الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الزرقاني فخرج القدح في كل مرة على ولده فلم يزل يزيد عشرة ويضرب عليه وعلى الإبل القداح (حتى انتهت) الإبل (لمائة) أي وصلتها فوقع السهم على الإبل (فنحرا) عبد المطلب الإبل (من بعد ضربها) أي السهام على الإبل وولده (ثلاثا) أي ثلاث مرات وذلك أنه لما وقع السهم على الإبل أول مرة قالت قريش ومن حضر قد انتهى. رضى ربك يا عبد المطلب، فقال لا والله حتى أضرب عليها بالقداح ثلاث مرات فضربها ثلاث مرات كلها تخرج على الإبل فنحرت وتركت لا يصد عنها إنسان ولا طائر ولا سبع،
(وهي) بسكون الهاء أي الإبل (لا تعدو) أي لا تجاوز (العشار) جمع عشراء وهي النوق التى أتى على حملها عشرة أشهر أو ثمانية أو هي كالنفساء من النساء، قاله في القاموس، (الكوم) جمع كوماء وهي العظيمة السنام (فيما نقلا) ومراده أن المائة كلها عشار كوم ولم أقف على أوصافها في كتاب معتمد غيره والله تعالى أعلم، (فكان) مفرعا على ما قبله (والد النبي) صلى الله عليه وسلم (المفتدى) بصغة اسم المفعول صفة لوالد (بمائة) من الإبل (فداؤه من الردى) أي الهلاك ووالد اسم كان وفذاؤه مبتدء وخبره قوله بمائة والجملة خبر كان ومن الردى يتعلق بقوله فداؤه (وكان ذاك) المال المفتدى به (سنة) أي شريعة مستمرة إلى يوم القيامة (في أمته) أي أتباعه صلى الله عليه وسلم (عن نفس كل مؤمن في فديته) لم أجد من تكلم على هذا والظاهر أن قوله عن نفس يتعلق بمحذوف صفة لسنة أي سنة مؤداة عن نفس كل مؤمن يتعلق بذلك المحذوف أيضا قوله في فديته والضمير للمؤمن ويكون أطلق الفدية على الدية تجوزا ويصح على بعد أن الضمير في فديته راجع للوالد ويتعلق أيضا بمحذوف أي كان ذلك المال المؤدى في فديته أي عبد الله سنة في أمة النبي صلى الله عليه وسلم مؤداة عن نفس كل مؤمن والله تعالى أعلم.
ولنذكر حين تم شرح هذه الأبيات
رؤيا عبد المطلب التى هي سبب حفره لزمزم وما يتعلق بها وذكر البرقي عن ابن عباس سميت زمزم لأنها زمت بالتراب ليلا تاخذ يمينا وشمالا ولو تركت
لساحت على الأرض حتى تملأ كل شيء. وقال الحربي بزمزمة الماء وهي صوته وقال أبو عبيد لكثرة مائها وليس بخلاف حقيقي فقد تكون التسمية لجميع ذلك، وتسمى زمزم وزمازم وتسمى همزة جبريل بتقديم الميم على الزاي وهزمة جبريل بتقديم الزاي وتسمى طعام طعم وشفاء سقم وهي بئر إسماعيل التى سقاه الله حين ظمأ وهو صغير فالتمست له أمه ماء فلم تجده فقامت على الصفا تدعو الله وتستسقيه لإسماعيل ثم أتت المروة ففعلت مثل ذلك فبعث الله جبريل فهمز بعقبه في الأرض وظهر الماء وسمعت أمه أصوات السباع فخافت عليه فأقبلت نحوه فوجدته يفحص بيده عن الماء تحت خده ويشرب. قال السهيلي وحكمة همز جبريل بعقبه دون يده أو غيرها الإشارة إلى أنها تعقبه أي إسماعيل ووارثه وهو محمد صلى الله عليه وسلم، اهـ. من الزرقاني. وفي القاموس همزه يهمزه غمزه بيده فصارت فيه حفرة ثم قال وهزم البئر حفرها اهـ. فمعنى همزة جبريل وهزمته واحد والله أعلم. وفيه ماء زمزم كجعفر وزمازم كعلابط كثير وفيه زمه شده، اهـ. والمراد بحفر عبد المطلب لها إظهارها وتجديدها بعد أن بالغ الجرهمي في طمها أي دفنها وتسويتها وذلك أن عمرو بن الحارث بن مضاض بكسر الميم