الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
…
الحمد لله وبه نستعين، ونصلي ونسلم على سيد النبيين وآله وصحبه والتابعين. (أما بعد) فقد تقدم الكلام بالجزء السابع على تسعة فروع من مباحث الدفن:
(10) محظورات القبر
…
يُمنع البناء والقعود والمشي والكتابة عليه والصلاة إليه وعليه، وغير ذلك مما يأتي، لأحاديث (منها) حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يُبني على القبور أو يُقعدَ عليها أو يُصلَّى عليه. أخرجه أبو يعلى بسند رجاله ثقات. وروى ابن ماجه النهي عن البناء عليها فقط (1). {1} .
(وحديث) أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه حتى تخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر" أخرجه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه (2). {2}
…
(وحديث) عقبةَ بِن عامر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لأن أمشي على جمرة أو سيف أو أخصف نعلي برجلي أحب إلى من أن أمشي على قبر مسلم، وما أبالي أوسط القبور قضيت حاجتي أو وسط السوق" أخرجه ابن ماجه بسند صحيح (3). {3}
(1) انظر ص 61 ج 3 مجمع الزوائد (البناء على القبور والجلوس عليها) وص 244 ج 1 - ابن ماجه.
(2)
انظر ص 78 ج 8 - الفتح الرباني (النهي عن البناء على القبور والجلوس عليها والصلاة عليها) وص 37 ج 7 نووي. وص 83 ج 9 - المنهل العذب المورود (كراهية القمود على القبر) وص 287 ج 1 مجتبي وص 244 ج 1 - ابن ماجه (النهي عن المشي على القبور والجلوس عليها).
(3)
انظر ص 244 ج 1 - ابن ماجه (أو أخصف
…
الخ) من خصفت النعل بالرجل خرزته بها. وهذا إن أمكن ففيه تعب شديد (وما أبالي
…
الخ) يريد أنهما في القبح سيان. فمن أتى أحدهما فهو لا يبالي بأيهما أتى.
(وحديث) سليمان بن موسى عن جابر بن عبد الله قال: "نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يكتب على القبر شيء" أخرجه ابن ماجه والحاكم بسند صحيح رجاله ثقات (1). {4}
…
"وقول" الحاكم: ليس العمل عليه فإن أئمة المسلمين من الشرق إلى الغرب يكتبون على قبورهم وهو شيء أخذه الخلف عن السلف. "رده" الذهبي بأنه محدث ولعل من فعل ذلك من السلف لم يبلغهم النهي (2). (وحديث) سليمان ابن موسى عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يبني على القبر أو يزاد عليه أو يجصص أو يكتب عليه" أخرجه النسائي (3). {5}
(وحديث) أبي مرثد الغنوي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها" أخرجه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والبيهقي (4). {6}
…
(وحديث) أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم وقال: "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" أخرجه مسلم والنسائي، وكذا أحمد وأبو داود والبيهقي بلفظ:"قاتل الله اليهود"(5). {7}
(وحديث) عبد الرزاق بسنده إلى أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا عقر في الإسلام " قال عبد الرزاق: كانوا يعقرون عند القبر، يعني بقرة أو شيئا. أخرجه أبو داود والبيهقي والترمذي وقال: حسن صحيح (6). {8}
(1) انظر ص 244 ج 1 - ابن ماجه (النهي عن البناء على القبور وتجصيصها والكتابة عليه).
(2)
انظر ص 244 ج 1 سندي ابن ماجه.
(3)
أنظر ص 284 ج 1 مجتبي (الزيادة على القبر).
(4)
انظر رقم 564 ج 7 ص 318 - الدين الخالص (الصلاة على القبر).
(5)
انظر ص 151 ج 8 - الفتح الرباني (النهي عن اتخاذ المساجد على القبور) وص 12 ج 5 نووي. وص 82 ج 9 - المنهل العذب المورود. وص 288 ج 1 مجتبي.
(6)
أنظر ص 76 ج 9 - المنهل العذب المورود. وص 57 ج 4 بيهقي (والعقر) في الأصل ضرب قوائم البعير أو الشاة بالسيف ونحوه وهو قائم (أو شيئا) وفي نسخة: أو شاة، والمراد بالشيء ما يذبح من الحيوانات غير البقر.
