المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل: في بيان أن المعطل شر من المشرك - نونية ابن القيم الكافية الشافية - ط مكتبة ابن تيمية

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌أول القصيدة

- ‌فصل: في مقدمة نافعة قبل التحكيم

- ‌فصل: وهذا أول عقد مجلس التحكيم

- ‌فصل: في قدوم ركب الإيمان وعسكر القرآن

- ‌فصل: في مجامع طرق أهل الأرض واختلافهم في القرآن

- ‌فصل: في مذهب الاقترانية

- ‌فصل: في مذاهب القائلين بأنه متعلق بالمشيئة والارادة

- ‌فصل: في مذهب الكرامية

- ‌فصل: في ذكر مذهب أهل الحديث

- ‌فصل: في إلزامهم القول بنفي الرسالة إذا انتفت صفة الكلام

- ‌فصل: في إلزامهم التشبيه للرب بالجماد الناقص إذا انتفت صفة الكلام

- ‌فصل: في إلزامهم بالقول بأن كلام الخلق، حقه وباطله، عين كلام الله سبحانه

- ‌فصل: في التفريق بين الخلق والأمر

- ‌فصل: في التفريق بين ما يضاف إلى الرب تعالى من الأوصاف والأعيان

- ‌فصل: في كلام الفلاسفة والقرامطة في كلام الرب جل جلاله

- ‌فصل: في مقالات طوائف الاتحادية في كلام الرب جل جلاله

- ‌فصل: في اعتراضهم على القول بدوام فاعلية الرب تعالى وكلامه والانفصال عنه

- ‌فصل في الرد عى الجهمية المعطلة القائلين بأنه ليس على العرش إله يعبد ولا فوق السموات إله يصلى له ويسجد، وبيان فساد قولهم عقلا ونقلا ولغة وفطرة

- ‌فصل: في سياق هذا الدليل على وجه آخر

- ‌فصل: في الإشارة إلى الطرق النقلية الدالة على أن الله تعالى فوق سماواته على عرشه

- ‌فصل: في الإشارة إلى ذلك من السنة

- ‌فصل: في جناية التأويل على ما جاء به الرسول والفرق بين المردود منه والمقبول

- ‌فصل: فيما يلزم مدعي التأويل لتصحيح دعواه

- ‌فصل: في طريقة ابن سينا وذويه من الملاحدة في التأويل

- ‌فصل: في شبه المحرفين للنصوص باليهود وإرثهم التحريف منهم وبراءة أهل الإثبات مما رموهم به من هذا الشبه

- ‌فصل: في بيان بهتانهم في تشبيه أهل الإثبات بفرعون وقولهم إن مقالة العلو عنه أخذوها وأنهم أولى بفرعون وهم أشباهه

- ‌فصل: في بيان تدليسهم وتلبيسهم الحق بالباطل

- ‌فصل: في بيان سبب غلطهم في الألفاظ والحكم عليها باحتمال عدة معان حتى أسقطوا الاستدلال بها

- ‌فصل: في بيان شبه غلطهم في تجريد اللفظ بغلط الفلاسفة في تجريد المعاني

- ‌فصل: في بيان تناقضهم وعجزهم عن الفرق بين ما يجب تأويله وما لا يجب

- ‌فصل: في المطالبة بالفرق بين ما يتأول وما لا يتأول

- ‌فصل: في ذكر فرق لهم آخر وبيان بطلانه

- ‌فصل: في بيان مخالفة طريقهم لطريق أهل الاستقامة عقلا ونقلا

- ‌فصل: في بيان كذبهم ورميهم أهل الحق بأنهم أشباه الخوارج وبيان شبههم المحقق بالخوارج

- ‌فصل: في تلقيبهم أهل السنة بالحشوية وبيان من أولى بالوصف المذموم من هذا اللقب من الطائفتين وذكر أول من لقب به أهل السنة أم أهل البدعة

- ‌فصل: في بيان عدوانهم في تلقيب أهل القرآن والحديث بالمجسمة وبيان أنهم أولى بكل لقب خبيث

- ‌فصل: في بيان مورد أهل التعطيل وأنهم تعوّضوا بالقلوط عن السلسبيل

- ‌فصل: في بيان هدمهم لقواعد الإسلام والإيمان بعزلهم نصوص السنة والقرآن

- ‌فصل: في بطلان قول الملحدين إن الاستدلال بكلام الله ورسوله لا يفيد العلم واليقين

- ‌فصل: في تنزيه أهل الحديث والشريعة عن الألقاب القبيحة الشنيعة

- ‌فصل: في نكتة بديعة تبين ميراث الملقبين والملقبين من المشركين والموحدين

- ‌فصل: في بيان اقتضاء التجهم والجبر والإرجاء للخروج عن جميع ديانات الأنبياء

- ‌فصل: في جواب الرب تبارك وتعالى يوم القيامة إذا سأل المعطل والمشبه عن قول كل منهما

- ‌فصل: في تحميل أهل الإثبات للمعطلين شهادة تؤدى عند رب العالمين

- ‌فصل: في عهود المثبتين مع رب العالمين

- ‌فصل: في شهادة أهل الإثبات على أهل التعطيل أنه ليس في السماء إله يعبد ولا لله بيننا كلام ولا في القبر رسول الله

- ‌فصل: في الكلام في حياة الأنبياء في قبورهم

- ‌فصل: فيما احتجوا به على حياة الرسل في القبور

- ‌فصل: في الجواب عما احتجوا به في هذه المسألة

- ‌فصل: في كسر المنجنيق الذي نصبه أهل التعطيل على معاقل الإيمان وحصونه جيلا بعد جيل

- ‌فصل: في أحكام بيان هذه التراكيب الستة

- ‌فصل: في أقسام التوحيد والفرق بين توحيد المرسلين وتوحيد النفاة المعطلين

- ‌فصل: في النوع الثاني من أنواع التوحيد لأهل الإلحاد

- ‌فصل: في النوع الثالث من التوحيد لأهل الإلحاد

- ‌فصل: في النوع الرابع من أنواعه

- ‌فصل: في بيان توحيد الأنبياء والمرسلين ومخالفته لتوحيد الملاحدة والمعطلين

- ‌فصل: في النوع الثاني من النوع الأول وهو الثبوت

- ‌فصل: في بيان حقيقة الإلحاد في أسماء رب العالمين وذكر انقسام الملحدين

- ‌فصل: في النوع الثاني من نوعي توحيد الأنبياء والمرسلين المخالف لتوحيد المشركين والمعطلين

- ‌فصل: في صف العسكرين وتقابل الصفين واستدارة رحى الحرب العوان وتصاول الأقران

- ‌فصل: في عقد الهدنة والأمان الواقع بين المعطلة وأهل الإلحاد حزب جنكيزخان

- ‌فصل: في مصارع النفاة والمعطلين بأسنة أمراء الإثبات والتوحيد

- ‌فصل: في بيان أن المصيبة التي حلت بأهل التعطيل والكفران من جهة الأسماء التي ما أنزل الله بها من سلطان

- ‌فصل: في كسر الطاغوت الذي نفوا به صفات ذي الملكوت والجبروت

- ‌فصل: في مبدأ العداوة الواقعة بين المثبتين الموحدين وبين النفاة المعطلين

- ‌فصل: في بيان أن التعطيل أساس الزندقة والكفران والإثبات أساس العلم والإيمان

- ‌فصل: في بهت أهل الشرك والتعطيل في رميهم أهل التوحيد والإثبات بتنقيص الرسول

- ‌فصل: في تعيين أن اتباع السنة والقرآن طريقة النجاة من النيران

- ‌فصل: في تيسير السير إلى الله على المثبتين الموحدين وامتناعه على المعطلين والمشركين

- ‌فصل: في ظهور الفرق بين الطائفتين وعدم التباسه إلا على من ليس ذي عينين

- ‌فصل: في التفاوت بين حظ المثبتين والمعطلين من وحي رب العالمين

- ‌فصل: في بيان الاستغناء بالوحي المنزل من السماء عن تقليد الرجال والآراء

- ‌فصل: في بيان شروط كفاية النصين والاستغناء بالوحيين

- ‌فصل: في لازم المذهب هل هو مذهب أم لا

- ‌فصل: في الرد عليهم في تكفيرهم أهل العلم والإيمان وذكر انقسامهم إلى أهل الجهل والتفريط والبدع والكفران

- ‌فصل: في تلاعب المكفرين لأهل السنة والإيمان بالدين كتلاعب الصبيان

- ‌فصل: في أن أهل الحديث هم أنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يبغض الأنصار رجلا يؤمن بالله واليوم الآخر

- ‌فصل: في تعين الهجرة من الآراء والبدع إلى سنته كما كانت فرضا من الأمصار إلى بلدته عليه السلام

- ‌فصل: في ظهور الفرق المبين بين دعوة الرسل ودعوة المعطلين

- ‌فصل: في شكوى أهل السنة والقرآن أهل التعطيل والآراء المخالفين للرحمن

- ‌فصل: في أذان أهل السنة الأعلام بصريحها جهرا على رؤوس منابر الإسلام

- ‌فصل: في تلازم التعطيل والشرك

- ‌فصل: في بيان أن المعطل شر من المشرك

- ‌فصل: في مثل المشرك والمعطل

- ‌فصل: فيما أعد الله تعالى من الإحسان للمتمسكين بكتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم عند فساد الزمان

- ‌فصل: فيما أعد الله تعالى في الجنة لأوليائه المتمسكين بالكتاب والسنة

- ‌فصل: في صفة الجنة التي أعدها الله ذو الفضل والمنة لأوليائه المتمسكين بالكتاب والسنة

- ‌فصل: في صفة عرائس الجنة وحسنهن وجمالهن ولذة وصالهن ومهورهن

- ‌فصل: في ذكر الخلاف بين الناس هل تحبل نساء أهل الجنة أم لا

- ‌فصل: في رؤية أهل الجنة ربهم تبارك وتعالى ونظرهم إلى وجهه الكريم

- ‌فصل: في يوم المزيد وما أعد لهم من الكرامة

- ‌فصل: في ذبح الموت بين الجنة والنار والرد على من قال إن الذبح لملك الموت وأن ذلك مجاز لا حقيقة

- ‌فصل: في أن الجنة قيعان وأن غراسها الكلام الطيب والعمل الصالح

- ‌فصل: في إقامة المأتم على المتخلفين عن رفقة السابقين

- ‌فصل: في زهد أهل العلم والإيمان وإيثارهم الذهب الباقي على الخزف الفاني

- ‌فصل: في رغبة قائلها إلى من يقف عليها من أهل العلم والإيمان أن يتجرد إلى الله ويحكم عليها بما يوجبه الدليل والبرهان، فإن رأى حقا قبله وحمد الله عليه وإن رأى باطلا عرف به وأرت إليه

- ‌فصل: في توجه أهل السنة إلى رب العالمين أن ينصر دينه وكتابه ورسوله وعباده المؤمنين

