الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ، فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ
، ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأوِيلًا} (1)
قَالَ الْبُخَارِيُّ ج6ص46: {أُولِي الْأَمْرِ} : ذَوِي الأَمْرِ.
(1)[النساء/59]
(خ م)، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ، فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ، ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأوِيلًا} قَالَ: نَزَلَتْ فِي عَبْدِ اللهِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ رضي الله عنه " إِذْ بَعَثَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَرِيَّةٍ "(1)
الشرح (2)
(1)(خ) 4308 ، (م) 31 - (1834) ، (ت) 1672 ، (س) 4194
(2)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتوى الحموية الكبرى (1/ 287): التأويل يراد به ثلاث معان:
فالتأويل في اصطلاح كثير من المتأخرين هو: صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح ، لدليل يقترن بذلك ، فلا يكون معنى اللفظ الموافق لدلالة ظاهرهِ تأويلًا على اصطلاح هؤلاء، وظنُّوا أن مراد الله بلفظ التأويل ذلك، وأن للنصوص تأويلًا مخالِفا لمدلولها ، لا يعلمه إلا الله، أو يعلمه المتأولون.
ثم كثير من هؤلاء يقولون: تُجرى على ظاهرها، فظاهرها مُراد ، مع قولهم: إن لها تأويلاً بهذا المعنى لا يعلمه إلا الله، وهذا تناقضٌ وقع فيه كثير من هؤلاء المنتسبين إلى السنة من أصحاب الأئمة الأربعة وغيرهم.
والمعنى الثاني: أن التأويل هو تفسير الكلام، سواء وافَقَ ظاهرَه أو لم يوافقه وهذا هو التأويل في اصطلاح جمهور المفسرين وغيرهم، وهذا التأويل يعلَمُه الراسخون في العلم
وهو موافق لوقف من وقف من السلف على قوله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأوِيلَهُ إِلَاّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} كما نُقِل ذلك عن ابن عباس، ومجاهد، ومحمد بن جعفر بن الزبير، ومحمد بن إسحاق، وابن قتيبة وغيرهم ، وكِلا القولين حق باعتبار، كما قد بسطناه في مواضع أُخَر، ولهذا نُقِل عن ابن عباس هذا وهذا ، وكلاهما حق.
والمعنى الثالث: أن التأويل هو الحقيقة التي يؤول الكلام إليها، وإن وافقت ظاهره، فتأويل ما أَخْبَرَ به في الجنة من الأكل والشرب واللباس والنكاح وقيام الساعة وغير ذلك، هو الحقائق الموجودة أنفسها، لا ما يُتصوَّر من معانيها في الأذهان، ويُعبَّر عنه باللسان، وهذا هو التأويل في لغة القرآن ، كما قال تعالى عن يوسف صلى الله عليه وسلم أنه قال:{يَا أَبَتِ هَذَا تَأوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا} [يوسف:100].
وقال تعالى: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلَاّ تَأوِيلَهُ ، يَوْمَ يَأتِي تَأوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ} [الأعراف:53]
وقال تعالى: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ، ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأوِيلاً} [النساء:59] ، وهذا التأويل هو الذي لا يعلمه إلا الله. أ. هـ
