الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وقال) أحمد: ما أعلم بنقل الرجل يموت في بلده إلى بلد أخرى بأسا. وقال الزهري: قد حمل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه من العقيق إلى المدينة، وحمل أسامة بن زيد من الجرف. أخرجه البيهقي (1). وهذان موضعان قريبان لا يتغير الميت بالنقل إلى مثلهما. أما إذا كان المكان بعيدا يخشى من النقل إليه تغير الميت فلا يجوز نقله اتفاقا، لأن تعريض الميت للتغيير حرام.
(17) إعداد القبر
…
لا بأس أن يعد الإنسان لنفسه قبرا في أرض مملوكة له أو في مقبرة غير مسبلة ويوصى بدفنه فيه (قال) أحمد: لا بأس أن يشتري الرجل موضع قبره ويوصى أن يدفن فيه. وعن عثمان وعائشة وعمر بن عبد العزيز رضي الله عنهم أنهم فعلوا ذلك. ويحرم حفره في مقبرة مسبلة قبل وقت الدفن واتخاذ قبر فيها ليدفن فيه (2). (وقالت) المالكية: يحرم البناء في مقبرة موقوفة وإعداد القبر حال الحياة. وترب مصر كالملك فيجوز إعداد القبر فيها (3).
(18) وضع الجريد على القبر
قيل: لا بأس بما اعتيد من وضع الريحاني والجريد على القبور، لظاهر (حديث) ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقبرين يعذبان، فقال: "إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستتر من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة. ثم أخذ جريدة رطبة
(1) انظر ص 57 ج 4 بيهقي (من لم ير بالنقل بأسا). و (الجرف) بضم فسكون: موضع على ثلاثة أميال من المدينة نحو الشام.
(2)
انظر ص 413 ج 1 كشاف القناع. وص 390 مغني ابن قدامة.
(3)
انظر ص 167 ج 1 مجموع الأمير.
فشقها بنصفين ثم غرز في كل قبر واحدة. فقالوا: يا رسول الله لم صنعت هذا؟ فقال: لعله أن يخفف عنهما ما لم ييبسا" أخرجه السبعة وقال الترمذي: حسن صحيح، غير أنه لم يذكر وضع الجريد (1). {50}
(وقال) مورق العجلي: " أوصى بريدة الأسلمي أن يجعل في قبره جريدتان " أخرجه ابن سعد موصولا، والبخاري معلقا (2) أمر بريدة أن يغرزا في ظاهر القبر اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في وضعه الجريدتين على القبرين (5). (وقال) الجمهور: ليس في الحديث ما يدل على استحباب وضع الجريد على القبر لأنه واقعة حال لا تفيد العموم.
(قال) الخطابى: وأما غرسه صلى الله عليه وسلم شق الجريد على القبر، وقوله:"لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا" فإنه من ناحية التبرك بأثر التبرك بأثر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ودعائه بالتخفيف عنهما، وكأنه صلى الله عليه وسلم جعل مدة بقاء النداوة فيهما حدا لتخفيف العذاب عنهما، وليس ذلك من أجل أن في الجريد الرطب معنى ليس في اليابس. والعامة في كثير من البلدان تفرش الخوص في قبور موتاهم، وأراهم ذهبوا إلى هذا وليس لما تعاطوه من ذلك وجه (3).
(1) انظر ص 127 ج 8 - الفتح الرباني (عذاب عصاة المؤمنين في القبر وما يخففه عنهم) وص 146 ج 3 فتح الباري (الجريد على القبر) وص 200 ج 3 نووي (نجاسة البول ووجوب الاستبراء منه) وص 78 ج 1 - المنهل العذب المورود (الاستبراء من البول) وص 291 ج 1 مجتبي (وضع الجريدة على القبر) وص 74 ج 1 - ابن ماجه (التشديد في البول) و (بنصفين) أي شقها نصفين، فالباء زائدة للتأكيد. و (غرز) بالزاي وفي رواية بالسين.
(2)
(4 و 5) انظر ص 145 ج 3 فتح الباري (الجريد على القبر). و (مورق) بضم ففتح فكسر الراء مشددة.
(3)
انظر ص 19 ج 1 معالم السنن (الاستبراء من البول).
ويؤيده أنه لم يثبت عن أحد من الصحابة غير بريدة ولا سيما الخلفاء الراشدين أنه وضع جريدا ولا غيره
على القبور، ولو كان ذلك سنة ما تركه أولئك الأئمة.
…
(وفي حديث) العرباض بن سارية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد حبشي فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ"(الحديث) أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه وابن حبان في صحيحه والترمذي وقال: حسن صحيح (1). {51}
(قال) الحافظ ابن حجر: وكأن بريدة حمل الحديث على عمومه ولم يره خاصا بذينك الرجلين. ويظهر من تصرف البخاري أن ذلك خاص بهما، فلذا عقبه بقوله: ورأى ابن عمر رضي الله عنهما فسطاطا على قبر عبد الرحمن ابن أبي بكر فقال: انزعه يا غلام فإنما يظله عمله (2).
…
(هذا) ووصية بريدة ليست حجة على غيره. فما قاله الخطابي ومن نحا نحوه هو الأولى ولا سيما أن غالب الناس يعتقد في وضع هذا الجريد ونحوه اعتقادا تأباه الشريعة المطهرة كما هو معروف من حالهم. نسأل الله السلامة والهداية.
(1) انظر ص 188 ج 1 - الفتح الرباني (الاعتصام بسنته صلى الله عليه وسلم وص 10 ج 1 - ابن ماجه (اتباع سنة الخلفاء الراشدين) وص 24 ج 1 تيسير الوصول (الاستمساك بالكتاب والسنة) و (الخلفاء) قيل: هم الأئمة الأربعة رضي الله عنهم. وقيل: بل هم ومن سار بسيرتهم من المجتهدين فإنهم خلفاء الرسول صلى الله عليه وسلم. و (عضوا عليها بالنواجذ) بالذال المعجمة وهي الأضراس، والمراد الحث على الاستمساك بالسنة كالاستمساك بالشيء بين الأضراس.
(2)
انظر ص 145 ج 3 فتح الباري (الجريدة على القبر) وفيه: وهذا الأثر وصله ابن سعد من طريق أيوب بن عبد الله بن يسار قال: مر عبد الله بن عمر على قبر عبد الرحمن بن أبي بكر وعليه فسطاط مضروب، فقال: يا غلام انزعه فإنه يظله عمله. قال الغلام: تضربني مولاتي. قال: كلا. فنزعه.