المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌أول القصيدة … متن القصيدة النونية لابن القيم الجوزية بسم الله الرحمن الرحيم حكم المحبة - نونية ابن القيم الكافية الشافية - ط مكتبة ابن تيمية

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌أول القصيدة

- ‌فصل: في مقدمة نافعة قبل التحكيم

- ‌فصل: وهذا أول عقد مجلس التحكيم

- ‌فصل: في قدوم ركب الإيمان وعسكر القرآن

- ‌فصل: في مجامع طرق أهل الأرض واختلافهم في القرآن

- ‌فصل: في مذهب الاقترانية

- ‌فصل: في مذاهب القائلين بأنه متعلق بالمشيئة والارادة

- ‌فصل: في مذهب الكرامية

- ‌فصل: في ذكر مذهب أهل الحديث

- ‌فصل: في إلزامهم القول بنفي الرسالة إذا انتفت صفة الكلام

- ‌فصل: في إلزامهم التشبيه للرب بالجماد الناقص إذا انتفت صفة الكلام

- ‌فصل: في إلزامهم بالقول بأن كلام الخلق، حقه وباطله، عين كلام الله سبحانه

- ‌فصل: في التفريق بين الخلق والأمر

- ‌فصل: في التفريق بين ما يضاف إلى الرب تعالى من الأوصاف والأعيان

- ‌فصل: في كلام الفلاسفة والقرامطة في كلام الرب جل جلاله

- ‌فصل: في مقالات طوائف الاتحادية في كلام الرب جل جلاله

- ‌فصل: في اعتراضهم على القول بدوام فاعلية الرب تعالى وكلامه والانفصال عنه

- ‌فصل في الرد عى الجهمية المعطلة القائلين بأنه ليس على العرش إله يعبد ولا فوق السموات إله يصلى له ويسجد، وبيان فساد قولهم عقلا ونقلا ولغة وفطرة

- ‌فصل: في سياق هذا الدليل على وجه آخر

- ‌فصل: في الإشارة إلى الطرق النقلية الدالة على أن الله تعالى فوق سماواته على عرشه

- ‌فصل: في الإشارة إلى ذلك من السنة

- ‌فصل: في جناية التأويل على ما جاء به الرسول والفرق بين المردود منه والمقبول

- ‌فصل: فيما يلزم مدعي التأويل لتصحيح دعواه

- ‌فصل: في طريقة ابن سينا وذويه من الملاحدة في التأويل

- ‌فصل: في شبه المحرفين للنصوص باليهود وإرثهم التحريف منهم وبراءة أهل الإثبات مما رموهم به من هذا الشبه

- ‌فصل: في بيان بهتانهم في تشبيه أهل الإثبات بفرعون وقولهم إن مقالة العلو عنه أخذوها وأنهم أولى بفرعون وهم أشباهه

- ‌فصل: في بيان تدليسهم وتلبيسهم الحق بالباطل

- ‌فصل: في بيان سبب غلطهم في الألفاظ والحكم عليها باحتمال عدة معان حتى أسقطوا الاستدلال بها

- ‌فصل: في بيان شبه غلطهم في تجريد اللفظ بغلط الفلاسفة في تجريد المعاني

- ‌فصل: في بيان تناقضهم وعجزهم عن الفرق بين ما يجب تأويله وما لا يجب

- ‌فصل: في المطالبة بالفرق بين ما يتأول وما لا يتأول

- ‌فصل: في ذكر فرق لهم آخر وبيان بطلانه

- ‌فصل: في بيان مخالفة طريقهم لطريق أهل الاستقامة عقلا ونقلا

- ‌فصل: في بيان كذبهم ورميهم أهل الحق بأنهم أشباه الخوارج وبيان شبههم المحقق بالخوارج

- ‌فصل: في تلقيبهم أهل السنة بالحشوية وبيان من أولى بالوصف المذموم من هذا اللقب من الطائفتين وذكر أول من لقب به أهل السنة أم أهل البدعة

