المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌وفيه سبع مسائل: - العقد المنظوم في الخصوص والعموم - جـ ٢

[القرافي]

فهرس الكتاب

- ‌الفصل الثاني: في إقامة الدليل على أن ما تقدم من (الصيغ كلها من) العموم وذلك بأن أقسمها ثلاثة عشر قسمًا

- ‌القسم الأول: / صيغ الاستفهام:

- ‌الباب الخامس عشر في تقرير الجمع بين أقوال العلماء من النحاة والأصوليين فإنها متناقضة في ظاهر الحال

- ‌فائدة:ضابط جمع القلة

- ‌ضابط مسمى جمع الكثرة:

- ‌الباب السادس عشر في حد التخصيص، وتمييزه عن النسخ والاستثناء، وقبول اللفظ العام للتخصيص

- ‌الفصل الأولفي حد التخصيص

- ‌الفصل الثاني في الفرق بين التخصيص والنسخ والاستثناء

- ‌الفصل الثالث في قبول اللفظ العام للتخصص

- ‌الباب السابع عشر في الفرق بين المخصص والمؤكد، والمقيد والأجنبي، والفرق بين النية المخصصة والمؤكدة

- ‌الباب الثامن عشر فيما يصير به العام مخصوصًا على الحقيقة وعلى المجاز، وما هو الأصل في ذلك، وما هو الفرع فيه

- ‌ الفرق بين الصرائح والكنايات

- ‌الباب التاسع عشر في جواز التخصيص ومسائله

- ‌وفيه سبع مسائل:

- ‌الباب العشرون في المخصصات المتصلة، ووقوع التخصيص بها، وما يتفرع عن ذلك

- ‌ الحال

- ‌الفصل الأول في بيان أن هذه الأمور ليست مخصصة للعموم

- ‌الفصل الثاني في التفريع على أن هذه المخصصات المتصلة مخصصة في بيان فروعها وأحكامها

- ‌المخصص الأول: الاستثناء

- ‌المسألة الثانيةيجب أن يكون الاستثناء متصلا بالمستثنى منه

- ‌المسألة الرابعةفيما اتصل إليه الاستثناء في الكثرة والقلة

- ‌المسألة الخامسة: الاستثناء من الإثبات نفي، ومن النفي إثبات

- ‌المسألة السابعة: الاستثناء المذكور عقب الجمل

- ‌المخصص الثاني المتصل: الشرط

- ‌المسألة الثالثة: في أن المشروط متى يحصل

- ‌المسألة الرابعة:الشرطان إذا دخلا على جزاء واحد

- ‌المسألة الخامسة:الشرط الواحد إذا دخل على مشروطين:

- ‌المخصص الثالث المتصل: الغاية

- ‌فيه ثلاث مسائل

- ‌المخصص الرابع المتصل: التقييد بالصفة

- ‌الباب الحادي والعشرون في المخصصات المنفصلة

- ‌القسم الثاني: التخصيص بالحس

- ‌القسم الثالث: التخصيص بالواقع

- ‌القسم الرابع: التخصيص بقرائن الأحوال

- ‌القسم الخامس: التخصيص بالعوائد

- ‌الفصل الثاني: التخصيص بالدلائل السمعية وهي قسمان: قطعية السند متواترة، وظنية السند أخبار آحاد

- ‌القسم الأول: التخصيص بالمقطوع السند، وفيه سبع مسائل:

- ‌المسألة الأولى: تخصيص الكتاب، جائز عندنا، خلافًا (لبعض) أهل الظاهر

- ‌المسألة الثانية:تخصيص السنة المتواترة بالسنة المتواترة

- ‌المسألة السابعة: التخصيص بالتقرير:

- ‌القسم الثاني: في تخصيص المقطوع بالمظنون

- ‌المسألة الأولى: يجوز تخصيص الكتاب بخبر الواحد عند الشافعية والمالكية والحنفية

- ‌المسألة الثانية: يجوز تخصيص السنة المتواترة وعموم الكتاب بالقياس، وهو قول مالك والشافعي وأبي حنيفة وأبي الحسين البصري، والأشعري، وأبي هاشم أخيرًا

- ‌الباب الثاني والعشرون في بناء العام على الخاص

- ‌الباب الثالث والعشرون فيما ظن أنه من مخصصات العموم مع أنه ليس كذلك

- ‌فيه عشر مسائل:

- ‌المسألة الأولى: الخطاب الذي يرد جوابًا عن سؤال سائل- إما أن لا يكون مستقلا بنفسه، أو يكون

- ‌المسألة الثانية: الحق أنه لا يجوز تخصيص العموم بمذهب الراوي

- ‌المسألة الثالثة: لا يجوز تخصيص العام بذكر بعضه خلافًا لأبي ثور

- ‌المسألة الرابعة: التخصيص بالعادات

- ‌المسألة الخامسة: كون المتكلم ناطقًا بالخطاب، ومتكلمًا به، لا يقتضي تخصيص العموم بخروجه منه

- ‌المسألة السادسة: العموم المتناول للنبي صلى الله عليه وسلم والأمة كقوله تعالى: {يا أيها الناس} ،} يا أيها الذين آمنوا} ، يعم الحكم الجميع

- ‌المسألة السابعة: العموم المتناول لما يندرج فيه السيد والكافر، لا يخصص بخروج هذين الفريقين منه؛ لأن العموم شامل لهما، ولا مانع من بقائه على عمومه

- ‌المسألة الثامنة: إذا ورد العموم في سياق المدح والذم، لا يوجب تخصيص العام؛ لأن الموجب للعموم موجود، والجمع بين جميع الأنواع فيه ممكن يوجب التعميم

- ‌المسألة التاسعة: اختلفوا في العموم إذا تعقبه استثناء أو صفة حكم، وكان ذلك لا يتأتى في (بعض ما تناوله) العموم، هل يجب أن يكون المراد بذلك العموم ذلك البعض فقط أو لا

- ‌المسألة العاشرة: عطف الخاص على العام هل يقتضي تخصيصه

- ‌الباب الرابع والعشرون في حمل المطلق الكلي على المقيد

- ‌القسم الأول: أن يختلف الحكم والسبب معًا

- ‌القسم الثاني: أن يتفقا معًا

- ‌القسم الثالث: أن يكون السبب مختلفًا والحكم واحدًا

- ‌القسم الرابع: أن يكون الحكم مختلفًا والسبب واحد

- ‌مسألة: إذا أطلق الحكم في موضع، وقيد في موضعين بقيدين متضادين

- ‌فائدة: التقييد والإطلاق اسمان للألفاظ باعتبار معانيهما

- ‌الباب الخامس والعشرون في تحقيق الفرق بين حمل المطلق على المقيد في الأمر والنهي

الفصل: ‌وفيه سبع مسائل:

‌الباب التاسع عشر في جواز التخصيص ومسائله

‌وفيه سبع مسائل:

- المسألة الأولى: في إطلاق العام لإرادة الخاص.

