الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال عبد الله بن قرط: عسكر أبو عبيدة ونحن معه حول حمص نحواً من ثمان عشرة ليلة وبث عماله في نواحي أرضها واطمأن في عسكره. وبحمص مات خالد بن الوليد رضي الله عنه سنة إحدى وعشرين، وقيل بل مات في المدينة وصلى عليه عمر رضي الله عنه.
وبين حمص وسلمية ستة فراسخ، ويقال إن أهل حمص أول من ابتدع الحساب في سالف الزمن، لأنهم كانوا تجاراً يحتاجون إلى الحساب في أرباحهم ورؤوس أموالهم ونفقاتهم، ويقال إنه لا يدخل حمص حية ولا عقرب، وليس لها سور، وفي وسطها حصن مستدير، وأكثر مدينة حمص اليوم خراب، وشرقي مدينتها البرية، ويقال: إن أبقراط الفاضل كان مسكنه مدينة حمص.
وقال قتادة: أخبرت أنه نزل حمص خمسمائة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل نزلها من بني سليم ممن صحب النبي صلى الله عليه وسلم أربعمائة.
وأهل هذه (1) البلدة موصوفون بالنجدة والتمرس بالعدو لمجاورتهم له، وبعدهم في ذلك أهل حلب. وقبليها قلعة حصينة منيعة، وشرقيها جبانة فيها قبر خالد بن الوليد سيف الله المسلول ومعه قبر ابنه عبد الرحمن وقبر عبد الله بن عمر رضي الله عنهم. وأسوار هذه المدينة غاية في العتاقة والوثاقة مبنية بالحجارة السود وأبوابها حديد سامية الأشراف هائلة المنظر تكتنفها الأبراج الحصينة، وفي داخلها ما شئت من بادية شعثاء، وما ظنك ببلد حصن الأكراد منه على أميال يسيرة وهو معقل العدو، وبها مدرسة واحدة.
واشبيلية بالأندلس تسمى حمص أيضاً، ولبعض المتأخرين ينسب عثمان بن عتيق إلى انتحال أشعار الناس:
يا أهل ترشيش ألا حاكم
…
يحكم في السارق بالنص
قد جاءكم من جمة شاعر
…
وشعره يأتيه من حمص يعني اشبيلية.
حماة
(2) :
من كور حمص بالشام، وهي مدينة طيبة في وسطها نهر يسمى العاصي، وفيه قيل:
ولما جرى العاصي وطيع أدمعي
…
لدى الناس قال الناس أيهما النهر وهذا النهر عظيم عليه جسور يعبر عليها، وعليه نواعير كثيرة تخرج الماء إلى ما على جانبيه من غيطان المدينة، وبينها وبين كفر طاب أربعون ميلاً، ومن حمص إلى حماة مثلها، وهي قديمة البناء، وربضها (3) كبير وفيه الحمامات (4) والديار، وبها جامعان وثلاث مدارس ومارستان على شط النهر بازاء الجامع الصغير، وبخارج البلد بسيط فسيح عريض فيه شجر الأعناب والمزارع والمحارث والبساتين على شطي النهر، وهو العاصي لأن ظاهر انحداره من أسفل إلى علو ومجراه من الجنوب إلى الشمال وهو يجتاز على قبلي حمص وبمقربة منها.
الحميمة:
بلفظ التصغير، قرية من كور دمشق من أعمال البلقاء، أقطعها عبد الملك بن مروان لعلي بن عبد الله بن العباس رضي الله عنهم فكان يسكنها، وفيها كان إبراهيم بن محمد الإمام مستتراً في مدة مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية.
فإنه لما (5) قوي أمر أبي مسلم داعي بني العباس وغلب على أكثر خراسان وضعف أمر نصر بن سيار وعدم النجدة خرج عن خراسان حتى أتى الري ثم خرج عنها فنزل ساوة بين بلاد همذان والري فمات بها كمداً، وكان لما صار بين الري وخراسان كتب كتاباً إلى مروان يذكر فيه خروجه عن خراسان وإن هذا الأمر الذي أزعجه سيزيد حتى يملأ البلاد، وضمن ذلك هذا الشعر:
إنا وما نكتم من أمرنا
…
كالثور إذ قرب للباخع
(1) من هنا منابع لابن جبير: 258.
(2)
صبح الأعشى 4: 140.
(3)
من هنا متابع لابن جبير: 257.
(4)
ابن جبير: الخانات.
(5)
النقل عن مروج الذهب 6: 68.