الفصل: ‌فصل: في بيان أن المعطل شر من المشرك

‌فصل: في النوع الثاني من أنواع التوحيد لأهل الإلحاد

هذا وثانيها فتوحيد ابن سبـ

عين وشيعته أولي البهتان

كل اتحادي خبيث عنده

معبوده موطوؤه الحقاني

توحيدهم أن الإله هو الوجو

د المطلق المبثوث في الأعيان

هو عينها لا غيرها ما ها هنا

رب وعبد كيف يفترقان

لكن وهم العبد ثم خياله

في ذي المظاهر دائما يلجان

فلذاك حكمهما عليه نافذ

فابن الطبيعة ظاهر النقصان

فإذا تجرد علمه عن حسه

وخياله بل ثم تجريدان

تجريده عن عقله أيضا فإن الـ

ـعقل لا يدنيه من ذا الشان

بل يخرق الحجب الكثيفة كلها

وهما وحسا ثم عقل وان

فالوهم منه وحسه وخياله

والعلم والمعقول في الأذهان

حجب على ذا الشان فاخرقها وإلا

كنت محجوبا عن العرفان

هذا وأكثفها حجاب الحس والـ

ـمعقول ذانك صاحب الفرقان

فهناك صرت موحدا حقا ترى

هذا الوجود حقيقة الديان

والشرك عندهم فتنويع الوجو

د وقولنا إن الجود اثنان

ص: 198

واحتج يوما بالكتاب عليهم

شخص فقالوا الشرك في القرآن

لكنما التوحيد عند القائلين

بالاتحاد فهم أولو العرفان

رب وعبد كيف ذاك وإنما الـ

ـموجود فرد ماله من ثان

ص: 199

‌فصل: في النوع الثالث من التوحيد لأهل الإلحاد

هذا وثالثها هو التوحيد عنـ

ـد الجهم وتعطيل بلا إيمان

نفي الصفات مع العلو كذاك نفـ

ـي كلامه بالوحي والقرآن

فالعرش ليس عليه شيء بتة

لكنه خلو من الرحمن

ما فوقه رب يطاع ولا عليـ

ـه للورى من خالق رحمن

بل حظ عرش الرب عند فريقهم

منه كحظ الأسفل التحتاني

فهو المعطل عن نعوت كماله

وعن الكلام وعن جميع معان

وانظر إلى ما قد حكينا عنه في

مبدأ القصيد حكاية التبيان

هذا هو التوحيد عند فريقهم

تلك الفحول مقدمي البهتان

والشرك عندهم فإثبات الصفا

ت لربنا ونهاية الكفران

إن كان شرك ذا وكل الرسل قد

جاؤوا به يا خيبة الإنسان

ص: 199

‌فصل: في النوع الرابع من أنواعه

هذا ورابعها فتوحيد لدى

جبريهم هو غاية العرفان

العبد ميت ما له فعل ولكن ما

ترى هو فعل ذي السلطان

والله فاعل فعلنا من طاعة

ومن الفسوق وسائر العصيان

هي فعل رب العالمين حقيقة

ليست بفعل قط للإنسان

فالعبد ميت وهو مجبور على

أفعاله كالميت في الأكفان

وهو الملوم على فعال إلهه

فيه وداخل جاحم النيران

يا ويحه المسكين مظلوم يرى

في صورة العبد الظلوم الجاني

لكن نقول بأنه هو ظالم

في نفسه أدبا مع الرحمن

هذا هو التوحيد عند فريقهم

من كل جبري خبيث جنان

والكل عند غلاتهم طاعاتنا

ما ثم في التحقيق من عصيان

والشرك عندهم اعتقادك فاعلا

غير الإله المالك الديان

فانظر إلى التوحيد عند القوم ما

فيه من الإشراك والكفران

ما عندهم والله شيء غيره

هاتيك كتبهم بكل مكان

أترى أبا جهل وشيعته رأوا

من خالق ثان لذي الأكوان

أم كلهم جمعا أقروا أنه

هو وحده الخلاق للإنسان

ص: 200

فإذا ادعيتم أن هذا غاية

التوحيد صار الشرك ذا بطلان

فالناسكلهم أقروا أنه هو

وحده الخلاق ليس اثنان

إلا المجوس فإنهم قالوا

بأن الشر خالقه إله ثان

ص: 201

‌فصل: في بيان توحيد الأنبياء والمرسلين ومخالفته لتوحيد الملاحدة والمعطلين

فاسمع إذا توحيد رسل الله ثم اجـ

ـعله داخل كفة الميزان

مع هذه الأنواع وانظر أيها

أولى لدى الميزان بالرجحان

توحيدهم نوعان قولي وفعـ

ـلي كلا نوعيه ذو برهان

فالأول القولي ذو نوعين أيـ

ـضا في كتاب الله موجودان

إحداهما سلب وذا نوعان أيـ

ـضا فيه حقا فيه مذكوران

سلب النقائص والعيوب جميعها

عنه هما نوعان معقولان

سلب لمتصل ومنفصل هما

نوعان معروفان أما الثاني

وكذاك سلب الزوج والولد الذي

نسبوا إليه عابدو الصلبان

سلب الشريك مع الظهير مع الشـ

ـفيع بدون إذن الخالق الديان

وكذاك نفي الكفء أيضا والولي

لنا سوى الرحمن ذي الغفران

والأول التنزيه للرحمن عن

وصف العيوب وكل ذي نقصان

ص: 201

كالموت والإعياء والتعب الذي

ينفى اقتدار الخالق الديان

والنوم والسنة التي هي أصله

وعزوب شيء عنه في الأكوان

وكذلك العبث الذي تنفيه حكمتـ

ـه وحمد الله ذي الإتقان

وكذاك ترك الخلق إهمالا سدى

لا يبعثون إلى معاد ثان

كلا ولا أمر ولا نهي

عليهم من إله قادر ديان

وكذاك ظلم عباده وهو الغني

فما له والظلم للإنسان

وكذاك غفلته تعالى وهو علا

م الغيوب فظاهر البطلان

وكذاك النسيان جل إلهنا

لا يعتريه قط من نسيان

وكذاك حاجته إلى طعم ورز

ق وهو رزاق بلا حسبان

هذا وثاني نوعي السلب الذي

هو أول الأنواع في الأوزان

تنزيه أوصاف الكمال له عن التشـ

ـبيه والتمثيل والنكران

لسنا نشبه وصفه بصفاتنا

إن المشبه عابد الأوثان

كلا ولا نخليه من أوصافه

إن المعطل عابد البهتان

من مثل الله العظيم بخلقه

فهو النسيب لمشرك نصراني

أو عطل الرحمن من أوصافه

فهو الكفور وليس ذا إيمان

ص: 202

‌فصل: في النوع الثاني من النوع الأول وهو الثبوت

هذا ومن توحيدهم إثبات أو

صاف الكمال ربناالرحمن

ص: 202

كعلوه سبحانه فوق السماوات

العلى بل فوق كل مكان

فهو العلي بذاته سبحانه

إذ يستحيل خلاف ذا ببيان

وهو الذي حقا على العرش استو

ى قد قام بالتدبير للأكوان

حي مريد قادر متكلم

ذو رحمة وإرادة وحنان

هو أول هو آخر هو ظاهر

هو باطن هي أربع بوزان

ما قبله شيء كذا وما بعده

شيء تعالى الله ذو السلطان

ما فوقه شيء كذا ما دونه

شيء وذا تفسير ذي البرهان

فانظر إلى تفسيره بتدبر

وتبصر وتعقل لمعان

وانظر إلى ما فيه من أنواع معـ

ـرفة لخالقنا العظيم الشان

وهو العلي فكل أنواع العلـ

ـلو له فثابتة بلا نكران

وهو العظيم بكل معنى يوجب التـ

ـعظيم لا يحصيه من إنسان

وهو الجليل فكل أوصاف الجلا

ل له محققة بلا بطلان

وهو الجميل على الحقيقة كيف لا

وجمال سائر هذه الأكوان

من بعض آثار الجميل فربها

أولى وأجدر عند ذي العرفان

فجماله بالذات والأوصاف والـ

أفعال والأسماء بالبرهان

لا شيء يشبه ذاته وصفاته

سبحانه عن إفك ذي بهتان

وهو المجيد صفاته أوصاف تع

ظيم فشان الوصف أعظم شان

وهو السميع يسمع ويرى كل ما

في الكون من سر ومن إعلان

ص: 203

ولكل صوت منه سمع حاضر

فالسر والإعلان مستويان

والسمع منه واسع الأصوات لا

يخفى عليه بعيدها والداني

وهو البصير يرى دبيب النملة السـ

ـوداء تحت الصخرو الصوان

ويرى مجاري القوت في أعضائها

ويرى نياط عروقها بعيان

ويرى خيانات العيون بلحظها

ويرى كذاك تقلب الأجفان

وهو العليم أحاط علما بالذي

في الكون من سر ومن إعلان

وبكل شيء علمه سبحانه

فهو المحيط وليس ذا نسيان

وكذاك يعلم ما يكون غدا وما

قد كان والموجود في ذا الآن

وكذاك أمر لم يكن لو

كان كيف يكون ذا إمكان

فصل

وهو الحميد فكل حمد واقع

أو كان مفروضا مدى الأزمان

ملأ الوجود جميعه ونظيره

من غير ما عد ولا حسبان

هو أهله سبحانه وبحمده

كل المحامد وصف ذي الإحسان

فصل

وهو المكلم عبده موسى بتكـ

ـليم الخطاب وقبله الأبوان

كلماته جلت عن الإحصاء

والتعداد بل عن حصر ذي الحسبان

ص: 204

لو أن أشجار البلاد جميعها الـ

أقلام تكتبها بكل بنان

والبحر تلقى فيه سبعة أبحر

لكتابة الكلمات كل زمان

نفدت ولم تنفد بها كلماته

ليس الكلام من الإله بفان

وهو القدير وليس يعجزه إذا

ما رام شيئا قط ذو سلطان

وهو القوي له القوى جمعا تعا

لى الله ذو الأكوان والسلطان

وهو الغني بذاته فغناه ذا

تي له كالجود والإحسان

وهو العزيز فلن يرام جنابه

أنى يرام جناب ذي السلطان

وهو العزيز القاهر الغلاب لم

يغلبه شيء هذه صفتان

وهو العزيز بقوة هي وصفه

فالعز حينئذ ثلاث معان

وهي التي كملت له سبحانه

من كل وجه عادم النقصان

وهو الحكيم وذاك من أوصافه

نوعان أيضا ما هما عدمان

حكم وإحكام فكل منهما

نوعان أيضا ثابتا البرهان

والحكم شرعي وكوني ولا

يتلازمان وما هما سيان

بل ذاك يوجد دون هذا مفردا

والعكس أيضا ثم يجتمعان

لكن يخلو المربوب من إحداهما

أو منهما بل ليس ينتفيان

لكنما الشرعي محبوب له

أبدا ولن يخلو من الأكوان

هو أمره الديني الذي جاءت رسله

بقيامه في سائر الأزمان

لكنما الكوني فهو قضاؤه

في خلقه بالعدل والإحسان

ص: 205

هو كله حق وعدل ذو رضى

والشأن في المقضي كل الشان

فلذاك نرضى بالقضاء ونسخط الـ

ـمقضيّ حين يكون بالعصيان

فالله يرضى بالقضاء ويسخط الـ

ـمقضي ما الأمران متحدان

فقضاؤه صفة به قامت وما

المقضي إلا صنعة الرحمن

والكون محبوب ومبغوض له

وكلاهما بمشيئة الرحمن

هذا البيان يزيل لبسا طالما

هلكت عليه الناس كل زمان

ويحل ما قد عقدوا بأصولهم

وبحوثهم فافهمه فهم بيان

من وافق الكوني وافق سخطه

إن لم يوافق طاعة الديان

فلذاك لا يعدوه ذم أو فوا

ت الحمد مع أجر ومع رضوان

وموافق الديني لا يعدوه أجـ

ـر بل له عند الصواب اثنان

فصل

والحكمة العليا على نوعين أيـ

ـضا حصلا بقواطع البرهان

إحداهما في خلقه سبحانه

نوعان أيضا ليس يفترقان

أحكام هذا الخلق إذ إيجاده

في غاية الإحكام والإتقان

وصدوره من أجل غايات له

وله عليها حمد كل لسان

والحكمة الأخرى فحكمة شرعه

أيضا وفيها ذانك الوصفان

غاياتها اللائي حمدن وكونها

في غاية الإتقان والإحسان

ص: 206

فصل

وهو الحيي فليس يفضح عبده

عند التجاهر منه بالعصيان

لكنه يلقي عليه ستره

فهو الستير وصاحب الغفران

وهو الحليم فلا يعاجل عبده

بعقوبة ليتوب من عصيان

وهو العفو فعفوه وسع الورى

لولاه غار الأرض بالسكان

وهو الصبور على أذى أعدائه

شتموه بل نسبوه للبهتان

قالوا له ولد وليس يعيدنا

شتما وتكذيبا من الإنسان

هذا وذاك بسمعه وبعلمه

لو شاء عاجلهم بكل هوان

لكن يعافيهم ويرزقهم وهم

يؤذونه بالشرك والكفران

فصل

وهو الرقيب على الخواطر واللوا

حظ كيف بالأفعال بالأركان

وهو الحفيظ عليهم وهو الكفيل

بحفظهم من كل أمر عان

وهو اللطيف بعبده ولعبده

واللطف في أوصافه نوعان

إدرك أسرار الأمور بخبرة

واللطف عند مواقع الإحسان

فيريك عزته ويبدي لطفه

والعبد في الغفلات عن ذا الشان

ص: 207

فصل

وهو الرفيق يحب أهل الرفق بل

يعطيهم بالرفق فوق أمان

وهو القريب وقربه المختص بالد

اعي وعابده على الإيمان

وهو المجيب يقول من يدعو أجبـ

ـه أنا المجيب لكل من ناداني

وهو المجيب لدعوة المضطر إذ

يدعوه في سر وفي إعلان

وهو الجواد فجوده عم الوجو

د جميعه بالفضل والإحسان

وهو الجواد فلا يخيب سائلا

ولو أنه من أمة الكفران

وهو المغيث لكل مخلوقاته

وكذا يجيب إغاثة اللهفان

فصل

وهو الودود يحبهم ويحبه

أحبابه والفضل للمنان

وهذا الذي جعل المحبة في قلو

بهم وجازاهم بحب ثان

هو هو الإحسان حقا لا معا

وضة ولا لتوقع الشكران

لكن يحب شكورهم وشكورهم

لا لاحتياج منه للشكران

وهو الشكور فلن يضيع سعيهم

لكن يضاعفه بلا حسبان

ما للعباد عليه حق واجب

هو أوجب الأجر العظيم الشأن

كلا ولا عمل لديه ضائع

إن كان بالإخلاص والإحسان

ص: 208

إن عذبوا فبعدله أو نعموا

فبفضله والحمد للمنان

فصل

وهو الغفور فلو أتى بقرابها

من غير شرك بل من العصيان

لاقاه بالغفران ملء قرابها

سبحانه هو واسع الغفران

وكذلك التواب من أوصافه

والتواب في أوصافه نوعان

إذن بتوبة عبده وقبولها

بعد المتاب بمنة المنان

فصل

وهو الإله السيد الصمد الذي

صمدت إليه الخلق بالإذعان

الكامل الأوصاف من كل الوجو

هـ كماله ما فيه من نقصان

وكذلك القهار من أوصافه

فالخلق مقهورون بالسلطان

لو لم يكن حيا عزيزا قادرا

ما كان من قهر ومن سلطان

وكذلك الجبار من أوصافه

والجبر في أوصافه نوعان

جبر الضعيف وكل قلب قد غدا

ذا كسرة فالجبر منه دان

والثاني جبر القهر بالعز الذي

لا ينبغي لسواه من إنسان

وله مسمى ثالث وهو العـ

ـلو فليس يدنو منه من إنسان

من قولهم جبارة للنخلة العليـ

ـا التي فاتت لكل بنان

ص: 209

فصل

وهو الحسيب حماية وكفاية

والحسب كافي العبد كل أوان

وهو الرشيد فقوله وفعاله

رشد وربك مرشد الحيران

وكلاهما حق فهذا وصفه

والفعل للإرشاد ذاك الثاني

والعدل من أوصافه في فعله

ومقاله والحكم في الميزان

فعلى الصراط المستقيم إلهنا

قولا وفعلا ذاك في القرآن

فصل

هذا ومن أوصافه القدوس ذو التـ

ـنزيه بالتعظيم للرحمن

وهو السلام على الحقيقة سالم

من كل تمثيل ومن نقصان

والبر في أوصافه سبحانه

هو كثرة الخيرات والإحسان

صدرت عن البر الذي هو وصفه

فالبر حينئذ له نوعان

وصف وفعل فهو بر محسن

مولى الجميل ودائم الإحسان

وكذلك الوهاب من أسمائه

فانظر مواهبه مدى الأزمان

أهل السموات العلى والأرض عن

تلك المواهب ليس ينفكان

وكذلك الفتاح من أسمائه

والفتح في أوصافه أمران

فتح بحكم وهو شرع إلهنا

والفتح بالأقدار فتح ثان

ص: 210

والرب فتاح بذين كليهما

عدلا وإحسانا من الرحمن

وكذلك الرزاق من أسمائه

والرزق من أفعاله نوعان

رزق على يد عبده ورسوله

نوعان أيضا ذان معروفان

رزق القلوب العلم والإيمان

والرزق المعد لهذه الأبدان

هذا هو الرزق الحلال وربنا

رزاقه والفضل للمنان

والثان سوق القوت للأعضاء في

تلك المجاري سوقه بوزان

هذا يكون من الحلال كما يكو

ن من الحرام كلاهما رزقان

والله رازقه بهذا الاعتبا

ر وليس بالإطلاق دون بيان

فصل

هذا ومن أوصافه القيوم والـ

قيوم في أوصافه أمران

إحداهما القيوم قام بنفسه

والكون قام به هما الأمران

فالأول استغناؤه عن غيره

والفقر من كل إليه الثاني

والوصف بالقيوم ذو شأن كذا

موصوفه أيضا عظيم الشان

والحي يتلوه فأوصاف الكما

ل هما لأفق سمائها قطبان

فالحي والقيوم لن تتخلف ال

أوصاف أصلا عنهما ببيان

هو قابض هو باسط هو خافض

هو رافع بالعدل والإحسان

وهو المعز لأهل طاعته وذا

عز حقيقي بلا بطلان

ص: 211

وهو المذل لمن يشاء بذلة الدّا

رين ذل شقاء وذل هوان

هو مانع معط فهذا فضله

والمنع عين العدل للمنان

فصل

والنور من أسمائه أيضا ومن

أوصافه سبحان ذي البرهان

قال ابن مسعود كلاما قد حكا

هـ الدرامي عنه بلا نكران

ما عنده ليل يكون ولا نها

ر قلت تحت الفلك يوجد ذان

نور السموات العلى من نوره

والأرض كيف النجوم والقمران

من نور وجه الرب جل جلاله

وكذا حكاه الحافظ الطبراني

فبه استنار العرش والكرسي مع

سبع الطباق وسائر الأكوان

وكتابه نور كذلك شرعه

نور كذا المبعوث بالفرقان

وكذلك الإيمان في قلب الفتى

نور على نور مع القرآن

وحجابه نور فلو كشف الحجا

ب لأحرق السبحات للأكوان

وإذا أتى للفصل يشرق نوره

في الأرض يوم قيامة الأبدان

وكذاك دار الرب جنات العلى

نور تلألأ ليس ذا بطلان

والنور ذو نوعين مخلوق ووصـ

ـف ما هما والله متحدان

وكذلك المخلوق ذو نوعين محـ

ـسوس ومعقول هما شيئان

احذر تزلّ رجليك هوة

كم قد هوى فيها على الأزمان

من عابد بالجهل زلت رجله

فهوى إلى قعر الحضيض الداني

ص: 212

لاحت له أنوار آثار العبا

دة ظنها الأنوار للرحمن

فأتى بكل مصيبة وبلية

ما شئت من شطح ومن هذيان

وكذا الحلولي الذي هو خدنه

من ههنا حقا هما أخوان

ويقابل الرجلين ذو التعطيل والـ

ـحجب الكثيفة ما هما سيان

ذا في كثافة طبعه وظلامه

وبظلمة التعطيل هذا الثاني

والنور محجوب فلا هذا ولا

هذا له من ظلمة يريان

فصل

وهو المقدم والمؤخر ذانك الصـ

ـفتان للأفعال تابعتان

وهما صفات الذات أيضا إذ هما

بالذات لا بالغير قائمتان

ولذاك قد غلط المقسم حين ظـ

ـن صفاته نوعان مختلفان

إن لم يرد هذا ولكن قد أرا

د قيامها بالفعل ذي الإمكان

والفعل والمفعول شيء واحد

عند المقسم ما هما شيئان

فلذاك وصف الفعل ليس لديه إلا

نسبة عدمية ببيان

فجميع أسماء الفعال لديه ليـ

ـست قط ثابتة ذوات معان

موجودة لكن أمور كلها

نسب ترى عدمية الوجدان

هذا هو التعطيل للأفعال

كالتعطيل للأوصاف بالميزان

فلحق أن الوصف ليس بمورد التقـ

ـسيم هذا مقتضى البرهان

ص: 213

بل مورد التقسيم ما قد قام

بالذات التي للواحد الرحمن

فهما إذا نوعان أوصاف وأفعـ

ـال فهذي قسمة التبيان

فالوصف بالأفعال يستدعي قيا

م الفعل بالموصوف بالبرهان

كالوصف بالمعنى سوى الأفعال ما

إن بين ذينك قط من فرقان

ومن العجائب أنهم ردوا على

من أثبت الأسماء دون معان

قامت بمن هي وصفه هذا محا

ل غير معقول لذي الأذهان

وأتوا إلى الأوصاف باسم العقل قا

لوا لم تقم بالواحد الديان

فانظر إليهم أبطلوا الأصل الذي

ردوا به أقوالهم بوزان

إن كان هذا ممكنا فكذاك قو

ل خصومكم أيضا فذو إمكان

والوصف بالتقديم والتأخير كو

ني وديني هما نوعان

وكلاهما أمر حقيقي ونسـ

ـبي ولا يخفى على الأذهان

والله قد ذاك أجمعه بإحـ

ـكام وإتقان من الرحمن

هذا ومن أسمائه ما ليس يفـ

ـرد بل يقال إذا أتى بقران

وهي التي تدعى بمزدوجاتها

إفرادها خطر على الإنسان

إذ ذاك موهم نوع نقص جل رب

العرش عن عيب وعن نقصان

كالمانع المعطي وكالضار الذي

هو نافع وكماله الأمران

ونظير هذا القابض المقرون با

سم الباسط اللفظان مقترنان

ص: 214

وكذا المعز مع المذل وخافض

مع رافع لفظان مزدوجان

وحديث إفراد اسم منتقم فمو

قوف كما قد قال ذو العرفان

ما جاء في القرآن غير مقيد

بالمجرمين وجا بذو نوعان

فصل

ودلالة الأسماء أنواع ثلا

ث كلها معلومة ببيان

دلت مطابقة كذاك تضمنا

وكذا التزاما واضح البرهان

أما مطابقة الدلالة فهي أن

الاسم يفهم منه مفهومان

ذات الإله وذلك الوصف الذي

يشتق منه الاسم بالميزان

لكن دلالته على إحداهما

بتضمن فافهمه فهم بيان

وكذا دلالته على الصفة التي

ما اشتق منها فالتزام دان

وإذا أردت لذا مثالا بينا

فمثال ذلك لفظة الرحمن

ذات الإله ورحمة مدلولها

فهما لهذا اللفظ مدلولان

إحداهما بعض لذا الموضوع فـ

ـهي تضمن ذا واضح التبيان

ص: 215

لكن وصف الحي لازم ذلك المـ

ـعنى لزوم العلم للرحمن

فلذا دلالته عليه بالتزا

م بين والحق ذو تبيان

ص: 216

‌فصل: في بيان حقيقة الإلحاد في أسماء رب العالمين وذكر انقسام الملحدين

أسماؤه أوصاف مدح كلها

مشتقة قد حملت لمعان

إياك والإلحاد فيها إنه

كفر معاذ الله من كفران

وحقيقة الإلحاد فيها الميـ

ـل بالإشراك والتعطيل والنكران

فالملحدون إذا ثلاث طوائف

فعليهم غضب من الرحمن

المشركون لأنهم سموا بها

أوثانهم قالوا إله ثان

هم شبهوا المخلوق بالخلاق عكـ

ـس مشبه الخلاق بالإنسان

وكذلك أهل الاتحاد فإنهم

إخوانهم من أقرب الإخوان

أعطوا الوجود جميعه أسماءه

إذ كان عين الله ذي السلطان

والمشركون أقل شركا منهم

هم خصصوا ذا الاسم بالأوثان

ولذاك كانوا أهل شرك عندهم

لو عمموا ما كان من كفران

والملحد الثاني فذو التعطيل إذ

ينفي حقائقها بلا برهان

ما ثم غير الاسم أوله بما

ينفي الحقيقة نفي ذي بطلان

ص: 216

القصد دفع النص عن معنى

الحقيقة فاجتهد فيه بلفظ بيان

عطل وحرف ثم أول وانفها

واقذف بتجسيم وبالكفران

للمثبتين حقائق الأسماء والأ

وصاف بالأخبار والقرآن

فإذا هم احتجوا عليك فقل لهم

هذا مجاز وهو وضع ثان

فإذا غلبت على المجاز فقل لهم

لا يستفاد حقيقة الإيقان

أنى وتلك أدلة لفظية

عزلت عن الإيقان منذ زمان

فإذا تضافرت الأدلة كثرة

وغلبت عن تقرير ذا تبيان

فعليك حينئذ بقانون وضـ

ـعناه لدفع أدلة القرآن

ولكل نص ليس يقبل أن يؤو

ل بالمجاز ولا بمعنى ثان

قل عارض المنقول معقولا وما الأ

مران عند العقل يتفقان

ما ثم إلا واحد من أربع

متقابلات كلها بوزان

إعمال ذين وعكسه أو تلغي المعقـ

ول ما هذا بذي إمكان

العقل أصل النقل وهو أبوه إن

تبطله يبطل فرعه التحتاني

فتعين الإعمال للمعقول والإ

لغاء للمنقول بالبرهان

إعماله يفضي إلى إلغائه

فاهجره هجر الترك والنسيان

والله لم نكذب عليهم إننا

وهم لدى الرحمن مختصمان

وهناك يجزى الملحدون ومن نفى الـ

إلحاد يجزى ثم بالغفران

فاصبر قليلا إنما هي ساعة

يا مثبت الأوصاف للرحمن

ص: 217

فلسوف تجني أجرك صبرك حـ

ـين يجني الغير وزر الإثم والعدوان

فالله سائلنا وسائلهم عن الإ

ثبات والتعطيل بعد زمان

فأعد حينئذ جوابا كافيا

عند السؤال يكون ذا تبيان

هذا وثالثهم فنافيها ونا

في ما تدل عليه بالبهتان

ذا جاحد الرحمن رأسا لم يقر

بخالق أبدا ولا رحمن

هذا هو الإلحاد فاحذره لعـ

ـل الله أن ينجيك من نيران

وتفوز بالزلفى لديه وجنة المـ

ـأوى مع الغفران والرضوان

لا توحشنك غربة بين الورى

فالناس كالأموات في الحسبان

أو ما علمت بأن أهل السنة

الغرباء حقا عند كل زمان

قل لي متى سلم الرسول وصحبه

والتابعون لهم على الإحسان

من جاهل ومعاند ومنافق

ومحارب بالبغي والطغيان

وتظن أنك وارث لهم وما

ذقت الأذى في نصرة الرحمن

كلا ولا جاهدت حق جهاده

في الله لا بيد ولا بلسان

منّتك والله المحال النفس فاسـ

ـتحدث سوى ذا الرأي والحسبان

لو كنت وارثه لآذاك الألى

ورثوا عداه بسائر الألوان

ص: 218

‌فصل: في النوع الثاني من نوعي توحيد الأنبياء والمرسلين المخالف لتوحيد المشركين والمعطلين

