الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْقُدُومِ لَا يَجِبُ بِتَرْكِهِ شَيْءٌ، فَتَرْكُ صِفَةٍ فِيهِ أَوْلَى أَنْ لَا يَجِبَ بِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَزِيدُ عَلَى تَرْكِهِ.
[مَسْأَلَة شُرُوطُ صِحَّة الطَّوَافِ]
(2461)
مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَيَكُونُ طَاهِرًا فِي ثِيَابٍ طَاهِرَةٍ) يَعْنِي فِي الطَّوَافِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ مِنْ الْحَدَثِ وَالنَّجَاسَةِ وَالسِّتَارَةَ شَرَائِطُ لِصِحَّةِ الطَّوَافِ، فِي الْمَشْهُورِ عَنْ أَحْمَدَ. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ.
وَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّ الطَّهَارَةَ لَيْسَتْ شَرْطًا، فَمَتَى طَافَ لِلزِّيَارَةِ غَيْرَ مُتَطَهِّرٍ أَعَادَ مَا كَانَ بِمَكَّةَ، فَإِنْ خَرَجَ إلَى بَلَدِهِ، جَبَرَهُ بِدَمٍ. وَكَذَلِكَ يُخَرَّجُ فِي الطَّهَارَةِ مِنْ النَّجَسِ وَالسِّتَارَةِ. وَعَنْهُ، فِي مَنْ طَافَ لِلزِّيَارَةِ، وَهُوَ نَاسٍ لِلطَّهَارَةِ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ شَرْطًا. وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ وَاجِبٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ سُنَّةٌ؛ لِأَنَّ الطَّوَافَ رُكْنٌ لِلْحَجِّ؛ فَلَمْ يُشْتَرَطْ لَهُ الطَّهَارَةُ، كَالْوُقُوفِ. وَلَنَا مَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ، إلَّا أَنَّكُمْ تَتَكَلَّمُونَ فِيهِ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالْأَثْرَمُ.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ بَعَثَهُ فِي الْحَجَّةِ الَّتِي أَمَّرَهُ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ يَوْمَ النَّحْرِ، يُؤَذِّنُ:(لَا يَحُجُّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانُ) . وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْبَيْتِ، فَكَانَتْ الطَّهَارَةُ وَالسِّتَارَةُ فِيهَا شَرْطًا، كَالصَّلَاةِ وَعَكْسُ ذَلِكَ الْوُقُوفُ.
[فَصْل قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الطَّوَافِ]
(2462)
فَصْلٌ: وَلَا بَأْسَ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الطَّوَافِ. وَبِذَلِكَ قَالَ عَطَاءٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ يُكْرَهُ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُرْوَةَ، وَالْحَسَنِ، وَمَالِكٍ. وَلَنَا، أَنَّ عَائِشَةَ رَوَتْ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «كَانَ يَقُولُ فِي طَوَافِهِ:{رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: 201] » . وَكَانَ عُمَرُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ يَقُولَانِ ذَلِكَ فِي الطَّوَافِ، وَهُوَ قُرْآنٌ، وَلِأَنَّ الطَّوَافَ صَلَاةٌ، وَلَا تُكْرَهُ الْقِرَاءَةُ فِي الصَّلَاةِ. قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: لَيْسَ شَيْءٌ أَفْضَلَ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ. وَيُسْتَحَبُّ الدُّعَاءُ فِي الطَّوَافِ، وَالْإِكْثَارُ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ، فَفِي حَالِ تَلَبُّسِهِ بِهَذِهِ الْعِبَادَةِ أَوْلَى. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَدَعَ الْحَدِيثَ، إلَّا ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ، أَوْ أَمْرًا بِمَعْرُوفٍ، أَوْ نَهْيًا عَنْ مُنْكَرٍ، أَوْ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ، فَمَنْ تَكَلَّمَ فَلَا يَتَكَلَّمُ إلَّا بِخَيْرٍ» . وَلَا بَأْسَ بِالشُّرْبِ فِي الطَّوَافِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم شَرِبَ فِي الطَّوَافِ. رَوَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَقَالَ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مَنَعَ مِنْهُ.