- المسألة الثانية: ما يجوز تخصيصه من اللفظ وما لا يجوز.

- المسألة الثالثة: الغاية التي يمكن أن ينتهي تخصيص العموم إليها.

- المسألة الرابعة: أقوال العلماء في العام الذي دخله التخصيص هل هو مجاز أم لا؟

- المسألة الخامسة: أقوال العلماء في التمسك بالعام المخصوص.

- المسألة السادسة: تأخير البيان عن وقت الخطاب وأقوال العلماء في إرادة العموم من ظاهر اللفظ.

- المسألة السابعة: الوقت الذي لا يجوز للمجتهد أن يحكم بموجب العموم.

ص: 119

المسألة الأولى: يجوز إطلاق العام لإرادة الخاص، خلافًا لقول.

والدليل على جوازه أمران:

أحدهما: وقوعه في القرآن (في القرآن)، كقوله تعالى:{الله خالق كل شيء} ، فهو خبر، والمراد من الأشياء الممكنة خاصة، والخاصة ليست مرادة بالخلق في حالة من الحالات، فكأن العام أطلق وصرف عن بعض أفراده، وهو المطلوب.

والأمر، كقوله تعالى:{وقولوا للنا حسنا} ، والناس الماضون قبل زمن هذا الخطاب ليسوا مرادين بهذا الخطاب أصلًا، بل المتكلم أراد خروجهم عن حكم هذا الخطاب، ويقال في العرف: جاءني كل الناس، والمراد: كثير منهم.

وثانيهما: أن الدليل دل على حسن المجاز لغة، وهو اشتماله على محاسن الكلام ومزاياه، ورقته، وحسن تلقيه عند النفوس، وهذا أصل المجاز، واتفقوا على أن هذا المجاز من أرجح أنواع المجاز، فليجز بطريق الأولى.

احتجوا أنه إذا أريد بالخبر العام بعضه أوهم الكذب، ولو كان جواز حمله على التخصيص مانعًا من كونه كذبًا، لما وجد في الدنيا كذب، ودخول التخصيص في الأمر يوهم البداء.

ص: 120

والجواب: أنا إذا علمنا أن اللفظ في أصله يحتمل التخصيص، فقيام الدلالة على وقوعه يمنع من اعتقاد الكذب والبداء، وقبل قيام الدليل على التخصيص لا يعتقد تخصيصًا، فلا كذب، ولا بداء، وحينئذ لا كذب ولا بداء في الحالين، فاندفع المحذوران.

ثم إن حقيقة الكذب - كما تقدم تقريرها-: هي عدم مطابقة اللفظ لما استعمل اللفظ فيه، واللفظ المخصوص مطابق لما استعمل فيه اللفظ العام، فاحتمال التخصيص لا يوهم كذبًا، بل يوهم المجاز، وهو ليس بكذب، والبداء هو: أن يخبر عن شيء، ثم يبدو له في ذلك الذي أمر به، وإذا دخل التخصيص، كان البعض المراد الذي أمر به في نفي الأمر ولم يرجع المتكلم عنه، فلا بداء أيضًا على التقدير، فلا يكون احتمال التخصيص موهمًا للبداء، بل/ موهمًا أن يكون المراد غير العموم، وذلك مجاز لا بداء.

المسألة الثانية: فيما يجوز تخصيصه من اللفظ وما لا يجوز.

أعلم أن اللفظ الدال على الواحد من كل وجه، لا يمكن دخول التخصيص فيه ولا يجوز؛ لان التخصيص: إخراج بعض مدلول اللفظ عنه، وما لا بعض له لا يتصور إخراج بعضه.

والذي يتناول ماله بعض قسمان: أجزاء، وجزئيات، فالأجزاء في المركبات، والجزئيات في الأجناس والأنواع، فإذا دخلت عليها صيغ العموم تصور التخصيص وجاز.

مثال الأجزاء قولنا: رأيت زيدًا، ويريد بعض أعضائه، أو: أكلت الرغيف، وتريد نصفه.

ص: 121

وأما الجزئيات فأقسام:

أحدها: أن يكون عمومه من جهة اللفظ، وهو صيغة العموم، ويصح تطرق التخصيص إليه، كما تقدم.

وثانيها: مفهوم الموافقة، كدلالة حرة التأفيف على حرمة الضرب، والتخصيص فيه إذا لم يعد بالنقض الملفوظ، مثل: تقييد الأم إذا فجرت، وضرب الوالد إذا ارتد، فإن إباحة هذين التأديبين لهذين الشيئين الخاصين لا ينافي أن (تحريم التأفيف) من غير سبب يقتضي التأديب، (يقتضي تحريم الضرب من غير سبب)، لجواز الاحترام مطلقًا عند عدم الأسباب، وثبوت الإهانات عند وجود الأسباب، أما إذا عاد على أصله بالنقض، فلا يجوز، مثل: أن يباح ضرب الوالدين أو شتمهما من غير سبب مع تحريم التأفيف، فإن ذلك يناقض تحريم التأفيف.

وثالثها: مفهوم المخالفة، فإنه يفيد في المسكوت (عنه) انتفاء حكم المذكور، ويجوز أن تقوم الدلالة على ثبوت مثل حكم المنطوق لبعض المسكوت عنه، كما دل الحديث على وجوب الغسل عند التقاء الختانين، وهو من جملة المسكوت عنه في مفهوم قوله عليه الصلاة والسلام:"إنما الماء من الماء".