- ‌فصل: في بيان عدوانهم في تلقيب أهل القرآن والحديث بالمجسمة وبيان أنهم أولى بكل لقب خبيث

- ‌فصل: في بيان مورد أهل التعطيل وأنهم تعوّضوا بالقلوط عن السلسبيل

- ‌فصل: في بيان هدمهم لقواعد الإسلام والإيمان بعزلهم نصوص السنة والقرآن

- ‌فصل: في بطلان قول الملحدين إن الاستدلال بكلام الله ورسوله لا يفيد العلم واليقين

- ‌فصل: في تنزيه أهل الحديث والشريعة عن الألقاب القبيحة الشنيعة

- ‌فصل: في نكتة بديعة تبين ميراث الملقبين والملقبين من المشركين والموحدين

- ‌فصل: في بيان اقتضاء التجهم والجبر والإرجاء للخروج عن جميع ديانات الأنبياء

- ‌فصل: في جواب الرب تبارك وتعالى يوم القيامة إذا سأل المعطل والمشبه عن قول كل منهما

- ‌فصل: في تحميل أهل الإثبات للمعطلين شهادة تؤدى عند رب العالمين

- ‌فصل: في عهود المثبتين مع رب العالمين

- ‌فصل: في شهادة أهل الإثبات على أهل التعطيل أنه ليس في السماء إله يعبد ولا لله بيننا كلام ولا في القبر رسول الله

- ‌فصل: في الكلام في حياة الأنبياء في قبورهم

- ‌فصل: فيما احتجوا به على حياة الرسل في القبور

- ‌فصل: في الجواب عما احتجوا به في هذه المسألة

- ‌فصل: في كسر المنجنيق الذي نصبه أهل التعطيل على معاقل الإيمان وحصونه جيلا بعد جيل

- ‌فصل: في أحكام بيان هذه التراكيب الستة

- ‌فصل: في أقسام التوحيد والفرق بين توحيد المرسلين وتوحيد النفاة المعطلين

- ‌فصل: في النوع الثاني من أنواع التوحيد لأهل الإلحاد

- ‌فصل: في النوع الثالث من التوحيد لأهل الإلحاد

- ‌فصل: في النوع الرابع من أنواعه

- ‌فصل: في بيان توحيد الأنبياء والمرسلين ومخالفته لتوحيد الملاحدة والمعطلين

- ‌فصل: في النوع الثاني من النوع الأول وهو الثبوت

- ‌فصل: في بيان حقيقة الإلحاد في أسماء رب العالمين وذكر انقسام الملحدين

- ‌فصل: في النوع الثاني من نوعي توحيد الأنبياء والمرسلين المخالف لتوحيد المشركين والمعطلين

- ‌فصل: في صف العسكرين وتقابل الصفين واستدارة رحى الحرب العوان وتصاول الأقران

- ‌فصل: في عقد الهدنة والأمان الواقع بين المعطلة وأهل الإلحاد حزب جنكيزخان

- ‌فصل: في مصارع النفاة والمعطلين بأسنة أمراء الإثبات والتوحيد

- ‌فصل: في بيان أن المصيبة التي حلت بأهل التعطيل والكفران من جهة الأسماء التي ما أنزل الله بها من سلطان

- ‌فصل: في كسر الطاغوت الذي نفوا به صفات ذي الملكوت والجبروت

- ‌فصل: في مبدأ العداوة الواقعة بين المثبتين الموحدين وبين النفاة المعطلين

- ‌فصل: في بيان أن التعطيل أساس الزندقة والكفران والإثبات أساس العلم والإيمان

- ‌فصل: في بهت أهل الشرك والتعطيل في رميهم أهل التوحيد والإثبات بتنقيص الرسول

- ‌فصل: في تعيين أن اتباع السنة والقرآن طريقة النجاة من النيران

- ‌فصل: في تيسير السير إلى الله على المثبتين الموحدين وامتناعه على المعطلين والمشركين