أفادت هذه الأحاديث عشرة أمور:
(أ) النهي عن تجصيص القبور- وقد تقدم بيانه (1).
(ب) النهي عن البناء على القبور:
يعني أي بناء كان سواء تعلق بالميت كقبة أو بالحي كحجرة أو مدرسة أو خباء أو مسجد، أو كان البناء على نفس القبر ليرتفع من أن يوطأ كما يفعله كثير من الناس. وكره أحمد أن يقام على القبر فسطاط، لأن أبا هريرة أوصى حين حضره الموت: أن لا تضربوا على فسطاطا (2)
(ولظاهر) النهي في الأحاديث قال ابن حزم: يحرم البناء على القبر مطلقا، وحمل غيره النهي على الكراهة إذا كانت الأرض غير مسبلة ولا موقوفة ولم يقصد بالبناء الزينة وإلا كان حراما (ولذا) قال الحنفيون: يحرم البناء على القبر للزينة ويكره للإحكام إلا إذا كانت الأرض موقوفة وإلا حرم مطلقا لما في ذلك من التحجير على الناس، وكذا المسبلة وهي التي اعتاد الناس الدفن فيها ولم يسبق لأحد ملكها. (وتكره) القباب والستور والعمائم لقبور الصالحين وغيرهم.
…
(وقالت) المالكية والشافعية: يكره البناء على القبر أو تحويط عليه ولو بلا قبة إن كان بأرض مباحة ملك للميت أو غيره بإذنه أو أرض موات إذا لم يكن مباهى بها. فإن كان بأرض غير مباحة بأن كانت موقوفة للدفن مثل قرافة مصر أو فعل ذلك للمباهاة حرم لما فيه من التحجير على ما هو حق لجميع المسلمين ولأنه من الإعجاب وهما منهي عنهما، وكذا يحرم البناء والتحويط إذا كان ذريعة لإيواء أهل الفساد (3)، ومن الضلال المجمع عليه أن كثيرا من الأغنياء يبنون أسبلة ومدارس ومساجد وحجرا للاستقبال والبيات وينبشون القبور ويجعلون محلها المراحيض ويزعمون أنهم يحسنون صنعا. كلا ما فعلوا إلا الضلال والبهتان.
(1) أنظر ص 261 ج 7 - الدين الخالص (بناء القبر).
(2)
أنظر ص 387 ج 2 شرح المقنع.
(3)
أنظر ص 172 ج 1 صغير الدردير.
ويجب على ولي الأمر أن يأمر بهدمها كما تقدم إلا إن كان البناء يسيرا للتمييز فإن جائز (ويكره) إقامة مظلة على القبر لأن عمر رضي الله عنه رأى مظلة على قبر، فأمر برفعها وقال: دعوه يظله عمله (1). ورأى ابن عمر فسطاطا على قبر عبد الرحمن بن أبي بكر فقال: انزعه يا غلام فإنه يظله عمله. ذكره البخاري (2).
(وقالت) الحنبلية: يكره البناء في المسبلة وغيرها، غير أن الكراهة في المسبلة أشد لأنه تضييق بلا فائدة واستعمال للمسبلة فيما لم توضع له. وعن أحمد منع البناء في وقف عام (قال) ابن تيمية: من بني ما يختص به في المقبرة غير المملوكة فهو غاصب عند الأئمة الأربعة. وفيه تضييق على المسلمين، وإن كان في ملكه فهو سرف وإضاعة مال وكل منهي عنه. والقول بتحريم البناء في المسبلة هو الصواب. وقال في كسوة القبر بالثياب: اتفق الأئمة على أنه منكر إذا فعل بقبور الأنبياء والصالحين فكيف بغيرهم (3).
(1) أنظر ص 298 ج 5 مجموع النووي.
(2)
أنظر ص 145 ج 3 فتح الباري (الجريدة على القبر).