هذا وثاني نوعي التوحيد تو

حيد العبادة منك للرحمن

أن لا تكون لغيره عبدا ولا

تعبد بغير شريعة الإيمان

فتقوم بالإسلام والإيمان والـ

إحسان في سرّ وفي إعلان

والصدق والإخلاص ركنا ذلك التـ

ـوحيد كالركنين للبنيان

وحقيقة الإخلاص توحيد المرا

د فلا يزاحمه مراد ثان

لكن مراد العبد يبقى واحدا

ما فيه تفريق لدى الإنسان

إن كان ربك واحدا سبحانه

فاخصصه بالتوحيد مع إحسان

أو كان ربك واحدا أنشاك لم

يشركه إذ أنشاك رب ثان

فكذاك أيضا وحده فاعبد لا

تعبد سواه يا أخا العرفان

والصدق توحيد الإرادة وهو بذ

ل الجهد لا كسلا ولا متوان

والسنة المثلى لسالكها فتو

حيد الطريق الأعظم السلطاني

فلواحد كن واحدا في واحد

أعني سبيل الحق والإيمان

هذي ثلاث مسعدات للذي

قد نالها والفضل للمنان

فإذا هي اجتمعت لنفس حرة

بلغت من العلياء كل مكان

ص: 219

فصل

والشرك فاحذره فشرك ظاهر

ذا القسم ليس بقابل الغفران

وهو اتخاذ الند للرحمـ

ـن أيا كان من حجر ومن إنسان

يدعوه أو يرجوه ثم يخافه

ويحبه كمحبة الديان

والله ما ساووهم بالله في

خلق ولا رزق ولا إحسان

فالله عندهم هو الخلاق والر

زاق مولى الفضل والإحسان

لكنهم ساووهم بالله في

حب وتعظيم وفي إيمان

جعلوا محبتهم مع الرحمن ما

حعلوا المحبة قط للرحمن

لو كان حبهم لأجل الله ما

عادوا أحبته على الإيمان

ص: 220

ولما أحبوا سخطه وتجنبوا

محبوبه ومواقع الرضوان

شرط المحبة أن توافق من

تحب على محبته بلا عصيان

فإذا ادعيت له المحبة مع خلا

فك ما يحب فأنت ذو بهتان

أتحب أعداء الحبيب وتدعي

حبا له ما ذاك في إمكان

وكذا تعادي جاهدا أحبابه

أين المحبة يا أخا الشيطان

ليس العبادة غير توحيد المحبـ

ـة مع خضوع القلب والأركان

والحب نفس وفاقه فيما يحبـ

ـه وبغض ما لا يرتضي بجنان

ووفاقه نفس اتباعك أمره

والقصد وجه الله ذي الإحسان

هذا هو الإحسان شرط في قبو

ل السعي فافهمه من القرآن

والاتباع بدون شرع رسوله

عين المحال وأبطل البطلان

فإذا نبذت كتابه ورسوله

وتبعت أمر النفس والشيطان

واتخذت أندادا تحبهم كحـ

ـب الله كنت مجانب الإيمان

ولقد رأينا من فريق يدعي الإ

سلام شركا ظاهر التبيان

جعلوا له شركاء والوهم وسو

وهم به في الحب لا السلطان

والله ما ساووهم بالله بل

زادوا لهم حبا بلا كتمان

والله ما غضبوا إذا انتهكت محا

رم ربهم في السر والإعلان

حتى إذا ما قيل في الوثن الذي

يدعونه ما فيه من نقصان

فأجارك الرحمن من غضب ومن

حرب ومن شتم ومن عدوان

ص: 221

وأجارك الرحمن من ضرب وتعـ

ـزير ومن سب ومن تسجان

والله لو عطلت كل صفاته

ما قابلوك ببعض ذا العدوان

والله لو خالفت نص رسوله

نصا صريحا واضح التبيان

وتبعت قول شيوخهم أو غيرهم

كنت المحقق صاحب العرفان

حتى إذا خالفت آراء الرجا

ل لسنة المبعوث بالقرآن

نادوا عليك ببدعة وضلالة

قالوا وفي تكفيره قولان

قالوا تنقصت الكبار وسائر الـ

ـعلماء بل جاهرت بالبهتان

هذا ولم تسلبهم حقا لهم

ليكون ذاب كذب وذا عدوان

وإذا سلبت صفاته وعلوه

وكلامه جهرا بلا كتمان

لم يغضبوا بل كان ذلك عندهم

عين الصواب ومقتضى الإحسان

والأمر والله العظيم يزيد فو

ق الوصف لا يخفى على العميان

وإذا ذكرت الله توحيد رأيـ

ـت وجوههم مكسوفة الألوان

بل ينظرون إليك شزرا مثل ما

نظر التيوس إلى عصا الجوبان

وإذا ذكرت بمدحه شركاءهم

يتباشرون تباشر الفرحان

والله ما شموا روائح دينه

يا زكمة أعيت طبيب زمان

ص: 222

‌فصل: في صف العسكرين وتقابل الصفين واستدارة رحى الحرب العوان وتصاول الأقران

يا من يشب الحرب جهلا ما لكم

بقتال حزب الله قط يدان

أنى تقوم جنودكم لجنودهم

وهم الهداة وناصرو الرحمن

وجنودكم ما بين كذاب ودجـ

ـال ومحتال وذي بهتان

من كل أرعن يدّعي المعقول وهـ

ـو مجانب للعقل والإيمان

أو كل مبتدع وجهمي غدا

في قلبه حرج من القرآن

أو كل من دان دين شيوخ أهـ

ـل الاعتزال البيّن البطلان

أو قائل بالاتحاد وإنه

عين الإله وما هنا شيئان

أو من غدا في دينه متحيّرا

أتباع كل ملدد حيران

وجنودهم جبريل مع ميكال مع

باقي الملائك ناصري القرآن

وجميع رسل الله من نوح إلى

خير الورى المبعوث من عدنان

فالقلب خمستهم أولو العزم الأولى

في سورة الشورى أتوا ببيان

في أول الأحزاب أيضا ذكرهم

هم خير خلق الله من إنسان

ولواؤهم بيد الرسول محمد

والكل تحت لواء ذي الفرقان

وجميع أصحاب الرسول عصابة الإ

سلام أهل العلم والإيمان

والتابعون لهم بإحسان على

طبقاتهم في سائر الأزمان

ص: 223

أهل الحديث جميعهم وأئمة الـ

ـفتوى وأهل حقائق العرفان

العارفون بربهم ونبيهم

ومراتب الأعمال في الرجحان

صوفية سنية نبوية

ليسوا أولي شطح ولا هذيان

هذا كلامهم لدينا حاضر

من غير ما كذب ولا كتمان

فاقبل حوالة من أحال عليهم

هم أملياء أولو إمكان

فإذا بعثنا غارة من أخريا

ت العسكر المنصور بالقرآن

طحنتكم طحن الرحى للحب حـ

ـتى صرتم كالبعر في القيعان

أنى يقاوم ذي العساكر طمطم

أو تنكلوشا أو أخو اليونان

أعني أرسطو عابد الأوثان أو

ذاك الكفور معلم الألحان

ذاك المعلم أولا للحروف والثـ

ـاني لصوت بئست العلمان

هذا أساس الفسق والحرف الذي

وضعوا أساس الكفر والهذيان

أو ذلك المخدوع حامل راية الـ

إلحاد ذاك خليفة الشيطان

أعني ابن سينا ذلك المحلول من

أديان أهل الأرض ذا الكفران

وكذا نصير الشرك في أتباعه

أعداء رسل الله والإيمان

نصروا الضلالة من سفاهة رأيهم

وغزوا جيوش الدين والقرآن

فجرى على الإسلام منهم محنة

لم تجر قط بسالف الأزمان

أو جعدا وجهم وأتباع له

هم أمة التعطيل والبهتان

أو حفص أو بشر أوالنظام ذا

ك مقدم الفساق والمجان

ص: 224

والجعفران كذاك شيطان ويد

عى الطاق لا حييت من شيطان

وكذلك الشحام والعلاف والنـ

جار أهل الجهل بالقرآن

والله ما في القوم شخص رافع

بالوحي رأسا بل برأي فلان

وخيار عسكركم فذاك الأشعر

ـي القرم ذاك مقدم الفرسان

لكنكم والله ما أنتم على

إثباته والحق ذو برهان

هو قال إن الله فوق العرش

واستولى مقالة كل ذي بهتان

في كتبه طرا وقرر قول ذي الـ

إثبات تقريرا عظيم الشان

لكنكم أكفرتموه وقلتم

من قال هذا فهو ذو كفران

فخيار عسكركم فأنتم منهم

برآء إذ قربوا من الإيمان

هذي العساكر قد تلاقت جهرة

ودنا القتال وصيح بالأقران

صفوا الجيوش وعبئوها وابرزوا

للحرب واقتربوا من الفرسان

فهم إلى لقياكم بالشوق كي

يوفوا بنذرهم من القربان

ولهم إليكم شوق ذي قرم فما

يشفيه غير موائد اللحمان

تبا لكم لو تعقلون لكنتم

خلف الخدور كأضعف النسوان

من أين أنتم والحديث وأهله

والوحي والمعقول بالبرهان

ما عندكم إلا الدعاوى والشكا

وى أو شهادات على البهتان

هذا الذي والله نلنا منكم

في الحرب إذ يتقابل الصفان

والله ما جئتم بقال الله أو

قال الرسول ونحن في الميدان

ص: 225

إلا بجعجعة وفرقعة وغم

غمة وقعقعة بكل لسان

ويحق ذاك لكم وأنتم أهله

أنتم بحاصلكم أولو عرفان

وبحقكم تحموا مناصبكم وأن

تحموا مآكلكم بكل سنان

وبحقنا نحمي الهدى ونذب عن

سنن الرسول ومقتضى القرآن

قبح الإله مناصبا ومآكلا

قامت على العدوان والطغيان

والله لو جئتم بقال الله أو

قال الرسول كفعل ذي الإيمان

كنا لكم شاويش تعظيم وإجـ

ـلال كشاويش لذي سلطان

لكن هجرتم ذا وجئتم بدعة

وأردتم التعظيم بالبهتان

فصل

العلم قال الله قال رسوله

قال الصحابة هم أولو العرفان

ما العلم نصبك للخلاف سفاهة

بين الرسول وبين رأي فلان

كلا ولا جحد الصفات لربنا

في قالب التنزيه والسبحان

كلا ولا نفي العلو لفاطر الأ

كوان فوق جميع ذي الأكوان

كلا ولا عزل النصوص وأنها

ليست تفيد حقائق الإيمان

إذ لا تفيدكم يقينا لا ولا

علما فقد عزلت عن الإيقان

والعلم عندكم ينال بغيرها

بزبالة الأفكار والأذهان

سميتموه قواطعا عقلية

تنفي الظواهر حاملات معان

ص: 226

كلا ولا إحصاء آراء الرجا

ل وضبطها بالحصر والحسبان

كلا ولا التأويل والتبديـ

ـل والتحريف للوحيين بالبهتان

كلا ولا الإشكال والتشكيك والـ

ـوقف الذي ما فيه من عرفان

هذي علومكم التي من أجلها

عاديتمونا يا أولي العرفان

ص: 227

‌فصل: في عقد الهدنة والأمان الواقع بين المعطلة وأهل الإلحاد حزب جنكيزخان

يا قوم صالحتم نفاة الذات والأ

وصاف صلحا موجبا لأمان

وأغرتم وهنا عليهم غارة

قعقعتم فيها لهم بشنان

ما كان فيها من قتيل منهم

كلا ولا فيها أسير عان

ولطفتم في القول أو صانعتم

وآتيتم في بحثكم بدهان

وجلستم معهم مجالسكم مع الـ

أستاذ بالآداب والميزان

وضرعتم للقوم كل ضراعة

حتى أعاروكم سلاح الجاني

فغزوتم بسلاحهم لعساكر الإ

ثبات والآثار والقرآن

ولأجل ذا صانعتموهم عند حر

بكم لهم باللطف والإذعان

ولأجل ذا كنتم مخانيثا لهم

لم تنفتح منكم لهم عينان

ص: 227

حذرا من استرجاعهم لسلاحهم

فترون بعد السلب كالنسوان

وبحثتم ما صاحب الإثبات بالتـ

ـكفير والتضليل والعدوان

وقلبتم ظهر المجن له وأجلبـ

ـتم عليه بعسكر الشيطان

والله هذي ريبة لا يختفي

مضمونها إلا على الثيران

هذا وبينهما أشد تفاوت

فئتان في الرحمن يختصمان

هذا نفي ذات الإله ووصفه

نفيا صريحا ليس بالكتمان

لكن إذا وصف الإله بكل أو

صاف الكمال المطلق الرباني

ونفى النقائص والعيوب كنفيـ

ـه التشبيه للرحمن بالإنسان

فلأي شيء كان حربكم له

بالحد دون معطل الرحمن

قلنا نعم هذا المجسم كافر

أفكان ذلك كامل الإيمان

لا تنطفي نيران غيظكم على

هذا المجسم يا أولي النيران

فالله يوقدها ويصلي حرها

يوم الحساب محرف القرآن

يا قومنا قد ارتكبتم خطة

لم يرتكبها قط ذو عرفان

وأعنتم أعداءكم بوفاقكم

لهم على شيء من البطلان

أخذوا نواصيكم بها ولحاكم

فغدت تجر بذلة وهوان

قلتم بقولهم ورمتم كسرهم

أنّى وقد غلقوا لكم برهان

وكسرتم الباب الذي من خلفه

أعداء رسل الله والإيمان

فأتى عدو ما لكم بقتالهم

وبحربهم أبد الزمان يدان

ص: 228

فغدوتم أسرى لهم بحبالهم

أيديكم شدت إلى الأذقان

حملوا عليكم كالسباع استقبلت

حمرا معقرة ذوي أرسان

صالوا علكم بالذي صلتم به

أنتم علينا صولة الفرسان

لولا تحيزكم إلينا كنتم

وسط العرين ممزقي اللحمان

لكنا بنا استنصرتم وبقولنا

صلتم عليهم صولة الشجعان

واليتم الإثبات إذ صلتم به

وعزلتم التعطيل عزل مهان

وأتيتم تغزوننا بسرية

من عسكر التعطيل والكفران

من ذا بحق الله أجهل منكم

وأحقنا بالجهل والعدوان

تالله ما يدري الفتى بمصابه

والقلب تحت الختم والخذلان

ص: 229

‌فصل: في مصارع النفاة والمعطلين بأسنة أمراء الإثبات والتوحيد

وإذا أردت ترى مصارع من خلا

من أمة التعطيل والكفران

وتراهم أسرى حقير شأنهم

أيديهم غلت إلى الأذقان

وتراهم تحت الرماح دريئة

ما فيهم من فارس طعان

وتراهم تحت السيوف تنوشهم

من عن شمائلهم وعن أيمان

وتراهم انسلخوا من الوحيين والعـ

ـقل الصحيح ومقتضى القرآن

ص: 229

وتراهم والله ضحكة ساخر

ولطالما سخروا من الإيمان

قد أوحشت منهم ربوع زادهـ

ـها الجبار إيحاشا مدى الأزمان

وخلت ديارهم وشتت شملهم

ما فيهم رجلان مجتمعان

قد عطل الرحمن أفئدة لهم

من كل معرفة ومن إيمان

إذ عطلوا الرحمن من أوصافه

والعرش أخلوه من الرحمن

بل عطلوه عن الكلام وعن صفا

ت كماله بالجهل والبهتان

فاقرأ تصانيف الإمام حقيقة

شيخ الوجود العالم الرباني

أعني أبا العباس أحمد ذلـ

ـك البحر المحيط بسائر الخلجان

واقرأ كتاب العقل والنقل الذي

ما في الوجود له نظير ثان

وكذاك منهاج له في رده

قول الروافض شيعة الشيطان

وكذاك أهل الاعتزال فإنه

أرداهم في حفرة الجبان

وكذلك التأسيس أصبح نقضه

أعجوبة للعالم الرباني

وكذاك أجوبة له مصرية

في ست أسفار كتبن سمان

وكذا جواب للنصارى فيه ما

يشفي الصدور وإنه سفران

وكذاك شرح عقيدة للأصبها

ني شارح المحصول شرح بيان

فيها النبوات التي إثباتها

في غاية التقرير والتبيان

والله ما لأولي الكلام نظيره

أبدا وكتبهم بكل مكان

وكذا حدوث العالم العلـ

ـوي والسفلي فيه في أتم نبيان

ص: 230

وكذا قواعد الاستقامة إنها

سفران فيما بيننا ضخمان

وقرأت أكثرها عليه فزادني

والله في علم وفي إيمان

هذا ولو حدثت نفسي أنه

قبلي يموت لكان هذا الشان

وكذاك توحيد الفلاسفة الألى

توحيدهم هو غاية الكفران

سفر لطيف فيه نقض أصولهم

بحقيقة المعقول والبرهان

وكذاك تسعينية فيها له

رد على من قال بالنفساني

تسعون وجها بينت بطلانه

أعني كلام النفس ذا الوحدان

وكذا قواعده الكبار وإنها

أوفى من المائتين في الحسبان

لم يتسع نظمي لها فأسوقها

فأشرت بعض إشارة لبيان

وكذا رسائله إلى البلدان والأ

طراف والأصحاب والإخوان

هي في الورى مبثوثة معلومة

تبتاع بالغالي من الأثمان

وكذا فتاواه فأخبرني الذي

أضحى عليها دائم الطوفان

بلغ الذي ألفاه منها عدة الأ

يام من شهر بلا نقصان

سفر يقابل كل يوم والذي

قد فاتني منها بلا حسبان

هذا وليس يقصر التفسير عن

عشر كبار ليس ذا نقصان

وكذا المفاريد التي في كل مسـ

ـألة فسفر واضح التبيان

ما بين عشر أو تزيد بضعفها

هي كالنجوم لسالك حيران

وله المقامات الشهيرة في الورى

قد قامها لله غير جبان

ص: 231

نصر الإله ودينه وكتابه

ورسوله بالسيف والبرهان

أبدى فضائحهم وبيّن جهلهم

وأرى تناقضهم بكل زمان

وأصارهم والله تحت نعال أهـ

ـل الحق بعد ملابس التيجان

وأصارهم تحت الحضيض وطالما

كانوا هم الأعلام للبلدان

ومن العجائب أنه بسلاحهم

أرداهم تحت الحضيض الداني

كانت نواصينا بأيديهم فما

منا لهم إلا أسير عان

فغدت نواصيهم بأيدينا فما

يلقوننا إلا بحبل أمان

وغدت ملوكهم مماليكا لأنصـ

ـار الرسول بمنة الرحمن

وأتت جنودهم التي صالوا بها

منقادة لعساكر الإيمان

يدري بهذا من له خبر بما

قد قاله في ربه الفئتان

والفدم يوحشنا ولكن هناكم

فحضوره ومغيبه سيان

ص: 232

‌فصل: في بيان أن المصيبة التي حلت بأهل التعطيل والكفران من جهة الأسماء التي ما أنزل الله بها من سلطان

