الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(1)
(خ)، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ فِي قَالَ قَوْلِهِ تَعَالَى:({وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ} قَالَ: إِنَّ نَاسًا يَزْعُمُونَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نُسِخَتْ ، وَلَا وَاللهِ مَا نُسِخَتْ)(2)(هِيَ مُحْكَمَةٌ)(3)(وَلَكِنَّهَا مِمَّا تَهَاوَنَ النَّاسُ ، هُمَا وَالِيَانِ: وَالٍ يَرِثُ ، وَذَاكَ الَّذِي يُرْزَقُ ، وَوَالٍ لَا يَرِثُ ، فَذَاكَ الَّذِي يَقُولُ بِالْمَعْرُوفِ ، يَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ أَنْ أُعْطِيَكَ)(4).
الشرح (5)
(1)[النساء/8]
(2)
(خ) 2608
(3)
(خ) 4300
(4)
(خ) 2608
(5)
قال الحافظ في الفتح (12/ 448): زَادَ الْإِسْمَاعِيلِيّ مِنْ وَجْه آخَر: " وَكَانَ اِبْن عَبَّاس إِذَا وَلِيَ رَضَخَ، وَإِذَا كَانَ فِي الْمَال قِلَّة ، اِعْتَذَرَ إِلَيْهِمْ، فَذَلِكَ الْقَوْلُ بِالْمَعْرُوفِ ".
وَعِنْد الْحَاكِم مِنْ طَرِيق عَمْرو بْن أَبِي قَيْس فِي هَذِهِ الْآيَة قَالَ: " تَرْضَخ لَهُمْ ، وَإِنْ كَانَ فِي الْمَال تَقْصِير ، اِعْتَذَرَ إِلَيْهِمْ ".
وَجَاءَتْ عَنْ اِبْن عَبَّاس رِوَايَات مِنْ أَوْجُهٍ ضَعِيفَة عِنْد اِبْن أَبِي حَاتِم وَابْن مَرْدَوْيهِ أَنَّهَا مَنْسُوخَة، نَسَخَتْهَا آيَة الْمِيرَاث ، وَصَحَّ ذَلِكَ عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب، وَهُوَ قَوْل الْقَاسِم بْن مُحَمَّد ، وَعِكْرِمَة ، وَغَيْر وَاحِد، وَبِهِ قَالَ الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة وَأَصْحَابهمْ.
وَجَاءَ عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْلٌ آخَر أَخْرَجَهُ عَبْد الرَّزَّاق بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ الْقَاسِم بْن مُحَمَّد " أَنَّ عَبْد الله بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي بَكْر قَسَمَ مِيرَاث أَبِيهِ عَبْد الرَّحْمَن فِي حَيَاة عَائِشَة، فَلَمْ يَدَع فِي الدَّار ذَا قَرَابَة وَلَا مِسْكِينًا إِلَّا أَعْطَاهُ مِنْ مِيرَاث أَبِيهِ ، وَتَلَا الْآيَة ، قَالَ الْقَاسِم: فَذَكَرْتُهُ لِابْنِ عَبَّاس ، فَقَالَ: مَا أَصَابَ، لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ، إِنَّمَا ذَلِكَ إِلَى الْوَصِيّ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي الْعَصَبَة ، أَيْ: نُدِبَ لِلْمَيِّتِ أَنْ يُوصِي لَهُمْ.
قُلْت: وَهَذَا لَا يُنَافِي حَدِيثَ الْبَاب، وَهُوَ أَنَّ الْآيَةَ مُحْكَمَة وَلَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ ، وَقِيلَ: مَعْنَى الْآيَة: وَإِذَا حَضَرَ قِسْمَةَ الْمِيرَاث قَرَابَةُ الْمَيِّت مِمَّنْ لَا يَرِث ، وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين ، فَإِنَّ نُفُوسهمْ تَتَشَوَّف إِلَى أَخْذ شَيْء مِنْهُ، وَلَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ جَزِيلًا ، فَأَمَرَ اللهُ سُبْحَانه أَنْ يُرْضَخَ لَهُمْ بِشَيْءٍ عَلَى سَبِيل الْبِرّ وَالْإِحْسَان.
وَاخْتَلَفَ مَنْ قَالَ بِذَلِكَ ، هَلْ الْأَمْر فِيهِ عَلَى النَّدْب أَوْ الْوُجُوب؟ ،
فَقَالَ مُجَاهِد وَطَائِفَة: هِيَ عَلَى الْوُجُوب ، وَهُوَ قَوْل اِبْن حَزْم ، أَنَّ عَلَى الْوَارِث أَنْ يُعْطِي هَذِهِ الْأَصْنَاف مَا طَابَتْ بِهِ نَفْسه.
وَنَقَلَ ابْن الْجَوْزِيّ عَنْ أَكْثَر أَهْل الْعِلْم أَنَّ الْمُرَاد بِأُولِي الْقَرَابَة: مَنْ لَا يَرِث، وَأَنَّ مَعْنَى {فَارْزُقُوهُمْ}: أَعْطُوهُمْ مِنْ الْمَال.
وَقَالَ آخَرُونَ: أَطْعِمُوهُمْ، وَأَنَّ ذَلِكَ عَلَى سَبِيل الِاسْتِحْبَاب ، وَهُوَ الْمُعْتَمَد، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى الْوُجُوب ، لَاقْتَضَى اِسْتِحْقَاقًا فِي التَّرِكَة ، وَمُشَارَكَة فِي الْمِيرَاث بِجِهَةٍ مَجْهُولَة ، فَيُفْضِي إِلَى التَّنَازُع وَالتَّقَاطُع.
وَعَلَى الْقَوْل بِالنَّدْبِ ، فَقَدْ قِيلَ: يَفْعَل ذَلِكَ وَلِيّ الْمَحْجُور.
وَقِيلَ: لَا ، بَلْ يَقُول: لَيْسَ الْمَال لِي ، وَإِنَّمَا هُوَ لِلْيَتِيمِ، وَأَنَّ هَذَا هُوَ الْمُرَاد بِقَوْلِهِ:{وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا} وَعَلَى هَذَا فَتَكُون الْوَاو فِي قَوْله: {وَقُولُوا} لِلتَّقْسِيمِ.
وَعَنْ اِبْن سِيرِينَ وَطَائِفَة ، أَنَّ الْمُرَاد بِقَوْلِهِ:{فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ} : اِصْنَعُوا لَهُمْ طَعَامًا يَأكُلُونَهُ، وَأَنَّهَا عَلَى الْعُمُوم فِي مَال الْمَحْجُور وَغَيْره، وَاللهُ أَعْلَمُ. أ. هـ