الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثمن الثاني من الربع الثالث في الحزب الرابع والأربعين
من المصحف الكريم (ت)
عباد الله
في حصة هذا اليوم نتناول الثمن الثاني من الربع الثالث في الحزب الرابع والأربعين من المصحف الكريم، ابتداء من قوله تعالى:{وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ} ، إلى قوله تعالى:{إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلَّا غُرُورًا} .
ــ
لا يخفى على كل مؤمن أن الذكر الحكيم هو حجر الزاوية في بناء صرح الإسلام، والحصن الحصين الذي يحمي الأمة الإسلامية من كوارث الدهر وتقلبات الأيام، ولذلك يتجه أعداء الإسلام في كل حين إلى الطعن في مبانيه، والتشكيك في معانيه، وهم يرددون في كل عصر ما قاله الكافرون الأولون (26: 41): {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} ، من أجل ذلك نجد كتاب الله يرفع في كل مناسبة علم الحق والحقيقة، مؤكدا أن الذكر الحكيم كتاب وحي إلهي كريم، يحق الحق ويبطل الباطل، ويكشف ما هو زيف وزور عند الأواخر والأوائل، فما وافقه في القديم والحديث فهو
حق وصدق، وما خالفه فهو باطل وزور، وذلك قوله تعالى في بداية هذا الثمن:{وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ} ، وبمثل هذا المعنى سبق قوله تعالى في سورة البقرة (97):{فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} ، وقوله تعالى في سورة آل عمران (3):{نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ} الآية، وقوله في سورة المائدة (48):{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ} . الآية.
وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ} ، إشارة إلى أن الله تعالى (الخبير) ببواطن عباده و (البصير) بظواهرهم، لا يمكن أن ينزل لهدايتهم إلا كتابا كله حق وصدق، {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ} (42: 41)، متى اتبعوه كانوا من الفائزين، وصدق الله العظيم إذ قال:(14: 67)، {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} .
وانتقل كتاب الله إلى التحدث عن المنة الكبرى التي من الله بها على الإنسانية، وأبقاها نعمة مسترسلة متوارثة في الأمة الإسلامية، ألا وهي نعمة القرآن الكريم، والذكر الحكيم، الذي جعله الله خاتم الكتب المنزلة، ودستور (الأمة الوسط) التي اصطفى دينها وفضله، فقال تعالى:{ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} ، و (توريث الكتاب) يقتضي الحرص التام على القيام بحفظ نصوصه ومبانيه، والعمل المتواصل على تطبيق
أحكامه وتفسير معانيه، بما فيه من عقائد وشرائع، ومحاسن وبدائع، والعناية البالغة بكل ما يعين على حفظه وفهمه وتطبيقه، من فروع المعرفة القديمة والحديثة، إذ هو منبع التراث الإسلامي الأصيل، الذي يجب أن يتلقاه غضا طريا جيل عن جيل، دون تحريف ولا تبديل، والمراد (بالاصطفاء) الاختيار والاجتباء، مشتق من (الصفو) وهو الخلوص من شوائب الكدر، وهذا المعنى يتضمنه أيضا قوله تعالى في سورة البقرة (122):{إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} ، وقوله تعالى في سورة آل عمران (85):{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} ، وقوله تعالى في سورة المائدة (3):{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} .
ثم تولى كتاب الله تصنيف المؤمنين من عباده، حسب سلوكهم الخاص والعام، وحسب الدرجة التي يحتلونها في سلم الاستقامة والانحراف، فقال تعالى:{فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ} ، فالظالم لنفسه من لم يشكر نعمة الله عليه ووضعها في غير موضعها، فغلبته زلاته، وتتابعت سقطاته، والمقتصد من مال إلى القصد والاعتدال، وحاول أن يعطي للدنيا حقها وللآخرة حقها، والسابق بالخيرات من حاز قصب السبق في الحسنات والمبرات، ونال رفيع الدرجات، وبذلك يكون (المقتصد) واسطة بين طرفين: طرف (الظالم لنفسه) من جهة، وطرف (السابق بالخيرات) من جهة
أخرى، وسبق في سورة المائدة قوله تعالى (66):{مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ} . وسبق في سورة لقمان قوله تعالى على لسان لقمان وهو يعظ ابنه (19): {وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ} ، من (القصد) بمعنى التوسط، على أن الشأن في المؤمن، إذا تورط في ظلم نفسه بارتكاب السيئات وتناول الموبقات، أن لا يصر عليها، وأن يتوب إلى الله منها، اعتمادا على الوعد الحق الذي وعد الله به المذنبين التائبين، إذ قال تعالى (25: 42): {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ} .
