الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويذكر قوم ممن سكن الصين أنهم سمعوا أن وراء الصين أمة شقر الألوان حمر الوجوه والشعور، يسكنون أسراباً قد اتخذوها لشدة حر الشمس عندهم، فإذا طلعت دخلوا الأسراب، إلى أن تزول وتغرب فيخرجون. ولا أحد من الصينيين إلا وهو يحفظ أيام عمره، كان شيخاً أو صبياً، وكلهم يكتب، واليتيم أمره إلى السلطان في تعليم الكتاب، ينفق عليه من بيت مال السلطان، فإذا أدرك أخذ منه الجزية، وإذا بلغ الشيخ سبعين إلى الثمانين أجري عليه من بيت المال، وإذا أذنب الشيخ ذنباً يجب عليه فيه القتل، وهو ابن ثمانين سنة، صفح عنه لكبر سنه.
صينية الصين
(1) :
مدينة في أقصى الصين، لا تعدلها مدينة في الكبر وكثرة العامر وسعة التجارات وكثرة البضائع، واجتماع التجار بها من سائر الأقطار ومن بعض المدن الهندية المجاورة (2) للصين، وملكها من بيت الملك ولكنه تحت يد البغبوغ، وهو الملك الأعظم.
صيونة
(3) :
مدينة متصلة بأرض سفالة، متوسطة القدر، وأهلها جماعات من أهل الهند والزنوج وغيرهم، وهم على ضفة النيل، وبها يسكن رئيس هذه المدن، وله عساكر رجالة ولا خيل عندهم، وهم على جون تدخله المراكب المسافرة إليها.
صيدا
(4) :
بأرض الشام، بينها وبين بيروت يومان، وهي على ساحل البحر، وعليها سور حجارة، وتنسب إلى امرأة كانت في الجاهلية، وهي مدينة كبيرة عامرة الأسواق رخيصة الأسعار، محدقة بالبساتين والأشجار، غزيرة المياه، ولها أربعة أقاليم، وهي متصلة بجبل لبنان.
وهي المذكورة في شعر النابغة (5) .
وبصيدا سمك على طول الإصبع تصاد وقت سفادها ثم تجفف، فإذا احتيج إليها أخذت منها الواحدة فسحقت واستفت بالماء، فينعظ الذي يستفها إنعاظاً قوياً وجامع ما شاء لا يصيبه عجز ولا فتور، وهذه السمك صغار على هيئة الوزغ، لها أيد وأرجل صغار.
صيدون
(6) :
جزيرة في البحر المحيط مسيرة شهر في مثله، وكان صيدون ملكاً بها، وكان بصيدون عجائب ومصانع كثيرة وأنهار وأشجار، وكان صيدون ساحراً، وكانت الجن تطيف به وتعمل له العجائب، وكان له في وسط الجزيرة مجلس من ذهب، على عمد من رفيع الجواهر تشرف على جميع الجزيرة، فدل بعض الجن سليمان عليه السلام عليه، فغزاه وخرب الجزيرة، وقتله وقتل أكثر أهلها لأنهم كانوا يعبدونه، وأسر منهم خلقاً فآمنوا، وأسر ابنة صيدون، ولم يكن على وجه الأرض أجمل منها وجهاً، ولا أكمل حسناً وظرفاً، فاصطفاها لنفسه فتزوجها، وكانت تديم البكاء لمفارقتها أباها، فقال لها سليمان عليه السلام: مالي أراك كئيبة، وأنا خير لك من أبيك، وملكي أجل من ملكه؟! قالت: أجل، ولكن إذا ذكرت كوني مع أبي وأنسي به هاج ذلك لي حزناً ووجداً، فلو أمرت الشياطين أن يصوروا لي صورته، لعلي إذا رأيتها سلوت عنه، فأمر الشياطين فعملوا لها صورة في مجلس مثل المجلس الذي كان فيه، وكان الشيطان يصحب أباها، وهو الذي أشار عليها بذلك، فكان ذلك المجلس والصورة في مقاصيرها التي صنع لها سليمان، وقد غرس لها فيها بدائع الأشجار، وفجر فيها الأنهار، في قني ذهب وفضة مطوقة بأصناف الجواهر، فعمدت إلى صورة أبيها فألبستها أصناف الحرير والثياب المنسوجة بالذهب، وجعلت على رأسه إكليلاً من الجوهر النفيس، وألبسته تاجاً منظوماً بالجوهر الفاخر الملون، وجعلت حوله مساند الديباج المذهب، ونثرت عليه سحيق المسك، وأوقدت بين يديه دخن العنبر وضروب الطيب، وفرشت بحذائه - على بعد منه - أصناف الأفاويه والرياحين، وكانت تدخل عليه بكرة وعشية، فتسجد له مع وصائفها وخدمها، كما كانت تصنع لأبيها، وكان قد دخل في هذا الصنم شيطان، فخاطب المرأة بلسان أبيها يقول: قد أحسنت فيما فعلت، وما فقدت بك شيئاً، فاتصل أمرها بآصف
(1) نزهة المشتاق: 71 (OG: 211) .
