الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد ذكره البحتري في قصيدته التي يرثي بها المتوكل فقال:
محلّ على القاطول أَخْلَقَ داثرُهْ
…
وكان المعتصم (1) لما ارتاد موضعاً مرَّ بالقاطول فقال: هذا أصلح المواضع فصير الدير المعروف بالقاطول وسط المدينة، وجعل البناء على دجلة وعلى القاطول، وابتدأ البناء وأقطع القواد والكتّاب والناس، فبنوا حتى ارتفع البناء، واختطت الأسواق على القاطول وعلى دجلة وسكن هو في بعض ما بني له، ثم قال: أرض القاطول غير طائلة والبناء بها صعب، ثم ركب يتصيد فمرَّ في سيره إلى سرَّ من رأى، وهي صحراء لا عمارة بها ولا أنيس إلا ديراً للنصارى فبنى فيه مدينة سر من رأى على ما مرَّ في موضعه، والقاطول على خمسة فراسخ من سامرّا.
القاهرة
(2) :
هي قاعدة الملوك المصريين ودار ملكهم في البلاد المصرية، وهي مدينة محدثة من بناء العبيديين الشيعة الذين كانوا بها وبينها وبين مصر ثلاثة أيام وهي مدينة كبيرة فيها من القصور والمباني ما يعجز الوصف عنه.
وكان الحاكم بأمر الله منهم بنى بين الفسطاط والقاهرة مسجداً عظيماً على ثلاثة مشاهد كانت هناك، وجعل فيه سدنة وخدمة يوقدون فيه السرج الليل كله وذكر أنه كان أراد أن ينقل إليه جسد النبي صلى الله عليه وسلم وقد كان توجهت له الحيلة في ذلك، غير أن الله سبحانه دفع، وأظهر الله عز وجل أهل المدينة على ذلك وقاية لرسوله صلى الله عليه وسلم وكان بذل الأموال لرجال من شيعته فمشوا إلى المدينة فاشتروا بها داراً وأخذوا ذرع ما بين الدار والقبر واحتفروا سرباً عظيماً حتى كادوا يصلون إلى القبر المكرم فأطلع الله تعالى أهل المدينة على ذلك فقتلوا أولئك الفعلة ومثلوا بهم وردموا ذلك الحفير بالحجار وأفرغوا عليه الرصاص فلا يطمع أحد في الوصول إلى مثل ذلك.
قاشا
(3) :
مدينة بالصين أهلها خوارج عن مذهب أهل الصين. وهم يحرقون موتاهم بالنار كما يفعله أهل الهند.
قاشان
(4) :
من مدن هراة، وهي مدينة كبيرة كثيرة الأسواق والصنائع وأهلها مياسير ولهم همم في ملابسهم وزيهم، وهي قليلة الأشجار والمياه.
قابس
(5) :
مدينة من بلاد إفريقية بينها وبين القيروان أربع مراحل، وتعد من البلاد الجريدية، وبينها وبين طرابلس ثمانية أيام وهي مدينة كبيرة قديمة عليها سور صخر جليل من بناء الأول، ولها حصن حصين وأرباض واسعة، وفيها فنادق وحمامات، وقد أحاط جميعها خندق كبير يجري إليه الماء إذا خافوا من نزول عدو عليهم، فيكون أمنع شيء، ولها واد يسقي بساتينها وأرضها ومزارعها، وأصل هذا الوادي من عين خرّارة في جبل بين القبلة والغرب، وهو يصب في البحر. وبين مدينة قابس وبين البحر نحو ثلاثة أميال وأكثر جناتها فيما بينها وبين البحر، وهي كثيرة الثمار والتمر والموز بها كثير وليس بإفريقية موز إلا فيها وفيها شجر التوت كثير، ويربى بها الحرير وحريرها أطيب الحرير وأرقه وليس يعمل بإفريقية حرير إلا بها.
وهي مدينة بحرية صحراوية لأن الصحراء منها قريبة، فيقال إنه ما اجتمع في مائدة رجل ثلاثة أشياء متضادة المواضع إلا في مائدة من سكن قابس: يجتمع فيها الحوت الطري، ولحم الغزال الطري والرطب الجني، فهي حاضرة هذا الإقليم وقطبه.
ومن كلام الناس: قابس دمشق المغرب.
وماء قابس (6) شروب يستسيغه أهلها، وبغابتها (7) أشجار وجنات وكروم وزيتون كثير، ويتجهز بزيته إلى النواحي وبها نخل ملتف ورطب لا يعدله شيء في طيبه، وأهلها يجنونه طريّاً ثم
(1) عن اليعقوبي: 256 - 257.
(2)
في صبح الأعشى 3: 344 نقل عن الروض.
(3)
نزهة المشتاق: 71 (OG: 213) ويحددها بأن بينها وبين باجه عشر مراحل، وبينها وبين أبشيهار (أو: بشهيار) ثمان مراحل.
