الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي مَعْنَاهَا فِي غَلَبَةِ الِاقْتِيَاتِ بِهَا، وَكَثْرَةِ نَفْعِهَا، وَوُجُودِهَا، فَلَمْ يَصِحَّ قِيَاسُهُ عَلَيْهَا، وَلَا إلْحَاقُهُ بِهَا، فَيَبْقَى عَلَى الْأَصْلِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي كُلِّ مَا يُقْصَدُ بِزِرَاعَتِهِ نَمَاءُ الْأَرْضِ، إلَّا الْحَطَبَ، وَالْقَصَبَ، وَالْحَشِيشَ؛ «لِقَوْلِهِ عليه السلام: فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ الْعُشْرُ» . وَهَذَا عَامٌّ، وَلِأَنَّ هَذَا يُقْصَدُ بِزِرَاعَتِهِ نَمَاءُ الْأَرْضِ، فَأَشْبَهَ الْحَبَّ.
وَوَجْهُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ، أَنَّ عُمُومَ قَوْلِهِ عليه السلام:«فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ الْعُشْرُ» . وَقَوْلِهِ عليه السلام لِمُعَاذٍ: «خُذْ الْحَبَّ مِنْ الْحَبِّ» . يَقْتَضِي وُجُوبَ الزَّكَاةِ فِي جَمِيعِ مَا تَنَاوَلَهُ، خَرَجَ مِنْهُ مَا لَا يُكَالُ، وَمَا لَيْسَ بِحَبٍّ، بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ عليه السلام:«لَيْسَ فِي حَبٍّ وَلَا تَمْرٍ صَدَقَةٌ، حَتَّى يَبْلُغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ. فَدَلَّ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى انْتِفَاءِ الزَّكَاةِ مِمَّا لَا، تَوْسِيقَ فِيهِ، وَهُوَ مِكْيَالٌ، فَفِيمَا هُوَ مَكِيلٌ يَبْقَى عَلَى الْعُمُومِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى انْتِفَاءِ الزَّكَاةِ مِمَّا سِوَى ذَلِكَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ اعْتِبَارِ التَّوْسِيقِ.
وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَيْسَ فِي الْخَضْرَاوَاتِ صَدَقَةٌ» . وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَيْسَ فِيمَا أَنْبَتَتْ الْأَرْضُ مِنْ الْخَضِرِ صَدَقَةٌ» . وَعَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِيهِ، وَعَنْ أَنَسٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلُهُ. رَوَاهُنَّ الدَّارَقُطْنِيّ. وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ «مُعَاذٍ، أَنَّهُ كَتَبَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَسْأَلُهُ عَنْ الْخَضْرَاوَاتِ، وَهِيَ: الْبُقُولُ، فَقَالَ: لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ» . وَقَالَ: يَرْوِيه الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسَلٌ.
وَقَالَ مُوسَى بْنُ طَلْحَةَ: جَاءَ الْأَثَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي خَمْسَةِ أَشْيَاءَ: الشَّعِيرِ، وَالْحِنْطَةِ، وَالسُّلْت، وَالزَّبِيبِ، وَالتَّمْرِ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِمَّا أَخْرَجَتْ الْأَرْضُ فَلَا عُشْرَ فِيهِ. وَقَالَ: إنَّ مُعَاذًا لَمْ يَأْخُذْ مِنْ الْخَضِرِ صَدَقَةً. وَرَوَى الْأَثْرَمُ، بِإِسْنَادِهِ، أَنَّ عَامِلَ عُمَرَ كَتَبَ إلَيْهِ فِي كُرُومٍ، فِيهَا مِنْ الْفِرْسِكِ وَالرُّمَّانِ مَا هُوَ أَكْثَرُ غَلَّةً مِنْ الْكُرُومِ أَضْعَافًا فَكَتَبَ عُمَرُ: إنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهَا عُشْرٌ، هِيَ مِنْ الْعِضَاهِ.
[فَصْلُ لَا زَكَاة فِيمَا يَنْبُتُ مِنْ الْمُبَاحِ الَّذِي لَا يُمْلَكُ إلَّا بِأَخْذِهِ]
(1824)
فَصْلٌ: وَلَا شَيْءَ فِيمَا يَنْبُتُ مِنْ الْمُبَاحِ الَّذِي لَا يُمْلَكُ إلَّا بِأَخْذِهِ، كَالْبُطْمِ، وَالْعَفْصِ، وَالزَّعْبَلِ وَهُوَ شَعِيرُ الْجَبَلِ، وَبَزْرُ قَطُونَا، وَبَزْرُ الْبَقْلَةِ، وَحَبُّ الثُّمَامِ، وَالْقَتُّ وَهُوَ بَزْرُ الْأُشْنَانِ إذَا أَدْرَكَ وَتَنَاهَى نُضْجُهُ حَصَلَتْ فِيهِ مُرُورَةٌ وَمُلُوحَةٌ، وَأَشْبَاهُ هَذَا. ذَكَرَهُ ابْنُ حَامِدٍ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُمْلَكُ بِحِيَازَتِهِ، وَأَخْذُ