(3)
أنظر ص 410 ج 1 كشاف القناع (وقد) جاء إلى لجنة الفتوى بالأزهر- من جمعية جوات الإسلامية بالهند- السؤال الآتي: هل يجوز إقامة أضرحة أو أي أبنية أخرى فوق قبور المسلمين المدفونين في أرض موقوفة أعدت لدفن موتى المسلمين فحسب؟ (فأجابت) بما يأتي: بعد حمد الله تعالى والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه: تفيد اللجنة أنه لا يجوز شرعا إقامة أضرحة أو أبنية أخرى فوق قبور المسلمين المدفونين في أرض موقوفة أعدت لدفن موتى المسلمين. وذلك لورود السنة الصحيحة الصريحة بالنهي عن ذلك بل عن كل بناء على القبر. وذكرت حديث جابر السابق (رقم 5) وحديث أبي الهياج عن علي (رقم 656 ص/ 360 ج 7 - الدين الخالص) وقالت: وهذان الحديثان صريحان في النهي عن إقامة أبنية أو أضرحة على قبور الموتى. ويدل الحديث الثاني على هدم ما بني على القبور من الأبنية وتسويتها بالأرض. ولذلك قال الشافعي في الأم: ورأيت من الولاة من يهدم ما بني فيها ولم أر الفقهاء يعيبون عله ذلك (وهما) يدلان على عدم جواز إقامة بناء على القبر مطلقا سواء أكان القبر في أرض مملوكة للباني أم غير مملوكة له كالأرض الموقوفة للدفن فيها أو المرصدة من ولي الأمر للدفن فيها لأن ما جاء بهذين الحديثين مطلق غير مقيد بأرض دون أرض .. فالذهاب إلى جواز ذلك في الأرض المملوكة وعدم جوازه في الأرض المسبلة أو الموقوفة لا دليل عليه من كتاب أو سنة أو إجماع أو قياس. ومن هذا يتبين أنه لا يجوز إقامة أضرحة أو أبنية أخرى على القبور لا سيما أن ذلك مما يوجب التضييق على الناس في الدفن وأنه قصد به المفاخرة والزينة كما ظهر من السؤال وهذا هو ما عليه الأئمة الأربعة وتمامه بص 359 وما بعدها من المجلد 18 - الثامن عشر من مجلة الأزهر عدد ربيع الآخر سنة 1366 هـ.
(جـ) النهي عن القعود على القبور:
…
والمراد به ما يشمل الجلوس والاضطجاع والاستناد والنوم، ولظاهر النهي والوعيد (قال) أبن حزم بحرمة ذلك، وحمل الجمهور النهي على الكراهة منهم الحنفيون والشافعي وأحمد وداود (وقال) مالك: لا يكره القعود على القبر إلا إذا قعد لقضاء الحاجة وهذا حرام اتفاقا (قال) في الموطأ: إنما نهى عن القعود على القبر- فيما نرى- للذاهب يعني لحاجة الإنسان من التبول والغائط (1)، ودليله ما (روي) عن علي أنه كان يتوسد القبور ويضطجع عليها. أخرجه مالك في الموطأ والطحاوي بسند رجاله ثقات (2). (وقول) نافع: كان ابن عمر يجلس على القبور. أخرجه البخاري ووصله الطحاوي (3)(وقول) عثمان بن حكيم: أخذ بيدي خارجة فأجلسني على قبر، وأخبرني عن عمه ثابت رضي الله عنه قال: إنما كره ذلك لمن أحدث عليه. أخرجه البخاري ووصله مسدد في مسنده الكبير بسند صحيح (3). {9}
فبين يزيد في هذا الأثر الجلوس المنهي عنه (ولذا قال) بعض المالكية: لا يكره القعود على القبر لغير قضاء الحاجة. ولكن مشهور المذهب أنه يكره القعود والمشي على القبر مطلقا إذا ظن بقاء شيء من عظام الميت، وإلا جاز بلا كراهة. (ورده) الجمهور بأنه لا يصح حمل أحاديث النهي عن الجلوس على القبر على الجلوس لقضاء الحاجة، لأن هذا على فرض ثبوته لا يخصص عموم النهي الصحيح الصريح في الجلوس (كحديث) أبي مرثد. الغنوى
(1) أنظر ص 20 ج 2 - الزرقاني على الموطأ. و (نرى) بضم النون: أي نظن.
(2)
أنظر ص 20 ج 2 - الزرقاني على الموطأ.
(3)
(2، 3) انظر ص 146 ج 3 فتح الباري (الجريدة على القبر) و (خارجة) ابن زيد ابن ثابت.