يا قوم أصل بلائكم أسماء لم

ينزل بها الرحمن من سلطان

ص: 232

هي عكستكم غاية التعكيس واقتـ

ـلعت دياركم من الأركان

فتهدمت تلك القصور وأوحشت

منكم ربوع العلم والإيمان

والذنب ذنبكم قبلتم لفظها

من غير تفصيل ولا فرقان

وهي التي اشتملت على أمرين من

حق وأمر واضح البطلان

سميتم عرش المهيمن حيّزا

والاستواء تحيزا بمكان

وجعلتم فوق السموات العلى

جهة وسقتم نفي ذا بوزان

وجعلتم الإثبات تشبيها وتجـ

ـسيما وهذا غاية البهتان

وجعلتم الموصوف جسما قابل الأ

عراض والأكوان والألوان

وجعلتم أوصافه عرضا وهـ

ذا كله جسر إلى النكران

وكذاك سميتم حلول حوادث

أفعاله تلقيب ذي عدوان

إذ تنفر الأسماع من ذا اللفظ نفـ

ـرتها من التشبيه والنقصان

فكسوتم أفعاله لفظ الحوا

دث ثم قلتم قول ذي بطلان

ليست تقوم به الحوادث والمرا

د النفي للأفعال للديان

فإذا انتفت أفعاله وصفاته

وكلامه وعلو ذي السلطان

فبأي شيء كان ربا عندكم

يا فرقة التحقيق والعرفان

والقصد نفي فعاله عنه بذا التلـ

ـقيب فعل الشاعر الفتان

وكذاك حكمة ربنا سميتم

عللا وأغراضا وذان اسمان

لا يشعران بمدحة بل ضدها

فيهون حينئذ على الأذهان

ص: 233

نفي الصفات وحكمة الخلاق والأ

فعال إنكارا لهذا الشأن

وكذا استواء الرب فوق العرش

قلتم إنه التركيب ذو بطلان

وكذاك وجه الرب جل جلاله

وكذاك لفظ يد ولفظ يدان

سميتم ذا كله الأعضاء بل

سميتموه جوارح الإنسان

وسطوتم بالنفي حينئذ عليـ

ـه كنفينا للعيب مع نقصان

قلتم ننزهه على الأعراض والأ

غراض والأبعاض والجثمان

وعن الحوادث أن تحل بذاته

سبحانه من طارق الحدثان

والقصد نفي صفاته وفعاله

والاستواء وحكمة الرحمن

والناس أكثرهم بسجن اللفظ مسـ

ـجونون خوف معرة السجان

والكل إلا الفرد يقبل مذاهبا

في قالب ويرده في ثان

والقصد أن الذات والأوصاف وال

أفعال لا تنفى بذا الهذيان

سموه ما شئتم فليس الشأن في ال

أسماء بل في مقصد ومعان

كم ذا توسلتم بلفظ الجسم

والتجسيم للتعطيل والكفران

وجعلتموه الترس إن قلنا لكم

الله فوق العرش والأكوان

قلتم لنا جسم على جسم

تعالى الله عن جسم وعن جثمان

وكذاك إن قلنا القرآن كلامه

منه بدا لم يبد من إنسان

كلا ولا ملك ولا لوح ولـ

ـكن قاله الرحمن قول بيان

قلتم لنا إن الكلام قيامه

بالجسم أيضا وهو ذو حدثان

ص: 234

عرض يقوم بغير جسم ولم يكن

هذا بمعقول لذي الأذهان

وكذاك حين نقول ينزل ربنا

في ثلث ليل آخر أو ثان

قلتم لنا إن النزول لغير أجسـ

ـام محال ليس ذا إمكان

وكذاك إن قلنا يرى سبحانه

قلتم أجسم كي يرى بعيان

أم كان ذا جهة تعالى ربنا

عن ذا فليس يراه من إنسان

أما إذا قلنا له وجه كما

في النص أو قلنا كذاك يدان

وكذاك إن قلنا كما في النص إ

ن القلب بين أصابع الرحمن

وكذاك إن قلنا الأصابع فوقها

كل العوالم وهي ذو رجفان

وكذاك إن قلنا يداه لأرضه

وسمائه في الحشر قابضتان

وكذاك إن قلنا سيكشف ساقه

فيخر ذاك الجمع للأذقان

وكذاك إن قلنا يجيء لفصله

بين العباد بعدل ذي سلطان

قامت قيامتكم كذاك قيامة الآ

تي بهذا القول في الرحمن

والله لو قلنا الذي قال الصحا

بة والألى من بعدهم بلسان

لرجمتمونا بالحجارة إن قدر

تم بعد رجم الشتم والعدوان

والله قد كفرتم من قال بعض

مقالهم يا أمة العدوان

وجعلتم الجسم الذي قدرتم

بطلانه طاغوت ذا البطلان

ووضعتم للجسم معنى غير معـ

روف به في وضع كل لسان

وبنيتم نفي الصفات عليه فاجـ

ـتمعت لكم إذ ذاك محذوران

ص: 235

كذب على لغة الرسول ونفي إثـ

ـبات العلو لفاطر الأكوان

وركبتم إذ ذاك تحريفين تحـ

ـريف الحديث ومحكم القرآن

وكسبتم وزرين وزر النفي والتـ

ـحريف فاجتمعت لكم كفلان

وعداكم أجران أجر الصدق والـ

إيمان حتى فاتكم حظان

وكسبتم مقتين مقت إلهكم

والمؤمنين فنالكم مقتان

ولبستم ثوبين ثوب الجهل والـ

ـظلم القبيح فبئست الثوبان

واتخذتم طرزين طرز الكبر والتـ

ـيه العظيم فبئست الطرزان

ومددتم نحو العلى باعين لـ

ـكن لم تطل منكم لها الباعان

وأتيتموها من سوى أبوابها

لكن تسورتم من الحيطان

وغلقتم بابين لو فتحا لكم

فزتم بكل بشارة وتهان

باب الحديث وباب هذا الوحي من

يفتحهما فليهنه البابان

وفتحتم بابين من يفتحهما

تفتح عليه مواهب الشيطان

باب الكلام وقد نهيتم عنه

والباب الحريق فمنطق اليونان

فدخلتم دارين دار الجهل في الد

نيا ودار الخزي في النيران

وطعمتم لونين لون الشك والتشـ

ـكيك بعد فبئست اللونان

وركبتم أمرين كم قد أهلكا

من أمة في سالف الأزمان

تقديم آراء الرجال على الذي

قال الرسول ومحكم القرآن

والثاني نسبتهم إلى الألغاز والتلـ

ـبيس والتدليس والكتمان

ص: 236

ومكرتم مكرين لو تما لكم

لتفصمت فينا عرى الإيمان

أطفأتم نور الكتاب وسنة الهـ

ـادي بذا التحريف والهذيان

لكنكم أوقدتمو للحرب نا

را بين طائفتين مختلفان

والله مطفيها بألسنة الألى

قد خصهم بالعلم والإيمان

والله لو غرق المجسم في دم التـ

ـجسيم من قدم إلى الآذان

فالنص أعظم عنده وأجل قد

را أن يعارضه بقول فلان

ص: 237

‌فصل: في كسر الطاغوت الذي نفوا به صفات ذي الملكوت والجبروت

أهون بذا الطاغوت لا عز اسمه

طاغوت ذي التعطيل والكفران

كم من أسير بل جريح بل قتيـ

ـل تحت ذا الطاغوت في الأزمان

وترى الجبان يكاد يخلع قلبه

من لفظه تبا لكل جبان

وترى المخنث حين يقرع سمعه

تبدو عليه شمائل النسوان

ويظل منكوحا لكل معطل

ولكل زنديق أخي كفران

وترى صبي العقل يفزعه اسمه

كالغول حين يقال للصبيان

كفران هذا الاسم لا سبحانه

أبدا وسبحان العظيم الشان

كم ذا التترس بالمحال أما ترى

قد مزقته كثرة السهمان

ص: 237

جسم وتجسيم وتشبيه أما

تعيون من فشر ومن هذيان

أنتم وضعتم ذلك الطاغـ

ـوت ثم به نفيتم موجب القرآن

وجعلتموه شاهدا بل حاكما

هذا على من يا أولي العدوان

أعلى كتاب الله ثم رسوله

بالله فاستحيوا من الرحمن

فقضاؤه بالجور والعدوان مثـ

ـل قيامه بالزور والعدوان

وقيامه بالزور مثل قضائه

بالجور والعدوان والبهتان

كم ذي الجعاجع ليس شيء تحتها

إلا الصدى كالبوم في الخربان

ونظير هذا قول ملحدكم وقد

جحد الصفات لفاطر الأكوان

لو كان موصوفا لكان مركبا

فالوصف والتركيب متحدان

ذا المنجنيق وذلك الطاغوت قد

هدما دياركم إلى الأركان

والله ربي قد أعان بكسر ذا

وبقطع ذا سبحان ذي الإحسان

فلئن زعمتم أن هذا لازم

لمقالكم حقا لزوم بيان

فلنا جوابات ثلاث كلها

معلومة الإيضاح والتبيان

منع اللزوم وما بأيديكم سوى

دعوى مجردة عن البرهان

لا يرتضيها عالم أو عاقل

بل تلك حيلة مفلس فتان

فلئن زعمتم أن منع لزومه

منكم مكابرة على البطلان

فجوابنا الثاني امتناع النفي في

ما تدعون لزومه ببيان

إن كان ذلك لازما للنص والملـ

ـزوم حق وهو ذو برهان

ص: 238

والحق لازمه فحق مثله

أنى يكون الشيء ذا بطلان

ويكون ملزوما به حقا فذا

عين المحال وليس في الإمكان

فتعين الإلزام حينئذ على

قول الرسول ومحكم القرآن

وجعلتم أتباعه مانسترا

خوف خوفا من التصريح بالكفران

والله ما قلنا سوى ما قاله

هذي مقالتنا بلا كتمان

فجعلتموها جنة والقصد مفهـ

ـوم فنحن وقاية القرآن

هذا وثالث ما نجيب به هو استـ

ـفساركم يا فرقة العرفان

ماذا الذي تعنون بالجسم الذي

ألزمتمونا أوضحوا ببيان

تعنون ما هو قائم بالنفس أو

عال على العرش العظيم الشان

أو ذا الذي قامت به الأوصاف أو

صاف الكمال عديمة النقصان

أو ما تركب من جواهر فردة

أو صورة حلت هيولى ثان

أو ما هو الجسم الذي في العرف أو

في الوضع عند تخاطب بلسان

أو ما هو الجسم الذي في الذهن ذا

ك يقال تعليم لذي الأذهان

ماذا الذي في ذاك يلزم من ثبو

ت علوه من فوق كل مكان

فأتوا بتعيين الذي هو لازم

فإذا تعين ظاهر التبيان

فأتوا ببرهانين برهان اللزو

م ونفي لازمه فذان اثنان

والله لو نشرت لكم أشياخكم

عجزوا ولو واطاهم الثقلان

إن كنتم أنتم فحولا فابرزوا

ودعوا الشكاوى حيلة النسوان

ص: 239

وإذا اشتكيتم فاجعلوا الشكوى إلى

الوحيين لا القاضي ولا السلطان

فنجيب بالتركيب حينئذ جوابا

شافيا فيه هدى الحيران

الحق إثبات الصفات ونفيها

عين المحال وليس في الإمكان

فالجسم إما لازم لثبوتها

فهو الصواب وليس ذا بطلان

أو ليس يلزم من ثبوت صفاته

فشناعة الالتزام بالبهتان

فالمنع في إحدى المقدمتين معـ

ـلوم البيان إذا بلا نكران

المنع إما في اللزوم أو انتقا

ء اللازم المنسوب للبطلان

هذا هو الطاغوت قد أضحى كما

أبصرتموه بمنة الرحمن

ص: 240

‌فصل: في مبدأ العداوة الواقعة بين المثبتين الموحدين وبين النفاة المعطلين

يا قوم تدرون العداوة بيننا

من أجل ماذا في قديم زمان

انأ تحيزنا إلى القرآن والنـ

ـقل الصحيح مفسر القرآن

وكذا إلى العقل الصريح وفطرة الر

حمن قبل تغير الإنسان

هي أربع متلازمات بعضها

قد صدقت بعضا على ميزان

والله ما اجتمعت لديكم هذه

أبدا كما أقررتم بلسان

إذ قلتم العقل الصحيح يعارض الـ

ـمنقول من أثر ومن قرآن

ص: 240

فنقدم المعقول ثم نصرف الـ

ـمنقول بالتأويل ذي الألوان

فإذا عجزنا عنه ثم ألقيناه لم

نعبأ به قصدا إلى الإحسان

ولكم بذا سلف لهم تابعتم

لما دعوا للأخذ بالقرآن

صدوا فلما أن أصيبوا أقسموا

لمرادنا توفيق ذي الإحسان

ولقد أصيبوا في قلوبهم وفي

تلك العقول بغاية النقصان

فأتوا بأقوال إذا حصلتها

أسمعت ضحكة هازل مجان

هذا جزاء المعرضين عن الهدى

متعوضين زخارف الهذيان

واضرب لهم مثلا بشيخ القوم إذ

يأبى السجود بكبر ذي طغيان

ثم ارتضى أن صار قوادا لأر

باب الفسوق وكل ذي عصيان

وكذاك أهل الشرك قالوا كيف ذا

بشر أتى بالوحي والقرآن

ثم ارتضوا أن يجعلوا معبودهم

من هذه الأحجار والأوثان

وكذاك عباد الصليب حموا بتا

ركهم من النسوان والولدان

وأتوا إلى رب السموات العلى

جعلوا له ولدا من الذكران

وكذلك الجهمي نزه ربه

عن عرشه من فوق ذي الأكوان

حذرا من الحصر الذي في ظنه

أو أن يرى متحيزا بمكان

فأصاره عدما وليس وجوده

متحققا في خارج الأذهان

لكنما قدماءهم قالوا بأن

الذات قد وجدت بكل مكان

جعلوه في الآبار والأنجاس والـ

ـحانات والخربات والقيعان

والقصد أنكم تحيزتم إلى الآر

اء وهي كثيرة الهذيان

فتلونت بكم فجئتم أنتم

متلونين عجائب الأكوان

وعرضتم قول الرسول على الذي

قد قاله الأشياخ عرض وزان

وجعلتم أقوالهم ميزان ما

قد قاله والقول في الميزان

ووردتم سفل المياه ولم نكن

نرضى بذاك الورد للظمآن

وأخذتم أنتم بنيات الطريق ونحـ

ن سرنا في الطريق الأعظم السلطاني

وجعلتم ترس الكلام مجنكم

تبا لذاك الترس عند طعان

ورميتم أهل الحديث بأسهم

عن قوس موتور الفؤاد جبان

فتترسوا بالوحي والسنن التي

تتلوه نعم الترس للشجعان

ص: 241

هو ترسهم والله من عدوانكم

والترس يوم البعث من نيران

أفتاركوه لفشركم ومحالكم

لا كان ذاك بمنة الرحمن

ودعوتمونا للذي قلتم به

قلنا معاذ الله من خذلان

فاشتد ذاك الحرب بين فريقنا

وفريقكم وتفاقم الأمران

وتأصلت تلك العداوة بيننا

من يوم أمر الله للشيطان

بسجوده فعصى وعارض أمره

بقياسه وبعقله الخوان

فأتى التلاميذ الوقاح فعارضوا

أخباره بالفشر والهذيان

ومعارض للأمر مثل معارض الأ

خبار هم في كفرهم صنوان

من عارض المنصوص بالمعقول قد

ما أخبرونا يا أولي العرفان

أو ما عرفتم أنه القدري والـ

ـجبري أيضا ذاك في القرآن

إذ قال قد أغويتني وفتنتني

لأزينن لهم مدى الأزمان

فاحتج بالمقدور ثم أبان أن الـ

ـفعل منه بغية وزيان

فانظر إلى ميراثهم ذا الشيـ

ـيخ بالتعصيب والميراث بالسهمان

فسألتكم بالله من وراثه

منا ومنكم بعد ذا التبيان

هذا الذي ألقى العداوة بيننا

إذ ذاك واتصلت به إلى الآن

أصلتم أصلا وأصل خصمكم

أصلا فحين تقابل الأصلان

ظهر التباين فانتشت ما بيننا الـ

ـحرب العوان وصيح بالأقران

أصلتم آراء الرجال وخرصها

من غير برهان ولا سلطان

ص: 242

هذا وكم رأي لهم فبرأي من

نزن النصوص فأوضحوا ببيان

كل له رأي ومعقول له

يدعو ويمنع أخذ رأي فلان

والخصم أصل محكم القرآن مع

قول الرسول فطرة الرحمن

وبنى عليه فاعتلى بنيانه

نحو السما أعظم بذا البنيان

وعلى شفا جرف بنيتم أنتم

فأتت سيول الوحي والإيمان

قلعت أساس بنائكم فتهدمت

تلك السقوف وخر للأركان

الله أكبر لو رأيتم ذلك البنيـ

ـان حين علا كمثل دخان

تسمو إليه نواظر من تحته

وهو الوضيع ولو يرى بعيان

فاصبر له وهنا ورد الطرف تلقـ

ـاه قريبا في الحضيض الداني

ص: 243

‌فصل: في بيان أن التعطيل أساس الزندقة والكفران والإثبات أساس العلم والإيمان

من قال إن الله ليس بفاعل

فعلا يقوم به قيام معان

كلا وليس الأمر أيضا قائما

بالرب بل من جملة الأكوان

كلا وليس الله فوق عباده

بل عرشه خلو من الرحمن

فثلاثة والله لا تبقي من الإ

يمان حبة خردل بوزان

ص: 243

وقد استراح معطل هذه الثلا

ث من الإله وجملة القرآن

ومن الرسول ودينه وشريعة

الإسلام بل من جملة الأديان

وتمام ذاك جحوده لصفاته

والذات دون الوصف ذو بطلان

وتمام ذا الإيمان إقرار الفتى

بالله فاطر هذه الأكوان

فإذا أقر به وعطل كل مفـ

ـروض ولم يتوق من عصيان

لم ينقص الإيمان حبة خردل

أنى وليس بقابل النقصان

وتمام هذا قوله أن النبـ

ـوة ليس وصفا قام به الإنسان

لكن تعلق ذلك المعنى القديـ

ـم بواحد من جملة الإنسان

هذا وما ذاك التعلق ثابتا

في خارج بل ذاك في الأذهان

فتعلق الأقوال لا يعطي الذي

وقفت عليه الكون في الأعيان

هذا إذا ما حصل المعنى الذي

قلتم هو النفسي في البرهان

لكن جمهور الطوائف لم يروا

ذا ممكنا بل ذاك ذو بطلان

ما قال هذا غيركم من سائر النـ

