الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أول القصيدة
…
متن القصيدة النونية
لابن القيم الجوزية
بسم الله الرحمن الرحيم
حكم المحبة ثابت الأركان
…
ما للصدود بفسخ ذاك يدان
أنى وقاضي الحسن نفذ حكمها
…
فلذا أقر بذلك الخصمان
وأتت شهود الوصل تشهد أنه
…
حق جرى في مجلس الإحسان
فتأكد الحكم العزيز فلم يجد
…
فسخ الوشاة إليه من سلطان
ولأجل ذا حكم العذول تداعت ال
…
أركان منه فخر للأذقان
وأتى الوشاة فصادفوا الحكم الذي
…
حكموا به متيقن البطلان
ماصادف الحكم المحل ولا هو اس
…
توفى الشروط فصار ذا بطلان
فلذاك قاضي الحسن أثبت محضرا
…
بفساد حكم الهجر والسلوان
وحكى لك الحكم المحال ونقضه
…
فاسمع إذا يا من له أذنان
حكم الوشاة بغير ما برهان
…
أن المحبة والصدود لدان
والله ما هذا بحكم مقسط
…
أين الغرام وصد ذي هجران
شتان بين الحالتين فإن ترد
…
جمعا فما الضدان يجتمعان
يا والها هانت عليه نفسه
…
إذ باعها غبنا بكل هوان
أتبيع من تهواه نفسك طائعا
…
بالصد والتعذيب والهجران
أجهلت أوصاف المبيع وقدره
…
أم كنت ذا جهل بذي الأثمان
واها لقلب لا يفارق طيره الأغـ
…
صان قائمة على الكثبان
ويظل يسجع فوقها ولغيره
…
منها الثمار وكل قطيف دان
ويبيت يبكي والمواصل ضاحك
…
ويظل يشكو وهو ذو شكران
هذا ولو أن الجمال معلق
…
بالنجم همّ إليه بالطيران
لله زائرة بليل لم تخفر
…
عسس الأمير ومرصد السجان
قطعت بلاد الشام ثم تيممت
…
من أرض طيبة مطلع الإيمان
وأتت على وادي العقيق فجاوزت
…
ميقاته حلا بلا نكران
وأتت على وادي الأراك ولم يكن
…
قصدا لها فألا بأن ستراني
وأتت على عرفات ثم محسر
…
ومنى فكم نحرته من قربان
وأتت على الجمرات ثم تيممت
…
ذات الستور وربة الأركان
هذا وما طافت ولا استلمت ولا
…
رمت الجمار ولا سعت لقران
ورقت إلى أعلى الصفا فتيممت
…
دارا هنالك للمحث العاني
أترى الدليل أعارها أثوابه
…
والريح أعطتها من الخفقان
والله لو أن الدليل مكانها
…
ما كان ذلك منه في إمكان
هذا ولو سارت مسير الريح م
…
وصلت به ليلا إلى نعمان
سارت وكان دليلها في سيرها
…
سعد السعود وليس بالدبران
وردت جفار الدمع وهي غزيرة
…
فلذاك ما احتاجت ورود الضان
وعلت على مين الهوى وتزودت
…
ذكر الحبيب ووصلة المتداني
وعدت بزورتها فأوفت بالذي
…
وعدت وكان بملتقى الأجفان
لم يفجأ المشتاق إلا وهي دا
…
خلة الستور بغير ما استئذان
قالت وقد كشفت نقاب الحسن ما
…
بالصبر لي عن أن أراك يدان
وتحدثت عندي حديثا خلته
…
صدقا وقد كذبت به العينان
فعجبت منه وقلت من فرحي به
…
طمعا ولكن المنام دهاني
إن كنت كاذبة الذي حدثتني
…
فعليك إثم الكاذب الفتان
جهم بن صفوان وشيعته الألى
…
جحدوا صفات الخالق الديان
بل عطلوا منه السموات العلى
…
والعرش أخلوه من الرحمن
ونفوا كلام الرب جل جلاله
…
وقضوا له بالخلق والحدثان
قالوا وليس لربنا سمع ولا
…
بصر ولا وجه، فكيف يدان
وكذاك ليس لربنا من قدرة
…
وإرادة أورحمة وحنان
