المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(11) سؤال القبر وفتنته - الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق - جـ ٨

[السبكي، محمود خطاب]

فهرس الكتاب

- ‌(10) محظورات القبر

- ‌(11) سؤال القبر وفتنته

- ‌(12) عذاب القبر ونعيمه وضغطته

- ‌(13) المشي بالنعلين بين القبور

- ‌(14) دفن أكثر من واحد في القبر

- ‌(15) نبش القبر

- ‌(16) نقل الميت

- ‌(17) إعداد القبر

- ‌(18) وضع الجريد على القبر

- ‌(الشهيد)

- ‌(أ) تعريفه:

- ‌(ب) تجهيز الشهيد:

- ‌(جـ) الشهيد غير المكلف:

- ‌(د) الشهيد غير الطاهر:

- ‌(هـ) كفن الشهيد:

- ‌(و) من لا يعتبر شهيدا:

- ‌يتصل بما يتعلق بالميت أربعة أصول:

- ‌(أ) التعزية

- ‌(ب) صنع الطعام لأهل الميت ومنهم

- ‌(جـ) زيارة القبور

- ‌(د) القرب تهدي إلى الميت

- ‌الزكاة

- ‌(أ) زكاة النعم

- ‌(ب) زكاة الأثمان

- ‌(جـ) زكاة العروض

- ‌(د) زكاة الزروع والثمار

- ‌(هـ) المعدن والركاز

- ‌الصيام

- ‌(1) فضل الصيام:

- ‌(2) وقت الصوم:

- ‌(3) شروط الصيام

- ‌(4) أقسام الصيام

- ‌(أ) صيام رمضان:

- ‌(ب) الصوم الفرض غير المعين

- ‌(جـ) الصوم المنهي عنه

- ‌(د) صوم التطوع

- ‌(5) آداب الصيام

- ‌(6) ما يباح للصائم

- ‌(7) ما يكره للصائم:

- ‌(8) ما لا يفسد الصوم

- ‌(9) ما يفسد الصوم

- ‌(10) الأعذار المبيحة للفطر

- ‌(11) بدع رمضان

- ‌(12) الموضوع في الصيام

- ‌(13) الاعتكاف

الفصل: ‌(11) سؤال القبر وفتنته

(11) سؤال القبر وفتنته

تقدم أنه يجب الإيمان بسؤال القبر وفتنته. وقد جاء في هذا أحاديث صحيحة بلغت حد الشهرة (منها) ما تقدم في بحث السمعيات (1). (ومنها) حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: شهدت مع النبي صلى الله عليه وسلم جنازة فقال: "يا أيها الناس إن هذه الأمة تبتلى في قبورها، فإذا الإنسان دفن فتفرق عنه أصحابه جاء ملك في يده مطراق فأقعده، قال ما تقول في هذا الرجل؟ فإن كان مؤمنا قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله. فيقول له: صدقت، ثم يفتح له باب إلى النار فيقول: هذا كان منزلك لو كفرت بربك، فأما إذ آمنت بربك فهذا منزلك فيفتح له باب إلى الجنة، فيريد أن ينهض إليه فيقول له: أسكن ويفسح له في قبره. وإن كان كافرا أو منافقا يقول له: ما تقول في هذا الرجل؟ فيقول: لا أدري سمعت الناس يقولون شيئا، فيقول: لا دريت ولا تليت ولا اهتديت، ثم يفتح له باب إلى الجنة فيقول: هذا منزلك لو آمنت بربك فأما إذ كفرت بقربك فإن الله عز وجل أبدلك به هذا، ويفتح له باب إلى النار، ثم يقمعه قمعة بالمطراق يسمعه خلق الله كلهم غير الثقلين.

فقال بعض القوم: يا رسول الله ما أحد يقوم عليه ملك في يده مطراق إلا قبل عند ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت" أخرجه أحمد والبزار وزاد: "في الحياة

(1) أنظر ص 62 ج 1 - الدين الخالص طبعة ثانية (سؤال القبر).