(2)
ع: المجاورين؛ ص: والمجاورين.
(3)
نزهة المشتاق: 25 (OG: 68)، وقارن بما ورد عند ابن سعيد في بسط الأرض: 15، وقد حاول الباحثون المحدثون تحديد موقعها، فمنهم من اعتبرها (sena) الواقعة على أحد روافد نهر زمبيري ومنهم من قدر أنها هي موزمبيق.
(4)
نزهة المشتاق: 115، وصبح الأعشى:111.
(5)
يشير إلى قوله:
لأن كان للقبرين قبر بجلق
…
وقبر بصيداء التي عند حارب وقال ياقوت: إن صيداء هذه موضع بحوران.
(6)
البكري (مخ) : 38، وانظر الثعلبي: 322، والطبري 1:586.
بن برخيا، وكان كاتب سليمان ومن أهله، وهو الذي كان عنده علم الكتاب، وهو الذي أحضر عرش بلقيس، وكان علم موضع المرأة من قلب سليمان وحبه لها، فلم يدر كيف يتوصل لتعريفه بما أحدثت عنده، إلى أن اتجه له ذلك، فقال: يا نبي الله، إني قد كبرت ولا آمن الموت، وقد أردت أن أقوم مقاماً أذكر فيه الأنبياء وأثني عليهم، فتأمر بإحضار الناس ووجوه بني إسرائيل، فأجابه سليمان عليه السلام إلى ذلك، فقام آصف على المنبر فخطب، فحمد الله تعالى وأثنى عليه، وأقبل يذكر الأنبياء نبياً نبياً، ويثني عليه في صغره وفي كبره ومدة أيامه، إلى أن بلغ داود عليه السلام، فأثنى عليه واستغفر له، ثم ذكر سليمان، فأثنى عليه في صغره خاصة ولم يذكره في كبره، ولا ذكر شيئاً من أيامه بخير ولا شر، فأحفظ ذلك سليمان عليه السلام، فاستدعاه خالياً، ووقفه على ذلك، فقال: ذكرت ما علمت، فلما ألح عليه قال: وبم استحللت أن أثني عليك في أيامك، وغير الله يعبد في دارك منذ أربعين يوماً؟! ما هذا جزاء نعمته عندك ولا شكر تمليكه لك، فارتاع لذلك سليمان عليه السلام، وقام فعاقب المرأة، وكسر الصنم، وهرب شيطانه، فظفر به فسجنه، وفتن سليمان بذلك، وأخذت الجن خاتمه، وخرج من ملكه، وكان يطوف في بني إسرائيل فينكرونه، ثم رد الله تعالى عليه ملكه وخاتمه بعد أربعين يوماً، وهي مدة الأيام التي سجدت المرأة فيها للصنم، ثم إن المرأة تابت وصح إسلامها، وكان ولد سليمان علية السلام منها، وذكروا أن اسمها جرادة.