المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل: وهذا أول عقد مجلس التحكيم - نونية ابن القيم الكافية الشافية - ط مكتبة ابن تيمية

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌أول القصيدة

- ‌فصل: في مقدمة نافعة قبل التحكيم

- ‌فصل: وهذا أول عقد مجلس التحكيم

- ‌فصل: في قدوم ركب الإيمان وعسكر القرآن

- ‌فصل: في مجامع طرق أهل الأرض واختلافهم في القرآن

- ‌فصل: في مذهب الاقترانية

- ‌فصل: في مذاهب القائلين بأنه متعلق بالمشيئة والارادة

- ‌فصل: في مذهب الكرامية

- ‌فصل: في ذكر مذهب أهل الحديث

- ‌فصل: في إلزامهم القول بنفي الرسالة إذا انتفت صفة الكلام

- ‌فصل: في إلزامهم التشبيه للرب بالجماد الناقص إذا انتفت صفة الكلام

- ‌فصل: في إلزامهم بالقول بأن كلام الخلق، حقه وباطله، عين كلام الله سبحانه

- ‌فصل: في التفريق بين الخلق والأمر

- ‌فصل: في التفريق بين ما يضاف إلى الرب تعالى من الأوصاف والأعيان

- ‌فصل: في كلام الفلاسفة والقرامطة في كلام الرب جل جلاله

- ‌فصل: في مقالات طوائف الاتحادية في كلام الرب جل جلاله

- ‌فصل: في اعتراضهم على القول بدوام فاعلية الرب تعالى وكلامه والانفصال عنه

- ‌فصل في الرد عى الجهمية المعطلة القائلين بأنه ليس على العرش إله يعبد ولا فوق السموات إله يصلى له ويسجد، وبيان فساد قولهم عقلا ونقلا ولغة وفطرة

- ‌فصل: في سياق هذا الدليل على وجه آخر

- ‌فصل: في الإشارة إلى الطرق النقلية الدالة على أن الله تعالى فوق سماواته على عرشه

- ‌فصل: في الإشارة إلى ذلك من السنة

- ‌فصل: في جناية التأويل على ما جاء به الرسول والفرق بين المردود منه والمقبول

- ‌فصل: فيما يلزم مدعي التأويل لتصحيح دعواه

- ‌فصل: في طريقة ابن سينا وذويه من الملاحدة في التأويل

- ‌فصل: في شبه المحرفين للنصوص باليهود وإرثهم التحريف منهم وبراءة أهل الإثبات مما رموهم به من هذا الشبه

- ‌فصل: في بيان بهتانهم في تشبيه أهل الإثبات بفرعون وقولهم إن مقالة العلو عنه أخذوها وأنهم أولى بفرعون وهم أشباهه

- ‌فصل: في بيان تدليسهم وتلبيسهم الحق بالباطل

- ‌فصل: في بيان سبب غلطهم في الألفاظ والحكم عليها باحتمال عدة معان حتى أسقطوا الاستدلال بها

- ‌فصل: في بيان شبه غلطهم في تجريد اللفظ بغلط الفلاسفة في تجريد المعاني

- ‌فصل: في بيان تناقضهم وعجزهم عن الفرق بين ما يجب تأويله وما لا يجب

- ‌فصل: في المطالبة بالفرق بين ما يتأول وما لا يتأول

- ‌فصل: في ذكر فرق لهم آخر وبيان بطلانه

- ‌فصل: في بيان مخالفة طريقهم لطريق أهل الاستقامة عقلا ونقلا

- ‌فصل: في بيان كذبهم ورميهم أهل الحق بأنهم أشباه الخوارج وبيان شبههم المحقق بالخوارج

- ‌فصل: في تلقيبهم أهل السنة بالحشوية وبيان من أولى بالوصف المذموم من هذا اللقب من الطائفتين وذكر أول من لقب به أهل السنة أم أهل البدعة

- ‌فصل: في بيان عدوانهم في تلقيب أهل القرآن والحديث بالمجسمة وبيان أنهم أولى بكل لقب خبيث