ص: 11

الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء". ورجاله رجال الصحيح (1). . {14}

(وحديث) عائشة رضي الله عنها قالت: جاءت يهودية فاستطعمت على بابي فقالت: أطعموني أعاذكم الله من فتنة الدجال ومن فتنة عذاب القبر، فلم أزل أحبسها حتى جاء النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله ما تقول هذه اليهودية؟ قال: وما تقول؟ قلت: تقول أعاذكم الله من فتنة الدجال ومن فتنة عذاب القبر، فقام النبي صلى الله عليه وسلم ورفع يديه مدا يستعيذ بالله من فتنة الدجال ومن فتنة عذاب القبر، ثم قال: أما فتنة الدجال فإنه لم يكن نبي إلا قد حذر أمته وسأحذر كموه تحذيرا لم يحذره نبي أمته، إنه أعور والله عز وجل ليس

(1) أنظر ص 108 ج 8 - الفتح الرباني (هول القبر) وص 47 ج 3 مجمع الزوائد (السؤال في القبر). و (إن هذه الأمة) أي أمة الدعوى لا فرق بين مسلم وكافر. وتقدم بص 63 ج 1 من الدين الخالص طبعة ثانية:

(أ) أن الأحاديث دلت على اختصاص هذه الأمة بسؤال القبر.

(ب) بيان حكمة هذا الاختصاص وأن ابن القيم اختار القول بعموم المسألة لأنه ليس في الأحاديث ما ينفي المسألة عمن تقدم من الأمم. وإنما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بكيفية امتحان هذه الأمة في القبور لا أنه نفى ذلك عن غيرهم قال: والظاهر أن كل نبي مع أمته كذلك فتعذب كفارتهم في قبورهم بعد سؤالهم وإقامة الحجة عليهم كما يعذبون في الآخرة بعد السؤال وإقامة الحجة (أنظر ص 141 كتاب الروح)، وقد يدل عليه قوله تعالى:"النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب" سورة غافر: آية 46. و (جاءه ملك) تقدم في حديث أنس وغيره ويأتي في حديث أبي هريرة رقم 17: فأتاه ملكان. ويجمع بينهما بأنه خص هنا أحدهما بالذكر لكونه يحمل المطراق (والمطراق) آله يضرب بها كالعصى و (لا دريت إلخ) أي لا فهمت ولا عرفت الحق بنفسك ولا تبعت من يعرف ولا قرأت القرآن فاهتديت به (ثم يقمعه) من أقع أي يضربه ضربة. و (الثقلان) الجن والإنس. ومقتضاه أن كل شيء غيرهما حتى الجماد يسمع الضرب. ويمكن أن يخص منه الجماد لما في حديث أبي هريرة من قول النبي صلى الله عليه وسلم: يسمعه كل دابة إلا الثقلين. أخرجه البزار (انظر ص 52 ج 3 مجمع الزوائد) و (هبل) كتعب، أي فقد عقله من شدة الخوف والجزع.

ص: 12

بأعور، مكتوب بين عينيه كافر يقرؤه كل مؤمن، فأما فتنة القبر في تفتنون وعني تسألون، فإذا كان الرجل الصالح أجلس في قبره غير فزع ولا مشعوفٍ، ثم يقال له: فيم كنت؟ فيقول: في الإسلام، فيقال: ما هذا الرجل الذي كان فيكم؟ فيقول: محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءنا بالبينات والهدى من عند الله فصدقناه، فيفرج له فرجة قبل النار، فينظر إليها يحطم بعضها بعضا، فيقال له: انظر إلى ما وقاك الله عز وجل، ثم يفرج له فرجة إلى الجنة، فينظر إلى زهرتها وما فيها، فيقول له: هذا مقعدك منها وعلى اليقين كنت وعليه مت وعليه تبعث إن شاء الله. وإذا كان الرجل السوء أجلس في قبره فزعا مشعوفا، فيقال له: فيم كنت؟ فيقول: لا أدري، فيقال له: ما هذا الرجل الذي فيكم؟ فيقول: سمعت الناس يقولون قولا فقلت كما قالوا، فيفرج له فرجة قبل الجنة، فينظر إلى زهرتها وما فيها، فيقال له: انظر إلى ما صرف الله عنك، ثم يفرج له فرجة قبل النار فينظر إليها يحطم بعضها بعضا، ويقال له: هذا مقعدك منها كنت على الشك وعليه مت وعليه تبعث إن شاء الله ثم يعذب" أخرجه أحمد بسند رجاله رجال الصحيحين (1). {