(4)
كذلك هي في نزهة المشتاق: 142 وعنه ينقل مؤلف (وفي ع: قاسان) ، وليس لدى الجغرافيين الآخرين مثل هذه التسمية، ويقول الإدريسي أن هذه المدينة ((قدرها أصغر من مالين)) وذلك يقابل ((باشان)) - بالباء - عند ابن حوقل: 368 الذي يصف باشان أيضاً بأنها ((قليلة البساتين)) وهذا يماثل قول الإدريسي ((وهي قليلة الأشجار)) أما الإدريسي فيقول أيضاً إنها كانت قليل المياه، وابن حوقل يصفها بكثرة المياه؛ وما دام الحديث عن مدينة من مدن هراة فالأرجح أنها هي ((باشان)) ، وانظر ياقوت:(باشان) .
(5)
الاستبصار: 112، وقارن بالبكري: 17، والإدريسي (د) :106.
(6)
الإدريسي (د/ ب) : 106 - 107/ 77.
(7)
انظر وصف هذه الغابة في رحلة التجاني: 86.
يودعونه دنانات فيخرج بعد مدة له عسلية لا يقدر على تناولها إلا بعد زوال تلك العسلية ثم لا يحاكيه شيء من التمر في طيب مذاقه وتعلكه، ومرساها لا يستر من ريح، إنما ترسي القوارب بواديها، وهو نهر صغير يدخله المد والجزر قالوا: وفي أهلها قلة ذمامة، ولهم زي ونظافة وفي باديتها عتوّ وفساد وقطع سبيل.
وقال أبو عبد الله الحنفي:
قَلوصي إلى الترحال طال نزوعها
…
لها كل يوم أن تشد نسوعها
إلى أن أحلتني لحيني بقابس
…
فصادفني ضنك الحجاز وجوعها
أُعاين فيها كلّ أسودَ كالح
…
يلوح على الأسنان منه رجيعها
بمجلس قاض يدَعي علم شرعة
…
ويعزب عنه أصلها وفروعها
ولولا بنو الإفضال من آل مسلم
…
فإن لهم عندي يداً لا أضيعها
سللتُ حسامَ الهجو فيهم فإن لي
…
به ضربات لا يفل صدوعها وبقابس قصر العروسين (1) وهو من البناءات المشهورة، وكان بناه بنو رشيد من العرب الذين وجههم العبيديون إلى إفريقية، منهم مدافع بن رشيد بن مدافع بن جامع أناب إلى عبد المؤمن بن علي لما طلع إلى إفريقية وأسكنه قابس، وكان هؤلاء العرب تأخروا عن طاعته، وواليهم يومئذ مدافع بن رشيد الدهماني، وهم من سليم فألطفهم (2) ورفق بهم واستدعاهم بأشعار خاطبهم بها، وتلوم (3) عليهم فلم يصل منهم جواب، فبعث إليهم بعسكر عليهم ابنه عبد الله، وأقام هو يحاصر المهدية، فلما انتهى ابنه إلى قابس جمع مدافع أهله وعشيرته ومن انحاش إليه وفر فتبعته شرذمة من العسكر فواقفهم ساعة، ثم انهزم وقتل جماعة من أهله وعشيرته، وملك الموحدون قابس وحكموا على أهله وطائفته، وهرب مدافع وتوغل في الصحراء، وتبعته الخيل واستولت على ما معه، وجاء هو بنفسه إلى أن استجار بعرب طرابلس، فأقام عندهم نحو العامين، وكان شاعراً أديباً حافظاً للسِير والأخبار، ثم رأى التوجه إلى المغرب، فسار واجتمع بعبد المؤمن بمدينة فاس (4) وأناب إليه، فأسكنه قابس، فأقام بها إلى أن توفي وقد ناهز التسعين.
وكان لبني رشيد ذكر مع صنهاجة ومنهم أبو شاكر (5) عامر بن محمد بن سكن (6) بن جامع، خرج يوم فرارهم من قابس وخلص إلى دمشق وأنشد له صاحب الخريدة (7) يتذكر أيامهم ببلدهم:
يا حار طرفي غيرُ هاجعْ
…
والدمعُ من عينيَّ هامعْ
ولقد أرقت مسامراً
…
نجماً بدا في الشرق طالع
متذكراً لصروف ده
…
رٍ أصبحت فينا قواطع
إني من الشم الألى
…
شادوا العلا أبناء جامع
أهل المراتب والكتا
…
ئب والمواهب والصنائع
يتسابقون إلى المعا
…
لي كلهم فيها مسارع
ولقد ملكنا قابساً
…
بالمشرفيات القواطع
تسعين (8) عاماً لم يكن
…
خلق لنا فيها منازع
(1) قد مر الحديث في مادة ((العروسان)) .
(2)
ناظر في مجمله إلى رحلة التجاني: 100 وما بعدها.
(3)
ص ع: وتلزم.
(4)
ص: قابس.
(5)
رحلة التجاني: 102 أبو ساكن.
(6)
الرحلة: مكي؛ الخريدة: عسكر.
(7)
الخريدة (قسم المغرب والأندلس) 1: 164.
(8)
ص ع: تسعون.