الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ أَتَى مَكَّةَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ]
(2745)
فَصْلٌ: يُسْتَحَبُّ لِمَنْ أَتَى مَكَّةَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ؛ لِأَنَّ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ، وَالطَّوَافُ أَفْضَلُ مِنْ الصَّلَاةِ، وَالصَّلَاةُ بَعْدَ ذَلِكَ. يُرْوَى عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: الطَّوَافُ لَكُمْ يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ، وَالصَّلَاةُ لِأَهْلِ مَكَّةَ.
وَقَالَ عَطَاءٌ: الطَّوَافُ لِلْغُرَبَاءِ، وَالصَّلَاةُ لِأَهْلِ الْبَلَدِ. قَالَ: وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ: يَزُورُ الْبَيْتَ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ مِنًى. وَمِنْهُمْ مَنْ يَخْتَارُ الْإِقَامَةَ بِمِنًى؛ لِأَنَّهَا أَيَّامُ مِنًى. وَاحْتَجَّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بِحَدِيثِ أَبِي حَسَّانَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُفِيضُ كُلَّ لَيْلَةٍ.»
[فَصْلٌ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ حَجَّ أَنْ يَدْخُلَ الْبَيْتَ وَيُصَلِّيَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ]
(2746)
فَصْلٌ: وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ حَجَّ أَنْ يَدْخُلَ الْبَيْتَ، وَيُصَلِّي فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَلَا يَدْخُلُ الْبَيْتَ بِنَعْلَيْهِ، وَلَا خُفَّيْهِ، وَلَا الْحِجْرَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْحِجْرَ مِنْ الْبَيْتِ. وَلَا يَدْخُلُ الْكَعْبَةَ بِسِلَاحٍ. قَالَ: وَثِيَابُ الْكَعْبَةِ إذَا نُزِعَتْ يُتَصَدَّقُ بِهَا. وَقَالَ: إذَا أَرَادَ أَنْ يَسْتَشْفِيَ بِشَيْءِ مِنْ طِيبِ الْكَعْبَةِ، فَلْيَأْتِ بِطِيبٍ مِنْ عِنْدِهِ، فَلْيَلْزِقْهُ عَلَى الْبَيْتِ، ثُمَّ يَأْخُذْهُ، وَلَا يَأْخُذْ مِنْ طِيبِ الْبَيْتِ شَيْئًا، وَلَا يُخْرِجْ مِنْ تُرَابِ الْحَرَمِ، وَلَا يُدْخِلْ فِيهِ مِنْ الْحِلِّ. كَذَلِكَ قَالَ عُمَرُ، وَابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، وَلَا يُخْرِجْ مِنْ حِجَارَةِ مَكَّةَ وَتُرَابِهَا إلَى الْحِلِّ، وَالْخُرُوجُ أَشَدُّ إلَّا أَنَّ مَاءَ زَمْزَمَ أَخْرَجَهُ كَعْبٌ.
[فَصْلٌ الْجِوَارُ بِمَكَّةَ لِمَنْ هَاجَرَ مِنْهَا]
(2747)
فَصْلٌ: قَالَ أَحْمَدُ كَيْفَ لَنَا بِالْجِوَارِ بِمَكَّةَ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«إنَّكِ لَأَحَبُّ الْبِقَاعِ إلَى اللَّهِ عز وجل، وَلَوْلَا أَنِّي أُخْرِجْت مِنْك مَا خَرَجْت» . وَإِنَّمَا كُرِهَ الْجِوَارُ بِمَكَّةَ لِمَنْ هَاجَرَ مِنْهَا، وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ جَاوَرَ بِمَكَّةَ، وَجَمِيعُ أَهْلِ الْبِلَادِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْيَمِينِ لَيْسَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ يَخْرُجُ وَيُهَاجِرُ. أَيْ لَا بَأْسَ بِهِ. وَابْنُ عُمَرَ كَانَ يُقِيمُ بِمَكَّةَ. قَالَ: وَالْمُقَامُ بِالْمَدِينَةِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ الْمُقَامِ بِمَكَّةَ لِمَنْ قَوِيَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا مُهَاجَرُ الْمُسْلِمِينَ. .
وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَصْبِرُ أَحَدٌ عَلَى لَأْوَائِهَا وَشِدَّتِهَا إلَّا كُنْت لَهُ شَفِيعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ.»
