المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(16) نقل الميت - الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق - جـ ٨

[السبكي، محمود خطاب]

فهرس الكتاب

- ‌(10) محظورات القبر

- ‌(11) سؤال القبر وفتنته

- ‌(12) عذاب القبر ونعيمه وضغطته

- ‌(13) المشي بالنعلين بين القبور

- ‌(14) دفن أكثر من واحد في القبر

- ‌(15) نبش القبر

- ‌(16) نقل الميت

- ‌(17) إعداد القبر

- ‌(18) وضع الجريد على القبر

- ‌(الشهيد)

- ‌(أ) تعريفه:

- ‌(ب) تجهيز الشهيد:

- ‌(جـ) الشهيد غير المكلف:

- ‌(د) الشهيد غير الطاهر:

- ‌(هـ) كفن الشهيد:

- ‌(و) من لا يعتبر شهيدا:

- ‌يتصل بما يتعلق بالميت أربعة أصول:

- ‌(أ) التعزية

- ‌(ب) صنع الطعام لأهل الميت ومنهم

- ‌(جـ) زيارة القبور

- ‌(د) القرب تهدي إلى الميت

- ‌الزكاة

- ‌(أ) زكاة النعم

- ‌(ب) زكاة الأثمان

- ‌(جـ) زكاة العروض

- ‌(د) زكاة الزروع والثمار

- ‌(هـ) المعدن والركاز

- ‌الصيام

- ‌(1) فضل الصيام:

- ‌(2) وقت الصوم:

- ‌(3) شروط الصيام

- ‌(4) أقسام الصيام

- ‌(أ) صيام رمضان:

- ‌(ب) الصوم الفرض غير المعين

- ‌(جـ) الصوم المنهي عنه

- ‌(د) صوم التطوع

- ‌(5) آداب الصيام

- ‌(6) ما يباح للصائم

- ‌(7) ما يكره للصائم:

- ‌(8) ما لا يفسد الصوم

- ‌(9) ما يفسد الصوم

- ‌(10) الأعذار المبيحة للفطر

- ‌(11) بدع رمضان

- ‌(12) الموضوع في الصيام

- ‌(13) الاعتكاف

الفصل: ‌(16) نقل الميت

ونحوه، لأن حقه في باطنها وظاهرها، فإن شاء ترك حقه في باطنها وإن شاء استوفاه (1). وإن كفن بثوب مغصوب فقيل تلزم قيمته من تركته ولا ينبش لما فيه من هتك حرمته مع إمكان دفع الضرر بدونها. وقيل: ينبش إذا كان الكفن باقيا بحاله ليرد إلى مالكه، وإن كان باليا لزم قيمته من تركته، فإن أذن المالك في الدفن في أرضه ثم أراد إخراجه لا يملك ذلك، لأن فيه ضررا بالميت وإن بلى وعاد ترابا فلصاحب الأرض أخذها، وكل موضع أجيز نبشه لحرمة مالك الآدمي فالمستحب تركه احتراما للميت (2).

(وجملة) القول أنه يجوز نبش القبر- لسبب شرعي- إذا بلى الميت وصار ترابا، وحينئذ يجوز دفن غيره فيه وزرع أرضه والبناء وسائر وجوه الانتفاع، وإن كانت عارية رجع فيها المعير، وهذا كله إذا لم يبق للميت أثر من عظم أو غيره، ويختلف ذلك باختلاف البلاد والأرض. والمعتمد فيه قول أهل الخبرة بها (3).

(16) نقل الميت

يحرم عند الحنفيين إخراج الميت ونقله من قبره بعد دفنه إلا لعذر مما تقدم، ولذا لم ينقل كثير من الصحابة وقد دفنوا بأرض الحرب إذ لا عذر. ولو مات ابن لامرأة ودفن في غير بلدها وهي غائبة ولم تصبر وأرادت نقله لا تجاب إلى ذلك (4)، أما إذا أرادوا نقله قبل الدفن أو تسوية اللبن فلا بأس بنقله نحو ميل أو ميلين لأن المسافة إلى المقابر قد تبلغ هذا المقدار. أما نقله من بلد إلى بلد فمكروه عند الحنفيين. والمستحب أن يدفن كل في مقبرة البلد التي مات بها (5).

(1) انظر ص 472 ج 1 فتح القدير للكمال ابن الهمام.

(2)

انظر ص 416 ج 2 مغنى ابن قدامة.

(3)

انظر ص 303 ج 5 مجموع النووي.

(4)

(لا تجاب إلى ذلك) فتجويز شواذ بعض المتأخرين ذلك لا يلتفت إليه (انظر ص 472 ج 1 فتح القدير لابن الهمام).

(5)

انظر ص 472 ج 1 منه.

