغليظ لأن أول الإنسان. نطفة ثم يكون علقة والفلق الصيح وفالقاه خالقه وهو الله تعالى، قال المفسرون فى قوله تعالى {فالق الإصباح} وهو مصدر بمعنى الصبح أي خالق الصبح، فالفلق هو الخلق وقيل الفلق الشق وهو على حذف مضاف أي فالق ظلمة الصبح انظر الريان. وأشار بهذا إلى ما رواه البخاري وغيره ففى كتاب التعبير منه عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت أول ما بدى به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة فى النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، وكان يأتي حراء فيتحنث فيه وهو التعبد الليالي ذوات العدد ويتزود لذلك ثم يرجع إلى خديجة فتزوده لمثلها حتى فجأه الحق وهو فى غار حراء. فجاءه الملك فيه فقال اقرأ، فقلت ما أنا بقارئ، فأخذنى فغطنى حتى بلغ
مني الجهد ثم أرسلني فقال اقرأ. فقلت ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال اقرأ. فقلت ما أنا بقارئ. فأخذني فغطني الثالثة حتى بالغ مني الجهد ثم أرسلني فقال اقرأ باسم ربك الذي خلق حتى بلغ ما لم يعلم. فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ترجف بوادره حتى دخل على خديجة فقال زملوني، زملوني. فزملوه حتى ذهب عنه الروع. فقال يا خديجة ما لي .. وأخبرها الخبر، وقال قد خشيت علي فقالت له كلا أبشر والله لا يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل وتقرى الضيف وتعين على نوائب الحق، ثم انطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي وهو ابن عمها أخو أبيها وكان امراءا تنصر في الجاهلية وكان يكتب الكتاب العبرانى فيكتب بالعربية من الإنجيل ما شاء الله أن يكتب وكان شيخا كبيرا قد عمى، فقالت له خديجة أى ابن عمى اسمع من ابن أخيك فقال ورقة ابن أخى ماذا ترى؟ فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم ما رأى، فقال ورقة هذا الناموس الذى أنزل على موسى، يا ليتني فيها جذعا، ليتني أكون حيا حين يخرجك قومك. وقال صلى الله عليه وسلم أو مخرجى هم؟ فقال ورقة نعم. لم يأت رجل قط بما جئت به إلا عودي وإن يدركنى يومك أنصرك نصرا مؤزرا، ثم لم ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحي فترة حتى حزن النبي صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا حزنا غدى منه مرارا كي يتردى من رؤس شواهق الجبال فكلما أوفى بذروة جبل لكي يلقي نفسه تبدى له جبريل فقال يا محمد إنك لرسول الله حقا، فيسكن لذلك جأشه وتقر نفسه، فيرجع فإذا طالت عليه فترة الوحى عاد لمثل ذلك، فإذا أوفى بذروة جبل تبدى له جبريل فقال له مثل ذلك، انتهى.
والرؤيا الصادقة التى لا تكذب فيها وفى بدأ الوحي الصالحة هما بمعنى بالنسبة للآخرة فى حق الأنبياء، وأما بالنسبة لأمور الدنيا فالصالحة فى الأصل أخص، فرؤيا الأنبياء كلها صادقة وقد تكون صالحة وهي الأكثر وغير صالحة بالنسبة للدنيا كرؤيا يوم أحد ومثل فلق
الصبح أي شبيهة له فى الوضوح، وقال البيضاوي شبه ما وجده فى الخارج طبقا لما رآه في النوم بالصبح في إنارته ووضوحه.
والفلق الصبح لكنه لما استعمل فى هذا المعنى وغيره أضيف إليه للتخصيص، ويتحنث يتجنب الحنث أي الإثم، كتحوب وتأثم أو هو بمعنى رواية ابن هشام يتحنف أي يتبع الحنفية دين إبراهيم والفاء تبدل التفسير الاول، وعلى الثاني ظاهر والليالي ظرف نصب بيتحنث وهل تعبده قبل البعثة بشريعة أم لا؟ قولان:
الجمهور على الثاني، واختار ابن الحاجب والبيضاوي الأول يعني أنه بشرع إبراهيم أو موسى، أو عيسى أو بجميع الشرائع، ونسب للمالكية أو الوقف أقوال، ولم يأت تصريح بصفة تعبده بحراء وعن ابن المرابط كان يتعبد بالفكر وقوله لمثلها أي الليالى وفجئه بكسر الجيم وتفتح والحق الوحي والملك جبريل اتفاقا وقوله فقلت كذا فى رواية الأكثر، وفي رواية أبي ذر فقال له النبي صلى الله عليه وسلم وغطنى بغين معجمة وطاء مهملة ضمنى وعصرنى والجهد بالنصب وفاعل بلغ هو الغط وبالرفع والمفعول محذوف أي بلغ مني الجهد، مبلغه. وما أنا بقارئ أي لا أحسن القراءة أي حكمي كسائر الناس من أن القراءة لا تحصل إلا بالتعلم، وقوله فرجع بها أي بالآية وترجف بضم الجيم تضطرب والبوادر بفتح الموحدة وخفة الواو ألف فدال مهملة فراء جمع بادرة ما بين المنكب والعنق، قال فى المواهب ولم تكن الرجفة المذكورة خوفا من جبريل عليه السلام، فإنه صلى الله عليه وسلم أجل من ذلك وأثبت جنانا، بل غبطة أي فرحا لحاله وقيل خاف من ثقل أعباء النبوءة انتهي.