[فَصْلٌ زِيَارَةُ قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم]
(2748)
فَصْلٌ: وَيُسْتَحَبُّ زِيَارَةُ قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ لِمَا رَوَى الدَّارَقُطْنِيّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ حَجَّ، فَزَارَ قَبْرِي بَعْدَ وَفَاتِي، فَكَأَنَّمَا زَارَنِي فِي حَيَاتِي» . وَفِي رِوَايَةٍ: «مَنْ زَارَ قَبْرِي وَجَبَتْ لَهُ شَفَاعَتِي» . رَوَاهُ بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ سَعِيدٌ. حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ. وَقَالَ أَحْمَدُ، فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم -
قَالَ: «مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ عِنْدَ قَبْرِي، إلَّا رَدَّ اللَّهُ عَلَيَّ رُوحِيِّ، حَتَّى أَرُدَّ عليه السلام» : وَإِذَا حَجَّ الَّذِي لَمْ يَحُجَّ قَطُّ - يَعْنِي مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ الشَّامِ - لَا يَأْخُذُ عَلَى طَرِيقِ الْمَدِينَةِ، لِأَنِّي أَخَافُ أَنْ يَحْدُثَ بِهِ حَدَثٌ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَقْصِدَ مَكَّةَ مِنْ أَقْصَرِ الطُّرُقِ، وَلَا يَتَشَاغَلَ بِغَيْرِهِ. وَيُرْوَى عَنْ الْعُتْبِيِّ، قَالَ: كُنْت جَالِسًا عِنْدَ قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ، سَمِعْت اللَّهَ يَقُولُ:{وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} [النساء: 64] .
وَقَدْ جِئْتُك مُسْتَغْفِرًا لِذَنْبِي، مُسْتَشْفِعًا بِك إلَى رَبِّي، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:
يَا خَيْرَ مَنْ دُفِنَتْ بِالْقَاعِ أَعْظُمُهُ
…
فَطَابَ مِنْ طِيبِهِنَّ الْقَاعُ وَالْأَكَمُ
نَفْسِي الْفِدَاءُ لِقَبْرِ أَنْتَ سَاكِنُهُ
…
فِيهِ الْعَفَافُ وَفِيهِ الْجُودُ وَالْكَرَمُ
ثُمَّ انْصَرَفَ الْأَعْرَابِيُّ، فَحَمَلَتْنِي عَيْنِي، فَنِمْت، فَرَأَيْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي النَّوْمِ، فَقَالَ: يَا عُتْبِيُّ، الْحَقْ الْأَعْرَابِيَّ، فَبَشِّرْهُ أَنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَهُ.
وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ أَنْ يُقَدِّمَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى، ثُمَّ يَقُولَ:«بِسْمِ اللَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، وَاغْفِرْ لِي، وَافْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِك. وَإِذَا خَرَجَ، قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ. وَقَالَ: وَافْتَحْ لِي أَبْوَابَ فَضْلِكَ»
لِمَا رُوِيَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرَضِي اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَّمَهَا أَنْ تَقُولَ ذَلِكَ، إذَا دَخَلَتْ الْمَسْجِدَ. ثُمَّ تَأْتِي الْقَبْرَ فَتُوَلِّي ظَهْرَكَ الْقِبْلَةَ، وَتَسْتَقْبِلُ وَسَطَهُ، وَتَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، وَخِيرَتَهُ مِنْ خَلْقِهِ وَعِبَادِهِ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَشْهَدُ أَنَّك قَدْ بَلَّغْت رِسَالَاتِ رَبِّك، وَنَصَحْت لِأُمَّتِك، وَدَعَوْت إلَى سَبِيلِ رَبِّك بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ، وَعَبَدْت اللَّهَ حَتَّى أَتَاك الْيَقِينُ، فَصَلَّى اللَّهُ عَلَيْك كَثِيرًا، كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، اللَّهُمَّ اجْزِ عَنَّا نَبِيَّنَا أَفْضَلَ مَا جَزَيْت أَحَدًا مِنْ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ، وَابْعَثْهُ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ الَّذِي وَعَدْته، يَغْبِطُهُ بِهِ الْأَوَّلُونَ وَالْآخَرُونَ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَآلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَآلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ إنَّك قُلْت وَقَوْلُك الْحَقُّ:{وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} [النساء: 64] . وَقَدْ أَتَيْتُك مُسْتَغْفِرًا مِنْ ذُنُوبِي،