ـظار في الآفاق والأزمان

تسعون وجها بينت بطلانه

لولا القريض لسقتها بوزان

يا قوم أين الرب؟ أين كلامه؟

أين الرسول فأوضحوا ببيان

ما فوق عرش الرب من هو قائل

طه ولا حرفا من القرآن

ولقد شهدتم أن هذا قولكم

والله يشهد مع أولي الأيمان

وارحمتاه لكم غبنتم حظكم

من كل معرفة ومن إيمان

ص: 244

ونسبتم للكفر أولى منمكم

بالله والإيمان والقرآن

هذي بضاعتكم فمن يستامها

فقد ارتضى بالجهل والخسران

وتمام هذا قولكم في مبدأ

ومعادنا أعني المعاد الثاني

وتمام هذا قولكم بفناء دا

ر الخلد فالداران فانيتان

يا قومنا بلغ الوجود بأسره الد

نيا مع الأخرى مع الإيمان

الخلق والأمر المنزل والجزا

ومنازل الجنات والنيران

والناس قد ورثوه بعد فمنهم

ذو السهم والسهمين والسهمان

بئس المورث والمورث والترا

ث ثلاثة أهل لكل هوان

يا وراثين نبيهم بشراكم

ما إرثكم مع إرثهم سيان

شتان بين الوارثين وبين مو

روثيهما وسهام ذي سهمان

يا قوم ما صاح الأئمة جهدهم

بالجهم من أقطارها بأذان

إلا لما عرفوه من أقواله

ومآلها بحقيقة العرفان

قول الرسول وقول جهم عندنا

في قلب عبد ليس يجتمعان

نصحوكم والله جهد نصيحة

ما فيهم والله من خوان

فخذو بهديهم فربي ضامن

ورسوله أن تفعلوا بجنان

فإذا أبيتم فالسلام على من اتبـ

ـع الهدى وانقاد للقرآن

سيروا على نجب العزائم واجعلوا

بظهورها المسرى إلى الرحمن

سبق المفرد وهو ذاكر ربه

في كل حال ليس ذا نسيان

ص: 245

لكن أخو الغفلات منقطع به

بين المفاوز تحت ذي الغيلان

صيد السباع وكل وحش كاسر

بئس المضيف لأعجز الضيفان

وكذلك الشيطان يصطاد الذي

لا يذكر الرحمن كل أوان

والذكر أنواع فأعلى نوعه

ذكر الصفات لربنا المنان

وثبوتها أصل لهذا الذكر والنـ

ـافي لها داع إلى النسيان

فلذاك كان خليفة الشيطان ذا

لا مرحبا بخليفة الشيطان

والذاكرون على مراتبهم فأعـ

ـلاهم أولو الإيمان والعرفان

بصفاته العليا إذا قاموا بحمـ

ـد الله في سر وفي إعلان

وأخص أهل الذكر بالرحمن أعـ

ـلمهم بها هم صفوة الرحمن

وكذاك كان محمد وأبوه إبـ

ـراهيم والمولود من عمران

وكذاك نوح وابن مريم عندنا

هم خير خلق الله من إنسان

لمعارف حصلت لهم بصفاته

لم يؤتها أحد من الإنسان

وهم أولو العزم الذي بسورة الأ

حزاب والشورى أتوا ببيان

وكذلك القرآن مملوء من الأ

وصاف وهي القصد بالقرآن

ليصير معروفا لنا بصفاته

ويصير مذكورا لنا بجنان

ولسان أيضا مع محبتنا له

فلأجل ذا الثبات في الإيمان

مثل الأساس من البناء فمن يرم

هدم الأساس فكيف بالبنيان

والله ما قام البناء لدين رسـ

ـل الله بالتعطيل للديّان

ص: 246

ما قام إلا بالصفات مفصلا

إثباتها تفصيل ذي عرفان

فهي الأساس لديننا ولكل ديـ

ـن قبله من سائر الأديان

وكذاك زندقة العباد أساسها التـ

ـعطيل يشهد ذا أولو العرفان

والله ما في الأرض زندقة بدت

إلا من التعطيل والنكران

والله ما في الأرض زندقة بدت

من جانب الإثبات والقرآن

هذي زنادقة العباد جميعهم

ومصنفاتهم بكل مكان

ما فيهم أحد يقول الله فو

ق العرش مستول على الأكوان

ويقول إن الله جل جلاله

متكلم بالوحي والقرآن

ويقول إن الله كلم عبده

موسى فأسمعه بذي الآذان

ويقول إن النقل غير معارض

للعقل بل أمران متفقان

والنقل جاء بما يحار العقل فيـ

ـه لا بالمحال البيّن البطلان

فانظر إلى الجهمي كيف أتى إلى

أس الهدى ومعاقل الإيمان

بمعاول التعطيل يقطعها فما

يبقى على التعطيل من إيمان

يدري بهذا عارف بمآخذ ال

أقوال مضطلع بهذا الشان

والله لو حدقتم لرأيتم

هذا وأعظم منه رأي عيان

لكن على تلك العيون غشاوة

ما حيلة الكحال في العميان

ص: 247

‌فصل: في بهت أهل الشرك والتعطيل في رميهم أهل التوحيد والإثبات بتنقيص الرسول

قالوا تنقصتم من رسول الله وا

عجبا لهذا البغي والبهتان

عزلوه أن يحتج قط بقوله

في العلم بالله العظيم الشان

عزلوا كلام الله ثم رسوله

عن ذاك عزلا ليس ذا كتمان

جعلوا حقيقته وظاهره هو الـ

ـكفر الصريح البيّن البطلان

قالوا وظاهره هو التشبيه والتـ

ـجسيم حاشا ظاهر القرآن

من قال في الرحمن ما دلت عليـ

ـه حقيقة الأخبار والفرقان

فهو المشبه والممثل والمجـ

ـسم عابد الأوثان لا الرحمن

تالله قد مسخت عقولكم فليـ

ـس وراء هذا قط من نقصان

ورميتم حزب الرسول وجنده

بمصابكم يا فرقة البهتان

وجعلتم التنقيص عين وفاقه

إذ لم يوافق ذاك رأي فلان

أنتم تنقصتم إله العرش

والقرآن والمبعوث بالقرآن

نزهتموه عن صفات كماله

وعن الكلام وفوق كل مكان

وجعلتم ذا كله التشبيه والتـ

ـمثيل والتجسيم ذا البطلان

وكلامكم فيه الشفاء وغاية الـ

ـتحقيق يا عجبا لذا الخذلان

ص: 248

جعلوا عقولهم أحق بأخذ ما

فيها من الأخبار والقرآن

وكلامه لا يستفاد به اليقيـ

ـن لأجل ذا لا يقبل الخصمان

تحكيمه عند اختلافهما بل الـ

ـمعقول ثم المنطق اليوناني

أي التنقص بعد ذا لولا الوقا

حة والجراءة يا أولي العدوان

يا من له عقل ونور قد غدا

يمشي به في الناس كل زمان

لكننا قلنا مقالة صارخ

في كل وقت بينكم بأذان

الرب رب والرسول فعبده

حقا وليس لنا إله ثان

فلذاك لم نعبده مثل عبادة الـ

ـرحمن فعل المشرك النصراني

كلا ولم نغل الغلو كما نهى

عنه الرسول مخافة الكفران

لله حق لا يكون لغيره

ولعبده حق هما حقان

لا تجعلوا الحقين حقا واحدا

من غير تمييز ولا فرقان

فالحج للرحمن دون رسوله

وكذا الصلاة وذبح ذا القربان

وكذا السجود ونذرنا ويميننا

وكذا متاب العبد من عصيان

وكذا التوكل والإنابة والتقى

وكذا الرجاء وخشية الرحمن

وكذا العبادة واستعانتنا به

إياك نعبد ذان توحيدان

وعليهما قام الوجود بأسره

دنيا وأخرى حبذا الركنان

وكذلك التسبيح والتكبير والتـ

ـهليل حق إلهنا الديان

لكنما التعزيز والتوقير حـ

ق للرسول بمقتضى القرآن

ص: 249

والحب والإيمان والتصديق لا

يختص بل حقان مشتركان

هذي تفاصيل الحقوق ثلاثة

لا تجهلوها يا أولي العدوان

حق الإله عبادة بالأمر لا

بهوى النفوس فذاك للشيطان

من غير إشراك به شيئا هما

سببا النجاة فحبذا السببان

ورسوله فهو المطاع وقوله المـ

ـقبول إذ هو صاحب البرهان

والأمر منه الحتم لا تخيير فيـ

ـه عند ذي عقل وذي إيمان

من قال قولا غيره قمنا على

أقواله بالسبر والميزان

إن وافقت قول الرسول وحكمه

فعلى الرؤوس تشال كالتيجان

أو خالفت هذا رددناها على

من قالها من كان من إنسان

أو أشكلت عنا توقفنا ولم

نجزم بلا علم ولا برهان

هذا الذي أدى إليه علمنا

وبه ندين الله كل أوان

فهو المطاع وأمره العالي على

أمر الورى وأوامر السلطان

وهو المقدم في محبتنا على الـ

أهلين والأزواج والولدان

وعلى العباد جميعهم حتى على النـ

ـفس التي قد ضمها الجنبان

ونظير هذا قول أعداء المسـ

ـيح من النصارى عابدي الصلبان

إنا تنقصنا المسيح بقولنا

عبد وذلك غاية النقصان

لو قلتم ولد إله خالق

وفيتموه حقه بوزان

وكذاك أشباه النصارى قد غلوا

في دينهم بالجهل والطغيان

ص: 250

صاروا معادين الرسول وديننا

في صورة الأحباب والإخوان

فانظر إلى تبديلهم توحيده

بالشرك والإيمان بالكفران

وانظر إلى تجريده التوحيد من

أسباب كل الشرك بالرحمن

راجع مقالتهم وما قد قاله

واستدع بالنقاد والوزان

عقل وفطرتك السليمة ثم زن

هذا وذا لا تطغ في الميزان

فهناك تعلم أي حزبينا هو الـ

منتقص المنقوص ذو العدوان

رامي البريء بدائه ومصابه

فعل المباهت أوقح الحيوان

كمعيّر الناس بالزغل الذي

هو ضربه فاعجب لذي البهتان

يا فرقة التنقيص بل يا أمة

الدعوى بلا علم ولا عرفان

والله ما قدمتم يوما مقا

لته على التقليد للإنسان

والله ما قال الشيوخ وقال إلا

كنتم معهم بلا كتمان

والله أغلاط الشيوخ لديكم

أولى من المعصوم بالبرهان

وكذا قضيتم بالذي حكمت به

جهلا على الأخبار والقرآن

والله إنهم لديكم مثل

معصوم وهذا غاية الطغيان

تبا لكم ماذا التنقص بعد ذا

لو تعرفون العدل من نقصان

والله ما يرضيه جعلكم له

ترسا لشرككم وللعدوان

وكذاك جعلكم المشايخ جنة

بخلافه والقصد ذو تبيان

والله يشهد ذا بجذر قلوبكم

وكذاك يشهده أولو الإيمان

ص: 251

والله ما عظمتموه طاعة

ومحبة يا فرقة العصيان

إني وجهلكم به وبدينه

وخلافكم للوحي معلومان

أوصاكم أشياخكم بخلافهم

لوفاقه في سالف الأزمان

خالفتم قول الشيوخ وقوله

فغدا لكم خلفان متفقان

والله أمركم عجيب معجب

ضدان فيكم ليس يتفقان

تقديم آراء الرجال عليه مع

هذا الغلو فكيف يجتمعان

كفرتم من جرد التوحيد جهـ

ـلا منكم بحقائق الإيمان

لكن تجردتم لنصر الشرك والـ

ـبدع المضلة في رضا الشيطان

والله لم نقصد سوى التجريد للتـ

ـوحيد ذاك وصية الرحمن

ورضا رسول الله منا لا غلو

الشرك أصل عبادة الأوثان

والله لو يرضى الرسول دعاءنا

إياه بادرنا إلى الإذعان

والله لو يرضى الرسول سجودنا

كنا نخر له على الأذقان

والله ما يرضيه منا غير

إخلاص وتحكيم لذا القرآن

ولقد نهى ذا الخلق عن إطرائه

فعل النصارى عابدي الصلبان

ولقد نهانا أن نصير قبره

عيدا حذار الشرك بالرحمن

ودعا بأن لا يجعل القبر الذي

قد ضمه وثنا من الأوثان

فأجاب رب العالمين دعاءه

وأحاطه بثلاثة الجدران

حتى اغتدت أرجاؤه بدعائه

في عزة وحماية وصيان

ص: 252

ولقد غدا عند الوفاة مصرحا

باللعن يصرخ فيهم بأذان

وعنى الألى جعلوا القبور مساجدا

وهم اليهود وعابدو الصلبان

والله لولا ذاك أبرز قبره

لكنهم حجبوه بالحيطان

قصدوا إلى تسنيم حجرته ليمـ

ـتنع السجود له على الأذقان

قصدوا موافقة الرسول وقصـ

ـده التجريد للتوحيد للرحمن

يا فرقة جهلت نصوص نبيهم

وقصوده وحقيقة الإيمان

فسطوا على أتباعه وجنوده

بالبغي والعدوان والبهتان

لا تعجلوا وتبينوا وتثبتوا

فمصابكم ما فيه من حيران

قلنا الذي قال الأئمة قبلنا

وبه النصوص أتت على التبيان

القصد حج البيت وهو فريضة الر

حمن واجبة على الأعيان

ورحالنا شدت إليه من بقا

ع الأرض قاصيها كذاك الداني

من لم يزر بيت الإله فما له

من حجه سهم ولا سهمان

وكذا نشد رحالنا للمسجد النـ

ـبوي خير مساجد البلدان

من بعد مكة أو على الإطلاق فيـ

ـه الخلف بين القوم منذ زمان

ونراه عند النذر فرضا لكـ

ـن النعمان يأبى ذا وللنعمان

أصل هو النافي الوجوب فإنه

ما جنسه فرضا على الإنسان

ولنا براهين تدل بأنه

بالنذر مفترض على الإنسان

أمر الرسول لكل ناذر طاعة

بوفائه بالنذر بالإحسان

ص: 253

وصلاتنا فيه بألف من سوا

هـ ما خلا ذا الحجر والأركان

وكذا صلاة في قبا فكعمرة

في أجرها والفضل للمنان

فإذا أتينا المسجد النبوي

صلينا التحية أولا ثنتان

بتمام أركان لها وخشوعها

وحضور قلب فعل ذي الإحسان

ثم انثنينا للزيارة نقصد القبـ

ـر الشريف ولو على الأجفان

فنقوم دون القبر وقفة خاضع

متذلل في السر والإعلان

فكأنه في القبر حيّ ناطق

فالواقفون نواكس الأذقان

ملكتهم تلك المهابة فاعترت

تلك القوائم كثرة الرجفان

وتفجرت تلك العيون بمائها

ولطالما غاضت على الأزمان

وأتى المسلم بالسلام بهيبة

ووقار ذي علم وذي إيمان

لم يرفع الأصوات حول ضريحه

كلا ولم يسجد على الأذقان

كلا ولم ير طائفا بالقبر أسـ

ـبوعا كأن القبر بيت ثان

من انثنى بدعائه متوجها

لله نحو البيت ذي الأركان

هذي زيارة من غدا متمسكا

لشريعة الاستلام والإيمان

من أفضل الأعمال هاتيك الزيا

رة وهي يوم الحشر في الميزان

لا تلبسوا الحق الذي جاءت به

سنن الرسول بأعظم البرهان

هذي زيارتنا ولم ننكر سـ

ـوى البدع المضلة يا أولي العدوان

وحديث شد الرحل نص ثابت

يجب المصير أليه بالبرهان

ص: 254

‌فصل: في تعيين أن اتباع السنة والقرآن طريقة النجاة من النيران

يا من يريد نجاته يوم الحسا

ب من الجحيم وموقد النيران

اتبع رسول الله في الأقوال والأ

عمال لا تخرج عن القرآن

وخذ الصحيحين الذين همـ

ـا لعقد الدين والإيمان واسطتان

واقرأهما بعد التجرد من هوى

وتعصب وحمية الشيطان

واجعلهما حكما ولا تحكم على

ما فيهما أصلا بقول فلان

واجعل مقالته كبعض مقالة مقال الأ

شياخ تنصرها بكل أوان

وانصر مقالته كنصرك للذي

قلدته من غير ما برهان

قدر رسول الله عندك وحده

والقول منه إليك ذو تبيان

ماذا ترى فرضا عليك معينا

إن كنت ذا عقل وذا إيمان

عرض الذي قالوا على أقواله

أو عكس ذاك فذانك الأمران

هي مفرق الطرقات بين طريقنا

وطريق أهل الزيغ والعدوان

قدر مقالات العباد جميعهم

عدما وراجع مطلع الإيمان

واجعل جلوسك بين صحب محمد

وتلق معهم عنه بالإحسان

وتلق عنهم ما تلقوه هم

عنه من الإيمان والعرفان

ص: 255

أفليس في هذا بلاغ مسافر

يبغي الإله وجنة الحيوان

لولا التناوش بين هذا الخلق ما

كان التفرق قط في الحسبان

فالرب رب واحد وكتابه

حق وفهم الحق منه دان

ورسوله قد أوضح الحق المبين

بغاية الإيضاح والتبيان

ما ثم منه فوق كل نصيحة

يحتاج سامعها الى تبيان

والنصح منه فوق كل نصيحة

والعلم مأخوذ عن الرحمن

فلأي شيء يعدل الباغي الهدى

عن قوله لولا عمى الخذلان

فالنقل عنه مصدق والقول من

ذي عصمة ما عندنا قولان

والعكس عند سواه في الأمرين يا

من يهتدي هل يستوي النقلان

تالله قد لاح الصباح لمن له

عينان نحو الفجر ناظرتان

وأخو العماية في عمايته يقو

ل الليل بعد أيستوي الرجلان

تالله قد رفعت لك الأعلام إن

كنت المشمر نلت دار أمان

وإذا جنبت وكنت كسلانا فما

حرم الوصول إليه غير جبان

فاقدم وعد بالوصل نفسك واهـ

ـجر المقطوع منه قاطع الإنسان

عن نيل مقصده فذاك عدوه

ولو أنه منه القريب الداني

ص: 256

‌فصل: في تيسير السير إلى الله على المثبتين الموحدين وامتناعه على المعطلين والمشركين

