الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تعالى عليه وسلم أغار على بني المصطلق وهم غارون بغين معجمة فألف فراء مشددة أي غافلون وانعامهم تستقي على الماء فقتل مقاتلتهم وسبى ذراريهم وهم علي الماء فيحتمل ان يكونوا لما دهمهم المسلمون وهم علي الماء تصافوا ووقع القتال بين الطائفتين وثبتوا قليلا ثم وقعت الغلبة عليهم للمسلمين بحملهم حملة رجل واحد انتهي باختصار قليل. وبينما الناس علي ذلك الماء وردت واردة للناس ومع عمر أجير له من بني غفار يقال له جهجاه بفتح الجيم وسكون الهاء ابن مسعود يقود فرسه فازدحم جهجاه وسنان بن وبرة الجهني حليف بني عمرو بن الخزرج علي الماء فاقتتلا فصرخ الجهني يا معشر الأنصار وصرخ جهجاه يا معشر المهاجرين فغضب ابن أبي فقال أقد فعلوها قد نافرونا في بلادنا والله ما أعدنا وهؤلاء إلا كما قال القائل: سمن كلبك يأكلك، أما والله
لئن رجعنا إلي المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل
ثم أقبل علي من حضره من قومه وفيهم زيد بن أرقم ذو الأذن الواعية أي الضابطة لما سمعته وهو غلام حدث فقال هذا ما فعلتم بأنفسكم احللتموهم بلادكم وقاسمتوهم أموالكم أما والله لو أمسكتم عنهم ما بأيديكم لتحولوا إلي دار غيركم فمشي زيد بن أرقم إلي رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فأخبره الخبر وذلك عند فراغه من عدوه وعند عمرو بن الخطاب فقال مر به عباد بن بشر فليقتله، فقال صلى الله تعالى عليه وسلم: فكيف يا عمرو إذا تحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه؟ ! لا. ولكن أذن بالرحيل. وذلك في ساعة لم يكن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يرتحل فيها فارتحل الناس ومشي ابن أبي إلي رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم حين بلغه ما سمعه منه فحلف بالله ما قلت ما قال، وكان شريفا عظيما في قومه، فقال من حضر من الأنصار يا رسول الله عليك السلام، عسى أن يكون الغلام أوهم في حديثه حدبا على ابن أبي فلما استقل صلى الله تعالى عليه وسلم لقي أسيد بن حضير فحياه تحية النبوؤة ثم قال يا رسول الله رحلت في ساعة منكرة ما كنت
ترحل في مثلها؟ ! فقال له رسول صلى الله تعالى عليه وسلم أو ما بلغك ما قال صاحبكم؟ قال وأي صاحب يا رسول الله؟ قال عبد الله بن أبي قال وما قال؟ قال زعم أنه إن رجع الي المدينة أخرج الأعز منها الأذل قال فأنت يا رسول الله تخرجه إن شئت هو والله الذليل وأنت العزيز، ثم قال يا رسول الله عليك السلام أرفق به فو الله لقد جاء بك الله وإن قومه لينظمون له الحرز ليتوجوه فإنه ليري أن قد استلبته ملكا ثم متن بفتح الميم والمثتناة الفوقية وبالنون رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بالناس أي سار بهم يومهم ذلك حتي أمسا وليلتهم حتي أصبح وساروا يومهم ذلك حتي آذتهم الشمس ثم نزل بالناس فلم يلبثوا أن وجدوا مس الأرض فوقعوا نواما وإنما فعل ذلك ليغشل الناس عن الحديث الذي كان بالأمس ثم راح بالناس فهبت عليهم ريح شديدة آذتهم وتخوفوها فقال صلى الله عليه وسلم لا تخافوا فإنما هبت لموت عظيم من الكفار فلما قدموا المدينة وجدوا رفاعة بن زيد بالتابوت أحد بني قينقاع وكان من عظماء يهود وكهفا للمنافقين قد مات ذلك اليوم ونزلت السورة التي ذكر الله فيها المنافقين في عبد الله بن أبي ومن معه فأخذ صلى الله تعالى عليه وسلم بأذن زيد بن الأرقم فقال هذا الذي أوفي الله باذنه، وفي رواية إن الله صدقك يا زيد. وبلغ عبد الله بن عبد الله بن أبي ما كان من أمر أبيه فقال يا رسول الله عليك السلام إنه بلغني أنك تريد قتل عبد الله بن أبي فإن كنت فاعلا فمرني فأنا أحمل إليك رأسه إني أخشي أن تأمر به غيري فيقتله فأقتله مؤمنا بكافر فأدخل النار، فقال صلي الله تعالي عليه وسلم بل ترفق به، وتحسن صحبته ما بقي معنا، وكان بعد ذلك إذا حدث الحدث عاتبه قومه وعنفوه فقال صلى الله تعالى عليه وسلم لعمر أما والله لو قتلته يوم قلت لي أقتله لأرعدت له أنوف لو أمرتها اليوم بقتله لقتلته فقال عمر قد والله علمت لأمر رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أعظم بركة من أمري. وفي الإكتفاء أن مقيسا لما رجع الي مكة قال في قتل قاتل أخيه والعياذ
بالله تعالى:
(شفى النفس أن قد بات بالقاع مسندا
…
تصرج ثوبيه دماء الأخادع)
(وكانت هموم النفس من أجل قتله
…
تلم فتحيني وطاء المضاجع)
(حللت به وتري وأدركت ثأرتى
…
وكنت إلى الأوثان أول راجع)
(ثأرت به جهرا وحملت عقله
…
سرات بني النجار أرباب فارع)
وقال أيضا:
(جللته ضربة باتت لها وشل
…
من نافع الجوف يعلوه وينصرم)
(فقلت والموت تغشاه أسرته
…
لا تامنن بني بكر إذا ظلموا)
وتضرج تلطخ والأخادع عروق القفا ووطاء أي لين، وفارع اسم حصن لهم وجللته علوته ووشل أي متحلب وناقع الجوف دمه. وأصاب عليه السلام من بني المصطلق سبيا كثيرا فقسمه في أصحابه وكان فيمن أصيب يومئذ أمنا جويرية ووقعت في سهم ثابت بن قيس بن شماس أو ابن عم له فكاتبته علي نفسها. قال عائشة وكانت تعني جويرية امرأة حلوة لها ملاحة لا يراها أحد إلا أخذت بنفسه فأتت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم تستعينه في كتابتها فوالله ما هو إلا ان رأيتها علي باب حجرتي فكرهتها وعرفت أنه سيري منها ما رأيت فدخلت عليه فقال: يا رسول الله أنا جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار سيد قومه وقد أصابني من البلاء ما لا يخفي عليك، فوقعت في سهم ثابت بن قيس أو ابن عمر له فكاتيته فجئت أستعينك علي كتابتي. قال فهل لك في خير من ذلك؟ قالت وما هو يا رسول الله؟ قال اقضي عنك كتابنك وأتزوجك؟ قالت نعم با رسول الله، قال قد فعلت. وخرج الخبر إلي الناس أنه صلى الله تعالى عليه وسلم قد تزوج جويرية فقال الناس هؤلاء أصهار رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فأرسلوا ما بأيديهم انتهى. وروى الواقدي أنها قالت رأيت قبل قدوم النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بثلاث كأن القمر يسير من يثرب حتى وقع في حجري فكرهت أن أخبرها أحدا من الناس حتى قدم رسول الله صلى الله تعالى