كلا ولا وصف يقوم به سوى
…
ذات مجردة بغير معان
وحياته هي نفسه وكلامه
…
هو غيره فاعجب لذا البهتان
وكذاك قالوا ما له من خلقه
…
أحد يكون خليله النفساني
وخليله المحتاج عندهم وفي
…
ذا الوصف يدخل عابد الأوثان
فالكل مفتقر إليه لذاته
…
في أسر قبضته ذليل عان
ولأجل ذا ضحى بجعد خالد الـ
…
ـقسري يوم ذبائح القربان
إذ قال إبراهيم ليس خليله
…
كلا ولا موسى الكليم الداني
شكر الضحية كل صاحب سنة
…
لله درك من أخي قربان
فصل
والعبد عندهم فليس بفاعل
…
بل فعله كتحرك الرجفان
وهبوب ريح أو تحرك نائم
…
وتحرك الأشجار للميلان
والله يصليه على ما ليس من
…
أفعاله حر الحميم الآن
لكن يعاقبه على أفعاله
…
فيه تعالى الله ذو الإحسان
والظلم عندهم المحال لذاته
…
أنى ينزه عنه ذو السلطان
ويكون مدحا ذلك التنزيه ما
…
هذا بمقبول لدى الأذهان
فصل
وكذلك قالوا ماله من حكمة
…
هي غاية للأمر والإتقان
ما ثم غير مشيئة قد رجحت
…
مثلا على مثل بلا رجحان
هذا وما تلك المشيئة وصفه
…
بل ذاته أو فعله قولان
وكلامه مذ كان غيرا كان مخـ
…
ـلوقا له من جملة الأكوان
قالوا وإقرار العباد بأنه
…
خلاقهم هو منتهى الإيمان
والناس في الإيمان شيء واحد
…
كالمشط عند تماثل الأسنان
فاسأل أبا جهل وشيعته ومن
…
والاهم من عابدي الأوثان
وسل اليهود وكل أقلف مشرك
…
عبد المسيح مقبل الصلبان
واسأل ثمود وعاد بل سل قبلهم
…
أعداء نوح أمة الطوفان
واسأل أبا الجن اللعين أتعرف الـ
…
خلاق أم أصبحت ذا نكران
واسأل شرار الخلق أغلى أمة
…
لوطية هم ناكحو الذكران
واسأل كذاك أمام كل معطل
…
فرعون مع قارون مع هامان
هل كان فيهم منكر للخالق الـ
…
ـرب العظيم مكوّن الأكوان
فليبشروا ما فيهم من كافر
…
هم عند جهم كاملوا الإيمان
فصل
وقضى بأن الله كان معطلا
…
والفعل ممتنع بلا إمكان
ثم استحال وصار مقدورا له
…
من غير أمر قام بالديان
بل حاله سبحانه في ذاته
…
قبل الحدوث وبعدها سيان
وقضى بأن النار لم تخلق ولا
…
جنات عدن بل هما عدمان
فإذا هما خلقا ليوم معادنا
…
فهنا على الأوقات فانيتان
وتلطف العلاف من أتباعه
…
فأتى بضحكة جاهل مجان
قال الفناء يكون في الحركات لا
…
في الذات واعجبا لذا الهذيان
أيصير أهل الخلد في جناتهم
…
وجحيمهم كحجارة البنيان
ما حال من قد كان يغشى أهله
…
عند انقضاء تحرك الحيوان
وكذاك ما حال الذي رفعت يدا
…
هـ أكلة من صفحة وخوان
فتناهت الحركات قبل وصولها
…
للفم عند تفتح الأسنان
وكذاك ما حال الذي امتدت يد
…
منه إلى قنو من القنوان
فتناهت الحركات قبل الأخذ هل
…
يبقى كذلك سائر الأزمان
تبا لهاتيك العقول فإنها
…
والله قد مسخت على الأبدان
تبا لمن أضحى يقدمها على ال
…
آثار والأخبار والقرآن
فصل
وقضى بأن الله يعدم خلقه
…
عدما ويقلبه وجودا ثان
العرش والكرسي والأرواح وال
…
أملاك والأفلاك والقمران
والأرض والبحر المحيط وسائر ال
…
أكوان من عرض ومن جثمان
كل سيفنيه الفناء المحض لا
…
يبقى له أثر كظل فان