يا قاعدا سارت به أنفاسه

سير البريد وليس بالذملان

حتى متى هذا الرقاد وقد سرى

وفد المحبة مع أولي الإحسان

وحدت بهم عزماتهم نحو العلى

لا حادي الركبان والأظعان

ركبوا العزائم واعتلوا بظهورها

وسروا فما حنوا إلى نعمان

ساروا رويدا ثم جاءوا أولا

سير الدليل يؤم بالركبان

ساروا بإثبات الصفات إليه لا التـ

ـعطيل والتحريف والنكران

عرفوه بالأوصاف فامتلأت قلو

بهم له بالحب والإيمان

فتطايرت تلك القلوب اليه بالـ

أشواق إذ ملئت من العرفان

وأشدهم حبا له أدراهم

بصفاته وحقائق القرآن

فالحب يتبع للشعور بحسبه

يقوى ويضعف ذاك ذو تبيان

ولذاك كان العارفون صفاته

أحبائه هم أهل هذا الشان

ولذاك كان العالمون بربهم

أحبابه وبشرعة الإيمان

ولذاك كان المنكرون لها هم الـ

أعداء حقا هم أولو الشنآن

ولذاك كان الجاهلون بذا وذا

بغضاؤه حقا ذوي شنآن

ص: 257

وحياة قلب العبد في شيئين من

يرزقهما يحيا مدى الأزمان

في هذه الدنيا وفي الأخرى يكو

ن الحي ذا الرضوان والإحسان

ذكر الإله وحبه من غير إشـ

ـراك به وهما فممتنعان

من صاحب التعطيل حقا كامتنا

ع الطائر المقصوص من طيران

أيحبه من كان ينكر وصفه

وعلوه وكلامه بقران

لا والذي حقا على العرش استوى

متكلما بالوحي والفرقان

الله أكبر ذاك فضل الله يؤ

تيه لمن يرضى بلا حسبان

وترى المخلف في الديار تقول ذا

إحدى الأثافي خص بالحرمان

الله أكبر ذاك عدل الله يقضيه

على من شاء من إنسان

وله على هذا وهذا الحمد في الأ

ولى وفي الأخرى هما حمدان

حمد لذات الرب جل جلاله

وكذاك حمد العدل والإحسان

يا من تعز عليهم أرواحهم

ويرون غبنا بيعها بهوان

ويرون خسرانا مبينا بيعها

في أثر كل قبيحة ومهان

ويرون ميدان التسابق بارزا

فيتاركون تقحم الميدان

ويرون أنفاس العباد عليهم

قد أحصيت بالعد والحسبان

ويرون أن أمامهم يوم اللقا

لله مسألتان شاملتان

ماذا عبدتم ثم ماذا قد أجبـ

ـتم من أتى بالحق والبرهان

هاتوا جوابا للسؤال وهيئوا

أيضا صوابا للجواب يدان

ص: 258

وتيقنوا أن ليس ينجيكم سوى

جريدكم لحقائق الإيمان

جريدكم توحيده سبحانه

عن شركة الشيطان والأوثان

وكذاك تجريد اتباع رسوله

عن هذه الآراء والهذيان

والله ما ينجي الفتى من ربه

شيء سوى هذا بلا روغان

يا رب جرد عبدك المسكين را

جي الفضل منك وأضعف العبدان

لم تنسه وذكرته فاجعله لا

ينساك أنت بدأت بالإحسان

وبه ختمت فكنت أولى بالجميـ

ـل وبالثناء من الجهول الجاني

فالعبد ليس يضيع بين فواتح

وخواتم من فضل ذي الغفران

أنت العليم به وقد أنشأته

من تربة هي أضعف الأركان

كل عليها قد علا وهوت إلى

تحت الجميع بذلة وهوان

وعلت عليها النيران حتى ظن أن

يعلو عليها الخلق من نيران

وأتى إلى الأبوين ظنا أنه

سيصير الأبوين تحت دخان

فسعت إلى الأبوين رحمتك التي

وسعتهما فعلا بك الأبوان

هذا ونحن بنوهما وحلومنا

في جنب حلمهما لدى الميزان

جزء يسير والعدو فواحد

لهما وأعدانا بلا حسبان

والضعف مستول علينا في جميع

جهاتنا سيما من الأيمان

يا رب معذرة إليك فلم يكن

قصد العباد ركوب ذا العصيان

لكن نفوس سوّلته وغرّها

هذا العدو لها غرور أمان

ص: 259

فتيقنت يا رب أنك واسع الـ

ـغفران ذو فضل وذو إحسان

ومقالنا ما قاله الأبوان قبـ

ـل مقالة العبد الظلوم الجاني

نحن الألى ظلموا وإن لم تغفر الذ

نب العظيم فنحن ذو خسران

يا رب فانصرنا على الشيطان ليـ

ـس لنا به لولا حماك يدان

ص: 260

‌فصل: في ظهور الفرق بين الطائفتين وعدم التباسه إلا على من ليس ذي عينين

والفرق بينكم وبين خصومكم

من كل وجه ثابت ببيان

ما أنتم منهم ولا هم منكم

شتان بين السعد والدبران

فإذا دعونا للقرآن دعوتم

للرأي أين الرأي من قرآن

وإذا دعونا للحديث دعوتم

أنتم إلى تقليد قول فلان

وكذا تلقينا نصوص نبينا

بقبولها بالحق والإذعان

من غير تحريف ولا جحد ولا

تفويض ذي جهل بلا عرفان

لكن بإعراض وتجهيل وتأ

ويل تلقيتم مع النكران

أنكرتموها جهدكم فإذا أتى

ما لا سبيل له إلى نكران

أعرضتم عنه ولم تستنبطوا

منه هدى لحقائق الإيمان

ص: 260

فإذا ابتليتم مكرهين بسمعها

فوضتموها لا على العرفان

لكن بجهل للذي سيقت له

تفويض إعراض وجهل معان

فإذا ابتليتم باحتجاج خصومكم

أوليتموها دفع ذي صولان

فالجحد والإعراض والتأويل والتـ

ـجهيل حظ النص عند الجاني

لكن لدينا حظه التسليم مع

حسن القبول وفهم ذي الإحسان

ص: 261

‌فصل: في التفاوت بين حظ المثبتين والمعطلين من وحي رب العالمين

ولنا الحقيقة من كلام إلهنا

ونصيبكم منه المجاز الثاني

وقواطع الوحيين شاهدة لنا

وعليكم هل يستوي الأمران

وأدلة المعقول شاهدة لنا

أيضا فقاضونا إلى البرهان

وكذاك فطرة ربنا الرحمن شا

هدة لنا أيضا شهود بيان

وكذاك إجماع الصحابة والألى

تبعوهم بالعلم والإحسان

وكذاك إجماع الأئمة بعدهم

هذا كلامهم بكل مكان

هذي الشهود فهل لديكم أنتم

من شاهد بالنفي والنكران

وجنودنا من قد تقدم ذكرهم

وجنودكم فعساكر الشيطان

ص: 261

وخيامنا مضروبة بمشاعر الـ

ـوحيين من خبر ومن قرآن

وخيامكم مضروبة بالتيه فالسـ

ـكان كل ملدد حيران

هذي شهادتهم على محصولهم

عند الممات وقولهم بلسان

والله يشهد أنهم أيضا كذا

تكفي شهادة ربنا الرحمن

ولنا المساند والصحاح وهـ

ـذه السنن التي نابت عن القرآن

ولكم تصانيف الكلام وهذه الـ

آراء وهي كثيرة الهذيان

شبه يكسر بعضها بعضا كبيـ

ـت من زجاج خرّ للأركان

هل ثم شيء غير رأي أو كلا

م باطل أو منطق اليونان

ونقول قال الله قال رسوله

في كل تصنيف وكل مكان

لكن تقولوا قال أرسطو وقا

ل ابن الخطيب وقال ذو العرفان

شيخ لكم يدعى ابن سينا لم يكن

متقيدا بالدين والإيمان

وخيار ما تأتون قال الأشعر

ي وتشهدون عليه بالبهتان

فالأشعري مقرر لعلو رب الـ

ـعرش فوق جميع ذي الأكوان

في غاية التقرير بالمعقول

والمنقول ثم بفطرة الرحمن

هذا ونحن تاركو الآراء

للنقل الصحيح ومحكم الفرقان

لكنكم بالعكس قد صرحتم

ووضعتم القانون ذا البهتان

والنفي عندكم على التفصيل والـ

إثبات إجمالا بلا نكران

والمثبتون طريقهم نفي على والـ

إجمال والتفصيل بالتبيان

ص: 262

فتدبروا القرآن مع من منكما؟

وشهادة المبعوث بالقرآن

وعرضتم قول الرسول على الذي

قال الشيوخ ومحكم الفرقان

فالمحكم النص الموافق قولهم

لا يقبل التأويل في الأذهان

لكنما النص المخالف قولهم

متشابه متأول في الأذهان

وإذا تأدبتم تقولوا مشكل

أفواضح يا قوم رأي فلان

والله لو كان الموافق لم

يكن متشابها متأولا بلسان

لكن عرضنا نحن أقوال الشيو

خ على الذي جاءت به الوحيان

ما خالف النصين لم نعبأ به

شيئا وقلنا حسبنا النصان

والمشكل القول المخالف عندنا

في غاية الإشكال لا التبيان

والعزل والإبقاء مرجعه إلى الـ

آرء عندكم بلا كتمان

لكن لدينا ذاك مرجعه إلى

قول الرسول ومحكم القرآن

والكفر والإسلام عين خلافه

ووفاقه لا غير بالبرهان

والكفر عندكم خلاف شيوخكم

ووفاقهم فحقيقة الإيمان

هذي سبيلكم وتلك سبيلنا

والموعد الرحمن بعد زمان

وهناك يعلم أي حزبينا على الـ

حق الصريح وفطرة الديان

فاصبر قليلا إنما هي ساعة

فإذا أصبت ففي رضا الرحمان

فالقوم مثلك يألمون ويصبرو

ن وصبرهم في طاعة الشيطان

ص: 263

‌فصل: في بيان الاستغناء بالوحي المنزل من السماء عن تقليد الرجال والآراء

يا طالب الحق المبين ومؤثرا

علم اليقين وصحة الإيمان

اسمع مقالة ناصح خبر الذي

عند الورى مذ شب حتى الآن

ما زال مذ عقدت يداه إزاره

قد شد ميرزه إلى الرحمن

وتخلل الفترات للعزمات أمـ

ـر لازم لطبيعة الإنسان

وتولد النقصان من فتراته

أو ليس سائرنا بني النقصان

طاف المذاهب يبتغي نورا

ليهديه وينجيه من النيران

وكأنه قد طاف يبتغي ظلمة الـ

ـليل البهيم ومذهب الحيران

والليل لا يزداد إلا قوة

والصبح مقهور بذي السلطان

حتى بدت في سيره نار على

طور المدينة مطلع الإيمان

فأتى ليقبسها فلم يمكنه مع

تلك القيود منالها بأمان

لولا تداركه الإله بلطفه

ولى على العقبين ذا نكصان

لكن توقف خاضعا متذللا

مستشعر الإفلاس من أثمان

فأتاه جند حل عنه قيوده

فامتد حينئذ له الباعان

والله لولا أن تحل قيوده

وتزول عنه ربقة الشيطان

ص: 264

كان الرقي إلى الثريا مصعدا

من دون تلك النار في الإمكان

فرأى بتلك النار آكام المديـ

ـنة كالخيام تشوفها العينان

ورأى هنالك كل هاد مهتد

يدعو إلى الإيمان والإيقان

فهناك هنأ نفسه متذكرا

ما قاله المشتاق منذ زمان

والمستهام على المحبة لم يزل

حاشا لذكراكم من النسيان

لو قيل ما تهوى؟ لقال مبادرا

أهوى زيارتكم على الأجفان

تالله إن سمح الزمان بقربكم

وحللت منكم بالمحل الداني

لأعفرن الخد شكرا في الثرى

ولأكحلن بتربكم أجفاني

إن رمت تبصر ما ذكرت فغض طر

فا عن سوى الآثار والقرآن

واترك رسوم الخلق لا تعبأ بها

في السعد ما يغنيك عن دبران

حذق لقلبك في النصوص كمثل ما

قد حذقوا في الرأي طول زمان

واكحل جفون القلب بالوحيين واحـ

ـذر كحلهم يا كثرة العميان

فالله بين فيهما طرق الهدى

لعباده في أحسن التبيان

لم يحوج الله الخلائق معهما

لخيال فلتان ورأي فلان

فالوحي كاف للذي يعنى به

شاف لداء جهالة الإنسان

وتفاوت العلماء في أفهامهم

للوحي فوق تفاوت الأبدان

والجهل داء قاتل وشفاؤه

أمران في التركيب متفقان

نص من القرآن أو من سنة

وطبيب ذاك العالم الرباني

ص: 265

والعلم أقسام ثلاث ما لها

من رابع والحق ذو تبيان

علم بأوصاف الإله وفعله

وكذلك الأسماء للرحمن

والأمر والنهي الذي هو دينه

وجزاؤه يوم المعاد الثاني

والكل في القرآن والسنن التي

جاءت عن المبعوث بالفرقان

والله ما قال امرؤ متحذلق

بسواهما إلا من الهذيان

إن قلتم تقريره فمقرر

بأتم تقرير من الرحمن

أو قلتم إيضاحه فمبيّن

بأتم إيضاح وخير بيان

أو قلتم إيجازه فهو الذي

في غاية الإيجاز والتبيان

أو قلتم معناه هذا فاقصدوا

معنى الخطاب بعينه وعيان

أو قلتم نحن التراجم فاقصدوا المـ

ـعنى بلا شطط ولا نقصان

أو قلتم بخلافه فكلامكم

في غاية الإنكار والبطلان

أو قلتم قسنا عليه نظيره

فقياسكم نوعان مختلفان

نوع يخالف نصه فهو المحا

ل وذاك عند الله ذو بطلان

وكلامنا فيه وليس كلامنا

في غيره أعني القياس الثاني

ما لا يخالف نصه فالناس قد

عملوا به في سائر الأزمان

لكنه عند الضرورة لا يصار

إليه إلا بعد ذا الفقدان

هذا جواب الشافعي لأحمد

لله درك من إمام زمان

والله ما اضطر العباد إليه فيـ

ـما بينهم من حادث بزمان

ص: 266

فإذا رأيت النص عنه ساكتا

فسكوته عفو من الرحمن

وهو المباح إباحة العفو الذي

ما فيه من حرج ولا نكران

فأضف إلى هذا عموم اللفظ والـ

معنى وحسن الفهم في القرآن

فهناك تصبح في غنى وكفاية

عن كل ذي رأي وذي حسبان

ومقدرات الذهن لم يضمن لنا

تبيانها بالنص والقرآن

وهي التي فيها اعتراك الرأي من

تحت العجاج وجولة الأذهان

لكن هنا أمران لو تما لما

احتجنا إليه فحبذا الأمران

جمع النصوص وفهم معناها المرا

د بلفظها والفهم مرتبتان

إحداهما مدلول ذاك اللفظ وضـ

ـعا أو لزوما ثم هذا الثاني

فيه تفاوت الفهم تفاوتا

لم ينضبط أبدا له طرفان

فالشيء يلزمه لوازم جمة

عند الخبير به وذي العرفان

فبقدر ذاك الخبر يحصي من لوا

زمه وهذا واضح التبيان

ولذلك من عرف الكتاب حقيقة

عرف الوجود جميعه ببيان

وكذاك يعرف جملة الشرع الذي

يحتاجه الإنسان كل زمان

علما بتفصيل وعلما مجملا

تفصيله أيضا بوحي ثان

وكلاهما وحيان قد ضمنا لنا

أعلى العلوم بغاية التبيان

ولذاك يعرف من صفات الله والـ

أفعال والأسماء ذي الإحسان

ما ليس يعرف من كتاب غيره

أبدا ولا ما قالت الثقلان

ص: 267

وكذاك يعرف من صفات البعث بالتـ

ـفصيل والإجمال في القرآن

ما يجعل اليوم العظيم مشاهدا

بالقلب كالمشهود رأي عيان

وكذاك يعرف من حقيقة نفسه

وصفاتها بحقيقة العرفان

يعرف لوزامها ما الذي فيها من الـ

حاجات والإعدام والنقصان

وكذاك يعرف ربه وصفاته

أيضا بلا مثل ولا نقصان

وهنا ثلاثة أوجه فافطن لها

إن كنت ذا علم وذا عرفان

بالضد والأولى كذا بالامتناع

لعلمنا بالنفس والرحمن

فالضد معرفة الإله بضد ما

في النفس من عيب ومن نقصان

وحقيقة الأولى ثبوت كماله

إذ كان معطيه على الإحسان

ص: 268

‌فصل: في بيان شروط كفاية النصين والاستغناء بالوحيين

وكفاية النصين مشروط بتجـ

ـريد التلقي عنهما لمعان

وكذاك مشروط بخلع قيودهم

فقيودهم غلّ إلى الأذقان

وكذاك مشروط بهدم قواعد

ما أنزلت ببيانها الوحيان

ص: 268

وكذاك مشروط بإقدام على

الآراء إن عريت عن البرهان

بالرد والإبطال لا تعبأ بها

شيئا إذا ما فاتها النصان

لولا القواعد والقيود وهذه

الآراء لاتسعت عرى الإيمان

لكنها والله ضيقة العرى

فاحتاجت الأيدي لذاك توان

وتعطلت من أجلها والله أعـ

ـداد من النصين ذات بيان

وتضمنت تقييد مطلقها وإطـ

ـلاق المقيد وهو ذو ميزان

وتضمنت تخصيص ما عمّته والتـ

ـعميم للمخصوص بالأعيان

وتضمنت تفريق ما جمعت وجمـ

ـعا للذي وسمته بالفرقان

وتضمنت تضييق ما قد وسعـ

ـته وعكسه فلتنظر الأمران

وتضمنت تحليل ما قد حرمتـ

ـه وعكسه فلتنظر النوعان

سكتت وكان سكوتها عفوا فلم

تعف القواعد باتساع بطان

وتضمنت إهدار ما اعتبرت كذا

بالعكس والأمران محذوران

وتضمنت أيضا شروطا لم تكن

مشروطة شرعا بلا برهان

وتضمنت أيضا موانع لم تكن

ممنوعة شرعا بلا تبيان

إلا بأقيسة وآراء وتقلـ

ـيد بلا علم أو استحسان

عمن أتت هذي القواعد من جميـ

ـع الصحب والأتباع بالإحسان

ما أسسوا إلا اتباع نبيهم

لا عقل فلتان ورأي فلان

بل أنكروا الآراء نصحا منهم

لله والداعي وللقرآن

أو ليس في خلف بها وتناقض

ما دل ذا لب وذا عرفان

ص: 269

والله لو كانت من الرحمان ما أخـ

ـتلفت ولا انتقضت مدى الأزمان

شبه تهافت كالزجاج تخالها

حقا وقد سقطت على صفوان

والله لا يرضى بها ذو همة

علياء طالبة لهذا الشان

فمثالها والله في قلب الفتى

وثباتها في منبت الإيمان

كالزرع ينبت حوله دغل فيمـ

ـنعه النما فتراه ذا نقصان

وكذك الإيمان في قلب الفتى

غرس من الرحمن في الإنسان

والنفس تنبت حوله الشهوات

والشبهات وهي كثيرة الأفنان

فيعود ذاك الغرس يبسا ذاويا

أو ناقص الثمرات كل أوان

فتراه يحرث دائبا ومغله

نزر وذا من أعظم الخسران

والله لو نكش النبات وكان ذا

بصر لذاك الشوك والسعدان

لأتى كأمثال الجبال مغله

ولكان أضعافا بلا حسبان

فصل

هذا وليس الطعن بالإطلاق فيـ

ـها كلها فعل الجهول الجاني

بل في التي قد خالفت قول الرسو

ل ومحكم الإيمان والفرقان

أو في التي ما أنزل الرحمن في

تقريرها يا قوم من سلطان

فهي التي كم عطلت من سنة

بل عطلت من محكم القرآن

هذا وترجو أن واضعها فلا

يعدوه أجر أو له أجران

ص: 270

إذ قال مبلغ علمه من غير إيـ

ـجاب القبول له على إنسان

بل قد نهانا عن قبول كلامه

نصا بتقليد بلا برهان

وكذاك أوصانا بتقديم النصو

ص عليه من خبر ومن قرآن

نصح العباد بذا وخلص نفسه

عند السؤال لها من الديان

والخوف كل الخوف فهو على الذي

ترك النصوص لأجل قول فلان

وإذا بغى الإحسان أولها بما

لو قاله خصم له ذو شان

لرماه بالداء العضال مناديا

بفساد ما قد قاله بأذان

ص: 271

‌فصل: في لازم المذهب هل هو مذهب أم لا

؟

ولوازم المعنى تراد بذكره

من عارف بلزومها الحقاني

وسواه ليس بلازم في حقه

قصد اللوازم وهي ذو تبيان

إذ قد يكون لزومها المجهول أو

قد كان يعلمه بلا نكران

لكن عرته غفلة بلزومها

إذ كان ذا سهو وذا نسيان

ولذاك لم يك لازما لمذاهب الـ

ـعلماء مذهبهم بلا برهان

فالمقدمون على حكاية ذاك مذ

هبهم أولو جهل مع العدوان

لا فرق بين ظهوره وخفائه

قد يذهلون عن اللزوم الداني

سيما إذا ما كان ليس بلازم

لكن يظن لزومه بجنان

ص: 271

لا تشهدوا بالزور ويحكم على

ما تلزمون شهادة البهتان

بخلاف لازم ما يقول إلهنا

ونبينا المعصوم بالبرهان

فلذا دلالات النصوص جلية

وخفية تخفى على الأذهان

والله يرزق من يشاء الفهم في

آياته رزقا بلا حسبان

واحذر حكايات لأرباب الكلا

م عن الخصوم كثيرة الهذيان

فحكوا بما ظنوه يلزمهم فقا

لوا ذاك مذهبهم بلا برهان

كذبوا عليهم باهتين لهم بما

ظنوه يلزمهم من البهتان

فحكى المعطل عن أولي الإثبات قو

لهم بأن الله ذو جثمان

وحكى لنا المعطل أنهم قالوا

بأن الله ليس يرى لنا بعيان

وحكى المعطل أنهم قالوا يجو

ز كلامه من غير قصد معان

وحكى المعطل أنهم قالوا بتحيـ

ـيز الإله وحصره بمكان

وحكى المعطل أنهم قالوا له الـ

أعضاء جل الله عن بهتان

وحكى المعطل أن مذهبهم هو التـ

ـشبيه للخلاق بالإنسان

وحكى المعطل عنهم ما لم يقو

لوه ولا أشياخهم بلسان

ظن المعطل أن هذا لازم

فلذا أتى بالزور والعدوان

فعليه في هذا معاذير ثلا

ث كلها متحقق البطلان

ظن اللزوم وقذفهم بلزومه

وتمام ذاك شهادة الكفران

يا شاهدا بالزور ويحك لم تخف

يوم الشهادة سطوة الديان

ص: 272

يا قائل البهتان غط لوازما

قد قلت ملزوماتها ببيان

والله لازمها انتفاء الذات والـ

أوصاف والأفعال للرحمن

والله لازمها انتفاء الدين والـ

قرآن والإسلام والإيمان

ولزوم ذلك بيّن جدا لمن

كانت له أذنان واعيتان

والله لولا ضيق هذا النظم بيـ

ـنت اللزوم بأوضح التبيان

ولقد تقدم منه ما يكفي لمن

كانت له عينان ناظرتان

إن الذكي ببعض ذلك يكتفي

وأخو البلادة ساكن الجبان

يا قومنا اعتبروا بجهل شيوخكم

بحقائق الإيمان والقرآن

أو ما سمعتم قول أفضل وقته

فيكم مقالة جاهل فتان

إن السموات العلى والأرض قبـ

ـل العرش بالإجماع مخلوقان

والله ما هذي مقالة عالم

فضلا عن الإجماع كل زمان

من قال ذا قد خالف الإجماع والـ

خبر الصحيح وظاهر القرآن

فانظر إلى ما جره تأويل لفـ

ـظ الاستواء بظاهر البطلان

زعم المعطل أن تأويل استوى

بالخلق والإقبال وضع لسان

كذب المعطل ليس ذا لغة الألى

قد خوطبوا بالوحي والقرآن

فأحاره هذا إلى أن قال خلق العـ

ـرش بعد جميع ذي الأكوان

يهنيه تكذيب الرسول له وإجـ

ـماع الهداة ومحكم القرآن

ص: 273

‌فصل: في الرد عليهم في تكفيرهم أهل العلم والإيمان وذكر انقسامهم إلى أهل الجهل والتفريط والبدع والكفران