- ‌فصل: في بيان مورد أهل التعطيل وأنهم تعوّضوا بالقلوط عن السلسبيل

- ‌فصل: في بيان هدمهم لقواعد الإسلام والإيمان بعزلهم نصوص السنة والقرآن

- ‌فصل: في بطلان قول الملحدين إن الاستدلال بكلام الله ورسوله لا يفيد العلم واليقين

- ‌فصل: في تنزيه أهل الحديث والشريعة عن الألقاب القبيحة الشنيعة

- ‌فصل: في نكتة بديعة تبين ميراث الملقبين والملقبين من المشركين والموحدين

- ‌فصل: في بيان اقتضاء التجهم والجبر والإرجاء للخروج عن جميع ديانات الأنبياء

- ‌فصل: في جواب الرب تبارك وتعالى يوم القيامة إذا سأل المعطل والمشبه عن قول كل منهما

- ‌فصل: في تحميل أهل الإثبات للمعطلين شهادة تؤدى عند رب العالمين

- ‌فصل: في عهود المثبتين مع رب العالمين

- ‌فصل: في شهادة أهل الإثبات على أهل التعطيل أنه ليس في السماء إله يعبد ولا لله بيننا كلام ولا في القبر رسول الله

- ‌فصل: في الكلام في حياة الأنبياء في قبورهم

- ‌فصل: فيما احتجوا به على حياة الرسل في القبور

- ‌فصل: في الجواب عما احتجوا به في هذه المسألة

- ‌فصل: في كسر المنجنيق الذي نصبه أهل التعطيل على معاقل الإيمان وحصونه جيلا بعد جيل

- ‌فصل: في أحكام بيان هذه التراكيب الستة

- ‌فصل: في أقسام التوحيد والفرق بين توحيد المرسلين وتوحيد النفاة المعطلين

- ‌فصل: في النوع الثاني من أنواع التوحيد لأهل الإلحاد

- ‌فصل: في النوع الثالث من التوحيد لأهل الإلحاد

- ‌فصل: في النوع الرابع من أنواعه

- ‌فصل: في بيان توحيد الأنبياء والمرسلين ومخالفته لتوحيد الملاحدة والمعطلين

- ‌فصل: في النوع الثاني من النوع الأول وهو الثبوت

- ‌فصل: في بيان حقيقة الإلحاد في أسماء رب العالمين وذكر انقسام الملحدين

- ‌فصل: في النوع الثاني من نوعي توحيد الأنبياء والمرسلين المخالف لتوحيد المشركين والمعطلين

- ‌فصل: في صف العسكرين وتقابل الصفين واستدارة رحى الحرب العوان وتصاول الأقران

- ‌فصل: في عقد الهدنة والأمان الواقع بين المعطلة وأهل الإلحاد حزب جنكيزخان

- ‌فصل: في مصارع النفاة والمعطلين بأسنة أمراء الإثبات والتوحيد

- ‌فصل: في بيان أن المصيبة التي حلت بأهل التعطيل والكفران من جهة الأسماء التي ما أنزل الله بها من سلطان

- ‌فصل: في كسر الطاغوت الذي نفوا به صفات ذي الملكوت والجبروت

- ‌فصل: في مبدأ العداوة الواقعة بين المثبتين الموحدين وبين النفاة المعطلين

- ‌فصل: في بيان أن التعطيل أساس الزندقة والكفران والإثبات أساس العلم والإيمان

- ‌فصل: في بهت أهل الشرك والتعطيل في رميهم أهل التوحيد والإثبات بتنقيص الرسول

- ‌فصل: في تعيين أن اتباع السنة والقرآن طريقة النجاة من النيران

- ‌فصل: في تيسير السير إلى الله على المثبتين الموحدين وامتناعه على المعطلين والمشركين

