الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقدمة
ورد ذكر الروض المعطار في طبعة فلوجل من كشف الظنون مرتين (1) : مرة على أن مؤلفه هو أبو عبد الله محمد بن محمد بن محمد الحميري المتوفى سنة 900 ومرة أخرى على أن المؤلف هو المؤلف هو أبو عبد الله محمد بن عبد المنعم الحميري (دون ذكر لسنة الوفاة) ، وقد كان هذا محيراً للأستاذ ليفي بروفنسال حين أقدم على نشر القسم المتعلق بالأندلس من الروض، وتعبر مقدمته التي كتبها للترجمة الفرنسية (La Peninsule Iberique au Moyen - Age) عن هذه الحيرة من ناحيتين: أولاهما لماذا هذا الاختلاف في اسم المؤلف، والثانية: إذا كان قد توفي سنة 900 - كما يقول حاجي خليفة - فهذه قضية تقف في وجهها حقيقتان بارزتان:
1 -
كيف يمكن أن تتأخر وفاة مؤلف الروض المعطار إلى هذا التاريخ، ونحن نجد أن القلقشندي صاحب صبح الأعشى المتوفى سنة 821 والذي انتهى من تأليف كتابه سنة 814 يعتمد الروض المعطار واحداً من مصادره الجغرافية؟
2 -
هنالك كتاب بعنوان " جني الأزهار من الروض المعطار " يوحي بأنه ملخص من كتاب الروض، وهو منسوب للمقريزي المتوفى سنة 845.
وإلى جانب هاتين الحقيقتين تقف حقيقة ثالثة، فقد وجد بروفنسال في ختاك إحدى النسخ التي اعتمد عليها من نسخ الروض هذه العبارة:" هذا آخر الجزء الثاني من الروض المعطار في خبر الأقطار للشيخ الفقيه أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن أبي محمد عبد الله بن عبد المنعم ابن [عبد المنعم الحمير] ي رحمة الله عليه، وتتمامه جميع الكتاب في صبح يوم الجمعة السابع عشر من شهر صفر الخير أحد شهور سنة ست وستين وثمان مائة بساحل جدة المعمور؟ ".
(1) لاحظ الأستاذ رتزيتانو أن طبعة استانبول من كشف الظنون لم تورد ذكر الروض إلا مرة واحدة، انظر " منتخبات من كتاب الروض المعطار خاصة بالجزر والبقاع الإيطالية ". (نشرت بمجلة كلية الآداب - جامعة القاهرة، المجلد 18/1956، ص 129 - 181) .
وقد فهم بروفنسال من هذه العبارة أن المؤلف قد انتهى من تأليف كتابه سنة 866، وهذا يقوي القول بأن يكون تاريخ وفاته سنة 900 صحيحاً. وهذه الحقائق مجتمعة دفعت بروفنسال إلى افتراض مؤلفين كل منهما ينتسب إلى حمير قام أولهما بكتابة صورة أولى من " الروض المعطار " وقام الثاني بانتحال عمل الأول، وربما أضاف إليه شيئاً، دون أن يذكر ما للمؤلف الأول من فضل عليه.
وعند مناقشة الحقائق التي واجهت بروفنسال لا تبقى هناك حاجة إلى هذا الفرض الذي وضعه:
1 -
أما أن صاحب صبح الأعشى ينقل عن الروض المعطار، فتلك حقيقة لا نستطيع إنكارها، وهي وحدها تثبت أن المؤلف لا يمكن أن يكون قد عاش حتى سنة 900، وأنه على هذا لابد من أن يكون من أبناء القرن الثامن.
2 -
وأما أن المقريزي لخص الروض المعطار في كتاب سمّاه " جني الأزهار من الروض المعطار " فتلك مسألة ما كان لبروفنسال أن يتمسك بها، فقد أثبت فولرز (Vollers) سنة 1889 ثم بلوشيه (Blochet) سنة 1925 أن هذا الكتاب المسمى " جني الأزهار " إنما هو تلخيص لنزهة المشتاق (1) . وعندما كنت في برلين سنة 1970 صورت النسخة البرلينية من " جني الأزهار "(2) لأستعين بها في تحقيق الروض المعطار، ولدى عودتي قمت بدراستها - قبل أن أطلع على ما كتبه فولرز وبلوشيه - ولم يخامرني أدنى شك في أنها تلخيص لنزهة المشتاق، أما لماذا سميت " جني الأزهار من الروض المعطار " فربما كان هذا يتطلب إيجاد " روض معطار " آخر غير الموجود في أيدينا.
3 -
إن بروفنسال قد سمح لتصحيف الناسخ بأن يسيطر على وهمه، فالنص الذي قرأه في آخر النسخة المشار إليها، يجب أن يقرأ على النحو الآتي " هذا آخر الجزء الثاني من الروض المعطار؟ وبتمامه [تم] جميع الكتاب في صبح يوم الجمعة السابع عشر من شهر صفر الخير أحد شهور سنة ست وستين وثمان مائة " - وهذا التاريخ هو تاريخ النسخة التي نقل عنها الناسخ الثاني، وكان نقله سنة 1049؛ فنحن إزاء تاريخين لنسختين، ولا يعد الأول منهما تاريخياً للتأليف بأية حال؛ وقد تنبه الأستاذ رتزيتانو إلى ناحية جديرة بالتوقف حين قال: " وحتى إننا لو افترضنا جدلاً أن السنة المذكورة تعتبر تاريخياً لانتهاء المؤلف من وضع الروض المعطار، فليس من المعقول أن يصف نفسه بعبارات التفخيم والمديح على الصورة الواردة في هذا النص (يريد قوله: الشيخ الفقيه
(1) K. Vollers، Note sur Manuscrit arabe attribue a Maqrizi، Bull. Soc. Khed. de Geogr. du caise، III Serie Num. 2. 1889 pp. 131 - 139 R. Blochet، Catalogue des ms. arabes des nouvelles acquisitions (1882 - 1914) ، paris 1925 N. 5919.
وانظر مقدمة وتزيتانو المشار إليها ص: 131، 132.
(2)
في دار الاكتب المصرية نسخة أخرى من هذا الكتاب، رقم:458.