ومن العجائب أنكم كفرتم

أهل الحديث وشيعة القرآن

إذ خالفوا رأيا له رأي ينا

قضه لأجل النص والبرهان

وجعلتم التكفير عين خلافكم

ووفاقكم فحقيقة الإيمان

فوفاقكم ميزان دين الله لا

من جاء بالبرهان والفرقان

ميزانكم ميزان باغ جاهل

والعول كل العول في الميزان

أهون به ميزان جور عائل

بيد المطفف ويل ذا الوزان

لو كان ثم حيا وأدنى مسكة

من دين أو علم ومن إيمان

لم تجعلوا آراءكم ميزان كفـ

ـر الناس بالبهتان والعدوان

هبكم تأولتم وساغ لكم

أيكفر من يخالفكم بلا برهان

هذه الوقاحة والجراءة والجها

لة ويحكم يا فرقة الطغيان

الله أكبر ذا عقوبة تا

رك الوحيين للآراء والهذيان

لكننا نأتي بحكم عادل

فيكم لأجل مخافة الرحمان

فاسمع إذا يا منصفا حكميهما

وانظر إذاً هل يستوي الحكمان

هم عندنا قسمان أهل جهالة

وذوو العناد وذلك القسمان

ص: 274

جمع وفرق بين نوعيهم هما

في بدعة لا شك يجتمعان

وذوو العناد فأهل كفر ظاهر

والجاهلون فإنهم نوعان

متمكنون من الهدى والعلم بالـ

أسباب ذات اليسر والإمكان

لكن إلى أرض الجهالة أخلدوا

واستسهلوا التقليد كالعميان

لم يبذلوا المقدور في إدراكهم

للحق تهوينا بهذا الشان

فهم الألى لا شك في نفسيقهم

والكفر فيه عندنا قولان

والوقف عندي فيهم لست الذي

بالكفر أنعتهم ولا الإيمان

والله أعلم بالبطانة منهم

ولنا ظهارة حلة الإعلان

لكنهم مستوجبون عقابه

قطعا لأجل البغي والعدوان

هبكم عذرتم بالجهالة إنكم

لن تعذروا بالظلم والطغيان

والطعن في قول الرسول ودينه

وشهادة بالزور والبهتان

وكذلك استحلال قتل مخالفيـ

ـكم قتل ذي الإشراك والعدوان

إن الخوارج ما أحلوا قتلهم

إلا لما ارتكبوا من العصيان

وسمعتم قول الرسول وحكمه

فيهم وذلك واضح التبيان

لكنكم أنتم أبحتم قتلهم

بوفاق سنته مع القرآن

والله ما زادوا النقير عليهما

لكن بتقرير مع الإيمان

فبحق من قد خصكم بالعلم والتـ

ـحقيق والإنصاف والعرفان

أنتم أحق أم الخوارج بالذي

قال الرسول فأوضحوا ببيان

ص: 275

هم يقتلون لعابد الرحمن بل

يدعون أهل عبادة الأوثان

هذا وليسوا أهل تعطيل ولا

عزل النصوص الحق بالبرهان

فصل

والآخرون فأهل عجز عن بلو

غ الحق مع قصد ومع إيمان

بالله ثم رسوله ولقائه

وهم إذا ميزتهم ضربان

قوم دهاهم حسن ظنهم بما

قالته أشياخ ذوو أسنان

وديانة في الناس لم يجدوا سوى

أقوالهم فرضوا بها بأمان

لو يقدرون على الهدى لم يرتضوا

بدلا به من قائل البهتان

فأولاء معذورون إن لم يظلموا

ويكفروا بالجهل والعدوان

والآخرون فطالبون الحق لـ

ـكن صدهم عن علمه شيئان

مع بحثهم ومصنفات قصدهم

منها وصولهم إلى العرفان

إحداهما طلب الحقائق من سوى

أبوابها متسوري الجدران

وسلوك طرق غير موصلة إلى

درك اليقين ومطلع الإيمان

فتشابهت تلك الأمور عليهم

مثل اشتباه الطرق بالحيران

فترى أفاضلهم حيارى كلها

في التيه يقرع ناجذ الندمان

ويقول قد كثرت علي الطرق لا

أدري الطريق الأعظم السلطاني

بل كلهم طرق مخوفات بها ال

آفات حاصلة بلا حسبان

ص: 276

فالوقف غايته وآخر أمره

من غير شك منه في الرحمن

أو دينه وكتابه ورسوله

ولقائه وقيامة الأبدان

فأولاء بين الذنب والأجرين أو

إحداهما أو واسع الغفران

فانظر إلى أحكامنا فيهم وقد

جحدوا النصوص ومقتضى القرآن

وانظر إلى أحاكمهم فينا لأجـ

ل خلافهم إذ قاده الوحيان

هل يستوي الحكمان عند الله أو

عند الرسول وعند ذي إيمان

الكفر حق الله ثم رسوله

بالنص يثبت لا بقول فلان

من كان رب العالمين وعبده

قد كفراه فذاك ذو الكفران

فهلم ويحكم نحاكمكم إلى

النصين من وحي ومن قرآن

وهناك يعلم أي حزبينا على

الكفران حقا أو على الإيمان

فليهنكم تكفير من حمت بإسـ

ـلام وإيمان له النصان

لكن غايته كغاية من سوى الـ

ـمعصوم غاية نوع ذا الإحسان

خطأ يصير الأجر أجرا واحدا

إن فاته من أجله الكفلان

إن كان ذاك مكفرا يا أمة الـ

ـعدوان من هذا على الإيمان

قد دار بين الأجر والأجرين والتـ

ـكفير بالدعوى بلا برهان

كفرتم والله من شهد الرسو

ل بأنه حقا على الإيمان

ثنتان من قبل الرسول وخصلة

من عندكم أفأنتما عدلان

ص: 277

‌فصل: في تلاعب المكفرين لأهل السنة والإيمان بالدين كتلاعب الصبيان

كم ذا التلاعب منكم بالدين والـ

إيمان مثل تلاعب الصبيان

خسفت قلوبكم كما خسفت عقو

لكم فلا تزكو على القرآن

كم ذا تقولوا مجمل ومفصل

وظواهر عزلت عن الإيقان

حتى إذا رأي الرجال أتاكم

فاسمع لما يوحى بلا برهان

مثل الخفافيش التي إن جاءها

ضوء النهار ففي كوى الحيطان

عميت عن الشمس المنيرة لا تطيـ

ـق هداية فيها إلى الطيران

حتى إذا ما الليل جاء ظلامه

جالت بظلمته بكل مكان

فترى الموحد حين يسمع قولهم

ويراهم في محنة وهوان

وارحمتاه لعينه ولأذنه

يا محنة العينين والأذنان

إن قال حقا كفروه وإن يقو

لوا باطلا نسبوه للإيمان

حتى إذا ما رده عادوه مثـ

ـل عداوة الشيطان للإنسان

قالوا له خالفت أقوال الشيو

خ ولم يبالوا الخلف للفرقان

خالفت أقوال الشيوخ فأنتم

خالفتم من جاء بالقرآن

خالفتم قول الرسول وإنما

خالفت من جراه قول فلان

ص: 278

يا حبذا ذاك الخلاف فإنه

عين الوفاق لطاعة الرحمن

أو ما علمت بأن أعداء الرسو

ل عليه عابوا الخلف بالبهتان

لشيوخهم ولما عليه قد مضى

أسلافهم في سالف الأزمان

ما العيب إلا في خلاف النص لا

رأي الرجال وفكرة الأذهان

أنتم تعيبونا بهذا وهو من

توفيقنا والفضل للمنان

فليهنكم خلف النصوص ويهننا

خلف الشيوخ أيستوي الخلفان

والله ما تسوى عقول جميع أهـ

ـل الأرض نصا صح ذا تبيان

حتى نقدمها عليه معرضـ

ـين مؤولين محرّفي القرآن

والله إن النص فيما بيننا

لأجل من آراء كل فلان

والله لم ينقم علينا منكم

أبدا خلاف النص من إنسان

لكن خلاف الأشعري بزعمكم

وكذبتم أنتم على الإنسان

كفرتم من قال ما قد قاله

في كتبه حقا بلا كتمان

هذا وخالفناه في القرآن مثـ

ـل خلافكم في الفوق للرحمن

فالأشعري مصرح بالاستوا

ء وبالعلو بغاية التبيان

ومصرح أيضا بإثبات اليدين ووجـ

ـه رب العرش ذي السلطان

ومصرح أيضا بأن لربنا

سبحانه عينان ناظرتان

ومصرح أيضا بإثبات النزو

ل لربنا نحو الرفيع الداني

ومصرح أيضا بإثبات الأصا

بع مثل ما قد قال ذو البرهان

ص: 279

ومصرح أيضا بأن الله يو

م الحشر يبصره أولو الإيمان

جهرا يرون الله فوق سمائه

رؤيا العيان كما يرى القمران

ومصرح أيضا بإثبات المجـ

ـيء وأنه يأتي بلا نكران

ومصرح بفساد قول مؤول

للاستواء بقهر ذي سلطان

وصرح أن الألى قد قالوا بذا التـ

ـأويل أهلا ضلالة ببيان

ومصرح أن الذي قد قاله

أهل الحديث وعسكر القرآن

هو قوله يلقى عليه ربه

وبه يدين الله كل أوان

لكنه قد قال إن كلامه

معنى يقوم بربنا الرحمن

في القول خالفناه نحن وأنتم

في الفوق والأوصاف للديان

لم كان نفس خلافنا كفرا وكا

ن خلافكم هو مقتضى الإيمان

هذا وخالفتم لنص حين خا

لفنا لرأي الجهم ذي البهتان

والله ما لكم جواب غير تكـ

ـفير بلا علم ولا إيقان

أستغفر الله العظيم لكم جوا

ب غير ذا الشكوى إلى السلطان

فهو الجواب لديكم ولنحن منـ

ـتظروه منكم يا أولي البرهان

والله لا للأشعري تبعتم

كلا ولا للنص بالإحسان

يا قوم فانتبهوا لأنفسكم وخلـ

ـوا الجهل والدعوى بلا برهان

ما في الرياسة بالجهالة غير ضحـ

ـكة عاقل منكم مدى الأزمان

لا ترتضوا برياسة البقر التي

رؤساؤها من جملة الثيران

ص: 280

‌فصل: في أن أهل الحديث هم أنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يبغض الأنصار رجلا يؤمن بالله واليوم الآخر

يا مبغضا أهل الحديث وشاتما

أبشر بعقد ولاية الشيطان

أو ما علمت بأنهم أنصار ديـ

ـن الله والإيمان والقرآن

أو ما علمت بأن أنصار الرسو

ل هم بلا شك ولانكران

هل يبغض الأنصار عبد مؤمن

أو مدرك لروائح الإيمان

شهد الرسول بذاك وهي شهادة

من أصدق الثقلين بالبرهان

أو ما علمت بأن خزرج دينه

والأوس هم أبدا بكل زمان

ما ذنبهم إذ خالفوك لقوله

ما خالفوه لأجل قول فلان

لو وافقوك وخالفوه كنت تشـ

ـهد أنهم حقا أولو الإيمان

لما تحيّزتم إلى الأشياخ وانـ

ـحازوا إلى المبعوث بالقرآن

نسبوا إليه دون كل مقالة

أو حالة أو قائل ومكان

هذا انتساب أولي التفرق نسبة

من أربع معلومة التبيان

فلذا غضبتم حينما انتسبوا إلى

خبر الرسول بنسبة الإحسان

فوضعتم لهم من الألقاب ما

تستقبحون وذا من العدوان

ص: 281

هم يشهدونكم على بطلانها

أفتشهدونهم على البطلان

ما ضرهم والله بغضكم لهم

إذ وافقوا حقا رضا الرحمن

يا من يعاديهم لأجل مآكل

ومناصب ورياسة الإخوان

تهنيك هاتيك العداوة كم بها

من حسرة ومذلة وهوان

ولسوف تجني غيها والله عن

قرب وتذكر صدق ذي الإيمان

فإذا تقطعت الوسائل وانتهت

تلك المآكل في سريع زمان

هناك تقرع سن ندمان على التـ

ـفريط وقت السير والإمكان

وهناك تعلم ما بضاعتك التي

حصلتها في سالف الأزمان

إلا الوبال عليك والحسرات والـ

خسران عند الوضع في الميزان

قيل وقال ما له من حاصل

إلا العناء وكل ذي الأذهان

والله ما يجدي عليك هنالك إلا

ذا الذي جاءت به الوحيان

والله ما ينجيك من سجن الجحيـ

ـم سوى الحديث ومحكم القرآن

والله ليس الناس إلا أهله

وسواهم من جملة الحيوان

ولسوف تذكر بر ذي الإيمان عن

قرب وتقرع ناجذ الندمان

رفعوا به رأسا ولم يرفع به

أهل الكلام ومنطق اليونان

فهم كما قال الرسول ممثلا

بالماء مهبطة على القيعان

لا الماء تمسكه ولا كلأ بها

يرعاه ذو كبد من الحيوان

هذا إذا لم يحرق الزرع الذي

بجوارها بالنار أو بدخان

ص: 282

والجاهلون بذا وهذا هم زوا

ن الزرع إي والله شر زوان

وهم لدى غرس الإله كمثل غر

س الدلب بين مغارس الرمان

يمتص ماء الزرع مع تضييقه

أبدا عليه وليس ذا قنوان

ذا حالهم مع حال أهل العلم أنـ

ـصار الرسول فوراس الإيمان

فعليه من قبل الإله تحية

والله يبقيه مدى الأزمان

لولاه ما سقي الغراس فسوق ذا

ك الماء للدلب العظيم الشان

فالغرس دلب كله وهو الذي

يسقى ويحفظ عند أهل زمان

فالغرس في تلك الحضارة شارب

فضل المياه مصاره البستان

لكنما البلوى من الحطاب قطـ

ـاع الغراس وعاقر الحيطان

بالفوس يضرب في أصول الغرس كي

يجتثها ويظن ذا إحسان

ويظل يحلف كاذبا لم أعتمد

في ذا سوى التثبيت للعيدان

يا خيبة البستان من حطابه

ما بعد ذا الحطاب من بستان

في قلبه غل على البسـ

ـتان فهو موكل بالقطع كل أوان

فالجاهلون شرار أهل الحق والـ

علماء سادتهم أولو الإحسان

والجاهلون خيار أحزاب الضلا

ل وشيعة الكفران والشيطان

وشرارهم علماؤهم هم شر خلـ

ـق الله آفة هذه الأكوان

ص: 283

‌فصل: في تعين الهجرة من الآراء والبدع إلى سنته كما كانت فرضا من الأمصار إلى بلدته عليه السلام