- ‌فصل: في ظهور الفرق بين الطائفتين وعدم التباسه إلا على من ليس ذي عينين

- ‌فصل: في التفاوت بين حظ المثبتين والمعطلين من وحي رب العالمين

- ‌فصل: في بيان الاستغناء بالوحي المنزل من السماء عن تقليد الرجال والآراء

- ‌فصل: في بيان شروط كفاية النصين والاستغناء بالوحيين

- ‌فصل: في لازم المذهب هل هو مذهب أم لا

- ‌فصل: في الرد عليهم في تكفيرهم أهل العلم والإيمان وذكر انقسامهم إلى أهل الجهل والتفريط والبدع والكفران

- ‌فصل: في تلاعب المكفرين لأهل السنة والإيمان بالدين كتلاعب الصبيان

- ‌فصل: في أن أهل الحديث هم أنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يبغض الأنصار رجلا يؤمن بالله واليوم الآخر

- ‌فصل: في تعين الهجرة من الآراء والبدع إلى سنته كما كانت فرضا من الأمصار إلى بلدته عليه السلام

- ‌فصل: في ظهور الفرق المبين بين دعوة الرسل ودعوة المعطلين

- ‌فصل: في شكوى أهل السنة والقرآن أهل التعطيل والآراء المخالفين للرحمن

- ‌فصل: في أذان أهل السنة الأعلام بصريحها جهرا على رؤوس منابر الإسلام

- ‌فصل: في تلازم التعطيل والشرك

- ‌فصل: في بيان أن المعطل شر من المشرك

- ‌فصل: في مثل المشرك والمعطل

- ‌فصل: فيما أعد الله تعالى من الإحسان للمتمسكين بكتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم عند فساد الزمان

- ‌فصل: فيما أعد الله تعالى في الجنة لأوليائه المتمسكين بالكتاب والسنة

- ‌فصل: في صفة الجنة التي أعدها الله ذو الفضل والمنة لأوليائه المتمسكين بالكتاب والسنة

- ‌فصل: في صفة عرائس الجنة وحسنهن وجمالهن ولذة وصالهن ومهورهن

- ‌فصل: في ذكر الخلاف بين الناس هل تحبل نساء أهل الجنة أم لا

- ‌فصل: في رؤية أهل الجنة ربهم تبارك وتعالى ونظرهم إلى وجهه الكريم

- ‌فصل: في يوم المزيد وما أعد لهم من الكرامة

- ‌فصل: في ذبح الموت بين الجنة والنار والرد على من قال إن الذبح لملك الموت وأن ذلك مجاز لا حقيقة

- ‌فصل: في أن الجنة قيعان وأن غراسها الكلام الطيب والعمل الصالح

- ‌فصل: في إقامة المأتم على المتخلفين عن رفقة السابقين

- ‌فصل: في زهد أهل العلم والإيمان وإيثارهم الذهب الباقي على الخزف الفاني

- ‌فصل: في رغبة قائلها إلى من يقف عليها من أهل العلم والإيمان أن يتجرد إلى الله ويحكم عليها بما يوجبه الدليل والبرهان، فإن رأى حقا قبله وحمد الله عليه وإن رأى باطلا عرف به وأرت إليه

- ‌فصل: في توجه أهل السنة إلى رب العالمين أن ينصر دينه وكتابه ورسوله وعباده المؤمنين

الفصل: ‌ ‌أول القصيدة … متن القصيدة النونية لابن القيم الجوزية بسم الله الرحمن الرحيم حكم المحبة