ص: 122

ورابعها: العلة الشرعية، تشمل جزئيات كثيرة، وتندرج مع هذه الأقسام في أنه تخصيص من جهة المعنى دون اللفظ، وهل يجوز تخصيصها أم لا؟ أربعة أقوال.

ثالثها: الفرق بين المنصوصة/ فيجوز، وبين المستنبطة فلا يجوز.

ورابعها: الفرق بين أن يوجد في صورة اللفظ فرق فيجوز، وبين ألا

ص: 123

يوجد فلا يجوز، والجمهور على جوازه في المنصوصة مطلقًا، وفي المستنبطة مع الفرق.

المسألة الثالثة: في الغاية التي يمكن أن ينتهي تخصيص العموم إليها:

قال الإمام فخر الدين في المحصول: اتفقوا في ألفاظ العموم، في الاستفهام والمجازاة، على جواز انتهاء التخصيص فيها إلى الواحد، واختلفوا في الجمع المعرف (بالألف واللام)، فزعم القفال أنه لا يجوز تخصيصه بأقل من الثلاثة، ومنهم من جوز انتهاءه إلى الواحد، ومنع أبو الحسين من ذلك في جميع ألفاظ العموم، واوجب أن يراد بها كثرة وإن لم (يعلم) قدرها، إلا أن تستعمل في الواحد المعظم، على سبيل التعظيم، فإن ذلك يجرى مجرى الكثير، قال الإمام فخر الدين: وهو الأصح، أما انه لا بد من بقاء الكثرة، فلأن الرجل لو قال: أكلت كل ما في الدار من الرمان، وكان فيها ألف، وكان قد أكل رمانة واحدة أو ثلاثة عابه أهل اللغة، ولو قال: كل

ص: 124

من دخل داري أكرمته، ثم قال: أردت به زيدًا وحده، عابه أهل اللغة أيضًا.

احتج من جوز ذلك: بأن استعمال العام في غير الاستغراق، استعمال له في غير موضعه، وليس استعماله في البعض أولى منه في البعض الآخر، فوجب استعماله في جميع الأقسام إلى أن ينتهي إلى الواحد، وهو المطلوب.

والجواب: لا نسلم أنه ليس بعض المراتب أولى من بعض، بل العرف في الاستعمال اللغوي يحسن الكثرة من حيث الجملة، فالكثرة من حيث الجملة هي أرجح من القلة، فدعوى عدم الأولوية باطل بالعرف، وأما انه يجوز استعماله في حق الواحد على سبيل التعظيم، فكما تقدم في قوله تعالى:{الذين قال لهم الناس} ، } أم يحسدون الناس}، وقد تقدم كلام العلماء في ذلك.

تنبيه:

نص العلماء على عمومات يتعلق بها حكم في التخصيص أشد مما تقدم؛ لأجل قرائن تحتف بها، قال الغزالي في المستصفى: العموم منقسم إلى قوي يبعد عن قبول التخصيص/ إلا بدليل قاطع أو كالقاطع، وإلى ضعيف.

مثال القوي: قوله صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل"

الحديث وقد حمله أبو حنيفة على

ص: 125

الأمة، فمنع من قبول قوله بهذا التخصيص قوله عليه الصلاة والسلام:""فلها" مهر المثل بما استحل من فرجها"؛ لأن مهر الأمة للسيد عند الحنفية والشافعية فلما ورد عليهم هذا السؤال عدوًا إلى الحمل على المكاتبة.

قال الغزالي: وهذا تعسف؛ لأن العموم قوي، والمكاتبة نادرة بالإضافة إلى النساء، وليس من كلام العرب إرادة النادر الشاذ باللفظ، الذي ظهر منه قصد العموم، إلا بقرينة تقترن باللفظ، حتى يصلح لتنزيله على صورة نادرة.

ودليل قصد العموم بهذا اللفظ أمور:

ص: 126

(الأول): أنه عليه الصلاة والسلام صدر الكلام بـ "أي" وهي من كلمات الشرط ولم يتوقف في عموم أدوات الشرط جماعة ممن توقف في صيغ العموم.

الثاني: أنه أكده بـ "ما"، فقال:"أيما"، وهي من المؤكدات المستقلة بإفادة العموم أيضًا.

الثالث: أنه قال: "فنكاحها باطل"، رتب الحكم على الشرط في معرض الجزاء، وذلك أيضًا يؤكد قصد العموم، ونحن نعلم أن العربي الفصيح لو اقترح عليه بأن يأتي بصيغة دالة على قصد العموم مع الفصاحة والجزالة، لم تسمح قريحته بأبلغ من هذه الصيغة، ونعلم قطعًا أن الصحابة، رضوان الله عليهم، لم يفهموا من هذه الصيغة المكاتبة، وأنا لو سمعنا واحدًا منا يقول لغيره: أيما امرأة رأيتها اليوم فأعطها درهمًا، لا يفهم منه المكاتبة، ولو قال: أردت المكاتبة، نسب إلى الألغاز، والهزو، ولو قال: أيما إهاب دبغ فقد

ص: 127

طهر، ثم قال: أردت به الكلب أو الثعلب على الخصوص (نسب إلى اللكنة والجهل باللغة، ثم لو أخرج الكلب أو الثعلب، لم يشكر ذلك) في اللغة.

وكذلك لو قال المريض لغلامه: لا تدخل على الناس، ثم أدخل عليه جماعة من الثقلاء، ثم قال: إن لفظ الناس ليس نصًا في الاستغراق، فأخرجت هذا القبيل منه، لوجب/ تعزيز هذا العبد.