- ‌فصل: في ظهور الفرق بين الطائفتين وعدم التباسه إلا على من ليس ذي عينين

- ‌فصل: في التفاوت بين حظ المثبتين والمعطلين من وحي رب العالمين

- ‌فصل: في بيان الاستغناء بالوحي المنزل من السماء عن تقليد الرجال والآراء

- ‌فصل: في بيان شروط كفاية النصين والاستغناء بالوحيين

- ‌فصل: في لازم المذهب هل هو مذهب أم لا

- ‌فصل: في الرد عليهم في تكفيرهم أهل العلم والإيمان وذكر انقسامهم إلى أهل الجهل والتفريط والبدع والكفران

- ‌فصل: في تلاعب المكفرين لأهل السنة والإيمان بالدين كتلاعب الصبيان

- ‌فصل: في أن أهل الحديث هم أنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يبغض الأنصار رجلا يؤمن بالله واليوم الآخر

- ‌فصل: في تعين الهجرة من الآراء والبدع إلى سنته كما كانت فرضا من الأمصار إلى بلدته عليه السلام

- ‌فصل: في ظهور الفرق المبين بين دعوة الرسل ودعوة المعطلين

- ‌فصل: في شكوى أهل السنة والقرآن أهل التعطيل والآراء المخالفين للرحمن

- ‌فصل: في أذان أهل السنة الأعلام بصريحها جهرا على رؤوس منابر الإسلام

- ‌فصل: في تلازم التعطيل والشرك

- ‌فصل: في بيان أن المعطل شر من المشرك

- ‌فصل: في مثل المشرك والمعطل

- ‌فصل: فيما أعد الله تعالى من الإحسان للمتمسكين بكتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم عند فساد الزمان

- ‌فصل: فيما أعد الله تعالى في الجنة لأوليائه المتمسكين بالكتاب والسنة

- ‌فصل: في صفة الجنة التي أعدها الله ذو الفضل والمنة لأوليائه المتمسكين بالكتاب والسنة

- ‌فصل: في صفة عرائس الجنة وحسنهن وجمالهن ولذة وصالهن ومهورهن

- ‌فصل: في ذكر الخلاف بين الناس هل تحبل نساء أهل الجنة أم لا

- ‌فصل: في رؤية أهل الجنة ربهم تبارك وتعالى ونظرهم إلى وجهه الكريم

- ‌فصل: في يوم المزيد وما أعد لهم من الكرامة

- ‌فصل: في ذبح الموت بين الجنة والنار والرد على من قال إن الذبح لملك الموت وأن ذلك مجاز لا حقيقة

- ‌فصل: في أن الجنة قيعان وأن غراسها الكلام الطيب والعمل الصالح

- ‌فصل: في إقامة المأتم على المتخلفين عن رفقة السابقين

- ‌فصل: في زهد أهل العلم والإيمان وإيثارهم الذهب الباقي على الخزف الفاني

- ‌فصل: في رغبة قائلها إلى من يقف عليها من أهل العلم والإيمان أن يتجرد إلى الله ويحكم عليها بما يوجبه الدليل والبرهان، فإن رأى حقا قبله وحمد الله عليه وإن رأى باطلا عرف به وأرت إليه

- ‌فصل: في توجه أهل السنة إلى رب العالمين أن ينصر دينه وكتابه ورسوله وعباده المؤمنين