‌أول القصيدة

متن القصيدة النونية

لابن القيم الجوزية

بسم الله الرحمن الرحيم

حكم المحبة ثابت الأركان

ما للصدود بفسخ ذاك يدان

أنى وقاضي الحسن نفذ حكمها

فلذا أقر بذلك الخصمان

وأتت شهود الوصل تشهد أنه

حق جرى في مجلس الإحسان

فتأكد الحكم العزيز فلم يجد

فسخ الوشاة إليه من سلطان

ولأجل ذا حكم العذول تداعت ال

أركان منه فخر للأذقان

وأتى الوشاة فصادفوا الحكم الذي

حكموا به متيقن البطلان

ماصادف الحكم المحل ولا هو اس

توفى الشروط فصار ذا بطلان

فلذاك قاضي الحسن أثبت محضرا

بفساد حكم الهجر والسلوان

وحكى لك الحكم المحال ونقضه

فاسمع إذا يا من له أذنان

حكم الوشاة بغير ما برهان

أن المحبة والصدود لدان

والله ما هذا بحكم مقسط

أين الغرام وصد ذي هجران

شتان بين الحالتين فإن ترد

جمعا فما الضدان يجتمعان

يا والها هانت عليه نفسه

إذ باعها غبنا بكل هوان

أتبيع من تهواه نفسك طائعا

بالصد والتعذيب والهجران

أجهلت أوصاف المبيع وقدره

أم كنت ذا جهل بذي الأثمان

ص: 5

واها لقلب لا يفارق طيره الأغـ

صان قائمة على الكثبان

ويظل يسجع فوقها ولغيره

منها الثمار وكل قطيف دان

ويبيت يبكي والمواصل ضاحك

ويظل يشكو وهو ذو شكران

هذا ولو أن الجمال معلق

بالنجم همّ إليه بالطيران

لله زائرة بليل لم تخفر

عسس الأمير ومرصد السجان

قطعت بلاد الشام ثم تيممت

من أرض طيبة مطلع الإيمان

وأتت على وادي العقيق فجاوزت

ميقاته حلا بلا نكران

وأتت على وادي الأراك ولم يكن

قصدا لها فألا بأن ستراني

وأتت على عرفات ثم محسر

ومنى فكم نحرته من قربان

وأتت على الجمرات ثم تيممت

ذات الستور وربة الأركان

هذا وما طافت ولا استلمت ولا

رمت الجمار ولا سعت لقران

ورقت إلى أعلى الصفا فتيممت

دارا هنالك للمحث العاني

أترى الدليل أعارها أثوابه

والريح أعطتها من الخفقان

والله لو أن الدليل مكانها

ما كان ذلك منه في إمكان

هذا ولو سارت مسير الريح م

وصلت به ليلا إلى نعمان

سارت وكان دليلها في سيرها

سعد السعود وليس بالدبران

وردت جفار الدمع وهي غزيرة

فلذاك ما احتاجت ورود الضان

وعلت على مين الهوى وتزودت

ذكر الحبيب ووصلة المتداني

ص: 6

وعدت بزورتها فأوفت بالذي

وعدت وكان بملتقى الأجفان

لم يفجأ المشتاق إلا وهي دا

خلة الستور بغير ما استئذان

قالت وقد كشفت نقاب الحسن ما

بالصبر لي عن أن أراك يدان

وتحدثت عندي حديثا خلته

صدقا وقد كذبت به العينان

فعجبت منه وقلت من فرحي به

طمعا ولكن المنام دهاني

إن كنت كاذبة الذي حدثتني

فعليك إثم الكاذب الفتان

جهم بن صفوان وشيعته الألى

جحدوا صفات الخالق الديان

بل عطلوا منه السموات العلى

والعرش أخلوه من الرحمن

ونفوا كلام الرب جل جلاله

وقضوا له بالخلق والحدثان

قالوا وليس لربنا سمع ولا

بصر ولا وجه، فكيف يدان

وكذاك ليس لربنا من قدرة

وإرادة أورحمة وحنان

كلا ولا وصف يقوم به سوى

ذات مجردة بغير معان