ويقرب من هذا الباب قوله عليه الصلاة والسلام: "من ملك ذا رحم (محرم) عتق عليه"؛ إذ خصصه بعض الشافعية بالآباء، وهذا بعيد، لأن الأب يختص بخاصية، تتقاضى تلك الخاصية التنصيص عليها فيما يوجب الاحترام، فالعدول عن لفظ الخاص به إلى لفظ يعم، قريب من الالتباس

ص: 128

والإلغاز، ولا يليق بمنصب الشارع، ذلك إلا إذا اقتربت به قرينة معرفة، ولا سبيل إلى القرائن من غير ضرورة، ولو صح هذا الحديث لعمل به الشافعي رضي الله عنه، لكن قال الشافعي الحديث موقوف على الحسن بن عمارة ومثال العموم الضعيف قوله صلى الله عليه وسلم:"فيما سقت السماء العشر، وفيما سقي بنضح أو دالية نصف العشر"، فقد ذهب بعض القائلين بصيغ العموم إلى أن هذا لا يحتج به في إيجاب العشر في الخضروات؛ لأن المقصود منه الفرق والفصل بين العشر ونصف العشر، وبيان الجزء الواجب، لا بيان الواجب فيه. والقاعدة: أن الكلام إذا سيق لمعنى، لا يكون حجة في غيره؛ لأن المتكلم معرض عنه، قال الغزالي وهذا فيه نظر عندنا؛ إذ لا يبعد أن يكون كل

ص: 129

واحد مقصودًا، وهو إيجاب العشر في جميع ما سقت السماء؛ لأن اللفظ عام، فلا يزول ظهوره بمجرد الوهم، لكن يكفي في التخصيص أدنى دليل، ولم يوجد ذلك الأدنى فوجب التعميم في الواجب والواجب فيه.

قلت: قول الشافعي رضي الله عنه هو المتجه؛ لأن قرينة كون الكلام سيق لبيان الجزء الواجب، لا لبيان الواجب فيه، دليل على اعتراض المتكلم عن الواجب فيه، وما المتكلم معرض عنه، هو مثل غير المنطوق به، وغير المنطوق به لا عموم فيه، فكذلك ما أعرض عنه المتكلم ولم يتجه إليه، فهذه القرينة دليل قوي على التخصيص، فوجب القول بسقوط الاستدلال به على التعميم.

مسألة:

قال الغزالي في المستصفى: قوله تعالى: {واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربي} ، فقال أبو حنيفة رحمة الله/: تعتبر

ص: 130

الحاجة مع القرابة، ثم جوز حرمان ذوي القربى، فقال الشافعية: هذا تخصيص باطل، لا يحتمله اللفظ، لأنه أضاف المال إليهم بلام التمليك، وعرف كل جهة بصفة، وعرف هذه الجهة في الاستحقاق بالقرابة، وأبو حنيفة ألغى القرابة المذكورة، واعتبر الحاجة المتروكة، وهذا بعيد عن هذا اللفظ.

قال الغزالي: وهذا عندي في محل الاجتهاد، وليس فيه إلا تخصيص عموم لفظ ذوي القربى بالمحتاجين منهم، كما فعله الشافعية على أحد القولين في اعتبار الحاجة مع اليتم، في سياق هذه الآية.

فإن قال: لفظ اليتم ينبئ عن الحاجة، فلا يحمل عليه قوله صلى الله عليه وسلم:"لا تنكح اليتيمة حتى تستأمر"، فإن قرينة إعطاء المال هي المنبهة على اعتبار الحاجة مع اليتم.

فله أن يقول: واقتران ذي القربى باليتامى والمساكين قرينة دالة أيضًا على ذلك، وإنما دعا إلى ذكر القرابة كونهم محرومين من الزكاة حتى يعلم أنهم

ص: 131

ليسوا بمحرومين من هذا المال، فهذا تخصيص لو دل عليه دليل لوجب قبوله، فليس ينبو عنه اللفظ نبوة حديث النكاح بلا ولي، وأنه أريد به المكاتبة.

مسألة:

قوله عليه الصلاة والسلام: "لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل"، حملة أبو حنيفة على القضاء والنذر، وقال الشافعية: قوله عليه الصلاة والسلام: "لا صيام" لفظ عام لا يسبق منه إلى الفهم إلا الصوم الأصلي الشرعي، وهو الفرض والتطوع، ثم التطوع غير مراد، فلم يبق إلا الفرض، الذي هو ركن الدين، وهو صوم رمضان، فأما القضاء والنذر فيجب بأسباب عارضة، ولا تذكر بذكر الصوم مطلقًا، ولا تخطر بالبال، بل تجري مجرى النادر كالمكاتبة في مسألة النكاح. قال الغزالي: وهذا عندي فيه نظر؛ إذ ليس ندور القضاء والنذر كندور المكاتبة، وإن كان الفرض أسبق منه إلى الفهم،

ص: 132

فيحتاج مثل هذا التخصيص إلى دليل قوي، وليس ظهور بطلانه كظهور بطلان التخصيص بالمكاتبة، وعند هذا يعلم أن إخراج النادر قريب، والقصر على النادر ممتنع، وبينهما درجات متفاوتة في القرب والبعد، لا تدخل تحت الحصر، ولكل مسألة ذوق يجب أن يفرد بنظر خاص.

قلت: وافق الغزالي على هذه المباحث إمام الحرمين في البرهان، والشيخ سيف الدين في الإحكام الموضوع في أصول الفقه، وجماعة من الأصوليين، ونبهوا على استبعاد هذه التخصيصات ونظائرها وإذا حصل المنع في التخصيص بالمكاتبة، وهي فرع من النساء، تحته أفراد غير متناهية، وهو عموم في نفسه، وإذا امتنع التخصيص مع بقاء ما لا يتناهى من أفراد العموم، أولى أن يمتنع من الثلاثة ونحوها، وهذه القاعدة تقضي على تلك النقول المتقدمة بالتخصيص، وأن مراد القائلين بجواز التخصيص إلى الواحد، إنما هو بعض المنصوص، وهي التي لم تختلف بها قرائن مؤكدة للعموم، أما ما اختلف بها ذلك، فلا يريدونه بتلك الأقوال وما نقلت هذه المباحث وهذه المسائل إلا للتنبيه على ذلك.

المسألة الرابعة: العام الذي دخله التخصيص هل هو مجاز أم لا؟

قال الإمام فخر الدين في المحصول: اختلفوا في العام الذي دخله

ص: 133

التخصيص هل هو مجاز أم لا؟ فقال قوم من الفقهاء: إنه لا يصير مجازًا كيف كان التخصيص، وقال أبو علي وأبو هاشم: يصير مجازًا كيف كان التخصيص، ومنهم من فصل، وذكروا وجوهًا.