وضمها كما في الزرقاني لما بغي قومه بحرم الله وظلموا من دخلها من غير أهلها وأكلوا ما يهدى للكعبة وقيض الله لهم من أخرجهم من مكة فعمد عمرو إلى غزلان من ذهب وسيوف وأدراع وحجر الركن كما عند ابن هشام وغيره فجعلها في زمزم وبالغ في طمسها وفر ألى اليمن بقومه فلم تزل زمزم من ذلك العهد مجهولة إلى حفر شيبة الحمد لها بسبب رؤياه التى دلت عليها وعينت له موضعها وروى ابن اسحاق عن على قال قال عبد المطلب إني لنائم في الحجر إذ أتاني أت فقال احفر طيبة! فقلت وما طيبة؟ فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فيه فجاءني وقال احفر برة! فقلت وما برة؟ فذهب عني فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فيه فجاءني فقال أحفر المضنونة! فقلت وما المضنونة؟ فذهب عني فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فيه
فجاءني فقال أحفر زمزم! قلت وما زمزم؟ قال: لا تنزف أبدا ولا تذم، تسقي الحجيج الأعظم، بين الفرث والدم، عند نقرة الغراب الأعصم، عند قرية النمل. برة بفتح الموحدة وشد المهملة سميت بذلك لكثرة منافعها وسعة مائها، قال في الروض وهو اسم صادق عليها لأنها فاضت للابرار وغاضت عن الفجار والمضنونة بضاد معجمة ونونين لأنه ضن بها عن غير المؤمن فلا يتضلع منها منافق قاله وهب. وفي رواية الزبير بن بكار أن عبد المطلب قيل له أحفر المضنونة ضننت بها عن الناس إلا عليك ولا يزف بكسر الزاء لا يفرغ ماؤها ولا يلحق قعرها ولا تذم بمعجمة لا توجد قليلة الماء من قولهم بئر ذمة أي قليل ماؤها. قال والغراب العصم فسره النبي صلى الله عليه وسلم بأنه الذى إحدى رجليه بيضاء فلما بين لعبد المطلب شأنها ودل على موضعها عدى بمعوله ومعه ولده الحارث ليس له يومئذ ولد غيره فجعل يحفر ثلاثة فلما بدى له الطي كبر وقال هذا طي إسماعيل فقاموا إليه فقالوا إنها بئر أبينا إسماعيل وإن لنا فيها حقا فأشركنا معك فيها، قال ما أنا بفاعل. إن هذا المر قد خصصت به دونكم. قالوا له فأنصفنا فإنا غير تاركيك حتى نخاصمك فيها. قال فاجعلوا بيني وبينكم من شئتم أحاكمكم عليه قالوا كاهنة سعد بن هذيم وكانت بإشراق الشام فركب عبد المطلب ومعه نفر من بنى عبد مناف وركب من كل قبيلة من قريش نفر فخرجوا حتي إذا كانوا بمفازة بين الحجاز والشام وظمأ عبد المطلب وأصحابه حتى أيقنوا بالهلكة فاستقوا من معهم من قبائل قريش وقالوا إنا نخشى على أنفسنا مثل ما أصابكم، فلما رأى ما صنع القوم قال ماذا ترون؟ قالوا ما رأينا إلا نتبع رأيك، فأمرنا بما شئت. فأمرهم بحفر قبورهم، وقال من مات واروه أصحابه حتى يكون الآخر فضيعته أيسر من ركب وقعدوا ينتظرون الموت عطشا ثم قال والله إن إلقاءنا بأيدينا للموت عجز لنضربن في الأرض عسى الله أن يرزقنا ماء ببعض البلاد وركب راحلته فلما انبعثت به انفجرت من تحت خفها عين ماء عذب فكبر عبد المطلب وأصحابه ثم نزل فشربوا واستقوا حتى ملؤوا