ويعيد ذا المعدوم أيضا ثانيا
…
محض الوجود إعادة بزمان
هذا المعاد وذلك المبدا لدى
…
جهم وقد نسبوه للقرآن
هذا الذي قاد ابن سينا والألى
…
قالوا مقالته إلى الكفران
لم تقبل الأذهان ذا وتوهموا
…
أن الرسول عناه بالإيمان
هذا كتاب الله أنى قال ذا
…
أو عبده المبعوث بالبرهان
أو صحبه من بعده أو تابع
…
لهم على الإيمان والإحسان
بل صرح الوحي المبين بأنه
…
حقا مغير هذه الأكوان
فيبدل الله السموات العلى
…
والأرض أيضا ذات تبديلان
وهما كتبديل الجلود لساكني النـ
…
ـيران عند النضج من نيران
وكذاك يقبض أرضه وسماءه
…
بيديه ما العدمان مقبوضان
وتحدث الأرض التي كنا بها
…
أخبارها في الحشر للرحمن
وتظل تشهد وهي عدل بالذي
…
من فوقها قد أحدث الثقلان
أفيشهد العدم الذي هو كاسمه
…
لا شيء، هذا ليس في الإمكان
لكن تسوى ثم تبسط ثم تشـ
…
ـهد ثم تبدل وهي ذات كيان
وتمد أيضا مثل مد أديمنا
…
من غير أودية ولا كثبان
وتقيء يوم العرض من أكبادها
…
كالأسطوان نفائس الأثمان
كل يراه بعينه وعيانه
…
ما لامرئ بالأخذ منه يدان
وكذا الجبال تفتّ فتا محكما
…
فتعود مثل الرمل ذي الكثبان
وتكون كالعهن الذي ألوانه
…
وصباغه من سائر الألوان
وتبس بسا مثل ذاك فتنثني
…
مثل الهباء لناظر الإنسان
وكذا البحار فإنها مسجورة
…
قد فجرت تفجير ذي سلطان
وكذلك القمران يأذن ربنا
…
لهما فيجتمعان يلتقيان
هذي مكوّرة وهذا خاسف
…
وكلاهما في النار مطروحان
وكواكب الأفلاك تنثر كلها
…
كلآلئ نثرت على ميدان
وكذا السماء تشق ظاهرا
…
وتمور أيما موران
وتصير بعد الإنشقاق كمثل ها
…
ذا المهل أو تك وردة كدهان
والعرش والكرسي لا يفنيهما
…
أيضا وإنهما لمخلوقان
والحور لا تفنى كذلك جنة الـ
…
مأوى وما فيها من الولدان
ولأجل هذا قال جهم إنها
…
عدم ولم تخلق إلى ذا الآن
والأنبياء فإنهم تحت الثرى
…
أجسامهم حفظت من الديدان
ما للبلى بلحومهم وجسومهم
…
أبدا وهم تحت التراب يدان
وكذلك عجب الظهر لا يبلى بلى
…
منه تركب خلقة الإنسان
وكذلك الأرواح لا تبلى كما
…
تبلى الجسوم ولا بلى اللحمان
ولأجل ذلك لم يقر الجهم ما ال
…
أرواح خارجة عن الأبدان
لكنها من بعض أعراض بها
…
قامت وذا في غاية البطلان
فالشأن للأرواح بعد فراقها
…
أبدانها والله أعظم شان
إما عذاب أو نعيم دائم
…
قد نعمت بالروح والريحان
وتصير طيرا سارحا مع شكلها
…
تجني الثمار بجنة الحيوان
وتظل واردة لأنهار بها
…
حتى تعود لذلك الجثمان
لكن أرواح الذين استشهدوا
…
في جوف طير أخضر ريان
فلهم بذاك مزية في عيشهم
…
ونعيمهم للروح والأبدان
بذلوا الجسوم لربهم فأعاضهم
…
أجسام تلك الطير بالإحسان
ولها قناديل اليها تنتهي
…
مأوى لها كمساكن الإنسان
فالروح بعد الموت أكمل حالة
…
منها بهذي الدار في جثمان
وعذاب أشقاها أشد من الذي
…
قد عاينت أبصارنا بعيان
والقائلون بأنها عرض أبوا
…
ذا كله تبا لذي نكران
وإذا أراد الله إخراج الورى
…
بعد الممات إلى المعاد الثاني
