الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أو كالتي يحسبها أهلها
…
عذراء بكراً وهي في التاسع
كنا نرفيها فقد مزقت
…
واتسع الخرق على الراقع
كالثوب إذ أنهج فيه البلى
…
أعيا على ذي الحيلة الصانع فلم يستتم مروان قراءة هذا الكتاب حتى مثل أصحابه بين يديه ممن كان وكل بالطرق رسولاً من خراسان لأبي مسلم إلى إبراهيم بن محمد الإمام يخبره فيه خبره وما آل إليه، فلما تأمل مروان كتاب أبي مسلم قال للرسول: لا ترع كم دفع إليك صاحبك؟ قال: كذا وكذا، قال: فهذه عشرة آلاف درهم وإنما دفع إليك شيئاً يسيراً، فامض بهذا الكتاب إلى إبراهيم ولا تعلمه بشيء مما جرى وخذ جوابه فائتني به، ففعل الرسول ذلك، فتأمل مروان جواب إبراهيم إلى أبي مسلم بخطه يأمره فيه بالجد والاجتهاد والحيلة على عدوه وغير ذلك من أمره ونهيه، فاحتبس مروان الرسول قبله وكتب إلى الوليد بن معاوية بن عبد الملك وهو على دمشق يأمره أن يكتب إلى عامل البلقاء فيسير إلى القرية المعروفة بالكداد والحميمة فيأخذ إبراهيم بن محمد فيشده وثاقاً ويبعث به إليه في خيل كثيفة، فوجه الوليد إلى عامل البلقاء فأتى إبراهيم وهو جالس في مسجد القرية فأخذه وحمل إلى الوليد، فحمله الوليد إلى مروان فحبسه في السجن بحران، فجرى بينه وبين مروان خطب طويل، وأنكر إبراهيم الإمام كل ما ذكر له مروان من أمر أبي مسلم، فقال له مروان: يا منافق أليس هذا كتابك إلى أبي مسلم جواباً عن كتابه إليك، وأخرج له الرسول فقال: أتعرف هذا. فلما رأى ذلك أمسك وعلم أنه أتي من مأمنه. واشتد أمر أبي مسلم، وكان في الحبس مع إبراهيم جماعة من بني هاشم ومن الأمويين كان مروان يخاف أن يخالفوا عليه، فقيل إنه هجم عليهم في الحبس جماعة من موالي مروان من العجم وغيرهم فدخلوا البيت الذي كانوا فيه، فلما أصبح وجدوا قد أتوا عليهم، وكان منهم غلامان صغيران من خدمهم فوجدا كالموتى، قال المخبر: فلما رأونا أنسوا بنا (1)، فسألناهما عن الخبر فقالا: أما الأمويون (2) فجعلت على وجوههم مخاد وقعدوا فوقها فاضطربوا ثم بردوا، وأما إبراهيم فأدخل رأسه في جراب نورة مسحوقة فاضطرب ساعة ثم خمد، وقيل هدم عليه بيتاً وقيل ألقى عليه قطيفة فقتله غماً وقيل سمه في لبن سقاه إياه.
وفي الحميمة ولد المهدي، وولي ابنه الهادي سنة تسع وستين وستمائة.
حمراء الأسد
(3) :
على ثمانية أميال من المدينة عن يسار الطريق إذا أردت ذا الحليفة، وإليها انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليوم الثاني من يوم أحد لما بلغه أن قريشاً منصرفون إلى المدينة فأقام بحمراء الأسد يومين حتى علم أن قريشاً قد استمرت إلى مكة وقال:" والذي نفسي بيده لقد سومت لهم حجارة لو صبحوا بها كانوا كأمس الذاهب ".
الحمة
(4) :
قلعة حصينة شامخة بجزيرة صقلية، هي من أحسن البقاع، والبحر على ثلاثة أميال منها، ولها مرسى عليه حصن يعرف بالمدارج (5) والمراكب سائرة به راجعة عليه ويصاد به التن بالشباك، وسميت هذه القلعة بالحمة لأن فيها حمة حامية يخرج ماؤها من جرف قريب منها، يستحم الناس فيها، وماؤها رطب وبقربها أنهار وأودية عليها أرحاء وبها بساتين وجنات وأبنية ومتنزهات ومزارع طيبة.
حمة مطماطة
(6) :
مدينة في جهة قصطيلية بمقربة من مدينة قابس ماؤها شروب وبها نخل كثير، وأهلها موصوفون بالنجدة والشهامة.