وحياته هي نفسه وكلامه

هو غيره فاعجب لذا البهتان

وكذاك قالوا ما له من خلقه

أحد يكون خليله النفساني

وخليله المحتاج عندهم وفي

ذا الوصف يدخل عابد الأوثان

فالكل مفتقر إليه لذاته

في أسر قبضته ذليل عان

ولأجل ذا ضحى بجعد خالد الـ

ـقسري يوم ذبائح القربان

إذ قال إبراهيم ليس خليله

كلا ولا موسى الكليم الداني

ص: 7

شكر الضحية كل صاحب سنة

لله درك من أخي قربان

فصل

والعبد عندهم فليس بفاعل

بل فعله كتحرك الرجفان

وهبوب ريح أو تحرك نائم

وتحرك الأشجار للميلان

والله يصليه على ما ليس من

أفعاله حر الحميم الآن

لكن يعاقبه على أفعاله

فيه تعالى الله ذو الإحسان

والظلم عندهم المحال لذاته

أنى ينزه عنه ذو السلطان

ويكون مدحا ذلك التنزيه ما

هذا بمقبول لدى الأذهان

فصل

وكذلك قالوا ماله من حكمة

هي غاية للأمر والإتقان

ما ثم غير مشيئة قد رجحت

مثلا على مثل بلا رجحان

هذا وما تلك المشيئة وصفه

بل ذاته أو فعله قولان

وكلامه مذ كان غيرا كان مخـ

ـلوقا له من جملة الأكوان

قالوا وإقرار العباد بأنه

خلاقهم هو منتهى الإيمان

والناس في الإيمان شيء واحد

كالمشط عند تماثل الأسنان

فاسأل أبا جهل وشيعته ومن

والاهم من عابدي الأوثان

ص: 8

وسل اليهود وكل أقلف مشرك

عبد المسيح مقبل الصلبان

واسأل ثمود وعاد بل سل قبلهم

أعداء نوح أمة الطوفان

واسأل أبا الجن اللعين أتعرف الـ

خلاق أم أصبحت ذا نكران

واسأل شرار الخلق أغلى أمة

لوطية هم ناكحو الذكران

واسأل كذاك أمام كل معطل

فرعون مع قارون مع هامان

هل كان فيهم منكر للخالق الـ

ـرب العظيم مكوّن الأكوان

فليبشروا ما فيهم من كافر

هم عند جهم كاملوا الإيمان

فصل

وقضى بأن الله كان معطلا

والفعل ممتنع بلا إمكان

ثم استحال وصار مقدورا له

من غير أمر قام بالديان

بل حاله سبحانه في ذاته

قبل الحدوث وبعدها سيان

وقضى بأن النار لم تخلق ولا

جنات عدن بل هما عدمان

فإذا هما خلقا ليوم معادنا

فهنا على الأوقات فانيتان

وتلطف العلاف من أتباعه

فأتى بضحكة جاهل مجان

قال الفناء يكون في الحركات لا

في الذات واعجبا لذا الهذيان

أيصير أهل الخلد في جناتهم

وجحيمهم كحجارة البنيان

ما حال من قد كان يغشى أهله

عند انقضاء تحرك الحيوان

ص: 9

وكذاك ما حال الذي رفعت يدا

هـ أكلة من صفحة وخوان

فتناهت الحركات قبل وصولها

للفم عند تفتح الأسنان

وكذاك ما حال الذي امتدت يد

منه إلى قنو من القنوان

فتناهت الحركات قبل الأخذ هل

يبقى كذلك سائر الأزمان

تبا لهاتيك العقول فإنها

والله قد مسخت على الأبدان

تبا لمن أضحى يقدمها على ال

آثار والأخبار والقرآن

فصل

وقضى بأن الله يعدم خلقه

عدما ويقلبه وجودا ثان

العرش والكرسي والأرواح وال

أملاك والأفلاك والقمران

والأرض والبحر المحيط وسائر ال

أكوان من عرض ومن جثمان

كل سيفنيه الفناء المحض لا

يبقى له أثر كظل فان

ويعيد ذا المعدوم أيضا ثانيا