ألقى على الأرض التي هم تحتها
…
والله مقتدر وذو سلطان
مطرا غليظا أبيضا متتابعا
…
عشرا وعشرا بعدها عشران
فتظل تنبت منه أجسام الورى
…
ولحومهم كمنابت الريحان
حتى إذا ما الأم حان ولادها
…
وتمخضت فنفاسها متدان
أوحى لها رب السماء فشققت
…
فبدا الجنين كأكمل الشبان
وتخلت الأم الولود وأخرجت
…
أثقالها أنثى ومن ذكران
والله ينشئ خلقه في نشأة
…
أخرى كما قد قال في القرآن
هذا الذي جاء الكتاب وسنة الـ
…
ـهادي به فأحرص على الإيمان
ما قال إن الله يعدم خلقه
…
طرا كقول الجاهل الحيران
فصل
وقضى بأن الله ليس بفاعل
…
فعلا يقوم به بلا برهان
بل فعله المفعول خارج ذاته
…
كالوصف غير الذات في الحسبان
والجبر مذهبه الذي قرت به
…
عين العصاة وشيعة الشيطان
كانوا على وجل من العصيان ذا
…
هو فعلهم والذنب للإنسان
واللوم لا يعدوه إذ هو فاعل
…
بإرادة وبقدرة الحيوان
فأراحهم جهم وشيعته من الـ
…
لوم العنيف وما قضوا بأمان
لكنهم حملوا ذنوبهم على
…
رب العباد بعزة وأمان
وتبرؤوا منها وقالوا إنها
…
أفعاله ما حيلة الإنسان
ما كلف الجبار نفسا وسعها
…
أنى وقد جبرت على العصيان
وكذا على الطاعات أيضا قد غدت
…
مجبورة فلها إذا جبران
والعبد في التحقيق شبه نعامة
…
قد كلفت بالحمل والطيران
إذ كان صورتها تدل عليهما
…
هذا وليس لها بذاك يدان
فلذاك قال بأن طاعات الورى
…
وكذاك ما فعلوه من عصيان
هي عين فعل الرب لا أفعالهم
…
فيصح عنهم عند ذا نفيان
نفي لقدرتهم عليها أولا
…
وصدورها منهم بنفي ثان
فيقال ما صاموا ولا صلوا ولا
…
زكوا ولا ذبحوا من القربان
وكذاك ما شربوا وما قتلوا وما
…
سرقوا ولا فيهم غوي زان
وكذاك لم يأتوا اختيار منهم
…
بالكفر والإسلام والإيمان
إلا على وجه المجاز لأنها
…
قامت بهم كالطعم والألوان
جبروا على ما شاءه خلاقهم
…
ما ثم ذو عون وغير معان
الكل مجبور وغير ميسر
…
كالميت أدرج داخل الأكفان
وكذاك أفعال المهيمين لم تقم
…
أيضا به خوفا من الحدثان
فاذا جمعت مقالتيه أنتجا
…
كذبا وزورا واضح البهتان
إذ ليست الأفعال فعل إلهنا
…
والرب ليس بفاعل العصيان
فإذا انتفت صفة الإله وفعله
…
وكلامه وفعائل الإنسان
فهناك لا خلق ولا أمر ولا
…
وحي ولا تكليف عبد فان
وقضى على أسمائه بحدوثها
…
وبخلقها من جملة الأكوان
فانظر إلى تعطيله الأوصاف والـ
…
أفعال والأسماء للرحمن
ماذا الذي في ضمن ذا التعطيل من
…
نفي ومن جحد ومن كفران
لكنه أبدى المقالة هكذا
…
في قالب التنزيه للرحمن
وأتى إلى الكفر العظيم فصاغه
…
عجلا ليفتن أمة الثيران
وكساه أنواع الجواهر والحلى
…
من لؤلؤ صاف ومن عقيان
فرآه ثيران الورى فأصابهم
…
كمصاب إخوتهم قديم زمان
عجلان قد فتنا العباد بصوته
…
إحداهما وبحرفه ذا الثاني
والناس أكثرهم فأهل ظواهر
…
تبدو لهم ليسوا بأهل معان
فهم القشور وبالقشور قوامهم
…
واللب حظ خلاصة الإنسان
ولذا تقسمت الطوائف قوله
…
وتوارثوه إرث ذي السهمان
لم ينج من أقواله طراً سوى
…
أهل الحديث وشيعة القرآن