الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَوْمَ النَّحْرِ، وَهُوَ بِمِنًى، فِي النَّحْرِ، وَالْحَلْقِ، وَالرَّمْيِ، وَالتَّقْدِيمِ، وَالتَّأْخِيرِ، فَقَالَ:(لَا حَرَجَ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَفِيهِ: فَحَلَقْت قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ، وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عِيسَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ:«سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَتَاهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي حَلَقْت قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ؟ قَالَ: ارْمِ، وَلَا حَرَجَ. قَالَ: وَأَتَاهُ آخَرُ، فَقَالَ: إنِّي أَفَضْت قَبْل أَنَّ أَرْمِيَ؟ قَالَ: أَرْمِ، وَلَا حَرَجَ» . وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم سُئِلَ يَوْمَ النَّحْرِ، عَنْ رَجُلٍ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَا حَرَجَ، لَا حَرَجَ» . رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ كُلَّهُ. وَسُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحَقُّ أَنْ تُتَّبَعَ.
عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ سُقُوطِ الدَّمِ بِفَقْدِ الشَّيْءِ فِي وَقْتِهِ، سُقُوطُهُ قَبْلَ وَقْتِهِ، فَإِنَّهُ لَوْ حَلَقَ فِي الْعُمْرَةِ بَعْدَ السَّعْيِ، لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الْحِلُّ مَا حَصَلَ قَبْلَهُ، وَكَذَلِكَ فِي مَسْأَلَتِنَا، إذَا قُلْنَا: إنَّ الْحِلَّ يَحْصُلُ بِالْحَلْقِ، فَقَدْ حَلَقَ قَبْلَ التَّحَلُّلِ، وَلَا دَمَ عَلَيْهِ. فَأَمَّا إنْ فَعَلَهُ عَمْدًا، عَالِمًا بِمُخَالَفَةِ السُّنَّةِ فِي ذَلِكَ، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ: إحْدَاهُمَا، لَا دَمَ عَلَيْهِ. وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ، وَإِسْحَاقَ؛ لِإِطْلَاقِ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَكَذَلِكَ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّه بْنِ عَمْرٍو، مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ. وَالثَّانِيَةُ، عَلَيْهِ دَمٌ. رُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، وَقَتَادَةَ، وَالنَّخَعِيِّ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ:{وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: 196] . وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَتَّبَ، وَقَالَ:(خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ) .
وَالْحَدِيثُ الْمُطْلَقُ قَدْ جَاءَ مُقَيَّدًا، فَيُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ. قَالَ الْأَثْرَمُ: سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يُسْأَلُ عَنْ رَجُلٍ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ؟ فَقَالَ: إنْ كَانَ جَاهِلًا، فَلَيْسَ عَلَيْهِ، فَأَمَّا التَّعَمُّدُ فَلَا، لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَأَلَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: لَمْ أَشْعُرْ. قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّه: سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ لَا يَقُولُ: لَمْ أَشْعُرْ. فَقَالَ: نَعَمْ، وَلَكِنَّ مَالِكًا وَالنَّاسَ عَنْ الزُّهْرِيِّ: لَمْ أَشْعُرْ، قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: وَهُوَ فِي الْحَدِيثِ، وَقَالَ مَالِكٌ: إنْ قَدَّمَ الْحَلْقَ عَلَى الرَّمْيِ فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَإِنْ قَدَّمَهُ عَلَى النَّحْرِ أَوْ النَّحْرَ عَلَى الرَّمْي فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. لِأَنَّهُ بِالْإِجْمَاعِ مَمْنُوعٌ مِنْ حَلْقِ شَعْرِهِ قَبْلَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ، وَلَا يَحْصُلُ إلَّا بِرَمْيِ الْجَمْرَةِ، فَأَمَّا النَّحْرُ قَبْلَ الرَّمْيِ فَجَائِزٌ؛ لِأَنَّ الْهَدْيَ قَدْ بَلَغَ مَحِلَّهُ. وَلَنَا، الْحَدِيثُ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا، فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قِيلَ لَهُ فِي الْحَلْقِ، وَالنَّحْرِ، وَالتَّقْدِيمِ، وَالتَّأْخِيرِ، فَقَالَ:(لَا حَرَجَ) .
وَلَا نَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَهُمْ فِي أَنَّ مُخَالَفَةَ التَّرْتِيبِ لَا تُخْرِجُ هَذِهِ الْأَفْعَالَ عَنْ الْإِجْزَاءِ، وَلَا يَمْنَعُ وُقُوعُهَا مَوْقِعَهَا، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ الدَّمِ، عَلَى مَا ذَكَرْنَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَصْل تَقْدِيم الْإِفَاضَةَ عَلَى الرَّمْيِ]
(2565)
فَصْلٌ: فَإِنْ قَدَّمَ الْإِفَاضَةَ عَلَى الرَّمْيِ، أَجْزَأَهُ طَوَافُهُ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ مَالِكٌ: لَا تُجْزِئُهُ الْإِفَاضَةُ، فَلْيَرْمِ، ثُمَّ لِيَنْحَر، ثُمَّ لِيُفِضْ.