محض الوجود إعادة بزمان

هذا المعاد وذلك المبدا لدى

جهم وقد نسبوه للقرآن

هذا الذي قاد ابن سينا والألى

قالوا مقالته إلى الكفران

لم تقبل الأذهان ذا وتوهموا

أن الرسول عناه بالإيمان

هذا كتاب الله أنى قال ذا

أو عبده المبعوث بالبرهان

أو صحبه من بعده أو تابع

لهم على الإيمان والإحسان

ص: 10

بل صرح الوحي المبين بأنه

حقا مغير هذه الأكوان

فيبدل الله السموات العلى

والأرض أيضا ذات تبديلان

وهما كتبديل الجلود لساكني النـ

ـيران عند النضج من نيران

وكذاك يقبض أرضه وسماءه

بيديه ما العدمان مقبوضان

وتحدث الأرض التي كنا بها

أخبارها في الحشر للرحمن

وتظل تشهد وهي عدل بالذي

من فوقها قد أحدث الثقلان

أفيشهد العدم الذي هو كاسمه

لا شيء، هذا ليس في الإمكان

لكن تسوى ثم تبسط ثم تشـ

ـهد ثم تبدل وهي ذات كيان

وتمد أيضا مثل مد أديمنا

من غير أودية ولا كثبان

وتقيء يوم العرض من أكبادها

كالأسطوان نفائس الأثمان

كل يراه بعينه وعيانه

ما لامرئ بالأخذ منه يدان

وكذا الجبال تفتّ فتا محكما

فتعود مثل الرمل ذي الكثبان

وتكون كالعهن الذي ألوانه

وصباغه من سائر الألوان

وتبس بسا مثل ذاك فتنثني

مثل الهباء لناظر الإنسان

وكذا البحار فإنها مسجورة

قد فجرت تفجير ذي سلطان

وكذلك القمران يأذن ربنا

لهما فيجتمعان يلتقيان

هذي مكوّرة وهذا خاسف

وكلاهما في النار مطروحان

وكواكب الأفلاك تنثر كلها

كلآلئ نثرت على ميدان

ص: 11

وكذا السماء تشق ظاهرا

وتمور أيما موران

وتصير بعد الإنشقاق كمثل ها

ذا المهل أو تك وردة كدهان

والعرش والكرسي لا يفنيهما

أيضا وإنهما لمخلوقان

والحور لا تفنى كذلك جنة الـ

مأوى وما فيها من الولدان

ولأجل هذا قال جهم إنها

عدم ولم تخلق إلى ذا الآن

والأنبياء فإنهم تحت الثرى

أجسامهم حفظت من الديدان

ما للبلى بلحومهم وجسومهم

أبدا وهم تحت التراب يدان

وكذلك عجب الظهر لا يبلى بلى

منه تركب خلقة الإنسان

وكذلك الأرواح لا تبلى كما

تبلى الجسوم ولا بلى اللحمان

ولأجل ذلك لم يقر الجهم ما ال

أرواح خارجة عن الأبدان

لكنها من بعض أعراض بها

قامت وذا في غاية البطلان

فالشأن للأرواح بعد فراقها

أبدانها والله أعظم شان

إما عذاب أو نعيم دائم

قد نعمت بالروح والريحان

وتصير طيرا سارحا مع شكلها

تجني الثمار بجنة الحيوان

وتظل واردة لأنهار بها

حتى تعود لذلك الجثمان

لكن أرواح الذين استشهدوا

في جوف طير أخضر ريان

فلهم بذاك مزية في عيشهم

ونعيمهم للروح والأبدان

بذلوا الجسوم لربهم فأعاضهم

أجسام تلك الطير بالإحسان

ص: 12

ولها قناديل اليها تنتهي

مأوى لها كمساكن الإنسان

فالروح بعد الموت أكمل حالة

منها بهذي الدار في جثمان

وعذاب أشقاها أشد من الذي

قد عاينت أبصارنا بعيان

والقائلون بأنها عرض أبوا

ذا كله تبا لذي نكران

وإذا أراد الله إخراج الورى

بعد الممات إلى المعاد الثاني

ألقى على الأرض التي هم تحتها

