الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وقيل) لا يشق بل تجب قيمته في تركته (أما) إذا بلع مالا لنفسه فوجهان مشهوران عند الشافعي: أحدهما يشق لأنه صار للورثة، والثاني لا يشق لأنه استهلكه في حياته فلم يتعلق به حق الورثة (ورد) بأنه لو كان مستهلكا لما شق جوفه لمال الأجنبي. وحيث قلنا بشق جوفه وإخراج المال، فلو دفن قبل الشق نبش القبر لذلك.
(وقالت) الحنبلية: إن بلع الميت مالا له لا يشق بطنه لأنه استهلكه في حياته (1)(وقيل) إنه إن كان يسيرا ترك، وإن كان كثيرا شق بطنه وأخرج، لأن فيه حفظ المال من الضياع ونفع الورثة الذين تعلق حقهم بماله بمرضه. وإن كان المال لغيره وابتلعه بإذنه فهو كماله، لأن صاحبه أذن في إتلافه، ولو كان في أذن الميت حلق أو في إصبعه خاتم نزع، فإن صعب نزعه برد وأخذ، لأن تركه تضييع للمال (2).
(15) نبش القبر
…
يحرم نبش قبر ميت لدفن غيره لما فيه من هتك حرمة الميت. فلا يجوز دفن ميت في موضع ميت حتى يبلى الأول بحيث لا يبقى منه شيء من لحم أو عظم. فإذا بلى وصار ترابا جاز الدفن في موضعه اتفاقا. ولا يجوز أن يسوي عليه التراب ويعمر عمارة قبر جديد إن كان في مقبرة مسبلة لأنه يوهم الناس أنه قبر جديد فلا يدفنون فيه، بل يجب تركه على حاله ليدفن فيه من أراد الدفن. ويرجع في مدة البلى إلى أهل الخبرة، ولو حفر فوجد فيه عظام الميت لا يتمم حفره، ولو فرغ من حفره وظهر شيء من العظام جعل في جنب
(1) انظر ص 301 ج 5 مجموع النووي.
(2)
انظر ص 414 ج 2 معنى ابن قدامة.
القبر ودفن الثاني معه، وكذا لو دعت الحالة إلى دفن الثاني مع العظام دفن معها (1).
…
(قال) في المدخل: اتفق العلماء على أن الموضع الذي يدفن فيه المسلم وقف عليه ما دام شيء موجودا فيه حتى يفني، فإن فني جاز حينئذ دفن غيره فيه، فإن بقى شيء من عظامه فالحرمة باقية لجميعه.
(قال) بعضهم: ولا يجوز أخذ أحجار المقابر العافية لبناء قنطرة أو دار ولا حرثها للزراعة، لكن لو حرثت جعل كراؤها في مؤن دفن الفقراء (2). وكذا يحرم نبش قبر من دفن وأهيل عليه التراب بلا صلاة بل يصلي على القبر عند الحنفيين والشافعي وروى عن أحمد. وعنه أنه ينبش ويصلي عليه لأنه دفن قبل واجب الصلاة كما لو دفن بلا غسل. أما من لم يهل عليه التراب فيخرج ويصلي عليه لأن هذا ليس نبشا (3). هذا، ويجوز عند مالك والشافعي وأحمد نبش القبر لغرض صحيح كتحسين الكفن، وغسل من دفن بلا غسل، وتوجيه من دفن لغير القبلة، وإخراج مال وقع في القبر أو ترك فيه إلا أن يخاف على الميت أن يتفسخ فيترك.
…
(قال) جابر بن عبد الله: "أتى النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أبى بعد ما دفن فأخرجه فنفث فيه من ريقه وألبسه قميصه" أخرجه الشيخان والنسائي (4). {41}
(وقال) جابر بن عبد الله: "دفن مع أبي رجل فلم تطب نفسي حتى أخرجته فجعلته في قبر على حدة" أخرجه البخاري والنسائي والبيهقي (5). {42}
(1) انظر ص 284 ج 5 مجموع النوي.
(2)
انظر ص 174 ج 1 - الصاوي على صغير الدردير.
(3)
انظر ص 298 ج 5 مجموع النووي.
(4)
انظر ص 89 ج 3 فتح الباري (الكفن في القميص الذي يكف أو لا يكف) وص 121 ج 17 نووي (صفات المنافقين) وص 284 ج 1 مجتبي (إخراج الميت من اللحد بعد أن يوضع فيه).
(5)
انظر ص 142 ج 3 فتح الباري (هل يخرج الميت من القبر واللحد لعلة؟ ) وص 284 ج 1 مجتبي. وص 57 ج 4 بيهقي (من حول الميت من قبره إلى آخر لحاجة). (والرجل) الذي دفن مع أبي جابر هو عمرو بين الجموح بن زيد كان صديق عبد الله بن عمرو بن حرام والد جابر، دفن معه بأمر النبي صلى الله عليه وسلم (روى) محمد بن إسحاق عن أبيه عن أشياخ من الأنصار قالوا: أتى النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد بعبد الله بن عمرو بن حرام وعمرو بن الجموح ممثلين فقال: ادفنوهما في قبر واحد فإنهما كانا متصاحبين في الدنيا .. أخرجه ابن أبي شيبة (أنظر ص 56 ج 8 - الفتح الرباني- الشرح).
ففيه دليل على جواز نبش القبر لأمر يتعلق بالحي، لأنه لا ضرر على الميت في دفن ميت آخر معه. وقد بين جابر ذلك بقوله: فلم تطب نفسي. ولكن هذا إن ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن له بذلك أو أقره فيها وإلا فلا حجة في فعل الصحابي.
…
(وقال) الحنفيون: لا ينبش القبر لما ذكر لأن النبش مثلة، وقد نهى عنها.
…
(وأجاب) الأولون بأن النبش إنما يكون مثله في حق من تغير وهو لا ينبش قبره (1) وإن وقع في القبر ماله قيمة نبش وأخرج، فإذا نسى الحفار مسحاته في القبر جاز نبشه وإخراجها، فإن أعطاه أولياء الميت ثمنها لا ينبش (2)
…
وإن دفن من غير كفن ففيه وجهان:
…
(أحدهما) يترك لأن المقصود من الكفن ستره، وقد حصل بالتراب.
(الثاني) ينبش ويكفن لأن التكفين واجب فأشبه الغسل (3). وكذا يجوز نبش القبر إذا دفن في أرض مغصوبة ولم يرض صاحبها ببقائه فيها عند مالك والشافعي وأحمد.
…
(وقال) الحنفيون: إذا دفن في أرض مغصوبة أو أخذت بعد دفنه بشفعة، فالمالك مخير بين إخراجه ومساواة القبر بالأرض والانتفاع بها بزرع
(1) انظر ص 415 ج 2 مغنى ابن قدامة.
(2)
وما روى أن المغيرة بن شيبة طرح خاتمة في قبر النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: خاتمي، ففتح موضع منه فأخذ المغيرة خاتمة فكان يقول: أنا أقربكم عهدا بالنبي صلى الله عليه وسلم (فقد قال) النووي: حديث المغيرة ضعيف غريب (قال) الحاكم أبو أحمد: لا يصح. انظر ص 300 ج 5 مجموع النووي.
(3)
انظر ص 416 ج 2 مغنى ابن قدامة.