الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْل لَا تَأْثِيرَ لِلْإِحْرَامِ وَلَا لِلْحَرَمِ فِي تَحْرِيمِ شَيْءٍ مِنْ الْحَيَوَانِ الْأَهْلِيِّ]
(2398)
فَصْلٌ: وَلَا تَأْثِيرَ لِلْإِحْرَامِ وَلَا لِلْحَرَمِ فِي تَحْرِيمِ شَيْءٍ مِنْ الْحَيَوَانِ الْأَهْلِيِّ، كَبَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِصَيْدٍ، وَإِنَّمَا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى الصَّيْدَ، وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَذْبَحُ الْبُدْنَ فِي إحْرَامِهِ فِي الْحَرَمِ، يَتَقَرَّبُ إلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ بِذَلِكَ، وَقَالَ:«أَفْضَلُ الْحَجِّ الْعَجُّ وَالثَّجُّ» . يَعْنِي إسَالَةَ الدِّمَاءِ بِالذَّبْحِ وَالنَّحْرِ. وَلَيْسَ فِي هَذَا اخْتِلَافٌ.
[فَصْل صَيْدَ الْبَحْرِ مُبَاحٌ لِلْمُحْرِمِ]
(2399)
فَصْلٌ: وَيَحِلُّ لِلْمُحْرِمِ صَيْدُ الْبَحْرِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ} [المائدة: 96] . قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ: طَعَامُهُ مَا أَلْقَاهُ.
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: طَعَامُهُ مِلْحُهُ. وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: طَعَامُهُ الْمِلْحُ، وَصَيْدُهُ مَا اصْطَدْنَا. وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ صَيْدَ الْبَحْرِ مُبَاحٌ لِلْمُحْرِمِ اصْطِيَادُهُ وَأَكْلُهُ وَبَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ. وَصَيْدُ الْبَحْرِ: الْحَيَوَانُ الَّذِي يَعِيشُ فِي الْمَاءِ، وَيَبِيضُ فِيهِ، وَيُفْرِخُ فِيهِ، كَالسَّمَكِ وَالسُّلَحْفَاةِ وَالسَّرَطَانِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَحُكِيَ عَنْ عَطَاءٍ فِيمَا يَعِيشُ فِي الْبَرِّ، مِثْلَ السُّلَحْفَاةِ وَالسَّرَطَانِ، فَأَشْبَهَ طَيْرَ الْمَاءِ.
وَلَنَا، أَنَّهُ يَبِيضُ فِي الْمَاءِ، وَيُفْرِخُ فِيهِ، فَأَشْبَهَ السَّمَكَ. فَأَمَّا طَيْرُ الْمَاءِ، كَالْبَطِّ وَنَحْوِهِ، فَهُوَ مِنْ صَيْدِ الْبَرِّ، فِي قَوْلِ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَفِيهِ الْجَزَاءُ. وَحُكِيَ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ قَالَ: حَيْثُ يَكُونُ أَكْثَرَ، فَهُوَ صَيْدُهُ. وَقَوْلُ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يَبِيضُ فِي الْبَرِّ، وَيُفْرِخُ فِيهِ، فَكَانَ مِنْ صَيْدِ الْبَرِّ، كَسَائِرِ طَيْرِهِ، وَإِنَّمَا إقَامَتُهُ فِي الْبَحْرِ لِطَلَبِ الرِّزْقِ، وَالْمَعِيشَةِ مِنْهُ، كَالصَّيَّادِ. فَإِنْ كَانَ جِنْسٌ مِنْ الْحَيَوَانِ، نَوْعٌ مِنْهُ فِي الْبَحْرِ وَنَوْعٌ فِي الْبَرِّ، كَالسُّلَحْفَاةِ، فَلِكُلِّ نَوْعٍ حُكْمُ نَفْسِهِ، كَالْبَقَرِ، مِنْهَا الْوَحْشِيُّ مُحَرَّمٌ، وَالْأَهْلِيُّ مُبَاحٌ.
[مَسْأَلَة صَيْدُ الْحَرَمِ حَرَامٌ عَلَى الْحَلَالِ وَالْمُحْرِمِ]
(2400)
مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَصَيْدُ الْحَرَمِ حَرَامٌ عَلَى الْحَلَالِ وَالْمُحْرِمِ) الْأَصْلُ فِي تَحْرِيمِ صَيْدِ الْحَرَمِ النَّصُّ وَالْإِجْمَاعُ؛ أَمَّا النَّصُّ، فَمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: «إنَّ هَذَا الْبَلَدَ حَرَّمَهُ اللَّهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَإِنَّهُ لَمْ يَحِلَّ الْقِتَالُ فِيهِ لَأَحَدٍ قَبْلِي، وَلَمْ يَحِلَّ لِي إلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا، وَلَا يُعْضَدُ شَوْكُهَا، وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلَا تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا، إلَّا مَنْ عَرَّفَهَا. فَقَالَ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إلَّا الْإِذْخِرَ، فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِمْ