الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْ إحْرَامِ النُّسُكِ الَّذِي تَرَكَهُ مِنْ الْمِيقَاتِ. وَفِي جَمِيعِ ذَلِكَ، إذَا أَمَرَهُ بِالنُّسُكَيْنِ، فَفَعَلَ أَحَدَهُمَا دُونَ الْآخَرِ، رَدَّ مِنْ النَّفَقَةِ بِقَدْرِ مَا تَرَكَ، وَوَقَعَ الْمَفْعُولُ عَنْ الْآمِرِ، وَلِلنَّائِبِ مِنْ النَّفَقَةِ بِقَدْرِهِ.
[فَصْل اسْتَنَابَهُ رَجُل فِي الْحَجّ وَآخَر فِي الْعُمْرَة وَأَذِنَا لَهُ فِي الْقِرَان فَفَعَلَ]
(2229)
فَصْلٌ: وَإِنْ اسْتَنَابَهُ رَجُلٌ فِي الْحَجِّ، وَآخَرُ فِي الْعُمْرَةِ، وَأَذِنَا لَهُ فِي الْقِرَانِ، فَفَعَلَ، جَازَ؛ لِأَنَّهُ نُسُكٌ مَشْرُوعٌ. وَإِنْ قَرَنَ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِمَا، صَحَّ وَوَقَعَ عَنْهُمَا، وَيَرُدُّ مِنْ نَفَقَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَهَا؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ السَّفَرَ عَنْهُمَا بِغَيْرِ إذْنِهِمَا.
وَإِنْ أَذِنَ أَحَدُهُمَا دُونِ الْآخَرِ، رَدَّ عَلَى غَيْرِ الْآمِرِ نِصْفَ نَفَقَتِهِ وَحْدَهُ. وَقَالَ الْقَاضِي: إذَا لَمْ يَأْذَنَا لَهُ ضَمِنَ الْجَمِيعَ؛ لِأَنَّهُ أُمِرَ بِنُسُكٍ مُفْرَدٍ، وَلَمْ يَأْتِ بِهِ، فَكَانَ مُخَالِفًا، كَمَا لَوْ أُمِرَ بِحَجٍّ فَاعْتَمَرَ.
وَلَنَا، أَنَّهُ أَتَى بِمَا أُمِرَ بِهِ، وَإِنَّمَا خَالَفَ فِي صِفَتِهِ، لَا فِي أَصْلِهِ، فَأَشْبَهَ مَنْ أُمِرَ بِالتَّمَتُّعِ فَقَرَنَ. وَلَوْ أُمِرَ بِأَحَدِ النُّسُكَيْنِ، فَقَرَنَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النُّسُكِ الْآخَرِ لِنَفْسِهِ، فَالْحُكْمُ فِيهِ كَذَلِكَ، وَدَمُ الْقِرَانِ عَلَى النَّائِبِ إذَا لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِيهِ؛ لِعَدَمِ الْإِذْنِ فِي سَبَبِهِ، وَعَلَيْهِمَا، إنْ أَذِنَا؛ لِوُجُودِ الْإِذْنِ فِي سَبَبِهِ. وَلَوْ أَذِنَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ، فَعَلَى الْآذِنِ نِصْفُ الدَّمِ، وَنِصْفُهُ عَلَى النَّائِبِ.
[فَصْل أَمَرَ بِالْحَجِّ فَحَجّ ثُمَّ اعْتَمَرَ لِنَفْسِهِ]
(2230)
فَصْلٌ: وَإِنْ أُمِرَ بِالْحَجِّ، فَحَجَّ، ثُمَّ اعْتَمَرَ لِنَفْسِهِ، أَوْ أَمَرَهُ بِعُمْرَةٍ، فَاعْتَمَرَ، ثُمَّ حَجَّ عَنْ نَفْسِهِ. صَحَّ، وَلَمْ يَرُدَّ شَيْئًا مِنْ النَّفَقَةِ لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا أُمِرَ بِهِ عَلَى وَجْهِهِ
وَإِنْ أَمَرَهُ بِالْإِحْرَامِ مِنْ مِيقَاتٍ، فَأَحْرَمَ مِنْ غَيْرِهِ، جَازَ؛ لِأَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي الْإِجْزَاءِ. وَإِنْ أَمَرَهُ بِالْإِحْرَامِ مِنْ بَلَدِهِ، فَأَحْرَمَ مِنْ الْمِيقَاتِ، جَازَ؛ لِأَنَّهُ الْأَفْضَلُ. وَإِنْ أَمَرَهُ بِالْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ، فَأَحْرَمَ مَنْ بَلَدِهِ، جَازَ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ لَا تَضُرُّ. وَإِنْ أَمَرَهُ بِالْحَجِّ فِي سَنَةٍ، أَوْ بِالِاعْتِمَارِ فِي شَهْرٍ، فَفَعَلَهُ فِي غَيْرِهِ، جَازَ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهِ فِي الْجُمْلَةِ.
[فَصْل اسْتَنَابَهُ اثْنَانِ فِي نُسُك فَأَحْرَمَ بِهِ عَنْهُمَا]
(2231)
فَصْلٌ: فَإِنْ اسْتَنَابَهُ اثْنَانِ فِي نُسُكٍ، فَأَحْرَمَ بِهِ عَنْهُمَا، وَقَعَ عَنْ نَفْسِهِ دُونَهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ وُقُوعُهُ عَنْهُمَا، وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا بِأَوْلَى مِنْ صَاحِبِهِ.
وَإِنْ أَحْرَمَ عَنْ نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ، وَقَعَ عَنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَقَعَ عَنْ نَفْسِهِ وَلَمْ يَنْوِهَا، فَمَعَ نِيَّتِهِ أَوْلَى. وَإِنْ أَحْرَمَ عَنْ أَحَدِهِمَا غَيْرَ مُعَيِّنٍ، احْتَمَلَ أَنْ يَقَعَ عَنْ نَفْسِهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا لَيْسَ أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَحْرَمَ عَنْهُمَا. وَاحْتَمَلَ أَنْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ يَصِحُّ بِالْمَجْهُولِ، فَصَحَّ عَنْ الْمَجْهُولِ، وَإِلَّا صَرَفَهُ إلَى مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا. اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ. فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى طَافَ شَوْطًا، وَقَعَ عَنْ نَفْسِهِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ صَرْفُهُ إلَى أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّ الطَّوَافَ لَا يَقَعُ عَنْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ.
[مَسْأَلَة امْرَأَةٌ مُوسِرَةٌ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَحْرَمٌ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهَا الْحَجُّ]
(2232)
مَسْأَلَةٌ: قَالَ (وَحُكْمُ الْمَرْأَةِ إذَا كَانَ لَهَا مَحْرَمٌ كَحُكْمِ الرَّجُلِ) ظَاهِرُ هَذَا أَنَّ الْحَجَّ لَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ الَّتِي لَا مَحْرَمَ لَهَا؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهَا بِالْمَحْرَمِ كَالرَّجُلِ فِي وُجُوبِ الْحَجِّ،
فَمَنْ لَا مَحْرَمَ لَهَا لَا تَكُونُ كَالرَّجُلِ، فَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْحَجُّ. وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، فَقَالَ أَبُو دَاوُد: قُلْت: لِأَحْمَدَ: امْرَأَةٌ مُوسِرَةٌ، لَمْ يَكُنْ لَهَا مَحْرَمٌ، هَلْ يَجِبُ عَلَيْهَا الْحَجُّ؟ قَالَ: لَا.