(خ م حم)، وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ:(" بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَرِيَّةً وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ)(1)(وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْمَعُوا لَهُ وَيُطِيعُوا " ، فَأَغْضَبُوهُ فِي شَيْءٍ)(2)(فَقَالَ: أَلَيْسَ أَمَرَكُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ تُطِيعُونِي؟ ، قَالُوا: بَلَى ، قَالَ: فَاجْمَعُوا لِي حَطَبًا ، فَجَمَعُوا ، فَقَالَ: أَوْقِدُوا نَارًا ، فَأَوْقَدُوهَا ، فَقَالَ: ادْخُلُوهَا)(3)(فَلَمَّا هَمُّوا بِالدُّخُولِ قَامَ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّمَا تَبِعْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِرَارًا مِنْ النَّارِ (4) أَفَنَدْخُلُهَا؟) (5)(فَلَا تَعْجَلُوا حَتَّى تَلْقَوْا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَإِنْ أَمَرَكُمْ أَنْ تَدْخُلُوهَا فَادْخُلُوا ، فَرَجَعُوا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرُوهُ ، فَقَالَ لَهُمْ:)(6)(لَوْ دَخَلْتُمُوهَا لَمْ تَزَالُوا فِيهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ (7) لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ (8) إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ (9)) (10)
وفي رواية: " مَنْ أَمَرَكُمْ مِنْهُمْ بِمَعْصِيَةِ اللهِ فلَا تُطِيعُوهُ "(11)
(1)(خ) 6726
(2)
(م) 1840
(3)
(خ) 4085
(4)
أَيْ: بِتَرْكِ دِين آبَائِنَا. عون المعبود - (ج 6 / ص 51)
(5)
(خ) 6726
(6)
(حم) 622 ، (خ) 4085
(7)
قَالَ اِبْن الْقَيِّم رحمه الله: اِسْتَشْكَلَ قَوْله صلى الله عليه وسلم " مَا خَرَجُوا مِنْهَا أَبَدًا، وَلَمْ يَزَالُوا فِيهَا " مَعَ كَوْنهمْ لَوْ فَعَلُوا ذَلِكَ لَمْ يَفْعَلُوهُ إِلَّا ظَنًّا مِنْهُمْ أَنَّهُ مِنْ الطَّاعَة الْوَاجِبَة عَلَيْهِمْ، وَكَانُوا مُتَأَوِّلِينَ ، وَالْجَوَاب عَنْ هَذَا: أَنَّ دُخُولهمْ إِيَّاهَا مَعْصِيَة فِي نَفْس الْأَمْر، وَكَانَ الْوَاجِب عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يُبَادِرُوا ، وَأَنْ يَتَثَبَّتُوا حَتَّى يَعْلَمُوا: هَلْ ذَلِكَ طَاعَة للهِ وَرَسُوله أَمْ لَا؟ ، فَأَقْدَمُوا عَلَى الْهُجُوم وَالِاقْتِحَام مِنْ غَيْر تَثَبُّت وَلَا نَظَر، فَكَانَتْ عُقُوبَتهمْ أَنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا فِيهَا.
وَفِي الْحَدِيث دَلِيل أَنَّ عَلَى مَنْ أَطَاعَ وُلَاة الْأَمْر فِي مَعْصِيَة الله كَانَ عَاصِيًا، وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يُمَهِّد لَهُ عُذْرًا عِنْد الله، بَلْ إِثْم الْمَعْصِيَة لَا حَقّ لَهُ، وَإِنْ كَانَ لَوْلَا الْأَمْرُ لَمْ يَرْتَكِبهَا ، وَعَلَى هَذَا يَدُلّ هَذَا الْحَدِيث. عون المعبود - (ج 6 / ص 51)
(8)
هَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ طَاعَة الْوُلَاة لَا تَجِب إِلَّا فِي الْمَعْرُوف ، كَالْخُرُوجِ فِي الْبَعْث إِذَا أَمَرَ بِهِ الْوُلَاة، وَالنُّفُوذ لَهُمْ فِي الْأُمُور الَّتِي هِيَ الطَّاعَات وَمَصَالِح الْمُسْلِمِينَ، فَأَمَّا مَا كَانَ مِنْهَا مَعْصِيَة ، كَقَتْلِ النَّفْس الْمُحَرَّمَة وَمَا أَشْبَهَهُ ، فَلَا طَاعَة لَهُمْ فِي ذَلِكَ. عون المعبود - (ج 6 / ص 51)
(9)
الْمُرَاد بِالْمَعْرُوفِ مَا كَانَ مِنْ الْأُمُور الْمَعْرُوفَة فِي الشَّرْع، هَذَا تَقْيِيد لِمَا أُطْلِقَ فِي الْأَحَادِيث الْمُطْلَقَة الْقَاضِيَة بِطَاعَةِ أُولِي الْأَمْر عَلَى الْعُمُوم. عون (ج6ص 51)
(10)
(م) 1840 ، (خ) 6830
(11)
(جة) 2863 ، (حم) 11657، انظر الصَّحِيحَة: 2324