قال: والمختار قول أبي الحسين، رحمه الله، وهو: أن القرينة المخصصة إن استقلت بنفسها صارت مجازًا، وإلا فلا.

تقريره: أن القرينة المخصصة المستقلة ضربان، عقلية، ولفظية.

أما العقلية: فكالدلالة الدالة على أن (غير) القادر غير مراد بالخطاب، بناء على منع تكليف ما لا يطاق، وإلا فكالدلالة الدالة على أن واجب الوجود لذته لا يتعلق بع تأثير القدرة، فيخصص في قوله تعالى:{والله على كل شيء قدير} .

وأما اللفظية، فيجوز أن يقول المتكلم بالعام: أردت به البعض الفلاني/ دون غيره.

وفي هذين القسمين يكون العموم مجازًا، والدليل عليه: أن اللفظ موضوع في اللغة للاستغراق، فإذا استعمل هو بعينه في البعض، فقد صار اللفظ مستعملًا في غير مسماه، لقرينة مخصصة، وذلك هو المجاز

ص: 134

فإن قلت: لم لا يجوز أن يقال: لفظ العموم وحده حقيقة في الاستغراق، مع القرينة المخصصة حقيقة في الخصوص.

قلت: فتح هذا الباب يقتضي ألا يكون في الدنيا مجاز أصلًا؛ لأنه لا لفظ ألا ويمكن أن يقال: إنه وحده حقيقة في كذا، ومع القرينة حقيقة في المعنى الذي جعل مجازًا فيه، والكلام في أن العام المخصوص بقرينة مستقلة بنفسها، هل هو مجاز أم لا؟ فرع على ثبوت أصل المجاز.

فأما إن كانت القرينة لا تستقل بنفسها نحو الاستثناء، والشرط، والصفة كقول القائل: جاءني بنو أسد الطوال، فها هنا لا يصير مجازًا، والدليل عليه أن لفظ العموم حال انضمام الشرط أو الاستثناء أو الصفة إليه، لا يفيد البعض؛ لأنه لو أفاده ما بقي شيء يفيده الشرط والصفة والاستثناء، فإذا لم يفد البعض استحال أن يقال: إنه مجاز في إفادة البعض، بل المجموع حاصل من لفظ العموم، ولفظ الشرط، أو الصفة، أو الاستثناء، دليل على ذلك البعض، وإفادة ذلك المجموع لذلك البعض حقيقة.

قلت: قد تقدم بيان أن العام في الأشخاص مطلق في الأحوال والأزمنة والبقاع والمتعلقات، وإذا استحضرت ذلك استحضارًا جيدًا، علمت أن إلحاق الصفة للعموم مقيدة لتلك الحال، لا مخصصة، وكذلك الغاية والشرط، وأما الاستثناء فإن إخراج بعض الأفراد في جميع الأحوال كقولنا: أكرم القوم إلا زيدًا فلا تكرمه في حالة ألبتة، كان مخصصًا متصلًا، إن جعلنا التخصيص جنسًا والاستثناء نوعه، وإن جعلناه مباينًا بالكلية- كما تقدم تحريره في حد التخصيص- امتنع أن يكون مخصصًا ومعدودًا من المخصصات، لا المتصلة

ص: 135

ولا غيرها، وإن كان الاستثناء أخرج في حالة من الحالات كقولنا: اقتلوا المشركين إلا أهل/ الذمة، فهذا تقييد أيضًا، لا تخصيص، وقد تقدم الفرق بين المخصص والمؤكد، والمقيد والأجنبي.

وإذا سلم له أن هذه الأمور مخصصة، لزم أن يكون اللفظ مجازًا، خلافًا لما قاله، بسبب أن اللفظ وضع للكلية، وقد استعمل في الجزئية، فيكون مستعملًا في غير ما وضع له، فيكون مجازًا.

وأما قوله: إن لفظ العموم حالة انضمام هذه المخصصات المتصلة، لا يفيد البعض، لأنه لو أفاده، ما بقي شيء يفيده الشرط والصفة والاستثناء، فنحن ندعي أن لفظ العام من حيث هو هو، يفيد الكلية، وإنما المخصص متصلُا كان أو منفصلًا عارضه في بعضه، وإذا كان مفيدًا للكلية، كان مفيدًا للجزئية جزمًا.

وأما قوله: لو أفاده، ما بقي الشرط يفيد شيئًا.

قلنا: الشرط وغيره إنما أفاد على التحقيق قيدًا في الحالة المطلقة؛ لأن العام مطلق في الأحوال، وإذا قلنا: إنه مخصص، فهو مفيد إخراج بعض العموم، والبعض المخرج ليس اللفظ مجازًا فيه، إنما هو مجاز في البعض الباقي من الكلية من حيث هو كلية، وزادته هذه المخصصات صفة زائدة، وإذا قال: أكرم بني أسد الطوال، ازداد في البعض التنصيص على الطول،

ص: 136

وقبل ذلك لم يكن الطول معتبرًا في من يكرم، حتى أنه بعد التخصيص إن لم يوجد الطول، لم يتوجه الإكرام لأحد من بني أسد، وكان قبل ذلك متوجهًا باعتبار الطول والقصر، وأي حالة فرضت على البدل من الأجزاء.

وأما قوله: إن إفادة ذلك المجموع لذلك البعض حقيقة.

فهو ممنوع لوجهين:

أحدهما: أن العرب لم تضع المركبات، ولذلك قال: إن المجاز المركب عقلي، كما نص عليه في المحصول، وإذا لم تضع المركبات امتنع أن يقال: المركبات حقيقة أو مجازًا، إذ الحقيقة والمجاز فرع الوضع، والمهملات لا توصف بهما.