أستقيهم ثم دعى قبائل قريش فقال هلموا إلى الماء فقد سقانا الله فاستقوا وشربوا ثم قالوا قد والله قضي لك علينا يا عبد المطلب، والله لا نخاصمك في زمزم أبدا إن الذى سقاك الماء بهذه الفلاة هو الذى سقاك زمزم فارجع إلى سقايتك راشدا، فرجع ورجعوا معه وخلوا بينه وبينها وفي رواية أنه وجد قرية النمل ووجد الغراب ينقر عنها بين إساف ونائلة اللذين كانت قريش تنحر عندهما ذبائحهم فجاء بالمعول وقام يحفر حيث أمر فقامت إليه قريش فقالوا والله لا نتركك تحفر بين وثنينا اللذين ننحر عندهما فقال لابنه الحارث رد عني حتى أحفر فو الله لأمضين لما أمرت، فلما عرفوا أنه غير تارك خلوا بينه وبين الحفر، فلما تمادى به الحفر وجد الغزالين والأسياف والأدراع التى دفنتها جرهم، فقالت قريش انا معك في هذا شرك، فقال لا، ولكن هلم إلى أمر نصف بيني وبينكم نضرب عليها القداح، قالوا كيف نصنع؟ قال: اجعل للكعبة قدحين ولي قدحين ولكم قدحين، فمن خرج قدحاه على شيء كان له ومن تخلف قدحاه فلا شيء له، فجعل قدحين أصفرين للكعبة وأسودين له وأبيضين لقريش، فخرج الأصفران على الغزالين والأسودان على الأسياف والأدراع وتخلف قدحا قريش فضرب الأسياف بابا للكعبة وضرب بالباب الغزالين من ذهب فكان أول ذهب حليته الكعبة ثم لما حفرها كانت له عزا وفخرا على قريش وعلى سائر العرب. وقوله فعمد بفتح الميم ومضارعه بكسرها كذا المنقول ورأيت في بعض الحواشي أن في بعض شروح الفصيح انه يجوز فيه العكس. وقوله إساف بكسر الهمزة وفتح المهملة مخففة ونائلة بنون فألف فتحتية صنمان عند الكعبة، قال الكلبي إساف رجل من جرهم ونائلة امرأة من جرهم وكان يعشقها فحجا فدخلا البيت فوجدا غفلة من الناس وخلوة من البيت ففجر بها فمسخا فوجدوهما ممسوخين فوضعوهما موضعهما ليتعظ بهما الناس فلما طال مكثهما عبدا. نقله الزرقاني مفرقا. ثم لما كمل لعبد المطلب بنون عشرة بعد حفره لزمزم بثلاثين سنة كما عند ابن سعد والبلاذري وقر الله بهم عينه نام ليلة عند الكعبة فرأى قائلا
يقول له يا عبد المطلب أوف بنذرك فاستيقظ فزعا مرعوبا وأمر بذبح كبش وأطعمه للفقراء والمساكين ثم نام فرأى أن قرب ما هو أكبر من ذلك فاستيقظ وقرب ثورا ثم نام فرأى أن قرب ما هو أكبر من ذلك فانتبه وقرب جملا وأطعمه للفقراء والمساكين ثم نام فنودي أن قرب ما هو أكبر من ذلك، قال وما هو أكبر من ذلك؟ قال قرب أحد أولادك الذى نذرته؟ فاغتم غما شديدا، وجمع أولاده وأخبرهم بنذره ودعاهم إلى الوفاء فقالوا إنا نطيعك فمن تذبح منا قال ليأخذ كل واحد منكم قدحا والقدح بالكسر السهم قبل أن يراش وينصل ثم ليكتب فيه اسمه ثم إيتوا به ففعلوا وأخذوا قداحهم ودخلوا على هبل بضم الهاء وفتح الموحدة صنم عظيم عندهم من عقيق أحمر على صورة الإنسان مكسور اليد اليمنى أدركته قريش كذلك فجعلوا له يدا من ذهب وكان في جوف الكعبة وكان تحته بئر يجمع فيه ما يهدى للكعبة وكانوا يعظمونه ويضربون عنده بالقداح، قال ابن اسحاق كان عنده قداح سبعة كل قدح في كتاب قدح العقد إذ اختلفوا من يحمله وقدح فيه نعم للأمر إذا أرادوه وقدح فيه المياه إذا أرادوا حفرها فكانوا إذا أرادوا الختان أو النكاح أو دفن ميت أو شكوا في نسب ذهبوا إلى هبل بمائة درهم وجزور فأعطوها الذى يضرب بها ثم ما خرج عملوا به، فدفع عبد المطلب إلى القيم القداح وقام يدعو الله تعالى ويقول اللهم إني نذرت لك نحر أحدهم وإني أقرع بينهم فأصب بذلك من شئت، ثم ضرب السادن للقداح فخرج على عبد الله فقبض عبد المطلب على يد ولده عبد الله وأخذ الشفرة إلى آخر ما مر من منع قريش له.
