الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَالطَّوَافِ بِالْبَيْتِ.
وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ سُنَّةٌ، لَا يَجِبُ بِتَرْكِهِ دَمٌ. رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَنَسٍ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَابْنِ سِيرِينَ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:{فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: 158] . وَنَفْيُ الْحَرَجِ عَنْ فَاعِلِهِ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ، فَإِنَّ هَذَا رُتْبَةُ الْمُبَاحِ، وَإِنَّمَا ثَبَتَ سُنِّيَّتُهُ بِقَوْلِهِ: مِنْ شَعَائِر اللَّهِ.
وَرُوِيَ أَنَّ فِي مُصْحَفِ أُبَيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ: (فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَطَّوَّفَ بِهِمَا) . وَهَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ قُرْآنًا فَلَا يَنْحَطُّ عَنْ رُتْبَةِ الْخَبَرِ؛ لِأَنَّهُمَا يَرْوِيَانِهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلِأَنَّهُ نُسُكٌ ذُو عَدَدٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْبَيْتِ، فَلَمْ يَكُنْ رُكْنًا كَالرَّمْيِ. وَقَالَ الْقَاضِي: هُوَ وَاجِبٌ. وَلَيْسَ بِرُكْنٍ، إذَا تَرَكَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ دَمٌ. وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَسَنِ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَالثَّوْرِيِّ. وَهُوَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ دَلِيلَ مَنْ أَوْجَبَهُ دَلَّ عَلَى مُطْلَقِ الْوُجُوبِ، لَا عَلَى كَوْنِهِ لَا يَتِمُّ الْحَجُّ إلَّا بِهِ. وَقَوْلُ عَائِشَةَ فِي ذَلِكَ مُعَارَضٌ بِقَوْلِ مَنْ خَالَفَهَا مِنْ الصَّحَابَةِ. وَحَدِيثُ بِنْتِ أَبِي تُجْرَاةَ، قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: يَرْوِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمِّلِ، وَقَدْ تَكَلَّمُوا فِي حَدِيثِهِ. ثُمَّ إنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَكْتُوبٌ، وَهُوَ الْوَاجِبُ.
وَأَمَّا الْآيَةُ فَإِنَّهَا نَزَلَتْ لَمَّا تَحَرَّجَ نَاسٌ مِنْ السَّعْيِ فِي الْإِسْلَامِ، لِمَا كَانُوا يَطُوفُونَ بَيْنَهُمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، لِأَجْلِ صَنَمَيْنِ كَانَا عَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. كَذَلِكَ قَالَتْ عَائِشَةُ.
[فَصْل السَّعْيُ تَبَعٌ لِلطَّوَافِ]
(2482)
فَصْلٌ: وَالسَّعْيُ تَبَعٌ لِلطَّوَافِ، لَا يَصِحُّ إلَّا أَنْ يَتَقَدَّمَهُ طَوَافٌ، فَإِنْ سَعَى قَبْلَهُ، لَمْ يَصِحَّ. وَبِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ.
وَقَالَ عَطَاءٌ: يُجْزِئُهُ. وَعَنْ أَحْمَدَ: يُجْزِئُهُ إنْ كَانَ نَاسِيًا، وَإِنْ كَانَ عَمْدًا لَمْ يُجْزِئْهُ سَعْيُهُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا سُئِلَ عَنْ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ فِي حَالِ الْجَهْلِ وَالنِّسْيَانِ، قَالَ:(لَا حَرَجَ) . وَوَجْهُ الْأَوَّلِ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا سَعَى بَعْدَ طَوَافِهِ، وَقَدْ قَالَ: لِتَأْخُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» . فَعَلَى هَذَا إنْ سَعَى بَعْدَ طَوَافِهِ، ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ طَافَ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ لَمْ يُعْتَدَّ بِسَعْيِهِ ذَلِكَ. وَمَتَى سَعَى الْمُفْرِدُ وَالْقَارِنُ بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ، لَمْ يَلْزَمْهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ سَعْيٌ، وَإِنْ لَمْ يَسْعَيَا مَعَهُ، سَعَيَا مَعَ طَوَافِ الزِّيَارَةِ.
وَلَا تَجِبُ الْمُوَالَاةُ بَيْنَ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ. قَالَ أَحْمَدُ: لَا بَأْسَ أَنْ يُؤَخِّرَ السَّعْيَ حَتَّى يَسْتَرِيحَ أَوْ إلَى الْعَشِيِّ. وَكَانَ عَطَاءٌ، وَالْحَسَنُ لَا يَرَيَانِ بَأْسًا لِمَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ أَوَّلَ النَّهَارِ، أَنْ يُؤَخِّرَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ إلَى الْعَشِيِّ. وَفَعَلَهُ الْقَاسِمُ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ؛ لِأَنَّ الْمُوَالَاةَ إذَا لَمْ تَجِبْ فِي نَفْسِ السَّعْيِ، فَفِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّوَافِ أَوْلَى.
[مَسْأَلَة إذَا فَرَغَ مِنْ السَّعْيِ]
(2483)
مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (فَإِذَا فَرَغَ مِنْ السَّعْيِ، فَإِنْ كَانَ مُتَمَتِّعًا قَصَّرَ مِنْ شَعْرِهِ، ثُمَّ قَدْ حَلَّ)