الفصل: ‌فصل: وهذا أول عقد مجلس التحكيم

لو شاء ربك كنت أيضا مثلهم

فالقلب بين أصابع الرحمن

واحذر كمائن نفسك اللاتي متى

خرجت عليك كسرت كسر مهان

وإذا انتصرت لها فأنت كمن بغى

طفي الدخان بموقد النيران

والله أخبر وهو أصدق قائل

أن سوف ينصر عبده بأمان

من يعمل السوءى سيجزى مثلها

أو يعمل الحسنى يفز بجنان

هذي وصية ناصح ولنفسه

وصى وبعد سائر الإخوان

ص: 20

‌فصل: وهذا أول عقد مجلس التحكيم

فاجلس إذا في مجلس الحكمين للر

حمن لا للنفس والشيطان

الأول النقل الصحيح وبعده الـ

ـعقل الصريح وفطرة الرحمن

واحكم إذا في رفقة قد سافروا

يبغون فاطر هذه الأكوان

فترافقوا في سيرهم وتفارقوا

عند افتراق الطرق بالحيران

فأتى فريق ثم قال وجدته

هذا الوجود بعينه وعيان

ما ثم موجود سواه وإنما

غلط اللسان فقال موجودان

فهو السماء بعينها ونجومها

وكذلك الأفلاك والقمران

وهو الغمام بعينه والثلج وال

أمطار مع برد ومع حسبان

وهو الهواء بعينه والماء والـ

ترب الثقيل ونفس ذي النيران

ص: 20

هذي بسائطه ومنه تركبت

هذي المظاهر ما هنا شيئان

وهو الفقير لها لأجل ظهوره

فيها كفقر الروح للأبدان

وهي التي افتقرت إليه لأنه

هو ذاتها ووجودها الحقاني

وتظل تلبسه وتخلعه وذا الـ

إيجاد والإعدام كل أوان

ويظل يلبسها ويخلعها وذا

حكم المظاهر كي يرى بعيان

وتكثر الموجود كالأعضاء في ال

محسوس من بشر ومن حيوان

أو كالقوى في النفس ذلك واحد

متكثر قامت به الأمران

فيكون كلا هذه أجزاؤه

هذه مقالة مدعي العرفان

أو أنها لتكثر الأنواع في

جنس كما قال الفريق الثاني

فيكون كليا وجزئياته

هذا الوجود فهذه قولان

إحداهما نص الفصوص وبعده

قول ابن سبعين وما القولان

عند العفيف التلمساني الذي

هو غاية في الكفر والبهتان

ألا من الأغلاط في حس وفي

وهم وتلك طبيعة الإنسان

والكل شيء واحد في نفسه

ما للتعدد فيه من سلطان

فالضيف والمأكول شيء واحد

والوهم يحسب ها هنا شيئان

وكذلك الموطوء عين الوطء وال

وهم البعيد يقول ذا إثنان

ولربما قالا مقالته كما

قد قال قولهما بلا فرقان

وأبى سواهم ذا وقال مظاهر

تجلوه ذات توحد ومثان

ص: 21

فالظاهر المجلو شيء واحد

لكن مظاهره بلا حسبان

هذي عبارات لهم مضمونها

ما ثم غير قط في الأعيان

فالقوم ما صانوه عن انس ولا

جن ولا شجر ولا حيوان

كلا ولا علو ولا سفل ولا

واد ولا جبل ولا كثبان

كلا ولا طعم ولا ريح ولا

صوت ولا لون من الألوان

لكنه المطعوم والملبوس والـ

مشموم والمسموع بالآذان

وكذاك قالوا إنه المنكوح والـ

مذبوح بل عين الغوي الزاني

والكفر عندهم هدى ولو أنه

دين المجوس وعابدي الأوثان

قالوا وما عبدوا سواه وإنما

ضلوا بما خصوا من الأعيان

ولو أنهم عموا وقالوا كلها

معبودة ما كان من كفران

فالكفر ستر حقيقة المعبود بالـ

تخصيص عند محقق رباني

قالوا ولم يك كافرا في قوله

أنا ربكم فرعون ذو الطغيان

بل كان حقا قوله إذ كان عيـ

ـن الحق مضطلعا بهذا الشان

ولذا غدا تطهيره في البحر تطـ