15}

(وحديث) أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دخل الإنسان قبره فإن كان مؤمنا أحف به عمله- الصلاة والصيام- فيأتيه الملك من نحو الصلاة فترده ومن نحو الصيام

(1) أنظر ص 112 ج 8 - الفتح الرباني (ما جاء في هول القبر وفتنته) وص 48 ج 3 مجمع الزوائد (السؤال في القبر) و (استطمعت) أي طلبت الطعام لفقرها .. وأحبسها: أي أشاغلها وأمنعها عن الانصراف حتى جاء النبي صلى الله عليه وسلم (ولا مشعوف) بالشين المعجمة والعين المهملة: من الشعف وهو شدة الفزع، ويطلق على شدة الحب.

ص: 13

فيرده، فيناديه أجلس، فيجلس، فيقول له: ماذا تقول في هذا الرجل؟ يعني النبي صلى الله عليه وسلم، قال: من؟ قال: محمد، قال: أشهد أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال يقول: وما يدريك أدركته؟ قال: أشهد أنه رسول الله، قال يقول: على ذلك عشت وعليه مت وعليه تبعث. وإن كان فاجرا أو كافرا جاءه ملك ليس بينه وبينه شيء يرده، فأجلسه، قال: أجلس، ماذا تقول في هذا الرجل؟ قال: أي رجل؟ قال: محمد صلى الله عليه وسلم، قال يقول: ما أدري والله سمعت الناس يقولون شيئا فقلته، قال له الملك: على ذلك عشت وعليه مت وعليه تبعث، وتسلط عليه دابة في قبره معها سوط ثمرته جمرة مثل غرب البعير تضربه ما شاء الله صماء لا تسمع صوته فترحمه". أخرجه أحمد بسند رجاله رجال الصحيح (1). . {16}

(وحديث) أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قبر الميت أتاه ملكان أسودان أزرقان يقال لأحدهما المنكر وللآخر النكير، فيقولان: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول: هو عبد الله ورسوله أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، فيقولان: قد كنا

(1) أنظر ص 114 ج 8 - الفتح الرباني (ما جاء في هول القبر وفتنته) وص 51 ج 3 مجمع الزوائد (السؤال في القبر)(فيأتيه الملك من نحو الصلاة فترده إلخ) أي تدفع الملك عنه وتقول: ليس لك قبلي مدخل (روى) أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: والذي نفسي بيده إنه ليسمع خفق نعالهم حين يولون عنه، فإذا كان مؤمنا كانت الصلاة عند رأسه والزكاة عن يمينه والصوم عن شماله وفعل الخيرات والمعروف والإحسان إلى الناس من قبل رجليه، فيؤتي من قبل رأسه، فتقول الصلاة: ليس قبلي مدخل، فيؤتى عن يمينه، فتقول الزكاة: ليس قبل مدخل، فيؤتى من قبل شماله، فيقول الصوم: ليس قبل مدخل، ثم يؤتى من قبل رجليه، فيقول فعل الخيرات إلى الناس: ليس من قبلي مدخل (الحديث) أخرجه الطبراني في الأوسط بسند حسن (أنظر ص 51 ج 3 مجمع الزوائد)(وثمرة السوط) طرفه الأسفل. وغرب- بفتح فسكون- البعير: الدلو الكبير يحمله البعير .. يعني أن الله يسلط على الكافر أو الفاجر في قبره دابة صماء معها سوط طرفه من نار عظيم تضربه به إلى ما شاء الله.