والله مقتدر وذو سلطان

مطرا غليظا أبيضا متتابعا

عشرا وعشرا بعدها عشران

فتظل تنبت منه أجسام الورى

ولحومهم كمنابت الريحان

حتى إذا ما الأم حان ولادها

وتمخضت فنفاسها متدان

أوحى لها رب السماء فشققت

فبدا الجنين كأكمل الشبان

وتخلت الأم الولود وأخرجت

أثقالها أنثى ومن ذكران

والله ينشئ خلقه في نشأة

أخرى كما قد قال في القرآن

هذا الذي جاء الكتاب وسنة الـ

ـهادي به فأحرص على الإيمان

ما قال إن الله يعدم خلقه

طرا كقول الجاهل الحيران

فصل

وقضى بأن الله ليس بفاعل

فعلا يقوم به بلا برهان

بل فعله المفعول خارج ذاته

كالوصف غير الذات في الحسبان

ص: 13

والجبر مذهبه الذي قرت به

عين العصاة وشيعة الشيطان

كانوا على وجل من العصيان ذا

هو فعلهم والذنب للإنسان

واللوم لا يعدوه إذ هو فاعل

بإرادة وبقدرة الحيوان

فأراحهم جهم وشيعته من الـ

لوم العنيف وما قضوا بأمان

لكنهم حملوا ذنوبهم على

رب العباد بعزة وأمان

وتبرؤوا منها وقالوا إنها

أفعاله ما حيلة الإنسان

ما كلف الجبار نفسا وسعها

أنى وقد جبرت على العصيان

وكذا على الطاعات أيضا قد غدت

مجبورة فلها إذا جبران

والعبد في التحقيق شبه نعامة

قد كلفت بالحمل والطيران

إذ كان صورتها تدل عليهما

هذا وليس لها بذاك يدان

فلذاك قال بأن طاعات الورى

وكذاك ما فعلوه من عصيان

هي عين فعل الرب لا أفعالهم

فيصح عنهم عند ذا نفيان

نفي لقدرتهم عليها أولا

وصدورها منهم بنفي ثان

فيقال ما صاموا ولا صلوا ولا

زكوا ولا ذبحوا من القربان

وكذاك ما شربوا وما قتلوا وما

سرقوا ولا فيهم غوي زان

وكذاك لم يأتوا اختيار منهم

بالكفر والإسلام والإيمان

إلا على وجه المجاز لأنها

قامت بهم كالطعم والألوان

جبروا على ما شاءه خلاقهم

ما ثم ذو عون وغير معان

ص: 14

الكل مجبور وغير ميسر

كالميت أدرج داخل الأكفان

وكذاك أفعال المهيمين لم تقم

أيضا به خوفا من الحدثان

فاذا جمعت مقالتيه أنتجا

كذبا وزورا واضح البهتان

إذ ليست الأفعال فعل إلهنا

والرب ليس بفاعل العصيان

فإذا انتفت صفة الإله وفعله

وكلامه وفعائل الإنسان

فهناك لا خلق ولا أمر ولا

وحي ولا تكليف عبد فان

وقضى على أسمائه بحدوثها

وبخلقها من جملة الأكوان

فانظر إلى تعطيله الأوصاف والـ

أفعال والأسماء للرحمن

ماذا الذي في ضمن ذا التعطيل من

نفي ومن جحد ومن كفران

لكنه أبدى المقالة هكذا

في قالب التنزيه للرحمن

وأتى إلى الكفر العظيم فصاغه

عجلا ليفتن أمة الثيران

وكساه أنواع الجواهر والحلى

من لؤلؤ صاف ومن عقيان

فرآه ثيران الورى فأصابهم

كمصاب إخوتهم قديم زمان

عجلان قد فتنا العباد بصوته

إحداهما وبحرفه ذا الثاني

والناس أكثرهم فأهل ظواهر

تبدو لهم ليسوا بأهل معان

فهم القشور وبالقشور قوامهم

واللب حظ خلاصة الإنسان

ولذا تقسمت الطوائف قوله

وتوارثوه إرث ذي السهمان

لم ينج من أقواله طراً سوى

أهل الحديث وشيعة القرآن

ص: 15