الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَرْضُ الشَّامِ عَنْوَةٌ، إلَّا حِمْصَ وَمَوْضِعًا آخَرَ. وَقَالَ: مَا دُونَ النَّهْرِ صُلْحٌ، وَمَا وَرَاءَهُ عَنْوَةٌ، وَقَالَ: فَتَحَ الْمُسْلِمُونَ السَّوَادَ عَنْوَةً، إلَّا مَا كَانَ مِنْهُ صُلْحٌ، وَهِيَ أَرْضُ الْحِيرَةِ، وَأَرْضُ مَانَقِيَا. وَقَالَ: أَرْضُ الثَّرِيِّ خَلَطُوا فِي أَمْرِهَا، فَأَمَّا مَا فُتِحَ عَنْوَةً مِنْ نَهَاوَنْدَ إلَى طَبَرِسْتَانَ خَرَاجٌ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: أَرْضُ الشَّامِ عَنْوَةٌ، مَا خَلَا مُدُنَهَا، فَإِنَّهَا فُتِحَتْ صُلْحًا، إلَّا قَيْسَارِيَّةَ، اُفْتُتِحَتْ عَنْوَةً، وَأَرْضُ السَّوَادِ وَالْحِلِّ وَنَهَاوَنْدَ وَالْأَهْوَازَ وَمِصْرَ وَالْمَغْرِبِ. قَالَ مُوسَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِيهِ: الْمَغْرِبُ كُلُّهُ عَنْوَةٌ. فَأَمَّا أَرْضُ الصُّلْحِ فَأَرْضُ هَجَرَ، وَالْبَحْرَيْنِ، وَأَيْلَةَ، وَدُومَةِ الْجَنْدَلِ، وَأَذْرُحَ، فَهَذِهِ الْقُرَى الَّتِي أَدَّتْ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْجِزْيَةَ، وَمُدُن الشَّامِ مَا خَلَا أَرْضَهَا إلَّا قَيْسَارِيَّةَ وَبِلَادَ الْجَزِيرَةِ كُلَّهَا، وَبِلَادُ خُرَاسَانَ كُلُّهَا أَوْ أَكْثَرُهَا صُلْحٌ، وَكُلُّ مَوْضِعٍ فُتِحَ عَنْوَةً فَإِنَّهُ وَقْفٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ.
[فَصْلُ حُكْم خَرَاج مَا اسْتَأْنَفَ الْمُسْلِمُونَ فَتْحَهُ]
(1860)
فَصْلٌ: وَمَا اسْتَأْنَفَ الْمُسْلِمُونَ فَتْحَهُ، فَإِنْ فُتِحَ عَنْوَةً فَفِيهِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ: إحْدَاهُنَّ، أَنَّ الْإِمَامَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ قِسْمَتِهَا عَلَى الْغَانِمِينَ، وَبَيْنَ وَقَفَّيْتهَا عَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّ كِلَا الْأَمْرَيْنِ قَدْ ثَبَتَ فِيهِ حُجَّةٌ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَسَّمَ نِصْفَ خَيْبَرَ، وَوَقَفَ نِصْفَهَا لِنَوَائِبِهِ
وَوَقَفَ عُمَرُ الشَّامَ وَالْعِرَاقَ وَمِصْرَ وَسَائِرَ مَا فَتَحَهُ، وَأَقَرَّهُ عَلَى ذَلِكَ عُلَمَاءُ الصَّحَابَةِ، وَأَشَارُوا عَلَيْهِ بِهِ، وَكَذَلِكَ فَعَلَ مَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْخُلَفَاءِ، وَلَمْ يُعْلَمْ أَحَدٌ مِنْهُمْ قَسَمَ شَيْئًا مِنْ الْأَرْضِ الَّتِي افْتَتَحُوهَا. وَالثَّانِيَةُ، أَنَّهَا تَصِيرُ وَقْفًا بِنَفْسِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا؛ لِاتِّفَاقِ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ، وَقِسْمَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ كَانَ فِي بَدْءِ الْإِسْلَامِ، وَشِدَّةِ الْحَاجَةِ، فَكَانَتْ
الْمَصْلَحَةُ
فِيهِ، وَقَدْ تَعَيَّنَتْ
الْمَصْلَحَةُ
فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ فِي وَقْفِ الْأَرْضِ، فَكَانَ ذَلِكَ هُوَ الْوَاجِبَ. وَالثَّالِثَةُ، أَنَّ الْوَاجِبَ قِسْمَتُهَا.
وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَأَبِي ثَوْرٍ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَعَلَ ذَلِكَ، وَفِعْلُهُ أَوْلَى مِنْ فِعْلِ غَيْرِهِ، مَعَ عُمُومِ قَوْله تَعَالَى:{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41] . الْآيَةُ. يُفْهَمُ مِنْهَا أَنَّ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسهَا لِلْغَانِمِينَ. وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى أَوْلَى؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَعَلَ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا فِي خَيْبَرَ، وَلِأَنَّ عُمَرَ قَالَ: لَوْلَا آخِرُ النَّاسِ لَقَسَمْت الْأَرْضَ كَمَا قَسَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ.
فَقَدْ وَقَفَ الْأَرْضَ مَعَ عِلْمِهِ بِفِعْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَدَلَّ عَلَى أَنَّ فِعْلَهُ