وثانيهما: أنا وإن سلمنا أن العرب وضعت المركبات، غير أن ذلك إنما قيل به في الكليات، دون الجزئيات، فوضعوا باب الفاعل، والمفعول، من حيث الجملة، وباب إن واسمها وخبرها، (وباب كان واسمها وخبرها)، وأما خصوص هذا الاسم الذي/ هو زيد ونحوه، فلا يتصور الوضع فيه؛ لأنه لم يكن في زمان الواضع حتى يتصور ويضع له، ولذلك وضعوا باب الصفة والموصوف من حيث الجملة، أما أنا نقول: إن بني أسد الطوال مجموع هاتين اللفظتين وضعتا لشيء، فليس كذلك، بل خصوص هاتين مهمل، وإنما الوضع في الصفة والموصوف من حيث الجملة، وإذا كان مهملًا، امتنع أن يكون حقيقة أو مجازًا؛ لأن الحقيقة هي: اللفظ المستعمل فيما وضع له، وذلك فرع الوضع، فما لا وضع فيه لا حقيقة فيه، والمجاز: اللفظ المستعمل في غير ما

ص: 137

وضع له، والمغايرة للوضع فرع الوضع، فحيث لا وضع لا مجاز ولا حقيقة.

تنبيه: قال الإمام فخر الدين رحمه الله: إذا قال الله: اقتلوا المشركين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم في الحال- "إلا زيدًا"، فهل هذا تخصيص بدليل منفصل، لتعدد القائل، أو متصل لاتصال الزمان؟ فيه احتمال.

قال: والذي يظهر لي أنه منفصل، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما يقول:"إلا زيدً" بإذن الله تعالى له في ذلك، فإنه صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى، وإذن الله تعالى في ذلك كالكلام بالاستثناء، ثم إن الاستثناء المتصل إنما جعل مع الأصل كلامًا واحدًا؛ لكونه لا يستقل بنفسه، ولما اتصل بما هو مستقل بنفسه، صيره غير مستقل بنفسه، وهذا موجود فيه، كان من متكلم واحد أو من متكلمين، فيكون متصلًا.

وقد وقع في كتاب "الاستغناء في أحكام الاستثناء"، وهو كتاب كبير وضعته في الاستثناء خاصة، فيه أحد وخمسون بابًا -أن هذا الاستثناء إذا وقع على هذه الصورة ينبني عليه فرع، وهو ما إذ قال الله تعالى: صوموا عشرة أيام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ثلاثة، فإن قلت: الأول متصل، جاز هذا الكلام، وإن قلنا: الأول منفصل امتنع أن يكون هذا كلامًا عربيًا؛ لأن مدرك الانفصال -كما تقدم- تعدد المتكلم، وأنه بسبب ذلك يصير المجموع كلامين، فيكون الأول قد استعمل اللفظ الموضوع للعشرة في السبعة مجازًا، من باب إطلاق لفظ الكل على الجزء، وذلك/ لا يجوز في أسماء الأعداد؛ لأنها

ص: 138

نصوص لا تقبل المجاز، فيخرج الكلام الأول، بسبب ذلك، عن كونه عربيًا، وإذا خرج الأول عن كونه عربيًا، خرج الثاني أيضًا عن كونه عربيًا؛ لأنه لا يأتي منه وحده كلام عربي، فيبطل الكلام تفريعًا على هذا الاحتمال.

وإذا فرعنا على أنه متصل، جاز الكلامان، ويكون المتكلم الأول قد استعمل العشرة في السبعة مجازًا، مع أن النطق بـ "إلا"، وذلك لا يمتنع في النصوص، كما إذا كان المتكلم واحدًا، وقال: عندي عشرة إلا ثلاثة.

أو تقول: الاستثناء مع اللفظ المستثنى منه، المجموع حقيقة فيما بقى، وقد قاله جماعة من الأصوليين، قالوا:"وقد" تكون السبعة مثلًا لها عبارتان: سبعة، وعشرة إلا ثلاثة، ويكون هذا اللفظ المركب حقيقة في السبع كلفظ السبعة، وقد صرح بذلك الحنفية أيضًا في كتبهم فقالوا: الاستثناء تكلم بالباقي بعد (الثنيا)، ومرادهم أنه تكلم بالسبعة بعد استثناء الثلاثة، وقولهم:"تكلم" أي موضوع للسبعة حقيقة. فتأمل ذلك، فهي كلها احتمالات يمكن القول فيها لغة، وعادة، وشرعًا.

ص: 139

المسألة الخامسة

يجوز التمسك بالعام المخصوص

وهو قول الفقهاء.

وقال عيسى بن أبان، وأبو ثور: لا يجوز مطلقًا.

وقال الكرخي: إن كان قد خص بدليل متصل جاز التمسك به. وإن خص بدليل منفصل لا يجوز التمسك به، ومراده بهذا التفصيل أنه إذا خص بالمتصل، كان اللفظ الذي وقع به التخصيص من شرط أو غاية أو صفة أو استثناء، مع أصل الكلام حقيقة، فما بقي بعد التخصيص والحقيقة لا إجمال فيها، بل هي صريحة، فيتمسك باللفظ حينئذ.

ص: 140

والمنفصل لا يمكن جعله مع الأصل كلامًا واحدًا، نحو قوله تعالى:{فاقتلوا المشركين} ، وقوله عليه الصلاة والسلام:"لا تقتلوا الرهبان"، فهذا كلام مستقل بنفسه، لا يتعين ضمه إلى الأول، بخلاف غير المستقل، وإذا لم يكن حقيقة تعين أن يكون مجازًا، ووجوه المجاز غير محصورة، فيبقى مجملًا، فتعذر التمسك به، وهذا المدرك مبني على المباحث السابقة: أن المتصل يركب مع الأصل أم لا؟ وهل المخصوص/ مجاز أم لا؟ ، والكل مختلف فه، كما تقدم وجه الحق ف ذلك.

وقال الإمام فخر الدين: إن خص تخصيصًا مجملًا، امتنع التمسك به، كقوله تعالى:{فاقتلوا المشركين} ، ثم يقول -مثلًا-: لم أرد بعضهم، أو بعضهم حرم قتله، فلم تعن أحدهما، فيجب التوقف.