ـهيرا من الأوهام والحسبان

قالوا ولم يك منكرا موسى لما

عبدوه من عجل لذي الخوران

إلا على من كان ليس بعابد

معهم وأصبح ضيق الأعطان

ولذاك جر بلحية الأخ حيث لم

يك واسعا في قومه لبطان

بل فرق الإنكار منه بينهم

لما سرى في وهمه غيران

ص: 22

ولقد رأى ابليس عارفهم فأهـ

ـوى بالسجود هوي ذي خضعان

قال له ماذا صنعت فقال هل

غير الإله وأنتما عميان

ما ثم غير فاسجدوا إن شئتم

للشمس والأصنام والشيطان

فالكل عين الله عند محقق

والكل معبود لذي عرفان

هذا هو المعبود عندهم فقل

سبحانك اللهم ذا السبحان

يا أمة معبودها موطوؤها

أين الإله وثغرة الطعان

يا أمة قد صار من كفرانها

جزء يسير جملة الكفران

فصل: في قدوم ركب آخر

وأتى فريق ثم قال وجدته

بالذات موجودا بكل مكان

هو كالهواء بعينه لا عينه

ملأ الخلاء ولا يرى بعيان

والقوم ما صانوه عن بئر ولا

قبر ولا وحش ولا أعطان

بل منهم من قد رأى تشبيهه

بالروح داخل هذه الأبدان

ما فيهم من قال ليس بداخل

أو خارج عن جملة الأكوان

لكنهم حاموا على هذا ولم

يتجاسروا من عسكر الإيمان

وعليهم رد الأئمة أحمد

وصحابه من كل ذي عرفان

فهم الخصوم لكل صاحب سنة

وهم الخصوم لمنزل القرآن

ص: 23

ولهم مقالات ذكرها أصولها

لما ذكرت الجهم في الأوزان

فصل: في قدوم ركب آخر

وأتى فريق ثم قارب وصفه

هذا ولكن جد في الكفران

فأسر قول معطل ومكذب

في قالب التنزيه للرحمن

إذ قال ليس بداخل فينا ولا

هو خارج عن جملة الأكوان

بل قال ليس ببائن عنها ولا

فيها ولا هو عينها ببيان

كلا ولا فوق السموات العلى

والعرش من رب ولا رحمن

والعرش ليس عليه معبود سوى العـ

ـدم الذي لا شيء في الأعيان

بل حظه من ربه حظ الثرى

منه وحظ قواعد البنيان

لو كان فوق العرش كان كهذه الـ

أجسام سبحان العظيم الشان

ولقد وجدت لفاضل منهم مقا

ما قامه في الناس منذ زمان

قال اسمعوا يا قوم إن نبيكم

قد قال قولا واضح البرهان

لا تحكموا بالفضل لي أصلا على

ذي النون يونس ذلك الغضبان

هذا يرد على المجسم قوله

الله فوق العرش والأكوان

ويدل أن إلهنا سبحانه

وبحمده يلفى بكل مكان

قالوا له بين لنا هذا فلم

يفعله فأعطوه من الأثمان

ص: 24

ألفا من الذهب العتيق فقال في

تبيانه فاسمع لذا التبيان

قد كان يونس في قرار البحر تحـ

ـت الماء في قبر من الحيتان

ومحمد صعد السماء وجاوز الـ

ـسبع الطباق وجاز كل عنان

وكلاهما في قربه من ربه

سبحانه إذ ذاك مستويان

فالعلو والسفل اللذان كلاهما

في بعده من ضده طرفان

إن ينسبا لله نزه عنهما

بالاختصاص بل هما سيان

في قرب من أضحى مقيما فيهما

من ربه فكلاهما مثلان

فلأجل هذا خص يونس دونهم

بالذكر تحقيقا لهذا الشان

فأتى الثناء عليه من أصحابه

من كل ناحية بلا حسبان

فاحمد إلهك أيها السني إذ

عافاك من تحريف ذي بهتان

والله ما يرضى بهذا خائف

من ربه أمسى على الإيمان

هذا هو الإلحاد حقا بل هو التحـ

ـريف محضا أبرد الهذيان

والله ما بلي المجسم قط بمثل ذ

