الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأكلوه، وليس لهؤلاء القوم ملك، وغذاؤهم السمك والموز والنارجيل وقصب السكر، ولهم مواضع يأوون إليها شبيهة بالغياض والآجام وأكثر نباتهم الخيزران، وهم عراة لا يستترون بشيء وكذلك نساؤهم أيضاً، لا يستترون في النكاح بل يأتونه جهاراً ولا يرون بذلك بأساً، وربما فعل الرجل منهم بابنته وأخته وليس يرى بذلك عاراً ولا قبيحاً، وهم سود مناكير الوجوه مفلفلو الشعور طوال الأعناق والسوق مشوهو الوجوه جداً.
جابة
(1) :
جزيرة من جزر الهند أيضاً تلي جزيرة كله، ولها ملك اسمه جابة وقد تكون سميت به، وهو يلبس حلة الذهب وقلنسوة الذهب مكللة بالدر والياقوت، ودراهمه مطبوعة بصورته، وهو يعبد البد، والبدود هي الكنائس بلغة أهل الهند، وبد الملك حسن البناء والهيئة، وفي داخل البد أصنام من كل جهة مصنوعة من حجارة الرخام وعلى رؤوسها التيجان المكللة بالذهب، وصلاتهم في هذه الكنائس غناء وتلحين وتصفيق لطيف بالأكف وزفن الجواري الحسان ولعبهن فيكون ذلك كله بين أيدي المصلين والمجتمعين في البد، ولكل بد من تلك الجواري عدة يأكلن ويلبسن من مال البد، وإن المرأة إذا ولدت بنتاً حسنة الصورة جميلة القد تصدقت بها على البدود وإذا ترعرعت وشبت كستها أبلغ ما تقدر عليه من الثياب وأخذت أمها بيدها، وحولها أهلها نساء ورجالاً، وسيرتها إلى البد الذي تصدقت بها عليه وتدفعها إلى خدامه وتنصرف، فإذا صارت الطفلة بيد خدام البد دفعوها إلى نساء عارفات بالزفن وجمل اللعب مما تحتاج إليه، فإذا قبلت التعليم لبست أفضل الثياب وحليت بأرفع الحلى ولزمت البد ولم يكن لها خروج عنه ولا زوال، وكذلك سنة الهنديين الذين يعبدون البدود. وبهذه الجزيرة شجر النارجيل كثير والموز المتناهي طيباً وكثرة وبها قصب السكر والأرز.
جامة:
من بلاد الإفريقية (2) .
الجاثليق
(3) :
من أرض السواد بالعراق وفيه نزل عبد الملك بن مروان حين توجه إلى لقاء مصعب بن الزبير وذلك سنة اثنتين وسبعين، وهو في عساكر مصر والجزيرة والشام، وجاء مصعب في أهل العراق فالتقيا بمسكن، قرية من أرض العراق على شاطئ دجلة، وكاتب عبد الملك رؤساء أهل العراق ممن كان مع مصعب سراً يرغبهم ويرهبهم، وكان إبراهيم بن الأشتر على مقدمة مصعب، فاقتتلوا حتى غشيهم المساء وقتل إبراهيم بن الأشتر بعد أن نكا فيهم، وسار عبد الملك حتى نزل دير الجاثليق ثم تصاف القوم، فأفرد مصعب وتخلى عنه من كان معه من مضر واليمن، وبقي في سبعة نفر منهم إسماعيل بن طلحة بن عبيد الله وابنه عيسى بن مصعب، فقال له أبوه مصعب: يا بني اركب فرسك والحق بعمك ودعني فإني مقتول، فقال له: لا والله لا تتحدث نساء قريش أني فررت عنك ولا أحدثهم عنك أبداً، فقال له المصعب: أما إذ أبيت فتقدم أحتسبك، فتقدم عيسى فقاتل حتى قتل، وأمر عبد الملك أخاه محمداً أن يمضي إلى مصعب فيؤمنه ويعطيه عنه ما أراد، فمضى محمد فوقف قريباً من مصعب ثم قال: يا مصعب هلم إلي أنا ابن عمك محمد بن مروان، قد أمنك أمير المؤمنين على نفسك ومالك وكل ما أخذت وأن تنزل أي البلاد شئت ولو أراد بك غير ذلك لأنزله بك فأنشدك الله في نفسك، وأقبل رجل من أهل الشام إلى عيسى بن مصعب ليحتز رأسه فعطف عليه مصعب فقده وعرقب فرس مصعب وبقي راجلاً، وأقبل إليه عبيد الله بن زياد بن ظبيان فاختلفا ضربتين سبقه مصعب بالضربة إلى رأسه، وكان مصعب قد اثخن بالجراح، وضربه عبيد الله فقتله واحتز رأسه وأتى به عبد الملك فسجد وقبض عبيد الله على قائم سيفه فاجتذبه من غمده حتى أتى على أكثره سلاً ليضرب به عبد الملك حال سجوده ثم تذمم واسترجع، وكان يقول بعد ذلك: ذهب الفتك من الناس إذ هممت ولم أفعل، فأكون قد قتلت عبد الملك ومصعباً ملكي العرب في ساعة واحدة، وتمثل عبيد الله عند مجيئه برأس مصعب رضي الله عنه:
نعاطي الملوك الحق ما قسطوا لنا
…
وليس علينا قتلهم بمحرم وقال عبد الملك: ما تلد قريش مثل مصعب، فأمر عبد الملك بمصعب وابنه فدفنا بدير الجاثليق. وفي مصرع مصعب بدير الجاثليق يقول عبيد الله بن قيس الرقيات (4) :
(1) نزهة المشتاق: 29، وابن الوردي:67.
(2)
في ع بياض بمقدار سطرين بعد هذا.
(3)
حقه أن يرد في باب الدال لأن اسم المكان ((دير الجاثليق)) ، والنص عن مروج الذهب 5:242.
(4)
ديوانه: 196.