الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جوفي وحواليها بسائط عريضة للزرع والضرع، وحولها عدة من القبائل من البربر مطغرة وبني يفرن وغيرهم، وبينها وبين البحر ستة أميال.
ولعل أحمد بن عبد السلام الجراوي (1) شاعر بني عبد المؤمن من هذه المدينة إذ كان يدعى الجراوي، ويقال إنه مدح في صباه عبد المؤمن ثم مدح ابنه يوسف وابنه يعقوب المنصور ومحمداً الناصر بن المنصور، وتوفي في عام العقاب سنة تسع وستمائة، وكان حافظاً وصنف للمنصور يعقوب مجموعاً من أشعار الناس رتبه على أبواب " الحماسة " وكان غيوراً على الشعر حسوداً للشعراء ناقداً عليهم غير مسلم لأحد منهم.
الجزائر
(2) :
من أشير إلى جزائر بني مزغنا، وبين مدينة شرشال والجزائر سبعون ميلاً، والجزائر مدينة جليلة قديمة البناء فيها آثار للأول، ومتيجة (3) قريبة منها، وتدل الآثار العجيبة التي بالجزائر على أنها كانت دار مملكة لسالف الأمم؛ وصحن دار الملعب فيها قد فرش بحجارة ملونة صغار مثل الفسيفساء وفيها صور الحيوان بأحكم عمل وأبدع صناعة لم يغيرها تقادم الأزمان ولا تعاقب القرون، ولها أسواق ومسجد جامع، وكانت بها كنيسة عظيمة بقي منها جدار هو اليوم قبلة شريعة العيدين مفصص كثير النقوش والصور، ومرساها مأمون به عين عذبة يقصدها أصحاب السفن من إفريقية والأندلس وغيرهما.
والجزائر (4) على ضفة البحر، وشرب أهلها من عيون على البحر عذبة ومن آبار، وهي عامرة آهلة وأسواقها قائمة، وفي جبالها قبائل البربر وزراعاتهم الحنطة والشعير، وأكثر أموالهم المواشي البقر والغنم، ويتخذون النحل كثيراً والعسل والسمن في بلدهم كثير ولذلك يتجهز به منها إلى الأقطار المجاورة لها والمتباعدة عنها، وأهلها قبائل ولهم حزم وفيهم منعة (5) .
ويتصل بجزائر بني مزغنا فحص متيجة وهو فحص عظيم كثير الخصب والقرى والعمائر تشقه الأنهار، وهو نحو مرحلتين في مثلها وقد أحدقت به جبال مثل الاكليل.
جزيرة العرب:
في الحديث: " لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، لا يبقين دينان في جزيرة العرب ". قيل جزيرة العرب مكة والمدينة واليمامة واليمن، والعرج أول تهامة، وقيل جزيرة العرب ما بين حفر أبي موسى إلى أقصى اليمن في الطول، وأما العرض فما بين رمل يبرين إلى منقطع السماوة، وحفر أبي موسى على خمس مراحل من البصرة.
وقال الأصمعي (6) :
جزيرة العرب من أقصى عدن أبين إلى ريف العراق في الطول، وأما العرض فمن جدة وما والاها من ساحل البحر إلى أطرار الشام. قالوا: وكانت أرض العرب خاوية ليس في تهائمها ونجدها وحجازها كثير أحد لإخراب بختنصر إياها وإخلائها من أهلها إلا من اعتصم برؤوس الجبال والشعاب. وبلاد العرب هي التي صارت في قسم من أنطق الله عز وجل باللسان العربي حين تبلبلت الألسن ببابل في زمن نمرود، وإنما سمتها العرب جزيرة (7) لإحاطة البحار والأنهار بها من أقطارها وصاروا منها في مثل الجزيرة، لأن الفرات أقبل من بلاد الروم فظهر بناحية قنسرين ثم انحط عن الجزيرة وهي ما بين الفرات ودجلة وعن سواد العراق حتى وقع في البحر من ناحية البصرة والأبلة، وامتد البحر من ذلك الموضع مغرباً مطيفاً ببلاد العرب منعطفاً عليها فأتى منها على سفوان وكاظمة، ونفذ إلى القطيف وهجر وأسياف عمان والشحر، وسال منه عنق إلى حضرموت وناحية أبين وعدن ودهلك، واستطال ذلك العنق فطعن في تهائم اليمن ببلاد حكم والأشعريين وعك ومضى إلى جدة ساحل مكة، وإلى الجار ساحل المدينة وإلى ساحل تيماء حتى بلغ إلى قلزم بمصر وخالط بلادها، وأقبل النيل في غربي هذا من أعلى بلاد السودان مستطيلاً معارضاً البحر حتى وقع في بحر مصر والشام، وأقبل ذلك البحر من مصر حتى بلغ بلاد فلسطين فمر بعسقلان وسواحلها وأتى على صور ساحل الأردن وعلى بيروت وغيرها من سواحل دمشق، ثم نفذ إلى ساحل حمص وسواحل قنسرين ثم يجيء حتى يخالط الأرض التي أقبل منها الفرات منحطاً عن أطراف قنسرين والجزيرة إلى سواد العراق.
(1) تقدم ذكره في مادة ((تادلي)) ، والأغلب أنه منسوب إلى كورايا أو جراوة أو كرواة (بالكاف والجيم المعقودة) وهي قبيلة كانت تقطن ضواحي فاس.
(2)
البكري: 66، والاستبصار:132.
(3)
ص ع: وسبخة؛ ومتيجة فحص سيتحدث عنه المؤلف في هذه المادة نفسها.
(4)
الإدريسي (د/ ب) : 89/ 62.
(5)
الإدريسي: ولهم حرمة مانعة.
(6)
معجم ما استعجم 1: 6، والبكري (مخ) : 2، وصبح الأعشى 4:294.
(7)
متابع للبكري وصفة جزيرة العرب: 47 وانظر ياقوت: (جزيرة العرب) .