نكته حسنة:
استشكل كون عبد المطلب نذر ذبح أحد بنيه إذا بلغوا عشرة بأن حمزة والعباس إنما ولدا بعد وفائه بنذره، وأولاده إنما كانوا عشرة بهما، وأجيب بأن بعض العلماء قال أولاده اثنى عشر وقيل ثلاثة عشر فكانوا عشرة بدونهما وقال بعضهم الولد يقع على البنين وبنيهم حقيقة لا
مجازا، وكان عبد المطلب قد اجتمع له من ولده وولد ولده عشرة رجال حين وفى بنذره وهذا أحسن لسلامته من الإشكال انظر المواهب وشرحها.
ولما ذكر أن الوالد الشريف وقع عليه قدح الذبح ففدي، جره ذلك إلى الخلاف الذى جرى في ولد إبراهيم هل الذى أمر بذبحه وفدي إسماعيل جده صلى الله عليه وسلم أو هو إسحاق على نبينا وجميعهم الصلاة والسلام فقال (والخلف في ثاني الذبيحين) أي ثانيهما بالنسبة لوالده صلى الله عليه وسلم، فهو ذبيح بلا خلاف (ورد) أي جاء عن الصحابة فمن بعدهم من العلماء (فجعلهم) أي أكثرهم قال في القاموس: وجل الشيء وجلاله بضمها معظمه (إسحاق) بالرفع خبر مبتدء محذوف والجملة محكية بقول محذوف، أي قال هو إسحاق أو بالنصب بجعل محذوف خبر جلهم أي فجلهم فجعل الذبيح الثاني إسحاق (وهو) بسكون الهاء أي كون الذبيح الثاني إسحاق (المعتمد) أي الصحيح فقال به من الصحابة عمر وعلي وابن مسعود والعباس رضي الله عنه ومن التابعين ومن بعدهم كعب الأحبار وسعيد بن جبير وقتادة ومسروق وعكرمة وعطاء ومقاتل والزهري والسدي، قاله الخازن نقله الوالد حفظه الله في الريان وفي شرح المواهب مع هؤلاء وقال به القاسم بن زيد والقاسم بن إبي بره وعبد الرحمن بن سابق ومكحول والحسن وإليه ذهب مالك واختاره ابن جرير وجزم به عياض والسهيلي وعزاه ابن عطية والقرطبي للأكثرين (وقال قوم) الذبيح الثاني (هو إسماعيل) فقال به جماعة من الصحابة منهم ابن عمر وابن عباس في رواية عنه وعبد الله بن سلام وقال به سعيد بن المسيب والشعبي ومجاهد والربيع بن أنس ومحمد بن كعب القرظي والكلبي قاله الخازن نقله في الريان أيضا وفي الزرقاني أنه رجحه جماعة وقال أبو حاتم إنه الصحيح والبيضاوي أنه الأظهر ثم قال والحاصل كما قال السيوطي أن الخلاف فيه مشهور بين الصحابة ومن بعدهم ورجح كل منهما اهـ (وكل قول) منهما (فله دليل) يرجحه، قال الخازن وكلا القولين يروى عن رسول الله صلى الله عليه