وقوله تعالى: {بِإِذْنِ اللَّهِ} ، بعد قوله:{سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ} تنبيه إلى أنه لا يرتفع إلى درجة السابقين المتقين، إلا من أعانه الله وشمله برعايته، فكان من الموفقين، وهذا المعنى هو الذي عبرت عنه بكل صراحة الآية الكريمة التي سبقت في سورة النور (21):{وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا} .
ثم قال تعالى: {ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ} ، إشارة إلى نعمة (توريث القرآن العظيم لهذه الأمة، واصطفائها لأداء أسمى مهمة، وإما إلى نعمة السبق بالخيرات، ورفع الدرجات، وإما إلى نعمة التوفيق الحاصل بإذن الله، لمن وفقه الله، ولا مانع من أن تكون إشارة شاملة لهذه المعاني مجتمعة، إذ لا تناقض بينها، فكلها فضل كبير من الله، وعلى رأسها جميعا كتاب الله.
وتعريفا بحسن العاقبة التي يؤول إليها أمر المصطفين
الأخيار، وما ينتظرهم من فضله الكبير عند الانتقال من هذه الدار إلى تلك الدار، قال تعالى:{جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ * وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ * الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ} ، والبدء بقوله تعالى:{جَنَّاتُ عَدْنٍ} ، قبل قوله، {يَدْخُلُونَهَا} ، يؤدي معنى لطيفا: والمسارعة والمبادرة إلى تبشيرهم بحسن مصيرهم، فيفاجئون بما هو سار، من الأخبار، إذ ما أعظم الفرق بين دخول الجنة ودخول النار.
وقوله تعالى: {يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ} ، الآية، يشعر بأن الجنة ليست دار تكليف وابتلاء، وإنما هي دار نعيم مقيم وسعادة وهناء، ولذلك تكون أيدي المنعم عليهم محلاة بالأساور، المرصعة باللآلئ والجواهر، ويزيد هذا المعنى توضيحا قوله تعالى على لسانهم في نفس السياق:{لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ} ، أي: لا يصيبهم فيها تعب، ولا يلحقهم فيها إعياء، لأنهم معفون في الآخرة من جميع التكاليف والأعباء.
وكما ورد هنا قوله تعالى: {يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} سبق في الآية الثالثة والعشرين من سورة الحج نفس النص ونفس النظير، وسيأتي في سورة الإنسان قوله تعالى (21):{وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ} ، إشارة إلى أن حلية المنعم عليهم كما تكون من ذهب تكون من فضة، حسب مقاماتهم ودرجاتهم في الجنة، ولله الفضل والمنة.
وقوله تعالى: {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ} ، تعبير عما أخذوا يحسون به من سكينة وطمأنينة، ورضا واستبشار، عند حلولهم بجنات عدن، فقد فارقتهم الأحزان كلها، ولا سيما الحزن الأكبر الناشئ عن خوف العاقبة، ومن أجل ذلك هاهم يحمدون الله ويسبحون بحمده، ولفظ {الْحَزَنَ} ، الوارد في هذه الآية بفتح الحاء والزاي هو لغة في (الحُزْن) بضم الحاء وسكون الزاي.
وقوله تعالى حكاية عنهم: {إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ * الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ} ، تعبير عما هم عليه من أدب مع الله، وإعلان (للاعتراف بفضله سبحانه، إذ هو الغفور الذي يغفر السيئات ولو كثرت، وهو الشكور الذي يثيب على الحسنات ولو قلت، وفيه كذلك تنبيه إلى أن الدنيا إنما هي دار مرور وعبور، وأن الآخرة هي دار القرار، لأنها دار الإقامة الدائمة والاستقرار. قال فخر الدين الرازي تعليقا على هذه الآيات الكريمة: (كما هدى الله المؤمن في الدنيا هداه في العقبى، حتى دعاه بأقرب دعاء إلى الإجابة، وأثنى عليه بأطيب ثناء عند الإنابة، فقالوا: {الْحَمْدُ لِلَّهِ}، وقالوا: {إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ}، اعترافا بتقصيرهم، وقالوا {شَكُورٍ}، إقرارا بوصول ما لم يخطر ببالهم إليهم، وقالوا: {أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ}، أي: لا عمل لنا بالنسبة إلى نعم الله).