ي البلوى ولا أمسى بذي الخذلان

أمثال ذا التأويل أفسد هـ

ـذه الأديان حين سرى إلى الأديان

والله لولا الله حافظ دينه

لتهدمت منه قوى البنيان

ص: 25

فصل: في قدوم ركب آخر

وأتى فريق ثم قارب وصفه

هذا وزاد عليه في الميزان

قال اسمعوا يا قوم لا تلهيكم

هذي الأماني هن شر أماني

أتعبت راحلتي وكلت مهجتي

وبذلت مجهودي وقد أعياني

فتشت فوق وتحت ثم أمامنا

ووراء ثم يسار مع أيمان

ما دلني أحد عليه هنا كم

كلا ولا بشر إليه هداني

إلا طوائف بالحديث تمسكت

تعزي مذاهبها إلى القرآن

قالوا الذي تبغيه فوق عباده

فوق السماء فوق كل مكان

وهو الذي حقا على العرش استوى

لكنه استولى على الأكوان

وإليه يصعد كل قول طيب

وإليه يرفع سعي ذي الشكران

والروح والأملاك منه تنزلت

وإليه تعرج عند كل أوان

واليه أيدي السائلين توجهت

نحو العلو بفطرة الرحمن

وإليه قد عرج الرسول فقدرت

من قربه من ربه قوسان

وإليه قد رفع المسيح حقيقة

ولسوف ينزل كي يرى بعيان

وإليه تصعد روح كل مصدق

عند الممات فتنثني بأمان

وإليه آمال العباد توجهت

نحو العلو بلا تواص ثان

ص: 26

بل فطرة الله التي لم يفطروا

إلا عليها الخلق والثقلان

ونظير هذا أنهم فطروا على

اقرارهم لا شك بالديان

ولكن أولوا التعطيل منهم أصبحوا

مرضى بداء الجهل والخذلان

فسألت عنهم رفقتي وأحبتي

أصحاب جهم حزب جنكيز خان

من هؤلاء ومن يقال لهم فقد

جاءوا بأمر مالئ الآذان

ولهم علينا صولة ما صالها

ذو باطل بل صاحب البرهان

أو ما سمعتم قولهم وكلامهم

مثل الصواعق ليس ذا لجبان

جاءوكم من فوقكم وأتيتم

من تحتهم ما أنتم سيان

جاءكم بالوحي لكن جئتم

بنحاتة الأفكار والأذهان

قالوا مشبهة ومجسمة فلا

تسمع مقال مجسم حيوان

والعنهم لعنا كبيرا واغزهم

بعساكر التعطيل غير جبان

واحكم بسفك دمائهم وبحبسهم

أو لا فشردهم عن الأوطان

حذر صحابك منهم فهم أضل

من اليهود وعابدي الصلبان

واحذر تجادلهم بقال الله أو

قال الرسول فتنثني بهوان

أنى وهم أولى به قد أنفذوا

فيه قوى الأذهان والأبدان

فاذا ابتليت بهم فغالطهم على التأ

ويل للأخبار والقرآن

وكذاك غالطهم على التكذيب للـ

آحاد ذان لصحبنا أصلان

أوصى بها أشياخنا أشياخهم

فاحفظهما بيديك والأسنان

ص: 27

واذا اجتمعت وهم بمشهد مجلس

فابدر بإيراد وشغل زمان

لا يملكوه عليك بالآثار والـ

أخبار والتفسير للفرقان

فتصير إن وافقت مثلهم وان

عارضت زنديقا أخا كفران

وإذا سكت يقال هذا جاهل

فابدر ولو بالفشر والهذيان

هذا الذي والله أوصانا به

أشياخنا في سالف الأزمان

فرجعت من سفري وقلت لصاحبي

ومطيتي قد آذنت بحران

عطل ركابك واسترح من سيرها

ما ثم شيء غير ذي الأكوان

لو كان للأكوان رب خالق

كان المجسم صاحب البرهان

أو كان رب بائن عن الورى

كأدان المجسم صاحب الإيمان

ولكان عند الناس أولى الخلق بال

إسلام والإيمان والإحسان

ولكان هذا الحزب فوق رؤوسهم

لم يختلف منهم عليه اثنان

فدع التكاليف التي حملتها

واخلع عذارك وارم بالأرسان