السابق (1)(وحديث) عمارة بن حزم قال: رآني النبي صلى الله عليه وسلم جالسا على قبر فقال: "يا صاحب القبر أنزل من على القبر لا تؤذي صاحب القبر ولا يؤذيك" أخرجه الطبراني في الكبير وفيه ابن لهيعة وفيه كلام وقد وثق (2). {10}
…
وذكر لأحمد أن مالكا يتأول حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن يجلس على القبور أي للخلاء فقال: ليس هذا بشيء. ولم يعجبه رأى مالك (3).
…
هذا، وحكمة النهي عن الجلوس على القبر ما يترتب عليه من الاستخفاف بحق المسلم وإيذائه (فقد) سئل ابن مسعود عن وطء القبر فقال: كما أكره أذى المؤمن في حياته فإني أكره أذاه بعد موته. أخرجه سعيد بن منصور. وإيذاؤه محرم.
…
قال الله تعالى: "والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا"(4).
…
(د) النهي عن المشي على القبر:
…
الكلام فيه كالكلام في القعود عليه والاتكاء إليه ومحل الحرمة أو الكراهة إذا لم تدع إليه ضرورة كما إذا لم يصل إلى قبر ميته إلا بالمشي على القبور فإنه يجوز اتفاقا.
…
(هـ) النهي عن الكتابة على القبر:
…
لظاهر النهي (قال) ابن حزم والظاهرية: تحرم كتابة اسم الميت أو تاريخ وفاته أو شيء من القرآن أو
أسماء الله تعالى أو نحو ذلك على القبر. (وقال) الحنفيون: يكره تحريما الكتابة على القبر مطلقا إلا إذا خيف ذهاب أثره فلا يكره. (وقالت) المالكية: تحرم كتابة القرآن وتكره كتابة أسم الميت
(1) أنظر رقم 6 ص 3.
(2)
أنظر ص 61 ج 3 مجمع الزوائد (البناء على القبور والجلوس عليها .. ).
(3)
أنظر ص 387 ج 2 مغنى ابن قدامة.
(4)
الأحزاب: آية 58.
أو تاريخ موته. (وقالت) الشافعية والحنبلية: تكره الكتابة على القبر مطلقا، وحكمة النهي عن ذلك خشية أن يوطأ أو يسقط على الأرض فيعرض المكتوب للإهانة.
…
(و) النهي عن الزيادة على القبر:
…
لا يجوز أن يزاد في بنائه زيادة تؤدي إلى ارتفاعه عن الشبر وأن يزاد على التراب الذي خرج منه كما قال البيهقي: لا يزاد في القبر أكثر من ترابه لئلا يرتفع. وكذا لا يزاد القبر طولا أو عرضا عن قدر جسد الميت.
…
(ز) النهي عن الصلاة إلى القبور أو عليها:
لظاهر النهي (قالت) الحنبلية والظاهرية: تحرم الصلاة في المقبرة وعلى القبر وتقدم بيان المذاهب في هذا وافيا في بحث المواضع المنهي عن الصلاة فيها (1). (وفي الحديث) السابع من أحاديث الباب منع الصلاة إلى قبور الأنبياء واتخاذها مساجد لأنه قد يفضي إلى عبادة من في القبر وكذا قبور الأولياء والصالحين. ولذا لما احتاجت الصحابة والتابعون إلى توسعة مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وامتدت الزيادة إلى حجر أمهات المؤمنين- ومنها حجرة السيدة عائشة مدفن النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه رضي الله عنهما بنوا حول القبر الشريف سورا مرتفعا مستديرا لئلا يظهر القبر في المسجد فيصلي إليه العوام. ثم بنوا جدارين كهيئة مثلث قاعدته الحائط الشمالي للقبر حتى لا يتمكن من استقبال القبر. وقد زعم بعضهم أن النهي عن الصلاة إلى القبر إنما كان في الزمن السالف لقرب العهد بعبادة الأوثان. أما الآن فلا كراهة فيها، وهو مردود باتفاق المسلمين على خلافه ولعموم النهي في حديث جندب بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ألا فلا تتخذوا القبور مساجد إني أنهاكم عن ذلك" أخرجه مسلم (2). {11}
(1) أنظر ص 261 ج 3 - الدين الخالص.
