الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ عُمَرُ: «إنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا لَا يُفِيضُونَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ. وَيَقُولُونَ: أَشْرِقْ ثَبِيرُ، كَيْمَا نُغِيرُ. وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَالَفَهُمْ، فَأَفَاضَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَالسُّنَّةُ أَنْ يَقِفَ حَتَّى يُسْفِرَ جِدًّا. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَكَانَ مَالِكٌ يَرَى الدَّفْعَ قَبْلَ الْإِسْفَارِ.
وَلَنَا، مَا رَوَى جَابِرٌ، «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى أَسْفَرَ جِدًّا، فَدَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ» . وَعَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ أَخَّرَ فِي الْوَقْتِ حَتَّى كَادَتْ الشَّمْسُ تَطْلُعُ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: إنِّي أَرَاهُ يُرِيدُ أَنْ يَصْنَعَ كَمَا صَنَعَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ، فَدَفَعَ وَدَفَعَ النَّاسُ مَعَهُ. وَكَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَدْفَعُ كَانْصِرَافِ الْقَوْمِ الْمُسْفِرِينَ مِنْ صَلَاةِ الْغَدَاةِ. وَانْصَرَفَ ابْنُ عُمَرَ حِينَ أَسْفَرَ وَأَبْصَرَتْ الْإِبِلُ مَوْضِعَ أَخْفَافِهَا. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَسِيرَ وَعَلَيْهِ السَّكِينَةُ، كَمَا ذَكَرْنَا فِي سَيْرِهِ مِنْ عَرَفَاتٍ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ثُمَّ أَرْدَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْفَضْلَ بْنَ عَبَّاسٍ، «وَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إنَّ الْبِرَّ لَيْسَ بِإِيجَافِ الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ، فَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ. فَمَا رَأَيْتهَا رَافِعَةً يَدَيْهَا حَتَّى أَتَى مِنًى.»
[مَسْأَلَة يُسْتَحَبُّ الْإِسْرَاعُ فِي وَادِي مُحَسِّرٍ]
(2529)
مَسْأَلَةٌ: قَالَ: (فَإِذَا بَلَغَ مُحَسِّرًا أَسْرَعَ، وَلَمْ يَقِفْ حَتَّى يَأْتِيَ مِنًى، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ مُلَبٍّ) يُسْتَحَبُّ الْإِسْرَاعُ فِي وَادِي مُحَسِّرٍ، وَهُوَ مَا بَيْنَ جَمْعٍ وَمِنًى، فَإِنْ كَانَ مَاشِيًا أَسْرَعَ، وَإِنْ كَانَ رَاكِبًا حَرَّكَ دَابَّتَهُ؛ لِأَنَّ جَابِرًا قَالَ فِي صِفَةِ حَجِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«إنَّهُ لَمَّا أَتَى بَطْنَ مُحَسِّرٍ حَرَّكَ قَلِيلًا» . وَيُرْوَى أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه، لَمَّا أَتَى مُحَسِّرَ أَسْرَعَ، وَقَالَ:
إلَيْك تَعْدُو قَلِقًا وَضِينُهَا
…
مُخَالِفًا دِينَ النَّصَارَى دِينُهَا
مُعْتَرِضًا فِي بَطْنِهَا جَنِينُهَا
وَذَلِكَ قَدْرُ رَمْيَةٍ بِحَجَرٍ، وَيَكُونُ مُلَبِّيًا فِي طَرِيقِهِ، فَإِنَّ الْفَضْلَ بْنَ عَبَّاسٍ كَانَ رَدِيفَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ، وَرَوَى «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي لَفْظٍ عَنْهُ، «قَالَ: شَهِدْت الْإِفَاضَتَيْنِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهِ السَّكِينَةُ، وَهُوَ كَافٌّ بَعِيرَهُ، وَلَبَّى حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ» . وَعَنْ الْأَسْوَدِ، قَالَ: أَفَاضَ عُمَرُ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ، وَهُوَ يُلَبِّي بِثَلَاثِ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَك لَبَّيْكَ، إنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَك. وَلِأَنَّ التَّلْبِيَةَ