ص: 14

نعلم أنك تقول هذا، ثم يفسح له في قبره سبعون ذراعا في سبعين، ثم ينور له فيه، ثم يقال له: نم، فيقول: أرجع إلى أهلي فأخبرهم، فيقولان: نم كنومة العروس الذي لا يوقظه إلا أحب أهله إليه حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك. وإن كان منافقا قال: سمعت الناس يقولون قولا فقلت مثله لا أدري، فيقولان: قد كنا نعلم أنك تقول ذلك، فيقال للأرض التئمى عليه، فتلتئم عليه فتختلف أضلاعه، فلا يزال فيها معذبا حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك" أخرجه الترمذي وقال: حسن غريب (1). {17}

والأحاديث في هذا كثيرة صحيحة صريحة في أن سؤال القبر حق ثابت، وبه قال أهل السنة والجماعة، وأنكره ضرار بن عمرو وبشر المريسي وأكثر المتأخرين من المعتزلة مستدلين:

(أ) بقوله تعالى: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا المَوْتَ إِلَاّ المَوْتَةَ الأُولَى} (2). أي لا يذوقون في الجنة موتا سوى الموتة الأولى، ولو صاروا أحياء في القبور لذاقوا الموت مرتين لا مرة.

(ب) وبقوله تعالى: {وَمَا يَسْتَوِي الأَحْيَاءُ وَلَا الأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي القُبُورِ} (3).

(1) أنظر ص 162 ج 2 تحفة الأحوذي (ما جاء في عذاب القبر) و (قبر) أي دفن وهو أمر غالبي وإلا فالسؤال يكون لكل ميت حتى من أكلته السباع فإن الله تعالى يصل روحه بعجب الذنب فيحيا بحياته سائر أجزاء البلدان ليسأل فيثاب أو يعذب. ولا بعد في ذلك فإن الله على كل شيء قدير. و (أسودان) وفي حديث أبي هريرة عند الطبراني في الأوسط: أعينهما مثل قدور النحاس وأنيابهما مثل صياصي (أي قرون) البقر وأصواتهما مثل الرعد (أنظر ص 54 ج 3 مجمع الزوائد) وإنما يكونان على هذه الصفة لما في سواد المنظر وزرقة العين من الهول والوحشة ويكون حالهما على الكفار أشد ليتحيروا في الجواب. وأما المؤمنون فيبتلون بذلك فيثبتهم الله فلا يخافون ويأمنون، جزاء خوفهم من الله في الدنيا. و (المنكر) أسم مفعول من أنكر. و (النكير) فعيل بمعنى مفعول من نكر كتعب، أي لا يعرفهما الميت لأنه لم ير مثلهما. وذكر بعض الفقهاء أن اسم الملكين اللذين يسألان المذنب منكر ونكير .. وأسم اللذين يسألان المطيع مبشر وبشير (أنظر ص 155 ج 3 فتح الباري) و (في هذا الرجل) قيل تصور له صورة النبي صلى الله عليه وسلم فيشار إليه.

(2)

سورة الدخان: آية 56.

(3)

سورة فاطر: آية 22.

ص: 15

فإن الغرض من سياق الآية تشبيه الكفرة بأهل القبور في عدم الإسماع.

(جـ) وبالعقل فإن نرى شخصا يصلب ويبقى مصلوبا حتى تذهب أجزاؤه ولا نشاهد فيه إحياء ولا مساءلة، وأبلغ منه من أكلته السباع والطيور وتفرقت أجزاؤه في بطونها وحواصلها، وكذا من أحرق وتفتتت أجزاؤه وذرتها الرياح العاصفة شمالا وجنوبا وغربا، فإنا نعلم عدم إحيائه ومسائلته ضرورة (وأجاب) أهل السنة:

(أولا) عن قوله تعالى: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا المَوْتَ إِلَاّ المَوْتَةَ الأُولَى} بأن ذلك وصف لأهل الجنة، أي لا يذوق أهلها فيها الموت فلا ينقطع نعيمهم كما انقطع نعيم أهل الدنيا، فلا دلالة في الآية على انتفاء موتة أخرى بعد المساءلة وقبل دخول الجنة.