وعلى العكس من ذلك ما حكاه كتاب الله عن الكفرة الفجار، إذ قال تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى
عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ * وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ}، فهم في عذاب دائم لا تخفيف فيه، حتى لا يتعودوا عليه، وهم يتمنون الموت السريع، لكن لا يجابون إليه، {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ} (77: 43)، وهم يملأون جهنم بصراخهم، طالبين العودة إلى ديارهم، زاعمين أنهم إذا رجعوا إليها سيعملون عملا صالحا، غير العمل الفاسد الذي درجوا عليه طيلة حياتهم، {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ} (28: 6).
وقوله تعالى في وصفهم: {يَصْطَرِخُونَ فِيهَا} ، مأخوذ من (الصراخ) الذي هو الصياح بجهد وشدة، ويلاحظ فيما حكاه كتاب الله عنهم في هذا السياق:{أخرجنا نعمل} ، ما هم مطبوعون عليه من الأسلوب الجاف، والكلام النازل إلى حد الأسفاف، لكونه خاليا من كل أدب مع الله، والغريب في الأمر هو إصرارهم على ذلك حتى في الوقت الذي هم فيه أحوج ما يكون إلى فضل الله ورحمته، وهم بين يديه لا يستطيعون الإفلات من قبضته، فكان الرد عليهم أنسب ما يكون لطلبهم، إذ قال تعالى تأنيبا لهم:{أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ} ، إشارة إلى أن الله تعالى قد أمهلهم ولم يعجل موتهم، عسى أن يتداركوا ما فاتهم، لكنهم استمروا على ما اعتادوه من التمرد والعصيان، ولم يفكروا لحظة واحدة في الانتقال من الكفر إلى الإيمان، لا عن طريق التأمل والتذكر والاعتبار، ولا عن
طريق ما جاءتهم به الرسل من التبشير والإنذار، وحيث أنهم وضعوا نعمة الله في غير موضعها، وأتوا بالمعذرة في غير وقتها، قيل لهم، جزاء كفرهم وكبرهم:{فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ} .
وتعليقا على قوله تعالى هنا: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ} ، قال جار الله الزمخشري:(إنه يتناول كل عمر يتمكن فيه المكلف من إصلاح شأنه وإن قصر، إلا أن التوبيخ في العمر المتطاول أعظم) ونقل ابن كثير عن ابن عباس: أن العمر الذي أعذر الله فيه لابن آدم في هذه الآية هو ستون سنة، وهذا موافق للحديث الذي رواه البخاري في (كتاب الرقاق) من صحيحه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(أعذر الله عز وجل إلى امرئ أخر عمره حتى بلغ ستين سنة) ومعنى (أعذر إليه) أي بلغ به أقصى العذر.
ثم قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ عَالِمُ غَيْبِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} ، إشارة إلى أن الله تعالى قد أحاط بكل شيء علما، وأنه لا يخفى عليه شيء، ولعلمه بخبث سرائر المصرين على الكفر المستحقين للعذاب، لم يفتح في وجوههم للرحمة أي باب.
ووجه كتاب الله الخطاب من جديد إلى كافة البشر، ولا سيما الجاحدين والمعاندين، مذكرا إياهم بأنه هو الذي خلقهم واستخلفهم في هذا الكوكب الأرضي السابح في الفضاء، وأنه هو الذي خصصه لهم وكيفه بشكل يتناسب مع حياتهم، ويستجيب
لمطالبهم، ملقيا على عواتقهم مسؤولياتهم عن أنفسهم إيمانا أو كفرا، وعن الخلافة الموكولة إليهم فسادا أو إصلاحا، فقال تعالى:{هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتًا وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَسَارًا} .
ثم قال تعالى متحديا لمن أشركوا به غيره، مبرزا سفاهة رأيهم، وسقوط زعمهم:{قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَى بَيِّنَتٍ مِنْهُ بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلَّا غُرُورًا} .