الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بلد للإسلام، وعلى مقربة من أسوان، جنوباً من النيل، جبل في أسفله معدن الزمرد وفي برية منقطعة من العمارة، ولا يوجد الزمرد في شيء من الأرض بأجمعها إلا فيه وله طلاب كثيرة، ومن هذا المعدن يخرج ويتجهز به إلى سائر البلاد؛ وأما معدن الذهب فمن أسوان إليه نحو خمسة عشر يوماً من شرق وشمال، ويتصل بأسوان من جهة المغرب الواحات وهي الآن خالية لا ساكن بها وكانت فيما سلف عامرة والمياه تخترق أرضها وبها معز وغنم قد توحشت فهي تتوارى من الناس وتصاد كما يصاد الحيوان البري.
ومن أسوان الطريق إلى عيذاب، وعيذاب مدينة على ضفة البحر المغربي المعروف ببحر القلزم، ومن عيذاب يعبر إلى ساحل الحجاز إلى جدة، ومن عيذاب يسلك إلى اليمن والهند وغير ذلك من البلاد.
وأهل أسوان عرب من قحطان وربيعة ومضر وقريش ناقلة من الحجاز، وهو خصيب كثير النخل توضع النواة في تربته فتنبت نخلة تثمر لسنتين تمراً، وببلاد البصرة وغيرها لا يغرس النخل إلا من الفسيل وما يخرج من النواة فليس يثمر، وكان لقمان عليه السلام عبداً نوبياً أسود ذا مشافر، ومن النوبة النساء المعروفات بالمقورات لا يقدر أحد على افتضاض أبكارهن ولا مباشرتهن حتى يفتق القوابل من قبلها بقدر ما يحتاج للوطء، وهن أطيب النساء خلوة، فإذا حملت المرأة منهن وأقربت زاد القوابل في شق ذلك المكان فإذا وضعت حملها عادت تلك الزيادة بالأدوية الملحمة حتى يلتئم، أخبر بذلك الثقات.
اسلي
(1)
مدينة في شرقي ارشجول وبمقربة من وهران من أرض المغرب، وهي مدينة قديمة عليها سور صخر وكانت حصينة، ولها نهر يسقي بساتينها وثمارها.
أسيوط
(2)
مدينة على الضفة الغربية من نيل مصر وهي كبيرة عامرة آهلة جامعة لضروب المحاسن كثيرة الجنات والبساتين واسعة الأرضين جميلة حسنة بينها وبين اخميم صاعداً من النيل نصف مجرى.
اسقيريا
(3)
مدينة من مدن الصين على نهر، وهي عامرة وبها ملوك وسادات وجلة وعمال، وبها مجمع أموال الصين التي تصل إلى ملكها الأكبر بعد تخليصها من جميع النوايب، لأن جميع التجارات (4) المجموعة في بلاد الصين براً وبحراً يصل بها عمالها إلى مدينة اسقيريا هذه فيدفعونها هنالك إلى عمال وأمناء يخلصونها ويحاسبون بها وعليها ثم ينصرف العمال إلى بلادهم، فإذا اجتمعت الأموال. بمدينة اسقيريا وكان الوقت المعلوم من العام المؤرخ عندهم جمعت تلك الأموال بأسرها ورفعت إلى مدينة باجة، وهي مدينة الملك الأعظم (5) فيستودع هنالك المال الذي جيء به في خزائن الملك البغبوغ، وهذه سيرة دائمة لا تنقطع، ولا يصل إلى بيت مال الملك شيء يحتاج فيه إلى الإخراج منه إنما يوصل إليه ما كان مخلصاً من جميع النوائب. وأهل اسقيريا يرمون موتاهم في النهر ولا يدفنونهم ألبتة.
اشبيلية
(6)
مدينة بالأندلس جليلة بينها وبين قرطبة مسيرة ثمانية أيام ومن الأميال ثمانون، وهي مدينة قديمة أزلية يذكر أهل العلم باللسان اللطيني ان أصل تسميتها اشبالي معناه المدينة المنبسطة ويقال إن الذي بناها يوليش القيصر وإنه أول من تسمى قيصر، وكان سبب بنيانه إياها أنه لما دخل الأندلس ووصل إلى مكانها أعجبه كرم ساحته وطيب أرضه وجبله المعروف بالشرف، فردم على النهر الأكبر مكاناً وأقام فيه المدينة وأحدق عليها بأسوار من صخر، وبنى في وسط المدينة قصبتين متقنتين عجيبتي الشأن تعرفان بالأخوين، وجعلها أم قواعد الأندلس واشتق لها اسماً من اسمه ومن اسم رومية فسماها رومية يوليش. ويقال إن اشبانية اسم خاص ببلد اشبيلية الذي كان ينزله اشبان بن طيطش وباسمه سميت الأندلس اشبانية، ولم تزل معظمة عند العجم من ذلك الوقت، وقد كان فيها رجال ولوا قيادة العجم العظمى
(1) الاستبصار: 134.
(2)
الإدريسي (د) : 48.
(3)
نزهة المشتاق: 69، وفي الأصل ((اسفيريا)) بالفاء، وتكتب في نزهة المشتاق أيضاً ((اسقيرا)) .
(4)
نزهة: الجبايات.
(5)
نزهة: العظمى.
(6)
بروفنسال: 18 والترجمة: 24 (Sevilla) والبكري (ح) : 107.