(2)
أنظر ص 13 ج 5 نووي (النهي عن بناء المسجد على القبور).
(ح) التحذير من اتخاذ القبور مساجد:
يحرم اتخاذ قبور المسلمين التي لم تندرس مساجد (1). كما يحرم بناء المساجد على القبور لما تقدم (2)(ولحديث) عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في مرضه الذي مات فيه: "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. قالت: ولولا ذلك لأبرز قبره"(الحديث) أخرجه أحمد والشيخان (3). {12}
…
أي لولا الخوف من اتخاذ قبره صلى الله عليه وسلم مسجدا كما فعل اليهود والنصارى بأنبيائهم لكشف قبره صلى الله عليه وسلم ولم يتخذ عليه الحائل، أو المراد لدفن خارج بيته. وتقدم بيان ذلك وافيا في بحث اتخاذ القبور مساجد (4).
…
(ط) التحذير من إيقاد السرج على القبور:
…
يحرم إيقاد المصابيح والشموع على القبر ولو قبر نبي أو ولي لما فيه من تضييع المال بلا منفعة والمبالغة في تعظيم القبور كاتخاذها مساجد (ولقول) أبن عباس رضي الله عنهما: " لعن النبي صلى الله عليه وسلم زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج " أخرجه أحمد والأربعة والبزار وابن حبان والحاكم وحسنه الترمذي (5). {13}
(1) أما قبور المشركين وقبر المسلم إذا اندرس فيجوز اتخاذها مساجد لما تقدم بص 277 ج 3 - الدين الخالص.
(2)
أنظر حديث رقم 7 ص 3.
(3)
أنظر ص 154 ج 8 - الفتح الرباني (النهي عن اتخاذ المساجد على القبور) وص 130 ج 3 فتح الباري (ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور) وص 12 ج 5 نووي.
(4)
أنظر ص 277 ج 3 - الدين الخالص.
(5)
أنظر ص 160 ج 8 - الفتح الرباني (زيارة القبور) وص 102 ج 9 - المنهل العذب المورود (زيارة النساء للقبور) وص 287 ج 1 مجتبي (التغليظ في اتخاذ السرج على القبور) وص 246 ج 1 - ابن ماجه ولفظه: زوارات بضم الزاي: جمع زوارة بمعنى زائرة. و (السرج) بضمتين: جمع سراج وهو المصباح.
(ي) النهي عن الذبح عند القبر:
دل الحديث الثامن من أحاديث الباب على تحريم الذبح عند القبر وأنه من عمل الجاهلية، كانوا يعقرون الإبل على قبر الرجل الجواد يقولون: نجازيه على فعله لأنه كان يطعمها الأضياف فنحن نعقرها عند قبره لتأكلها السباع والطير، ومنهم من كان يزعم أنه إذا عقرت راحلته عند قبره حشر راكبا، ومن لا يعقر عنده حشر راجلا. وهذا زعم باطل، ومنه يعلم أن ما يفعله كثير من أهل زماننا الجاهلين من نحر الإبل أو غيرها عند خروج الميت من باب الدار أو عند القبر ليس له أصل في الدين بل هو بدعة مذمومة نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم، فليحذر من هذه البدعة ومما يفعله بعضهم من أنهم يحملون أمام الجنازة الخراف والخبز وغيرها ويسمون ذلك عشاء القبر، فإذا أتوه ذبحوا ما أتوا به بعد الدفن وفرقوه مع الخبز، ويقع بسبب ذلك تزاحم وضرب وإيذاء وعدم اعتبار بحال الميت.
…
وهذا مخالف للسنة من وجوه:
…
(ا) أن ذلك من فعل الجاهلية لما تقدم.
…
(2) ما فيه من الرياء والسمعة والمباهاة والفخر لأن السنة في القرب الإسرار بها لأنه أسلم والمشي بذلك أمام الجنازة جمع بين إظهار الصدقة والرياء، ولو تصدق بذلك في البيت سرا لكان عملا صالحا إذا سلم من البدعة بأن يتخذ ذلك سنة أو عادة لأنه لم يكن من فعل من مضى، والخير كله في اتباعهم رضي الله عنهم (1).
(1) أنظر ص 35 ج 3 - المدخل لابن الحاج.