وزملوني أي غطوني، وزملوه أي لفوه أي خديجة ومن معها، ولا يحزنك بضم التحتية وسكون المعجمة وكسر الزاء فتحتية ساكنة أي لا يفضحك والكلُّ بفتح الكاف وشد اللام من لا يستقل بأمره زاد هنا في يفضحك والكلُّ بفتح الكاف وشد اللام من لا يستقل بأمره زاد هنا في بدء الوحي وتكسب المعدوم بفتح التاء في الأشهر، وروي بضمها، أي تعطي الناس مالا يجدونه عند غيرك، يقال كسبته مالا وأكسبته إياه
بمعنى وتقرى بفتح الفوقية ثلاثي قال الأبي وسمع بضمها رباعيا والنوائب الحوادث وهى جامعة لما سبق ولغيره، وقيدت بالحق لأنها تكون فيه وفى الباطل أي فلا يصيبك مكروه لما جمع الله فيك من مكارم الأخلاق. وفيه دلالة على أن ذلك سبب للسلامة من مصارع السوء وفيه مدح الإنسان في وجهه لمصلحة، وأما حديث «أحثوا التراب فى وجوه المداحين»
ففى مدح بباطل، أو تؤدي إلى باطل، وفيه تأنيس من حصلت له مخافة وكمال خديجة وجزالة رأيها وانطلقت به أي معه فالباء للمصاحبة وأخو أبيها بالرفع خبر مبتدء محذوف والناموس صاحب السر والمراد به جبريل وأهل الكتاب يسمونه الناموس الأكبر والعبرانية بكسر العين وهى لغة التورية وأما الإنجيل فالمشهور أنه سرياني، وقيل عبراني وجذعا بالنصب وهو الشهور في الصحيحين خبر أكون مقدرة أو حال من الضمير المستكن فيها أي مدة النبوءة أو على أن ليت تنصب الجزأين كقوله:
يا ليت أيام الصبا رواجعا
…
وهو بفتح الجيم المعجمة أي شابا، أو مخرجي؟ بفتح الواو وشد الياء مفتوحة خبر مقدم لهم، ويومك يوم انتشار تبوء تلك ومؤزرا يضم الميم وفتح الزاء المشددة آخره راء مهموز من الأزر أي القوة أي قويا بليغا، وقال أبو شامة يحتمل أنه من الإزار إشارة إلى تشميره فى نصرته قال الأخطل:
(قوم إذا حاربوا شدّوا مآزرهم
…
دون النساء ولو باتت بأطهار)
ولم ينشب بفتح التحتية والمعجمة أي لم يلبث وأن توفي بفتح الهمزة بدل اشتمال من ورقة أي لم تتأخر وفاته وفترة الوحي بعد مجيئه له في غار حراء، كانت مدتها ثلاث سنين على ما في المواهب، وقيل سنتان ونصف وفى المواهب ممزوجا ببعض كلام الزرقاني ودليل كونها ثلاث سنين ما فى تاريخ الإمام أحمد عن الشعبي أنزلت عليه صلى الله عليه وسلم النبوءة وهو ابن أربعين سنة فاقترن بنبوءته إسرافيل ثلاث سنين وكان يأتيه بالكلمة والشيء أي الأفعال والآداب
التي يعلمها له، ولم ينزل عليه القرآن على لسانه لأن إنزال الكتب الإلهية من خصائص جبريل، فلما مضت ثلاث سنين قرن بنبوءته جبريل عليه السلام فنزل عليه القرآن على لسانه عشرين سنة اهـ.
وما ذكر من أول ما أنزل عليه اقرأ، هو الصواب وهو الذي عليه الجماهير من الخلف والسلف كما قاله النووي، وأما ما روي أن أول ما نزل مطلقا أول سورة يا أيها المدثر فقال النووي ضعيف بل باطل، وإنما أنزلت أيها المدثر بعد فترة الوحي، وقوله حزن بكسر الزاي وجزم عياض بأن هذا من قول معمر وخالفه السيوطي والقسطلاني تبعا للحافظ وقالوا هو شيخه الزهري، وقوله غدا بغين معجمة من الذهاب غدوة وبمهملة من العدو وهو الذهاب بسرعة ويتردى يسقط وشواهق الجبال طوالها وأوفى بفتح الهمزة والفاء وسكون والواو أشرف والذروة بكسر الذال المعجمة وتفتح وتضم وإلقاؤه لنفسه للإشفاق أن تكون الفترة لسبب منه، فخشي أن تكون عقوبة من ربه، ففعل ذلك ولم يرد بعد شرع بالنهي عنه فيعترض به وجأشه بجيم فهمزة ساكنة فشين معجمة أي اضطراب قلبه وتقر بفتح الفوقية والقاف والعطف تفسيري، قال القاضي عياض وابتدأ عليه السلام بالرؤيا لئلا يفجأه الملك وياتيه صريح النبوءة بغتة فلا تحملها قوى البشر، فبدأ بأوائل خصال النبوءة وتباشير الكرامة من المرائي الصادقة الصالحة الدالة على ما يؤول إليه أمره.
تنبيه:
قال غير واحد لم يبعث نبي إلا بعد أربعين سنة، لأنها سن كمال القوة والعقل، قال الزرقاني وهذا الحصر شامل لجميع الأنبياء حتى يحيى وعيسى وهو الصحيح، ففي زاد المعاد ما يذكر أن عيسى رفع وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة، لا يعرف به أثر متصل يجب الرجوع إليه. قال أبو شامة وهو كما قال والمصرح به في الأحاديث النبوية أنه إنما رفع وهو ابن مائة وعشرين ففي الطبراني بسند رجاله ثقاة أنه صلى الله عليه