وَقَالَ أَيْضًا: الْمَحْرَمُ مِنْ السَّبِيلِ. وَهَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ، وَالنَّخَعِيِّ، وَإِسْحَاقَ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَعَنْ أَحْمَدَ، أَنَّ الْمَحْرَمَ مِنْ شَرَائِطِ لُزُومِ السَّعْي دُونَ الْوُجُوبِ، فَمَتَى فَاتَهَا الْحَجُّ بَعْدَ كَمَالِ الشَّرَائِطِ الْخَمْسِ، بِمَوْتٍ، أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ، أَخْرَجَ عَنْهَا حَجَّةً؛ لِأَنَّ شُرُوطَ الْحَجِّ الْمُخْتَصَّةَ بِهِ قَدْ كَمُلَتْ، وَإِنَّمَا الْمَحْرَمُ لِحِفْظِهَا، فَهُوَ كَتَخْلِيَةِ الطَّرِيقِ، وَإِمْكَانِ الْمَسِيرِ. وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ، أَنَّ الْمَحْرَمَ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي الْحَجِّ الْوَاجِبِ. قَالَ الْأَثْرَمُ: سَمِعْت أَحْمَدَ يُسْأَلُ: هَلْ يَكُونُ الرَّجُلُ مَحْرَمًا لِأُمِّ امْرَأَتِهِ، يُخْرِجُهَا إلَى الْحَجِّ؟ فَقَالَ: أَمَّا فِي حَجَّةِ الْفَرِيضَةِ فَأَرْجُو؛ لِأَنَّهَا تَخْرُجُ إلَيْهَا مَعَ النِّسَاءِ، وَمَعَ كُلِّ مَنْ أَمِنَتْهُ، وَأَمَّا فِي غَيْرِهَا فَلَا وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ، وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ.
وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ، وَمَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ. لَيْسَ الْمَحْرَمُ شَرْطًا فِي حَجِّهَا بِحَالٍ. قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: تَخْرُجُ مَعَ رَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، لَا بَأْسَ بِهِ.
وَقَالَ مَالِكٌ: تَخْرُجُ مَعَ جَمَاعَةِ النِّسَاءِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: تَخْرُجُ مَعَ حُرَّةٍ مُسْلِمَةٍ ثِقَةٍ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: تَخْرُجُ مَعَ قَوْمٍ عُدُولٍ، تَتَّخِذُ سُلَّمًا تَصْعَدُ عَلَيْهِ وَتَنْزِلُ، وَلَا يَقْرَبُهَا رَجُلٌ، إلَّا أَنَّهُ يَأْخُذُ رَأْسَ الْبَعِيرِ، وَتَضَعُ رِجْلَهَا عَلَى ذِرَاعِهِ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: تَرَكُوا الْقَوْلَ بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ، وَاشْتَرَطَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَرْطًا لَا حُجَّةَ مَعَهُ عَلَيْهِ، وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَسَّرَ الِاسْتِطَاعَةَ بِالزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ، وَقَالَ لِعَدِيِّ بْن حَاتِمٍ:«يُوشِكُ أَنْ تَخْرُجَ الظَّعِينَةُ مِنْ الْحِيرَةِ تَؤُمُّ الْبَيْتَ، لَا جِوَارَ مَعَهَا، لَا تَخَافُ إلَّا اللَّهَ» . وَلِأَنَّهُ سَفَرٌ وَاجِبٌ، فَلَمْ يُشْتَرَطْ لَهُ الْمَحْرَمُ، كَالْمُسْلِمَةِ إذَا تَخَلَّصَتْ مِنْ أَيْدِي الْكُفَّارِ.
وَلَنَا، مَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ، إلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ» . وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسِ، قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ، إلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ، وَلَا تُسَافِرُ امْرَأَةٌ إلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ. فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي كُنْت فِي غَزْوَةِ كَذَا، وَانْطَلَقَتْ امْرَأَتِي حَاجَّةً. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: انْطَلِقْ فَاحْجُجْ مَعَ امْرَأَتِك» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا. وَرَوَى ابْن عُمَرَ، وَأَبُو سَعِيدٍ، نَحْوًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: أَمَّا أَبُو هُرَيْرَةَ: فَيَقُولُ: (يَوْمًا وَلَيْلَةً) . وَيُرْوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: (لَا تُسَافِرُ سَفَرًا) أَيْضًا.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ يَقُولُ: (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) . قُلْت: مَا تَقُولُ أَنْتَ؟ قَالَ: لَا تُسَافِرُ سَفَرًا قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا، إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ. وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