وهذا القسم الذي قاله الإمام فخر الدين على هذه الصورة، ينبغي أن يحرم بحصول الإجماع في كونه مجملًا؛ والجمهور على جواز التمسك بما عدا هذا القسم، وتمسكوا عليه بوجوه:

ص: 141

الأول: أن اللفظ العام كان متناولًا لجمع أفراد الكلية التي هـ مسمى العموم، وكونه حجة ف أحد تلك الأقسام، إما أن يكون موقوفًا على كونه حجة في القسم الآخر، أو على كونه حجة في الكل، أو لا يتوقف على واحد من هذن القسمين، والأول باطل؛ لأن كونه حجة ف تلك الأقسام، أو كونه موقوفًا في كونه حجة فه، موقوفًا على ما هو موقوفًا عله، أو لا يكون، والأول يلزم منه الدور، والثاني يلزم منه الترجيح من غر مرجح.

وكذلك إذا كان كونه حجة في أحد الأقسام، موقوفًا على كونه حجة في الكل، مع أن كونه حجة في الكل موقوفًا على كونه حجة في كل واحد من تلك الأقسام، فلزم الدور أيضًا.

وإن كان الحق هو القسم الثاني، وهو أنه يكون حجة ف كل قسم من تلك الأقسام من غر توقف، وحينئذ يكون العام المخصوص حجة؛ لأن عدم الحكم من غيره من الأقسام يكون انتفاء لما يتوقف عليه الحكم، وعدم ما لا يتوقف عله لا قدح ف الثبوت، فيكون العام المخصوص حجة وهو المطلوب، مع أنا نعلم بالضرورة استواء نسبة اللفظ بالنسبة إلى كل الأقسام، فلم يكن أحد الأقسام مشروطًا والآخر شرطًا بأولى من العكس.

قلت: ورد على حجتهم هذه، أن يختار الخصم التوقف من الجانبين، ولا يلزم الدور، بسبب أن التوقف توقفان: توقف سبقي، وتوقف مع، والأول هو الذي يلزم منه/ الدور دون الثاني.

وبيانه بالمثال: إذا قلت لصاحبك: لا أخرج من البيت حتى تخرج منه قبلي، وقال هو -أيضًا- أنا لا أخرج حتى تخرج منه قبل، كان خروج كل

ص: 142

منكما محالًا، مع تحقق هذا الموقف، وإن قلت له لا أخرج من هذا البيت حتى تخرج معي، وقال الآخر أنا لا أخرج حتى تخرج أنت الآخر معي أمكن خروجكما جمعيًا، مع صدق هذا التوقف، فعلمنا أن التوقف المعي لا وجب دورًا، وإنما يوجب الدور التوقف السبقي، وحينئذ للخصم أن قول: التوقف حاصل بن القسمين على سبل المعية، ولا يلزم دور، ولزم ألا يكون العام المخصوص حجة.

الثاني: "أنهم قالوا: المقتض لثبوت الحكم فيما بق بعد التخصيص (قائم، والمعارض الموجود لا يصلح معارضًا، فوجب ثبوت الحكم فيما بقي بعد التخصيص). إنما قلنا: المقتضي قائم، وذلك أن المقتضى: هو اللفظ الدال على ثبوت الحكم وصيغة الحكم [الحكم على] العموم على ثبوت الحكم ف كل الصور.

والدال على كون الحكم في كل الصور، دال على ثبوت الحكم فيما بقي يعد التخصص، فثبت أن المقتضي لثبوت الحكم موجود فيما بقي بعد التخصيص، وأما أن المعارض الموجود لا يصلح معارضًا، فلأن المعارض إنما هو بيان أن الحكم غير ثابت فيما خرج بالتخصيص، ولا يلزم من عدم الحكم في هذه الصورة عدمه من الصور الأخرى، فثبت أن المقتضى قائم، والمانع مفقود، فوجب ثبوت الحكم.

قلت: وقولهم: "إنه لا يلزم من عدم الحكم في صورة التخصيص عدمه

ص: 143

فما بقي "مصادرة على محل النزاع، قال الخصم يعتقد أنه يلزم من التخصيص ف البعض سقوط الاستدلال بالنص في الباقي.

الثالث: قالوا إن عليًا رضي الله عنه، تمسك في الجمع بين الأختين في الملك بقوله تعالى:{أو ما ملكت أمانكم} ، مع أنه مخصوص بصور غير محصورة، منها: المملوكات من الجماد، والنبات، والحيوانات العجماوات، / والذكور من بن آدم وكثر من الإناث نحو: البنات، وأخوات الرضاع، وأخوات النسب، ولم ينكر عله أحد من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، فكان ذلك إجماعًا، ولم تزل الصحابة والتابعون

ص: 144

والعلماء في كل عصر ومصر يتمسكون بالعمومات المخصوصة، من غير نكر في ذلك، مع أنه يقال: ما من عام إلا وقد خص، ولو صح ما قاله الخصم، لبطلت عمومات القرآن والسنة وذلك بما يعلم أنه ممنوع.

احتجوا بأن العام المخصوص لا يمكن إجراؤه على ظاهره، لقيام المخصص، وحينئذ يتعين حمله على بعض المحامل الخفية المجازية، وليس البعض أولى من البعض، فيصير اللفظ مجملًا، وهو المطلوب.

والجواب: لا نسلم أن البعض أولى من البعض، بل يتعين بقة أفراد العموم التي لم يرد فيها مخصص؛ عملًا بدلالة العموم عليها، السالمة من معارضة المخصص فيها، وهذا مرجح قوي منع القول بأنه ترجيح من غير مرجح.

حجة الكرخي: أن المخصص بالمنفصل يكون بكون اللفظ المخصص مع صفة العموم المجموع موضوع لما بق، فقول حقيقة، كما تقدم تقريره،

ص: 145

والحقيقة لا إجمال فها، أما إذا كان المخصص منفصلًا، يتعين أن يصر العام مجازًا، وليس بعض مراتب المجاز أولى من بعض، فيتعين الإجمال.

وجوابه: منع المقامين:

أما كونه حقيقة فممنوع، بل المركب الخاص لم يوضع لما بقي، بل المخصص المتصل للإخراج ونحوه مما وضع له ذلك اللفظ من صفة أو غاية ونحوهما، والعام باق على وضعه للعموم مستعمل في الخصوص مجازًا، وقد تقدم تقرره.

وأما قوله "ليس بعض مراتب المجاز أولى من بعض" فممنوع أيضًا، بل ما بقي بعض التخصيص هو المتعين، كما تقدم تقريره.