ص: 47

(روى) ابن جريج عن عبد الله بن أبي مليكة أنه لما توفى عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما بالحبشى حمل إلى مكة فدفن بها. فلما قدمت عائشة رضي الله عنها أتت قبره وقالت: " والله لو حضرتك ما دفنت إلا حيث مت ولو شهدت ما زرتك " أخرجه الترمذي بسند رجله ثقات، إلا أن ابن جريح مدلس وقد رواه بالعنعنة (1). {43}

(وعن عروة) بن رويم أن أبا عبيدة بن الجراح هلك بفحل فقال: "ادفنوني خلف النهر، ثم قال: ادفنوني حيث قبضت" أخرجه البيهقي (2). {44}

(وقال) بعض الحنفيين: لا بأس بنقله من بلد إلى بلد قبل الدفن إذا أمن تغير رائحته (روى) أن سعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد ماتا بالعقيق فحملا إلى المدينة ودفنا بها. أخرجه مالك في الموطأ (3). {45}

(وقال) داود بن قيس: حدثتني أمي أن سعد بن أبي وقاص مات بالعقيق على نحو من عشرة أميال، فرأيته حمل على أعناق الرجال حتى أتى به فأدخل المسجد فوضع عند بيوت النبي صلى الله عليه وآله وسلم بفناء الحجر، فصلى عليه الإمام وصليت عليه بصلاة الإمام. أخرجه البيهقي (4). {46}

(وقالت) المالكية: يجوز نقل الميت من مكان إلى آخر قبل دفنه وبعده لمصلحة كأن يخاف عليه أن يأكله البحر أو السبع وكرجاء بركته للمكان المنقول إليه أو لزيارة أهله أو لدفنه بينهم ونحو ذلك. فالنقل حينئذ جائز ما لم تنتهك حرمة الميت بانفجاره أو نتانته أو كسر عظمه (5).

(1) أنظر ص 157 ج 3 تحفة الأحوذى (زيارة القبور للنساء) و (الحبشي) بضم فسكون فكسر فشد الياء: موضع بينه وبين مكة اثنا عشر ميلا.

(2)

انظر ص 85 ج 4 بيهقي (من كره نقل الموتى من أرض إلى أرض) و (فحل) بكسر فسكون: موضع بالشام كانت فيه وقعة للمسلمين مع الروم بعد فتح دمشق (قال) الحموى في المعجم: وأظنه عجميا لم أره في كلام العرب قتل فيها ثمانون ألفا من الروم.

(3)

انظر ص 18 ج 2 زرقاني على الموطأ (دفن الميت) و (العقيق) موضع قيل على ثلاثة أميال أو سبعة أو عشرة من المدينة نحو نجد.

(4)

انظر ص 57 ج 4 بيهقي (من لم ير بالنقل بأسا).

(5)

انظر ص 171 ج 1 صغير الدردير.

ص: 48

(والمعتمد) عند الشافعية: أنه يحرم نقل الميت من بلد إلى بلد إلا أن تكون بقرب مكة أو المدينة أو بيت المقدس فيجوز النقل إليها لفضل المكان. ويحرم نقله من القبر إلا لغرض صحيح كما تقدم. ولو أوصى بنقله إلى غير الحرمين وبيت المقدس لم تنفذ وصيته لأن الشرع أمر بتعجيل دفنه، وفي نقله تأخيره وانتهاكه من وجوه وتعرضه للتغير وغيره.

(قال) جابر بن عبد الله: "كنا حملنا القتلى يوم أحد لندفنهم فجاء منادى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم يأمركم أن تدفنوا القتلى في مضاجعهم فرددناهم" أخرجه أحمد والأربعة والبيهقي بأسانيد صحيحة. وقال الترمذي: حسن صحيح (1). {47}

وإذا لحق القبر سيل أو نداوة يجوز نقله على الأصح عندهم (لما) في حديث جابر بن عبد الله قال: "دفن مع أبي يوم أحد آخر في قبر ثم لم تطب نفسي أن أتركه من الآخر فاستخرجته بعد ستة أشهر فإذا هو كيوم وضعته غير هنية في أذنه" أخرجه البخاري والبيهقي (2). {48}

(وقالت) الحنبلية: لا يجوز نقل الشهداء لما تقدم عن جابر. ويجوز نقل غيرهم ولو بعد الدفن إلى بقعة خير من بقعته ولحاجة كإفراده عمن دفن معه (لقول) جابر: "دفن مع أبي رجل فكان في نفسي من ذلك حاجة، فأخرجته بعد ستة أشهر فما أنكرت منه شيئا إلا شعيرات كن في لحيته مما يلي الأرض" أخرجه أبو داود والبيهقي (3). {49}

(1) أنظر ص 326 ج 8 - المنهل العذب المورود (الميت يحمل من أرض إلى أرض) وص 282 ج 1 مجتبي (أين يدفن الشهيد؟ ) وص 238 ج 1 - ابن ماجه (ما جاء في الصلاة على الشهداء ودفنهم) وص 57 ج 4 بيهقي (من كره نقل الموتى من أرض إلى أرض) وص 303 ج 5 مجموع النووي.

(2)

انظر ص 141 ج 3 فتح الباري (هل يخرج الميت من القبر واللحد لعلة؟ ) وص 57 ج 4 بيهقي (من حول الميت من قبره إلى آخر لحاجة). (وهنية) تصغير هنة، أي شيء يسير.

(3)

انظر ص 89 ج 9 - المنهل العذب المورود (تحويل الميت من موضعه). وص 58 ج 4 بيهقي (والشعيرات) جمع شعيرة: تصغير شعرة للتقليل.

ص: 49