والمملكة بمدينة رومية، وروي (1) أن المرأة التي قتلت يحيى بن زكريا عليه السلام من اشبيلية من قرية طالقة.
وهي كبيرة (2) عامرة لها أسوار حصينة وسوقها عامرة وخلقها كثير وأهلها مياسير، وجل تجاراتهم الزيت يتجهزون به إلى المشرق والمغرب براً وبحراً، يجتمع هذا الزيت من الشرف، وهو مسافة أربعين ميلاً كلها في ظل شجر الزيتون والتين، أوله مدينة اشبيلية وآخره مدينة لبلة، وسعته اثنا عشر ميلاً وفيه ثمانية آلاف قرية عامرة بالحمامات والديار الحسنة، وبين الشرف واشبيلية ثلاثة أميال.
ومدينة اشبيلية موفية على النهر وهو في غربيها. ويذكر في بعض الأخبار أن اشبان بن طيطش من ذرية طوبيل بن يافث بن نوح كان أحد أملاك الاشبانيين خص بملك أكثر الدنيا وان بدء ظهوره كان من اشبيلية فغلظ أمره وبعد صيته وتمكن في كل ناحية سلطانه، فلما ملك نواحي الأندلس وطاعت له أقاصي البلاد خرج في السفن من اشبيلية إلى إيليا فغنمها وهدمها وقتل بها من اليهود مائة ألف وسبى مائة ألف وفرق في الأرض مائة ألف، وانتقل رخامها إلى اشبيلية وماردة وباجة، وانه صاحب المائدة التي الفيت بطليطلة وصاحب الحجر الذي وجد بماردة وصاحب قليلة الجوهر التي كانت بماردة أيضاً على حسب ما ذكر في فتح الأندلس، وأنه حضر خراب بيت المقدس الأول مع بخت نصر وحضر الخراب الذي كان مع قيصر بشبشيان، واذريان قيصر يذكر أنه من طالقة اشبيلية. وفي سنة عشرين من دولته اتفق بنيان إيليا، وكان من مضى من ملوك الأعاجم يتداولون بمسكنهم أربعة من مدن الأندلس: اشبيلية وماردة وقرطبة وطليطلة، ويقسمون أزمانهم على الكينونة بها.
وكان سور اشبيلية من بناء الإمام عبد الرحمن بن الحكم بناه بعد غلبة المجوس عليها بالحجر، وأحكم بناءها، وكذلك جامعها من بنائه، وهو من عجيب البنيان وجليلها، وصومعته بديعة الصناعة غريبة العمل، أركانها الأربعة عمود فوق عمود، إلى أعلاها، في كل ركن ثلاثة أعمدة فلما مات عبد الرحمن بن إبراهيم بن حجاج في محرم سنة إحدى وثلثمائة قدم أهلها أحمد بن مسلمة وكان من أهل البأس والنجدة فأظهر العناد وجاهر بالخلاف، فأخرج إليه عبد الرحمن قائداً بعد قائد حتى افتتحها عليه بدر الحاجب سنة إحدى وثلثمائة واستعمل عليها سعيد بن المنذر المعروف بابن السليم، فهدم سورها وألحق أعاليه بأسفله وبنى القصر القديم المعروف بدار الإمارة وحصنه بسور حجر رفيع وأبواب منيعة، وبني سور المدينة في الفتنة بالتراب.
وباشبيلية آثار للأول كثيرة، وبها أساطين عظام تدل على هياكل كانت بها. واشبيلية من الكور المجندة، نزلها جند حمص ولواؤهم في الميمنة بعد لواء جند دمشق، وهي من أمصار الأندلس الجليلة الكثيرة المنافع العظيمة الفوائد.
ويطل على اشبيلية جبل الشرف، وهو شريف البقعة كريم التربة دائم الخضرة، فراسخ في فراسخ طولاً وعرضاً لا تكاد تشمس منه بقعة لالتفاف زيتونه واشتباك غصونه، وزيته أطيب الزيوت كثير الرفع (3) عند العصر لا يتغير على طول الدهر، ومن هناك يتجهز به إلى الآفاق براً وبحراً. وكل ما استودع أرض اشبيلية وغرس فيها نمى وزكا وجل، والقطن يجود بأرضها ويعم بلاد الأندلس ويتجهز به التجار إلى إفريقية وسجلماسة وما والاها، وكذلك العصفر بها يفضل عصفر الآفاق. وبقبلي مدينة اشبيلية بساتين تعرف بجنات المصلى وبها قصب السكر، وفي آخر نهر اشبيلية من كلتا جانبيه جزائر كثيرة يحيط بها الماء كلأها قائم لا يصوح لدوام ندوتها ورطوبة أرضها، ويصلح نتاجها وتدوم ألبانها ويمتنع ما فيها من الحافر والظلف على العدو فلا يصل إليه أحد، وهذه الجزائر تعرف بالمدائن وبعضها يقرب من البحر.
وفي سنة سبع وتسعين وخمسمائة في جماداها الآخر كان السيل العظيم الجارف باشبيلية المربي على كل سيل وهو مذكور في الثاني من " جالي الفكر " في أول ورقة منه سنة سبع وتسعين وخمسمائة فانقله من هناك.
(1) بروفنسال: وروى ابن وضاح.
(2)
الإدريسي (د) : 178.
(3)
ص ع: الدفع.