الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَصُومُهُ» . ثُمَّ دَخَلْنَا عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَقَالَتْ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ أَتَيْنَا أَبَا هُرَيْرَةَ، فَأَخْبَرْنَاهُ بِذَلِكَ، فَقَالَ: هُمَا أَعْلَمُ بِذَلِكَ، إنَّمَا حَدَّثَنِيهِ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: أَحْسَنُ مَا سَمِعْت فِي خَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ؛ لِأَنَّ الْجِمَاعَ كَانَ مُحَرَّمًا عَلَى الصَّائِمِ بَعْدَ النَّوْمِ، فَلَمَّا أَبَاحَ اللَّهُ الْجِمَاعَ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ، جَازَ لِلْجُنُبِ إذَا أَصْبَحَ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ أَنْ يَصُومَ. وَرَوَتْ عَائِشَةُ «أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إنِّي أُصْبِحُ جُنُبًا، وَأَنَا أُرِيدُ الصِّيَامَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: وَأَنَا أُصْبِحُ جُنُبًا، وَأَنَا أُرِيدُ الصِّيَامَ، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّك لَسْتَ مِثْلَنَا قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَك مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِك وَمَا تَأَخَّرَ. فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: إنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَخْشَاكُمْ لِلَّهِ، وَأَعْلَمَكُمْ بِمَا أَتَّقِي» . رَوَاهُ مَالِكٌ، فِي (مُوَطَّئِهِ) وَمُسْلِمٌ فِي (صَحِيحِهِ) .
[مَسْأَلَةُ الْمَرْأَةُ إذَا انْقَطَعَ حَيْضُهَا مِنْ اللَّيْلِ فَهِيَ صَائِمَةٌ إذَا نَوَتْ الصَّوْمَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ]
(2079)
مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ إذَا انْقَطَعَ حَيْضُهَا مِنْ اللَّيْلِ، فَهِيَ صَائِمَةٌ إذَا نَوَتْ الصَّوْمَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَتَغْتَسِلُ إذَا أَصْبَحَتْ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْمَرْأَةِ إذَا انْقَطَعَ حَيْضُهَا مِنْ اللَّيْلِ، كَالْحُكْمِ فِي الْجُنُبِ سَوَاءٌ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَنْقَطِعَ حَيْضُهَا قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ؛ لِأَنَّهُ إنَّ وُجِدَ جُزْءٌ مِنْهُ فِي النَّهَارِ أَفْسَدَ الصَّوْمَ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ تَنْوِيَ الصَّوْمَ أَيْضًا مِنْ اللَّيْلِ بَعْدَ انْقِطَاعِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا صِيَامَ لِمَنْ لَمْ يُبَيِّتْ الصِّيَامَ مِنْ اللَّيْلِ. قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمَاجِشُونِ، وَالْعَنْبَرِيُّ: تَقْضِي، فَرَّطَتْ فِي الِاغْتِسَالِ أَوْ لَمْ تُفَرِّطْ؛ لِأَنَّ حَدَثَ الْحَيْضِ يَمْنَعُ الصَّوْمَ، بِخِلَافِ الْجَنَابَةِ.
وَلَنَا أَنَّهُ حَدَثٌ يُوجِبُ الْغُسْلَ، فَتَأْخِيرُ الْغُسْلِ مِنْهُ إلَى أَنْ يُصْبِحَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّوْمِ، كَالْجَنَابَةِ، وَمَا ذَكَرُوهُ لَا يَصِحُّ، فَإِنَّ مَنْ طَهُرَتْ مِنْ الْحَيْضِ لَيْسَتْ حَائِضًا، وَإِنَّمَا عَلَيْهَا حَدَثٌ مُوجِبٌ لِلْغُسْلِ، فَهِيَ كَالْجُنُبِ، فَإِنَّ الْجِمَاعَ الْمُوجِبَ لِلْغُسْلِ لَوْ وُجِدَ فِي الصَّوْمِ أَفْسَدَهُ، كَالْحَيْضِ، وَبَقَاءُ وُجُوبِ الْغُسْلِ مِنْهُ كَبَقَاءِ وُجُوبِ الْغُسْلِ مِنْ الْحَيْضِ. وَقَدْ اسْتَدَلَّ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:{فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: 187] . فَلَمَّا أَبَاحَ الْمُبَاشَرَةَ إلَى تَبَيُّنِ الْفَجْرِ، عُلِمَ أَنَّ الْغُسْلَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَهُ.
[مَسْأَلَةُ الْحَامِلُ إذَا خَافَتْ عَلَى جَنِينِهَا وَالْمُرْضِعُ عَلَى وَلَدِهَا مِنْ الصَّوْم]
(2080)
مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَالْحَامِلُ إذَا خَافَتْ عَلَى جَنِينِهَا، وَالْمُرْضِعُ عَلَى وَلَدِهَا، أَفْطَرَتَا، وَقَضَتَا، وَأَطْعَمَتَا عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْحَامِلَ وَالْمُرْضِعَ، إذَا خَافَتَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا، فَلَهُمَا الْفِطْرُ، وَعَلَيْهِمَا الْقَضَاءُ فَحَسْبُ. لَا نَعْلَمُ فِيهِ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ اخْتِلَافًا؛ لِأَنَّهُمَا بِمَنْزِلَةِ الْمَرِيضِ الْخَائِفِ عَلَى نَفْسِهِ. وَإِنْ خَافَتَا عَلَى وَلَدَيْهِمَا أَفْطَرَتَا، وَعَلَيْهِمَا الْقَضَاءُ وَإِطْعَامُ مِسْكِينٍ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ. وَهَذَا يُرْوَى عَنْ ابْنِ عُمَرَ. وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