الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا رَمَاهَا ضُحَى ذَلِكَ الْيَوْمِ. وَقَالَ جَابِرٌ: «رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَرْمِي الْجَمْرَةَ ضُحَى يَوْمِ النَّحْرِ وَحْدَهُ، وَرَمَى بَعْدَ ذَلِكَ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ» . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُغَيْلِمَةَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَلَى حُمُرَاتٍ لَنَا مِنْ جَمْعٍ، فَجَعَلَ يُلَطِّخُ أَفْخَاذَنَا، وَيَقُولُ: أَبَنِيَّ، عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَا تَرْمُوا الْجَمْرَةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ» . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. وَكَانَ رَمْيُهَا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ يُجْزِئُ بِالْإِجْمَاعِ، وَكَانَ أَوْلَى. وَأَمَّا وَقْتُ الْجَوَازِ، فَأَوَّلُهُ نِصْفُ اللَّيْلِ مِنْ لَيْلَةِ النَّحْرِ. وَبِذَلِكَ قَالَ عَطَاءٌ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَعِكْرِمَةُ بْنُ خَالِدٍ، وَالشَّافِعِيُّ. وَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ يُجْزِئُ بَعْدَ الْفَجْرِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ وَإِسْحَاقَ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ: لَا يَرْمِيهَا إلَّا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ؛ لِمَا رَوَيْنَا مِنْ الْحَدِيثِ. وَلَنَا، مَا رَوَى أَبُو دَاوُد، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «أَمَرَ أُمَّ سَلَمَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ، فَرَمَتْ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ قَبْلَ الْفَجْرِ، ثُمَّ مَضَتْ فَأَفَاضَتْ. وَرُوِيَ أَنَّهُ أَمَرَهَا أَنْ تُعَجِّلَ الْإِفَاضَةَ، وَتُوَافِيَ مَكَّةَ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ» . وَاحْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ. وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي حَدِيثِ أَسْمَاءَ، أَنَّهَا رَمَتْ، ثُمَّ رَجَعَتْ، فَصَلَّتْ الصُّبْحَ، وَذَكَرَتْ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَذِنَ لِلظُّعُنِ، وَلِأَنَّهُ وَقْتٌ لِلدَّفْعِ مِنْ مُزْدَلِفَةَ، فَكَانَ وَقْتًا لِلرَّمْيِ، كَبَعْدِ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَالْأَخْبَارُ الْمُتَقَدِّمَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، وَإِنْ أَخَّرَ الرَّمْيَ إلَى آخِرِ النَّهَارِ، جَازَ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ، عَلَى أَنَّ مَنْ رَمَاهَا يَوْمَ النَّحْرِ قَبْلَ الْمَغِيبِ، فَقَدْ رَمَاهَا فِي وَقْتٍ لَهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَحَبًّا لَهَا. وَرَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ. قَالَ:«كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُسْأَلُ يَوْمَ النَّحْرِ بِمِنًى، قَالَ رَجُلٌ: رَمَيْت بَعْدَمَا أَمْسَيْت؟ فَقَالَ: لَا حَرَجَ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. فَإِنْ أَخَّرَهَا إلَى اللَّيْلِ، لَمْ يَرْمِهَا حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ مِنْ الْغَدِ. وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَإِسْحَاقُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْذِرِ، وَيَعْقُوبُ: يَرْمِي لَيْلًا؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «ارْمِ، وَلَا حَرَجَ» . وَلَنَا، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، قَالَ: مَنْ فَاتَهُ الرَّمْيُ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ، فَلَا يَرْمِ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ مِنْ الْغَدِ. وَقَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«ارْمِ، وَلَا حَرَجَ» . إنَّمَا كَانَ فِي النَّهَارِ؛ لِأَنَّهُ سَأَلَهُ فِي يَوْمِ النَّحْرِ، وَلَا يَكُونُ الْيَوْمُ إلَّا قَبْلَ مَغِيبِ الشَّمْسِ. وَقَالَ مَالِكٌ: يَرْمِي لَيْلًا وَعَلَيْهِ دَمٌ. وَمَرَّةً قَالَ: لَا دَمَ عَلَيْهِ.
[فَصْل لَا يُجْزِئهُ الرَّمْيُ إلَّا أَنْ يَقَع الْحَصَى فِي الْمَرْمِيّ]
(2537)
فَصْلٌ: وَلَا يُجْزِئُهُ الرَّمْيُ إلَّا أَنْ يَقَعَ الْحَصَى فِي الْمَرْمَى، فَإِنْ وَقَعَ دُونَهُ، لَمْ يُجْزِئْهُ. فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالرَّمْيِ وَلَمْ يَرْمِ. وَإِنْ طَرَحَهَا طَرْحًا؛ أَجْزَأْهُ؛ لِأَنَّهُ يُسَمَّى رَمْيًا. وَهَذَا قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ وَقَالَ ابْنُ