الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِالْعِرَاقِ. وَأَنْكَرَهُ ابْنُ عُمَرَ، وَطَاوُسٌ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَمَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ.
وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الِاشْتِرَاطَ يُفِيدُ سُقُوطَ الدَّمِ، فَأَمَّا التَّحَلُّلُ فَهُوَ ثَابِتٌ عِنْدَهُ بِكُلِّ إحْصَارٍ. وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُنْكِرُ الِاشْتِرَاطَ، وَيَقُولُ: حَسْبُكُمْ سُنَّةُ نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم. وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ تَجِبُ بِأَصْلِ الشَّرْعِ. فَلَمْ يُفِدْ الِاشْتِرَاطُ فِيهَا، كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ. وَلَنَا، مَا رَوَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها قَالَتْ:«دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ، وَأَنَا شَاكِيَةٌ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: حُجِّي، وَاشْتَرِطِي أَنَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتنِي» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، «أَنَّ ضُبَاعَةَ أَتَتْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ، فَكَيْفَ أَقُولُ؟ فَقَالَ: قُولِي لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، وَمَحِلِّي مِنْ الْأَرْضِ حَيْثُ تَحْبِسُنِي. فَإِنَّ لَك عَلَى رَبِّك مَا اسْتَثْنَيْت» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَلَا قَوْلَ لَأَحَدٍ مَعَ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَكَيْفَ يُعَارَضُ بُقُولِ ابْنِ عُمَرَ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ حَدِيثٌ لَكَانَ قَوْلُ الْخَلِيفَتَيْنِ الرَّاشِدَيْنِ مَعَ مَنْ قَدْ ذَكَرْنَا قَوْلَهُ مِنْ فُقَهَاءِ الصَّحَابَةِ، أَوْلَى مِنْ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ، وَغَيْرُ هَذَا اللَّفْظِ، مِمَّا يُؤَدِّي مَعْنَاهُ، يَقُومُ مَقَامَهُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْمَعْنَى، وَالْعِبَارَةُ إنَّمَا تُعْتَبَرُ لِتَأْدِيَةِ الْمَعْنَى.
قَالَ إبْرَاهِيمُ: خَرَجْنَا مَعَ عَلْقَمَةَ، وَهُوَ يُرِيدُ الْعُمْرَةَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إنِّي أُرِيدُ الْعُمْرَةَ إنْ تَيَسَّرَتْ، وَإِلَّا فَلَا حَرَجَ عَلَيَّ. وَكَانَ شُرَيْحٌ يَشْتَرِطُ: اللَّهُمَّ قَدْ عَرَفْت نِيَّتِي، وَمَا أُرِيدُ، فَإِنْ كَانَ أَمْرًا تُتِمُّهُ فَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ، وَإِلَّا فَلَا حَرَجَ عَلَيَّ. وَنَحْوُهُ عَنْ الْأَسْوَدِ. وَقَالَتْ عَائِشَةُ لِعُرْوَةِ: قُلْ، اللَّهُمَّ إنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ، وَإِيَّاهُ نَوَيْت، فَإِنْ تَيَسَّرَ، وَإِلَّا فَعُمْرَةٌ. وَنَحْوُهُ عَنْ عَمِيرَةَ بْنِ زِيَادٍ.
[فَصْل نَوَى الْمَحْصِر الِاشْتِرَاط وَلَمْ يَتَلَفَّظ بِهِ]
(2294)
فَصْلٌ: فَإِنْ نَوَى الِاشْتِرَاطَ، وَلَمْ يَتَلَفَّظْ بِهِ، احْتَمَلَ أَنْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِعَقْدِ الْإِحْرَامِ، وَالْإِحْرَامُ يَنْعَقِدُ بِالنِّيَّةِ، فَكَذَلِكَ تَابِعُهُ، وَاحْتَمَلَ أَنْ يُعْتَبَرَ فِيهِ الْقَوْلُ لِأَنَّهُ اشْتِرَاطٌ، فَاعْتُبِرَ فِيهِ الْقَوْلُ، كَالِاشْتِرَاطِ فِي النَّذْر وَالْوَقْفِ وَالِاعْتِكَافِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ:(قُولِي مَحِلِّي مِنْ الْأَرْضِ حَيْثُ تَحْبِسُنِي) .
[مَسْأَلَة إنْ أَرَادَ الْإِفْرَاد قَالَ اللَّهُمَّ إنِّي أُرِيد الْحَجّ وَيَشْتَرِطُ الْإِفْرَادُ]
(2295)
مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَإِنْ أَرَادَ الْإِفْرَادَ، قَالَ: اللَّهُمَّ إنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ. وَيَشْتَرِطُ) الْإِفْرَادُ: هُوَ الْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ مُفْرَدًا مِنْ الْمِيقَاتِ، وَهُوَ أَحَدُ الْأَنْسَاكِ الثَّلَاثَةِ، وَالْحُكْمُ فِي إحْرَامِهِ كَالْحُكْمِ فِي إحْرَامِ الْعُمْرَةِ، سَوَاءٌ، فِيمَا يَجِبُ وَيُسْتَحَبُّ وَحُكْمِ الِاشْتِرَاطِ.
[مَسْأَلَة إنْ أَرَادَ الْقِرَان قَالَ اللَّهُمَّ إنِّي أُرِيد الْعُمْرَة وَالْحَجّ]
(2296)
مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (وَإِنْ أَرَادَ الْقِرَانَ، قَالَ: اللَّهُمَّ إنِّي أُرِيدُ الْعُمْرَةَ وَالْحَجَّ. وَيَشْتَرِطُ)