يا قوم فرض الهجرتين بحاله

والله لم ينسخ إلى ذا الآن

فالهجر الأول إلى الرحمن بالـ

إخلاص في سر وفي إعلان

حتى يكون القصد وجه الله بالـ

أقوال والأعمال والإيمان

ويكون كل الدين للرحمن ما

لسواه شيء فيه من إنسان

والحب والبغض اللذان هما لـ

ـكل ولاية وعداوة أصلان

لله أيضا هكذا الإعطاء والمنـ

ـع اللذان عليهما يقفان

والله هذا شطر دين الله

والتحكيم للمختار شطر ثان

وكلاهما الإحسان لمن يتقبل الر

حمن من سعي بلا إحسان

والهجرة الأخرى إلى المبعوث بالـ

إسلام والإيمان والإحسان

أترون هذي هجرة الأبدان لا

والله بل هي هجرة الإيمان

قطع المسافة بالقلوب إليه في

درك الأصول مع الفروع وذان

أبدا إليه حكمها لا غيره

فالحكم ما حكمت به النصان

يا هجرة طالت مسافتها على

من خص بالحرمان والخذلان

يا هجرة طالت مسافتها على

كسلان منخوب الفؤاد جبان

ص: 284

يا هجرة والعبد فوق فراشه

سبق السعاة لمنزل الرضوان

ساروا أحث السير وهو فسيره

سير الدلال وليس بالذملان

هذا وتنظره أمام الركب كالعـ

ـلم العظيم يشاف في القيعان

رفعت له أعلام هاتيك النصو

ص رؤوسها شابت من النيران

نار هي النور المبين ولم يكن

ليراه إلا من له عينان

مكحولتان بمرود الوحيين لا

بمراود الآراء والهذيان

فلذاك شمر نحوها لم يلتفت

لا عن شمائله ولا أيمان

يا قوم لو هاجرتم لرأيتم

أعلام طيبة رؤية بعيان

ورأيتم ذاك اللواء وتحته الرسـ

ـل الكرام وعسكر القرآن

أصحاب بدر والألى قد بايعوا

أزكى البرية بيعة الرضوان

وكذا المهاجرة الألى سبقوا كذا الـ

أنصار أهل الدار والإيمان

والتابعون لهم بإحسان وسا

لك هديهم أبدا بكل زمان

لكن رضيتم بالأماني وابتليـ

ـتم بالحظوظ ونصرة الإخوان

بل غركم ذاك الغرور وسولت

لكم النفوس وساوس الشيطان

ونبذتم غسل النصوص وراءكم

وقنعتم بقطارة الأذهان

وتركتم الوحيين زهدا فيهما

ورغبتم في رأي كل فلان

وعزلتم النصين عما وليا

للحكم فيه عزل ذي عدوان

وزعمتم أن ليس يحكم بيننا

إلا العقول ومنطق اليونان

ص: 285

فهما بحكم الحق أولى منهما

سبحانك اللهم ذا السبحان

حتى إذا انكشف الغطاء وحصلت

أعمال هذا الخلق في الميزان

وإذا انجلى هذا الغبار وصار ميـ

ـدان السباق تناله العينان

وبدت على تلك الوجوه سماتها

وسم المليك القادر الديان

مبيضة مثل الرياض بجنة

والسود مثل الفحم للنيران

فهناك يعلم كل راكب ما تحته

وهناك يقرع ناجذ الندمان

وهناك تعلم كل نفس ما الذي

معها من الأرباح والخسران

وهناك يعلم مؤثر الآراء والشـ

ـطحات والهذيان والبطلان

أي البضائع قد أضاع وما الذي

منها تعوض في الزمان الفاني

سبحان رب الخلق قاسم فضله

والعدل بين الناس بالميزان

لو شاء كان الناس شيئا واحدا

ما فيهم من تائه حيران

لكنه سبحانه يختص بالفضـ

ـل العظيم خلاصة الإنسان

وسواهم لا يصلحون لصالح

كالشوك فهو عمارة النيران

وعمارة الجنات هم أهل الهدى

الله أكبر ليس يستويان

فسل الهداية من أزمة أمرنا

بيديه مسألة الذليل العاني

وسل العياذ من اثنتين هما اللتا

ن بهلك هذا الخلق كافلتان

شر النفوس وسيء الأعمال ما

والله أعظم منهما شران

ولقد أتى هذا التعوذ منهما

في خطبة المبعوث بالقرآن

ص: 286

لو كان يدري العبد أن مصابه

في هذه الدنيا هما الشران

جعل التعوذ منهما ديدانه

حتى تراه داخل الأكفان

وسل العياذ من التكبر والهوى

فهما لكل الشر جامعتان

وهما يصدان الفتى عن كل طر

ق الخير إذ في قلبه يلجان

فتراه يمنعه هواه تارة

والكبر أخرى ثم يشتركان

والله ما في النار إلا تابع

هذين فاسأل ساكني النيران

والله لو جردت نفسك منهما

لأتت إليك وفود كل تهان

ص: 287

‌فصل: في ظهور الفرق المبين بين دعوة الرسل ودعوة المعطلين

والفرق بين الدعوتين فظاهر

جدا لمن كانت له أذنان

فرق مبين ظاهر لا يختفي

إيضاحه إلا على العميان

فالرسل جاؤونا بإثبات العلو

لربنا من فوق كل مكان

وكذا أتونا بالصفات لربنا

الرحمن تفصيلا بكل بيان

وكذاك قالوا إنه متكلم

وكلامه المسموع بالآذان

وكذاك قالوا إنه سبحانه

المرئي يوم لقائه بعيان

ص: 287

وكذاك قالوا إنه الفعال حقـ

ـا كل يوم ربنا في شان

وأتيتمونا أنتم بالنفي والتـ

ـعطيل بل بشهادة الكفران

للمثبتين صفاته وعلوه

ونداءه في عرف كل لسان

شهدوا بإيمان المقر بأنه

فوق السماء مباين الأكوان

وشهدتم أنتم بتكفير الذي

قد قال ذلك يا أولي العدوان

وأتى بأين الله اقرارا ونطـ

ـقا قلتم هذا من البهتان

فسلوا لنا بالأين مثل سؤالنا

ما الكون عندكم هما شيئان

وكذا أتونا بالبيان فقلتم

باللغز أين اللغز من تبيان

إذ كان مدلول الكلام ووضعه

لم يقصدوه بنطقهم بلسان

والقصد منه غير مفهوم به

ما اللغز عند الناس إلا ذان

يا قوم رسل الله أعرف منكم

وأتم نصحا في كمال بيان

أترونهم قد ألغزوا التوحيد إذ

بينتموه يا أولي العرفان

أترونهم قد أظهروا التشبيه وهـ

ـو لديكم كعبادة الأوثان

ولأي شيء لم يقولوا مثل ما

قد قلتم في ربنا الرحمان

ولأي شيء صرحوا بخلافه

تصريح تفصيل بلا كتمان

ولأي شيء بالغوا في الوصف با

لإثبات دون النفي كل زمان

ولأي شيء أنتم بالغتم

في النفي والتعطيل بالقفزان

فجعلتم نفي الصفات مفصلا

تفصيل نفي العيب والنقصان

ص: 288

وجعلتم الإثبات أمرا مجملا

عكس الذي قالوه بالبرهان

أتراهم عجزوا عن التبيان واسـ

توليتم أنتم على التبيان

أترون أفراخ اليهود وأمـ

ـة التعطيل والعبّاد للنيران

ووقاح أرباب الكلام الباطل المـ

ـذموم عند أئمة الإيمان

من كل جهمي ومعتزل ومن

والاهما من حزب جنكسخان

بالله أعلم من جميع الرسل والتـ

ـوراة والإنجيل والقرآن

فسلوهم بسؤال كتبهم التي

جاؤوا بها عن علم هذا الشأن

وسلوهم هل ربكم في أرضه

أو في السماء وفوق كل مكان

أم ليس من ذا كله شيء فلا

هو داخل أو خارج الأكوان

فالعلم والتبيان والنصح الذي

فيهم يبين الحق كل بيان

لكنما الإلغاز والتلبيس والـ

ـكتمان فعل معلم شيطان

ص: 289

‌فصل: في شكوى أهل السنة والقرآن أهل التعطيل والآراء المخالفين للرحمن

يا رب هم يشكوننا أبدا

ببغيهم وظلمهم إلى السلطان

ويلبسون عليه حتى إنه

ليظنهم هم ناصرو الإيمان

ص: 289

فيرونه البدع المضلة في قوا

لب سنة نبوية وقران

ويرونه الإثبات للأوصاف في

أمر شنيع ظاهر النكران

فيلبسون عليه تلبيسين لو

كشفا له باداهم بطعان

يا فرقة التلبيس لا حييتم

أبدا وحييتم بكل هوان

لكننا نشكوهم وصنيعتهم

أبدا إليك فأنت ذو السلطان

فاسمع شكايتنا وأشك محقنا

والمبطل اردده عن البطلان

راجع به سبل الهدى والطف به

حتى تريه الحق ذا تبيان

وارحمه وارحم سعيه المسكين قد

ضل الطريق وتاه في القيعان

يا رب قد عم المصاب بهذه الآ

راء والشطحات والبهتان

هجروا لها الوحيين والفطرات

والآثار لم يعبوا بذا الهجران

قالوا وتلك ظواهر لفظية

لم تغن شيئا طالب البرهان

فالعقل أولى أن يصار إليه من

هذي الظواهر عند ذي العرفان

ثم ادعى كل بأن العقل ما

قد قلته دون الفريق الثاني

يا رب قد حار العباد بعقل من

يزنون وحيك فأت بالميزان

وبعقل من يقضي عليك فكلهم

قد جاء بالمعقول والبرهان

يا رب أرشدنا إلى معقول من

يقع التحاكم إننا خصمان

جاؤوا بشبهات وقالوا إنها

معقولة ببدائه الأذهان

كل يناقض بعضه بعضا وما

في الحق معقولان مختلفان

ص: 290

وقضوا بها كذبا عليك وجرأة

منهم وما التفتوا إلى القرآن

يا رب قد أوهى النفاة حبائل

القرآن والآثار والإيمان

يا رب قد قلب النفاة الدين والإ

يمان ظهر منه فوق بطان

يارب قد بغت النفاة وأجلبوا

بالخيل والرجل الحقير الشان

نصبوا الحبائل والغوائل للألى

أخذوا بوحيك دون قول فلان

ودعوا عبادك أن يطيعوهم فمن

يعصيهم ساموه شر هوان

وقضوا على من لم يقل بضلالهم

باللعن والتضليل والكفران

وقضوا على أتباع وحيك بالذي

هم أهله لا عسكر الفرقان

وقضوا بعزلهم وقتلهم وحبـ

ـسهم ونفيهم عن الأوطان

وتلاعبوا بالدين مثل تلاعب الـ

ـحمر التي نفرت بلا أرسان

حتى كأنهم تواصوا بينهم

يوصي بذلك أول للثاني

هجروا كلامك مبتدع لمن

قد دان بالآثار والقرآن

فكأنه فيما لديهم مصحف

في بيت زنديق أخي كفران

أو مسجد بجوار قوم همهم

في الفسق لا في طاعة الرحمن

وخواصهم لم يقرؤوه تدبرا

بل للتبرك لا لفهم معان

وعوامهم في الشبع أو في ختمة

أو تربة عوضا لذي الأثمان

هذا وهم حرفية التجويد أو

صوتية الأنغام والألحان

يا رب قد قالوا بأن مصاحف الإ

سلام ما فيها من القرآن

إلا المداد وهذه الأوراق وال

جلد الذي قد سل من حيوان

ص: 291

والكل مخلوق ولست بقائل

أصلا ولا حرفا من القرآن

إن ذاك إلا قول مخلوق وهل

هو جبريل أو الرسول فذان

قولان مشهوران قد قالتهما

أشياخهم يا محنة القرآن

لو داسه رجل لقالوا لم يطأ

إلا المداد وكاغد الإنسان

يا رب زالت حرمة القرآن من

تلك القلوب وحرمة الإيمان

وجرى على الأفواه منهم قولهم

ما بيننا لله من قرآن

ما بيننا إلا الحكاية عنـ

ـه والتعبير ذاك عبارة بلسان

هذا وما التالون عمالا به

إذ هم قد استغنوا بقول فلان

إن كان قد جاز الحناجر منهم

فبقدر ما عقلوا من القرآن

والباحثون فقدموا رأي الرجا

ل عليه تصريحا بلا كتمان

عزلوه إذ ولوا سواه وكان ذا

ك العزل قائدهم إلى الخذلان

قالوا ولم يحصل لنا منه يقيـ

ـن فهو معزول عن الإيقان

إن اليقين قواطع عقلية

ميزانها هو منطق اليونان

هذا دليل الرفع منه وهذه

أعلامه في آخر الأزمان

يا رب من أهلوه حقا كي يرى

أقدامهم منا على الأذقان

أهلوه من لا يرتضي منه بديـ

ـلا فهو كافيهم بلا نقصان

وهو الدليل لهم وهاديهم إلى الـ

إيمان والإيقان والعرفان

هو موصل لهم إلى درك اليقيـ

ـن حقيقة وقواطع البرهان

ص: 292

يا رب نحن العاجزون بحبهم

يا قلة الأنصار والأعوان

ص: 293

‌فصل: في أذان أهل السنة الأعلام بصريحها جهرا على رؤوس منابر الإسلام

يا قوم قد حانت صلاة الفجر

فانتبهوا فإني معلن بأذان

لا بالملحن والمبدل ذاك بل

تأذين حق واضح التبيان

وهو الذي حقا إجابته على

كل امرئ فرض على الأعيان

الله أكبر أن يكون كلامه الـ

ـعربي مخلوقا من الأكوان

والله أكبر أن يكون رسوله الـ

ملكي أنشأه عن الرحمان

والله أكبر أن يكون رسوله البـ

ـشري أنشأه لنا بلسان

هذي مقالات لكم يا أمة التـ

ـشبيه ما أنتم على إيمان

شبهتم الرحمان بالأوثان في

عدم الكلام وذاك للأوثان

مما يدل بأنها ليست بآ

لهة وذا البرهان في الفرقان

في سورة الأعراف مع طه وثا

لثها فلا تعدل عن القرآن

أفصح بأن الجاحدين لكونه

متكلما بحقيقة وبيان

هم أهل تعطيل وتشبيه معا

بالجامدات عظيمة النقصان

لا تقذفوا بالداء منكم شيعة الر

حمان أهل العلم والعرفان

ص: 293

إن الذي نزل الأمين به على

قلب الرسول الواضح البرهان

هو قول ربي اللفظ والمعنى جميـ

ـعا إذ هما أخوان مصطحبان

لا تقطعوا رحما تولى وصلها

الرحمن وتنسلخوا من الإيمان

ولقد شفانا قول شاعرنا الذي

قال الصواب وجاء بالإحسان

إن الذي هو في المصاحف

مثبت بأنامل الأشياخ والشبان

هو قول ربي آيه وحروفه

ومدادنا والرق مخلوقان

والله أكبر من على العرش استوى

لكنه استولى على الأكوان

والله أكبر ذو المعارج من إلي

ـه تعرج الأملاك كل أوان

والله أكبر من يخاف جلاله

أملاكه من فوقهم ببيان

والله أكبر من غدا لسريره

أط به كالرحل للركبان

والله أكبر من أتانا قوله

من عنده من فوق ست ثمان

نزل الأمين به بأمر الله من

رب على العرش استوى الرحمن

والله أكبر قاهر فوق العبا

د فلا تضع فوقية الرحمن

من كل وجه تلك ثابتة له

لا تهضموها يا أولي البهتان

قهرا وقدرا واستواء الذات فو

ق العرش بالبرهان

فبذاته خلق السموات العلى

ثم استوى بالذات فافهم ذان

فضمير فعل الاستواء يعود للـ

ـذات التي ذكرت بلا فرقان

هو ربنا هو خالق هو مستو

بالذات هذي كلها بوزان

ص: 294

والله أكبر ذو العلو المطلق الـ

ـمعلوم بالفطرات والإيمان

فعلوه من كل وجه ثابت

فالله أكبر جل ذو السلطان

والله أكبر من رقا فوق الطبا

ق رسوله فدنا من الديان

وإليه قد صعد الرسول حقيقة

لا تنكروا المعراج بالبهتان

ودنا من الجبار جل جلاله

ودنا إليه الرب ذو الإحسان

والله قد أحصى الذي قد قلتم

في ذلك المعراج بالميزان

قلتم خيالا أو أكاذيبا او الـ

معراج لم يحصل إلى الرحمن

إذ كان ما فوق السموات العلى

رب إليه منتهى الإنسان

والله أكبرمن أشار رسوله

حقا إليه بإصبع وبنان

في مجمع الحج العظيم بموقف

دون المعرف موقف الغفران

من قال منكم من أشار بأصبع

قطعت فعند الله يجتمعان

والله أكبر ظاهر ما فوقه

شيء وشأن الله أعظم شان

والله أكبر عرشه وسع السما

والأرض والكرسي ذا الأركان

وكذلك الكرسي قد وسع الطبا

ق السبع والأرضين بالبرهان

والرب فوق العرش والكرسي لا

يخفى عليه خواطر الإنسان

لا تحصروه في مكان إذ تقو

لوا ربنا حقا بكل مكان

نزهتموه بجهلكم عن عرشه

وحصرتموه في مكان ثان

لا تعدموه بقولكم لا داخل

فينا ولا هو خارج الأكوان

ص: 295

الله أكبرقد هتكت أستاركم

وبدت لمن كانت له عينان

والله أكبر جل عن شبه وعن

مثل وعن تعطيل ذي كفران

والله أكبر من له الأسماء والـ

أوصاف كاملة بلا نقصان

والله أكبر جل عن ولد وصا

حبة وعن كفء وعن أخدان

والله أكبر جل عن شبه الجما

د كقول ذي التعطيل والكفران

هم شبهوه بالجماد وليتهم

قد شبهوه بكامل ذي شان

الله أكبر جل عن شبه العبا

د فذان تشبيهان ممتنعان

والله أكبر واحد صمد فكـ

ـل الشأن في صمدية الرحمن

نفت الولادة والأبوة عنه والـ

كفء الذي هو لازم الإنسان

وكذاك أثبتت الصفات جميعها

لله سالمة من النقصان

وإليه يصمد كل مخلوق فلا

صمد سواه عز ذو السلطان

لا شيء يشبهه تعالى كيف يشبـ

ـه خلقه ما ذاك في إمكان

لكن ثبوت صفاته وكلامه

وعلوه حقا بلا نكران

لا تجعلوا الإثبات تشبيها له

يا فرقة التشبيه والطغيان

كم ترتقون بسلم التنزيه للتـ

ـعطيل ترويجا على العميان

فالله أكبر أن يكون صفاته

كصفاتنا جل العظيم الشان

هذا هو التشبيه لا إثبات أو

صاف الكمال فما هما سيان

ص: 296

‌فصل: في تلازم التعطيل والشرك

واعلم بأن الشرك والتعطيل مذ

كانا هما لا شك مصطحبان

أبدا فكل معطل هو مشرك

حتما وهذا واضح التبيان

فالعبد مضطر إلى من يكشف البـ

ـلوى ويغني فاقة الإنسان

وإليه يصمد في الحوائج كلها

وإليه يفزع طالبا لأمان

فإذا انتفت أوصافه وفعاله

وعلوه من فوق كل مكان

فزع العباد إلى سواه وكان ذا

من جانب التعطيل والنكران

فمعطل الأوصاف ذاك معطل التـ

وحيد حقا ذان تعطيلان

قد عطلا بلسان كل الرسل من

نوح إلى المبعوث بالقرآن

والناس في هذا ثلاث طوائف

ما رابع أبدا بذي إمكان

إحدى الطوائف مشرك بإلهه

فإذا دعاه دعا إلها ثان

هذا وثاني هذه الأقسام ذا

لك جاحد يدعو سوى الرحمن

هو جاحد للرب يدعو غيره

شركا وتعطيلا له قدمان

هذا وثالث هذه الأقسام خير الـ

ـخلق ذاك خلاصة الإنسان

يدعو الإله الحق لا يدعو سوا

هـ قط في الأشياء والأكوان

يدعوه في الرغبات والرهبات والـ

ـحالات من سر ومن إعلان

ص: 297

توحيده نوعان علمي وقصـ

ـدي كما قد جرد النوعان

في سورة الإخلاص مع تال لنصـ

ـر الله قل يا أيها ببيان

ولذاك قد شرعا بسنة فجرنا

وكذاك سنة مغرب طرفان

ليكون مفتتح النهار وختمه

تجريدك التوحيد للديان

وكذاك قد شرعا بخاتم وترنا

ختما لسعي الليل بالآذان

وكذاك قد شرعا بركعتي الطوا

ف وذاك تحقيق لهذا الشان

فهما إذا أخوان مصطحبان لا

يتفارقان وليس ينفصلان

فمعطل الأوصاف ذو شرك كذا

ذو الشرك فهو معطل الرحمن

أو بعض أوصاف الكمال له فحقـ

ـق ذا ولا تسرع إلى نكران

ص: 298

فالشرك تعظيم بجهل من قيا

س الرب بالأمراء والسلطان

ظنوا بأن الباب لا يغشى بدو

ن توسط الشفعاء والأعوان

ودهاهم ذاك القياس المستبين

فساده ببداهة الإنسان

الفرق بين الله والسلطان من

كل الوجوه لمن له أذنان

إن الملوك لعاجزون وما لهم

علم بأحوال الدعا بأذان

كلا ولا هم قادرون على الذي

يحتاجه الإنسان كل زمان

كلا وما تلك الإرادة فيهم

لقضا حوائج كل ما إنسان

كلا ولا وسعوا الخليقة رحمة

من كل وجه هم أولو النقصان

فلذلك احتاجوا إلى تلك الوسا

ئط حاجة منهم مدى الأزمان

أما الذي هو عالم للغيب مقـ

ـتدر على ما شاء ذو إحسان

وتخافه الشفعاء ليس يريد منـ

ـهم حاجة جل العظيم الشان

بل كل حاجات لهم فإليه لا

لسواه من ملك ولا إنسان

وله الشفاعة كلها وهو الذي

في ذاك يأذن للشفيع الداني

لمن ارتضى ممن يوحده ولم

يشرك به شيئا لما قد جاء في القرآن

سبقت شفاعته إليه فهو مشـ

ـفوع إليه وشافع ذو شان

فلذا أقام الشافعين كرامة

لهم ورحمة صاحب العصيان

فالكل منه بدا ومرجعه إلي

ـه وحده ما من إله ثان

غلط الألى جعلوا الشفاعة من سوا

هـ إليه دون الإذن من رحمان

ص: 299

هذي شفاعة كل ذي شرك فلا

تعقد عليها يا أخا الإيمان

والله في القرآن أبطلها فلا

تعدل عن الآثار والقرآن

وكذا الولاية كلها لله لا

لسواه من ملك ولا إنسان

والله لم يفهم أولو الإشراك ذا

ورآه تنقيصا أولو النقصان

إذ قد تضمن عزل من يدّعى سـ

ـوى الرحمن بل أحدية الرحمن

بل كل مدعو سواه من لدن

عرش الإله إلى الحضيض الداني

هو باطل في نفسه ودعا عا

بده له من أبطل البطلان

فله الولاية والولاية ما لنا

من دونه وال من الأكوان

فإذا تولاه امرؤ دون الورى

طرا تولاه العظيم الشان

وإذا تولى غيره من دونه

ولاه ما يرضى به لهوان

في هذه الدنيا وبعد مماته

وكذاك عند قيامة الأبدان

حقا يناديهم ندا سبحانه

يوم المعاد فيسمع الثقلان

يا من يريد ولاية الرحمن دو

ن ولاية الشيطان والأوثان

فارق جميع الناس في إشراكهم

حتى تنال ولاية الرحمن

يكفيك من وسع الخلائق رحمة

وكفاية ذو الفضل والإحسان

يكفيك رب لم تزل ألطافه

تأتي إليك برحمة وحنان

يكفيك رب لم تزل في ستره

ويراك حين تجيء بالعصيان

يكفيك رب لم تزل في حفظه

ووقاية منه مدى الأزمان

ص: 300

‌فصل: في بيان أن المعطل شر من المشرك

لكن أخو التعطيل شر من أخي الـ

إشراك بالمعقول والبرهان

إن المعطل جاحد للذات أو

لكمالها هذان تعطيلان

متضمنان القدح في نفس الألو

هة كم بذاك القدح من نقصان

والشرك فهو توسل مقصوده الز

فى من الرب العظيم الشان

بعبادة المخلوق من حجر ومن

بشر ومن قبر ومن أوثان

ص: 198