ما ثم فوق العرش من رب ولم

يتكلم الرحمن بالقرآن

لو كان فوق العرش رب ناظر

لزم التحيز وافتقار مكان

لو كان ذا القرآن عين كلامه

حرفا وصوتا كان ذا جثمان

فإذا انتفى هذا وهذا ما الذي

يبقى على ذا النفي من إيمان

فدع الحلال مع الحرام لأهله

فهما السياج لهم على البستان

فاخرقه ثم ادخل ترى في ضمنه

قد هيئت لك سائر الألوان

ص: 28

وترى بها ما لا يراه محجب

من كل ما تهوى به زوجان

واقطع علائقك التي قد قيدت

هذا الورى من سالف الأزمان

لتصير حرا لست تحت أوامر

كلا ولا نهي ولا فرقان

لكن جعلت حجاب نفسك إذ ترى

فوق السماء للناس من ديان

لو قلت ما فوق السماء مدبر

والعرش نخليه من الرحمان

والله ليس مكلما لعباده

كلا ولا متكلما بقران

ما قال قط ولا يقول ولا له

قول بدا منه إلى إنسان

لحللت طلسمه وفزت بكنزه

وعلمت أن الناس في هذيان

لكن زعمت بأن ربك بائن

من خلقه إذ قلت موجودان

وزعمت أن الله فوق العرش والكرسي

حقا فوقه القدمان

وزعمت أن الله يسمع خلقه

ويراهم من فوق سبع ثمان

وزعمت أن كلامه منه بدا

وإليه يرجع آخر الأزمان

ووصفته بالسمع والبصر الذي

لا ينبغي إلا لذي الجثمان

ووصفته بإرادة وبقدرة

وكراهة ومحبة وحنان

وزعمت أن الله يعلم كل ما

في الكون من سر ومن إعلان

والعلم وصف زائد عن ذاته

عرض يقوم بغير ذي جثمان

وزعمت أن الله كلم عبده

موسى فأسمعه ندا الرحمن

أفتسمع الآذان غير الحروف والصـ

ـوت الذي خصت به الأذنان

ص: 29

وكذا النداء فانه صوت باجمـ

ـاع النحاة وأهل كل لسان

لكنه صوت رفيع وهو ضد

للنجاء كلاهما صوتان

فزعمت أن الله ناداه ونا

جاه وفي ذا الزعم محذوران

قرب المكان وبعده والصوت بل

نوعاه محذوران ممتنعان

وزعمت أن محمدا أسرى به

ليلا إليه فهو منه دان

وزعمت أن محمدا يوم اللقا

يدنيه رب العرش بالرضوان

حتى يرى المختار حقا قاعدا

معه على العرش الرفيع الشان

وزعمت أن لعرشه أطا به

كالرحل أطّ براكب عجلان

وزعمت أن الله أبدى بعضه

للطور حتى عاد كالكثبان

لما تجلى يوم تكليم الرضى

موسى الكليم مكلم الرحمن

وزعمت للمعبود وجها باقيا

وله يمين بل زعمت يدان

وزعمت أن يديه للسبع العلى

والأرض يوم الحشر قابضتان

وزعمت أن يمينه ملآى من الخيرات

ما غاضت على الأزمان

وزعمت أن العدل في الأخرى بها

رفع وخفض وهو بالميزان

وزعمت أن الخلق طراً عنده

يهتز فوق أصابع الرحمن

وزعمت أيضا أن قلب العبد ما

بين اثنتين من أصابع عان

وزعمت أن الله يضحك عندما

يتقابل الصفان يقتتلان

من عبده يأتي فيبدي نحره

لعدوه طلبا لنيل جنان

ص: 30

وكذاك يضحك عندما يثب الفتى

من فرشه لتلاوة القرآن

وكذاك يضحك من قنوط عباده

إذ أجدبوا والغيث منهم دان

وزعمت أن الله يرضى عن أولي

الحسنى ويغضب عن أولي العصيان

وزعمت أن الله يسمع صوته

يوم المعاد بعيدهم والداني

لما يناديهم أنا الديان لا

ظلم لدي فيسمع الثقلان

وزعمت أن الله يشرق نوره

في الأرض يوم الفصل والميزان

وزعمت أن الله يكشف ساقه

فيخر ذاك الجمع للأذقان