وعليها كانت الوقيعة لمنصور الموحدين يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن ملك المغرب على الموارقة والأغزاز سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة، لأن المنصور كان تحرك من مراكش إلى البلاد الإفريقية لما بلغه من سوء آثار العرب والموارقة فيها وتحيفهم لبلادها، فاتصل به وهو بتونس ما نال جماعة أصحابه بوطاء
(1) ص ع: فلما رأينا أناساً.
(2)
ص ع: الأميون؛ وحقه أن يقول: الأمويان: الأمويان، لأنه كان في السجين اثنان من بني أمية.
(3)
معجم ما استعجم 2: 468.
(4)
الإدريسي (م) : 24 (والترجمة: 39) وقد وضع أماري مقابلها: Begni Segestani.
(5)
يقول الأستاذ رتزيتانو إن المدارج تقع اليوم في المنطقة المسماة Castellmare del Lido وكذلك هي عند أماري (ص 39 من الترجمة الإيطالية) .
(6)
رحلة التجاني: 134 - 138، وأنظر البيان المغرب (تطوان) 162 - 165.
عمرة من الموارقة والأغزاز في هذه السنة، وكانت وقيعة شديدة على الموحدين أثخن فيهم الموارقة والأغزاز وهزموهم، فامتعض المنصور من ذلك واستبد برأيه، وتحرك من تونس في رجب هذه السنة واشتد على من تخلف عنه، وتمادى إلى القيروان فدخلها وتطوف على آثارها وصلى بجامعها وزار مقبرتها، ولما كان على فرسخين من الحمة هذه وجه خيلاً لمنازل الأعراب الذين مع الموارقة فشنوا الغارة هناك مع الصباح واكتسحوهم وساقوا أموالهم وقفلوا، وبلغ ذلك العرب فارفضت جموعهم وتضعضعت محلة الموارقة بسبب ذلك، ثم ناجز القوم وباشر الحرب بنفسه فاستؤصلت الموارقة في المعترك وأفلت قراقش وابن غانية واتبعهم السيف إلى الليل، ثم توجه إلى قابس فاستسلم أهلها وفتحوا له أبوابها، وأسلموا أصحاب قراقش وشيعته، وكان اتخذها حصناً وشحنها بشيعته وأصحابه، وامتنعت شيعته بقصر العروسين منها يومين، ثم نزلوا إليه من الأسوار راغبين في الأمان، فبعث بهم في البحر إلى تونس ووبخ أهل قابس على اتباع كل ناعق، ثم انحفز إلى توزر فأعلنوا له الطاعة. وفي ذلك يقول أبو بكر بن مجبر:
أسائلكم لمن جيش لهام
…
طلائعه الملائكة الكرام
تجاذب خيله اليمن اغتباطاً
…
بعصمته وتخطبه الشآم
ويعطو المسجد الأقصى إليه
…
ويشرف نحوه البيت الحرام ومنها:
مضى متقلداً سيفي مضاء
…
هما الإلهام والجيش اللهام
فسل ما حل بالأعداء منه
…
وكيف استؤصل الداء العقام
لقد برزت إلى (1) هول المنايا
…
وجوه كان يحجبها اللثام
وما أغنت قسي الغز (2) عنها
…
فليست تدفع القدر السهام
كأن الحرب كانت ذات عقل
…
صحيح لم يحل به سقام
فأفنت كل من دمه حلال
…
وأبقت كل من دمه حرام
متى يك من ذوي الكفر اعتداء
…
يكن من فرقة التقوى انتقام وقال هو أو الجراوي في ذلك أيضاً:
رأى الشقاء ابن إسحاق أحق به
…
من السعادة والمحدود محدود
وكيف يحظى بدنيا أو بآخرة
…
محلأ عن طريق الخير مطرود
أعمى ونور الهدى باد له وكذا
…
من لم يساعده توفيق وتسديد
لم يصغ للوعظ لا قلباً ولا أذناً
…
وكيف تصغي إلى الوعظ الجلاميد
لجت ثمود وعاد في ضلالهم
…
ولم يدع صالح نصحاً ولا هود
والسيف أبلغ فيمن ليس يردعه
…
عن الغواية إيعاد وتهديد
أولى له لو تراخى ساعة لغدا
…
وريده وهو بالخطي مورود
أنحى الزمان على الأعداء (3) واجتهدت
…
في قطع دابرهم أحداثه السود
يوم جدير بتعظيم الأنام له
…
فما يقاس به في حسنه عيد
(1) ع: هون.
(2)
ع ص: العز.
(3)
البيان المغرب: الأغزاز.