(ثانيا) عن قوله تعالى: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي القُبُورِ} .

بأن عدم إسماع من في القبور لا يستلزم عدم إدراكهم.

(ثالثا) عن دليلهم العقلي أن المصلوب لا بعد في إحيائه ومساءلته مع عدم المشاهدة، كما في النائم فإنه حي ولا نشاهد حياته، وكما في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام وهو بين أظهر أصحابه مع ستره عنهم ولا بعد في رد الحياة إلى بعض أجزاء البدن فيختص بالإحياء والمساءلة والعذاب وإن لم يكن ذلك مشاهدا لنا (1). هذا وقد دلت الأحاديث على أن السؤال عام للمؤمن والكافر والمنافق، خلافا لمن زعم أنه خاص بمن يدعي الإيمان إن محقا وإن مبطلا مستندا لقول عبيد بن عمير التابعي: " إنما يفتن رجلان مؤمن

(1) انظر ص 145 إلى 147 ج 8 عمدة القارئ (الميت يسمع خفق النعال) و (قال) النووي: فإن قيل فنحن نشاهد الميت على حاله في قبره فكيف يسأل ويقعد ويضرب بمطارق من حديد ولا يظهر له أثر؟ (فالجواب) أن ذلك غير ممتنع بل له نظير في العادة وهو النائم فإنه يجد لذة وآلاما لا نحس نحن شيئا منها. وكذا اليقظان يجد لذة وآلما لما يسمعه، أو يفكر فيه ولا يشاهد ذلك جليسه منه. وأما إقعاده فيحتمل أن يكون مختصا بالمقبور دون المنبوذ ومن أكلته السبباع والحيتان. وأما ضربه بالمطارق فلا يمتنع أن يوسع له في قبره فيقعد ويضرب. انظر ص 201 ج 17 نووي مسلم. (عرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه وإثبات عذاب القبر).

ص: 16

ومنافق، وأما الكافر فلا يسأل عن محمد ولا يعرفه" أخرجه عبد الرزاق وهو مقطوع (1).

والأحاديث الناصة على أن الكفار يسأل مرفوعة كثيرة صحيحة، فهي أولى بالقبول. وجزم الحكيم الترمذي بأن الكافر يسأل (2)، ويدل عليه الكتاب والسنة.

قال الله تعالى: "يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء"(3).

وفي حديث أنس عند البخاري: وأما المنافق والكافر فيقال له: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ (الحديث)(4). وفي حديث أبي سعيد: وإن كان كافرا أو منافقا يقول له: ما تقول في هذا الرجل؟ (الحديث)(5).

وفي حديث البراء بن عازب: وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا (الحديث) وفيه: "فتعاد روحه في جسده ويأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له: من ربك"(الحديث)(6).

هذا، والسؤال يختص بمن شأنه أنه يفتن. وعليه فالصحيح أن الصبيان والأنبياء والملائكة والشهداء لا يسألون كما تقدم (7).

(1) أنظر ص 155 ج 3 فتح الباري (ما جاء في عذاب القبر) و (المقطوع) ما أضيف إلى التابعي فمن دونه من قول أو فعل أو تقرير (أنظر ص 10 ج 1 - المنهل العذب المورود).

(2)

أنظر ص 155 ج 3 فتح الباري (ما جاء في عذاب القبر).

(3)

سورة إبراهيم: آية 27.

(4)

أنظر ص 154 وما بعدها ج 3 فتح الباري (ما جاء في عذاب القبر).

(5)

أنظر رقم 14 ص 11.

(6)

أنظر رقم 45 ص 60 وما بعدها ج 1 - الدين الخالص طبعة ثانية (الأجل).

(7)

انظر ص 64 منه.

ص: 17