وزعمت أن الله يبسط كفه

لمسيئنا ليتوب من عصان

وزعمت أن يمينه تطوى السما

طي السجل على كتاب بيان

وزعمت أن الله ينزل في الدجى

في ثلث ليل آخر أو ثان

فيقول هل من سائل فأجيبه

فأنا القريب أجيب من ناداني

وزعمت أن له نزولا ثانيا

يوم القيامة للقضاء الثاني

وزعمت أن الله يبدو جهرة

لعباده حتى يرى بعيان

بل يسمعون كلامه ويرونه

فالمقلتان إليه ناظرتان

وزعمت أن لربنا قدما وأن

الله واضعها على النيران

فهناك يدنو بعضها من بعضها

وتقول قط قط حاجتي وكفاني

وزعمت أن الناس يوم مزيدهم

كل يحاضر ربه ويداني

بالحاء مع ضاد وجامع صادها

وجهان في ذا اللفظ محفوظان

في الترمذي ومسند وسواهما

من كتب تجسيم بلا كتمان

ص: 31

ووصفته بصفات حي فاعل

بالاختيار وذانك الأصلان

أصل التفرق بين هذا الخلق فـ

ـي الباري فكن في النفي غير جبان

أو لا فلا تلعب بدينك ناقضا

نفيا بإثبات بلا فرقان

فالناس بين معطل أو مثبت

أو ثالث متناقض صنفان

والله لست برابع لهم بلى

إما حمارا أو من الثيران

فاسمع بانكار الجميع ولا تكن

متناقضا رجلا له وجهان

أو لا ففرق بين ما أثبته

ونفيته بالنص والبرهان

فالباب باب واحد في النفي

والإثبات في عقل وفي ميزان

فمتى أقر ببعض ذلك مثبت

لزم الجميع أو ائت بالفرقان

ومتى نفى شيئا وأثبت مثله

فمجسم متناقض ديصان

فذروا المراء وصرحوا بمذاهب

القدماء وانسلخوا من الإيمان

أو قاتلوا مع أمة التجسيم والتشـ

ـبيه تحت لواء ذي القرآن

أو لا فلا تتلاعبوا بعقولكم

وكتابكم وبسائر الأديان

فجميعها قد صرحت بصفاته

وكلامه وعلوه ببيان

والناس بين مصدق أو جاحد

أو بين ذلك أو شبيه أتان

فاصنع من التنزيه ترسا محكما

وانف الجميع بصنعة وبيان

وكذاك لقب مذهب الإثبات

بالتجسيم ثم احمل على الأقران

فمتى سمحت لهم بوصف واحد

حملوا عليك بحملة الفرسان

ص: 32

فصرعت صرعة من غدا متلبطا

وسط العرين ممزق اللحمان

فلذاك أنكرنا الجميع مخافة

التجسيم أن صرنا إلى القرآن

ولذا خلعنا ربقة الأديان من

أعناقنا في سالف الأزمان

ولنا ملوك قاوموا الرسل الألى

جاءوا بإثبات الصفات كمان

في آل فرعون وهامان وقا

رون ونمرود وجنكيز خان

ولنا الأئمة كالفلاسفة الألى

لم يعبأوا أصلا بذي الأديان

منهم أرسطو ثم شيعته إلى

هذا الأوان وعند كل أوان

ما فيهم من قال إن الله فو

ق العرش خارج هذه الأكوان

كلا ولا قالوا بأن إلهنا

متكلم بالوحي والقرآن

ولأجل هذا رد فرعون على

موسى ولم يقدر على الإيمان

إذ قال موسى ربنا متكلم

فوق السماء وأنه متداني

وكذا ابن سينا لم يكن منكم ولا

أتباعه بل صانعوا بدهان

وكذلك الطوسي لما أن غدا

ذا قدرة لم يخش من سلطان

قتل الخليفة والقضاة وحاملي الـ

قرآن والفقهاء في البلدان

إذ هم مشبهة مجسمة وما

دانوا بدين أكبار اليونان

ولنا الملاحدة الفحول أئمة التـ

ـعطيل والتسكين آل سنان

ولنا تصانيف بها غالبتم

مثل الشفا ورسائل الإخوان

وكذا الإشارات التي هي عندكم

قد ضمنت لقواطع البرهان

ص: 33