الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصيام
هو رابع أركان الإسلام. ذكر بعد الزكاة لذكره بعدها في الحديث. وهو لغة: مطلق الإمساك عن الكلام وغيره. ومنه قوله تعالى حكاية عن مريم (إني نذرت للرحمن صوماً فلن أكلم اليوم إنسياً)(1)
وشرعاً: الإمساك بنية عن الأكل والشرب وكل مفطر من طلوع الفجر إلى غروب الشمس بشرائط يأتي بيانها إن شاء الله تعالى.
(وركنه) الإمساك عن كل مفطر- مما سيأتي- من طلوع الفجر إلى غروب الشمس مع نية الصوم من أهله وهو المسلم العاقل الخالي من حيض ونفاس.
ثم الكلام ينحصر في ثلاثة عشر أصلاً:
(1) فضل الصيام:
الصوم- فرضاً ونفلاً- له وللصائم فضل عظيم وثواب كبير جاء فيه أحاديث (منها) حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به. والصيام جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصحب ولا يجهل، فإن شاتمه أحد أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم مرتين، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك، وللصائم فرحتان
(1) سورة مريم: اية 26.
يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره وإذا لقي ربه فرح بصومه" أخرجه أحمد ومسلم والنسائي (1). {
1}
والمعنى أن كل عمل ابن آدم له فيه حظ نفسي- من رياء ونحوه فهو يتعجل به ثواباً من الخلق - إلا الصيام فإنه خالص لله تعالى لا يعلم ثوابه غيره وإنما خص الصيام بنسبته إلى الله تعالى- وكل الطاعات له- لأنه لم يعبد بالصيام غير الله تعالى. فلم يعظم الكفار في زمن ما معبوداً لهم بالصيام. وقيل: لأن الصوم بعيد من الرياء لخفائه بخلاف الصلاة والحج ونحوهما.
(وعن) أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الصيام جنة، فإذا كان أحدكم صائماً فلا يرفث ولا يجهل، فإن امرؤ قاتله
(1)(انظر ص 207 ج 9 الفتح الرباني 0 فضل الصيام) وص 30 ج 8 نووي وص 210 ج 1 مجتبي (والصيام جنة بضم الجيم: أي ستره ومانع من الرفث والآثام، ووقاية من النار لأنه إمساك عن الشهوات والنار محفوفة بها (روى) أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "حفت الجنة بالمكارة وحفت النار بالشهوات" أخرجه الشيخان (انظر ص 77 ج 23 عمدة القاري وص 165 ج 17 نووي - الجنة وصفة نعيمها)(و 0 فلا يرفث) بتثليث الفاء، أي لا يتكلم بفحش القول (ولا يصخب) بالصاد أو السين وفتح الخاء: أي لا يصيح ولا يخاصم (ولا يجهل) أي لا يرتكب شيئاً من أفعال الجاهلية كالسفه والسخرية وما ذكر لا يباح في غير الصوم. والمقصود أن المنع من ذلك يتأكد بالصوم (فإن شاتمه) أي شتمه متعرضاً لمشاتمته (أو قاتله) أي نازعه ودافعه (إني صائم) أي يقول ذلك بلسانه ليعلم مخاطبه أنه معتصم بالصيام عن اللغو والرفث والجهل. أو يقول ذلك لنفسه منعاً لها من مقابلة الجهل بالجهل، وقيل يقول ذلك بلسانه في الفرض ولنفسه في التطوع (والخلوف) بضم الخاء: تغير رائحة فم الصائم بسبب الصيام و (أطيب عند الله) كناية عن رضاء الله وإحسانه لأن استطابة بعض الروائح من صفات المخلوقات والله تعالى منزه عن ذلك والمراد أن الخلوف أكثر من التطيب بالمسك المندوب إليه في الجمع والأعياد ومجالس الخير .. و (فرح بفطره) أي لتمام عبادته وسلامتها من المفسدات ولما يترتب عليها من الثواب (وفرح بصومه) أي بما يراه من جزائه وتذكر نعمة الله عليه بتوفيقه.
أو شاتمه فليقل إني صائم مرتين، والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي، والصيام لي وأنا أجزي به والحسنة بعشرة أمثالها" أخرجه البخاري وأبو داود (1){2}
(وعن) سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن للجنة باباً يقال له الريان، يقال يوم القيامة: أين الصائمون؟ هلموا إلى الريان، فإذا دخل أخرهم أغلق ذلك الباب" أخرجه احمد والشيخان والنسائي والترمذي وفيه: فمن كان من الصائمين دخله، ومن دخله لم يظمأ أبداً. وقال حسن صحيح (2){3}
(وعن) أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من عبد يصوم يوماً في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفاً" أخرجه السبعة إلا أبا داود (3){4}
(1) انظر ص 72 ج 4 فتح الباري (فضل الصوم) وص 88 ج 10 - المنهل العذب المورود (الغيبة للصائم) و (يترك طعامه وشرابه) أي قال الله تعالى: يترك الصائم طعامه وشرابه وشهوته من أجلي، أي خوفاً مني وامتثالاً لأمري، يدل على هذا ما في رواية أحمد: يقول الله عز وجل: إنما يترك طعامه وشرابه من أجلي. وفي هذا الحصر التنبيه على الجهة التي بها يستحق الصائم هذا الجزاء وهو الإخلاص الخاص به، فلو ترك الطعام لغرض آخر كالتخمة لا يحصل له هذا الفضلز والمدار فيما ذكر على الداعي الذي يدعو إلى الفعل أو التركز ولاشك ان من لم يعرض له شهوة شيء طول النهار ليس في الفضل كم عرض له ذلك فجاهد نفسه في تركه (انظر ص 75 ج 4 فتح الباري) (وأنا أجزي به) أي بلا عدد ولا حساب. قال الله تعالى:(وإنما يوفي الصابرون أجرهم بغير حساب) قال الأكثر: والصابرون الصائمون لأنهم يصبرون أنفسهم عن الشهوات.
(2)
انظر ص 213 ج 9 - الفتح الرباني (فضل الصيام) وص 79 ج 4 فتح الباري (الريان للصائمين) وص 32 ج 8 نووي وص 312 ج 1 مجتبي (والريان) ضد العطشان مشتق من الري وهو مناسب لحال الصائم لأنه بتعطيش نفسه في الدنيا يدخل من باب الريان ليأمن العطش.
(3)
انظر ص 215 ج 9 - الفتح الرباني (فضل الصيام) وص 31 ج 6 فتح الباري (فضل الصوم في سبيل الله) وص 33 ج 8 نووي وص 213 ج 1 مجتبي وص 27 ج 1 - ابن ماجه (صيام يوم في سبيل الله) أي في الجهاد. و (خريفاً) أي سنة.