* * *

ص: 146

المسألة السادسة

إذا قال صاحب الشرع -مثلًا- اقتلوا المشركين إذا انسلخ الأشهر الحرم -ونحن ف أولها- ولم رد مع هذا العموم مخصص ألبتة، ونحن على قاعدتنا نجوز تأخير البيان عن وقت الخطاب إلى وقت الحاجة، فجوز أن يرد عند وقت الحاجة بيان التخصيص إذا انسلخ الأشهر الحرم.

فهل يجوز لنا إلا أن نعتقد أن العموم مراد، بناء على ظاهر اللفظ/، أو لا يجوز أن يعتقد ذلك، بناء على تجويز ورود المخصص؟

خلاف، الأول قول الصيرفي، والثاني لابن سريج، وعليه الجمهور.

ص: 147

قال المازري ف شرح البرهان: المسألة مصورة في عموم لم تدع الحاجة إلى العمل به، أما إذا دعت الحاجة إلى العمل به فلا يمكن تأخير البيان عن ذلك. وقد قال إمام الحرمين: الكلام في هذه المسألة مبني على القول بتأخير البيان عن زمن ورود الخطاب، وأبو بكر الصيرفي ذهب إلى المبادرة إلى اعتقاد حمل الصيغة على العموم، قال الإمام: وكشف الغطا عن المسألة إنما غلب على ظننا أولًا بالعموم، ثم إذا دخل وقت العمل ولم يرد مخصص فقد نقطع بالتعميم بالقرائن، وقد لا يحصل القطع فيقطع بوجوب العمل بإرادة العموم، بل بظنها.

قال الابياري: مذهب الصيرفي في أنه يمنع تأخير البيان عن وقت الخطاب،

ص: 148

وهو مستند قوله في الجزم باعتقاد العموم وقت الحاجة.

وقال الغزالي ف المستصفى: لا خلاف أنه تجوز المبادرة إلى العمل بالعموم قبل البحث عن الأدلة التي جوز التخصيص بها في جميع الشريعة، وكذلك كل دليل يمكن أن يعارضه دليل.

قال المازري: وطرق الرد عليه أن يقال له: إن اعتقاد العموم مع تجويز المخصص متناقض فإن الاعتقاد جازم، والاحتمال يناقضه، فإن قال: أنا أريد بذلك الظن الذي يمكن اجتماعه مع الاحتمال، فهذا إن أراده الصيرفي غير ممتنع، وإن كان مراده أن يعتقد العموم إذا حضر وقت العمل بعد الفحص عن المخصص، ولم نجده، فهو صحيح؛ لأن البيان لا يجوز تأخيره عن وقت الحاجة، وهذا لا يخالف فيه.

وعود الخلاف في هذه المسألة إلى خلاف في عبارة: "وإن أراد أنه إذا حضر العمل وجب تنفيذ الخطاب على عمومه ولا يفحص عن المخصص من قياس أو غيره من أدلة الشرع"، فهو غلط؛ لأنه لا يباح للفقيه أن يفتي بأول خاطر يسنح له، ولو عرض له قاس لم يجز له أن يفتي به حتى يفحص عن الشريعة بر يخصصه أم لا، أو قاس خالفه أو قادح قدح فيه، وكذلك العموم، لا يجوز لأحد أن يفتي به حتى يثق بأنه لا معارض ولا مخصص.

ص: 149

قلت: هذا كلام المازري/ وإمام الحرمين وجماعة من العلماء بالأصول، صوروا هذه المسألة فما لم يخص وقت العموم بالعموم.

والإمام فخر الدن- رحمه الله صورها في المحصول تصويرًا صعبًا، على خلاف الإجماع، فقال ابن سريج: لا يجوز التمسك بالعام ما لم يستقص في طلب المخصص، فإذا لم يوجد بعد ذلك مخصص، جاز التمسك به في إثبات الحكم.

وقال الصيرفي: يجوز التمسك به ابتداء، ما لم تظهر دلالة مخصصة وهذا التصوير منه يقتضي أن المسألة مفروضة في وقت العمل، وهذا صعب، بسبب أن ما حكاه عن ابن سريج مجمع عليه، كما حكاه العلماء، وأنه لا يجوز لأحد أن يثبت حكمًا بدليل إذا وجده حتى يستوعب جهده في معارضه ومناقضه، ويكون ما حكاه عن الصرفي خلاف الإجماع.

ثم احتج الصرفي بأن قال: لو لم يجز التمسك بالعام إلا بعد طلب المخصص، لم يجز التمسك بالحقيقة إلا بعد الفحص عما يوجب صرف اللفظ إلى المجاز.

وهذا باطل، فذلك مثله بيان الملازمة، أنه لو لم يجز التمسك بالعام إلا بعد طلب المخصص، لكان ذلك الاحتراز عن الخطأ المحتمل، وهذا المعنى قائم في التمسك بحقيقة اللفظ، فجب اشتراكهما ف الحكم، بان أن التمسك بالحقيقة لا يتوقف على طلب ما يوجب العدول إلى المجاز، أن ذلك غير واجب في العرف بدليل أنهم يحملون الألفاظ على ظواهرها من غير بحث عن

ص: 150

أنه هل يوجد ما يوجب العدول إلى المجاز أم لا؟ وإذا وجب ذلك في العرف، وجب أيضاً في الشرع لقوله عليه الصلاة والسلام:(ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن).

وثانيهما: أن الأصل عدم التخصيص، فيكفي في إثبات الحكم ظنه.

قلت: وهذا الاستدلال ضعيف كله، وعلى خلاف الإجماع.

أما ضعفه؛ فلأن أهل العرف في مخاطباتهم لم يفصحوا عن مجاز ولا مخصص ولا غير ذلك مما يعكر عن الألفاظ، بسبب أن الأحكام المتعلقة بتلك الألفاظ مصالح دنيوية جزئية، لا يلزم من الخطأ فيها مفسدة عامة.

وأما الفتيا فهي شرع عام في جميع الخلائق والأعصار والأمصار إلى يوم القيامة ولا يجوز لأحد أن يقدم على ذلك بمجرد مثير لظن، بل لا بد من بذل الجهد ممن هو أهل للاجتهاد، وحينئذ يجوز الإقدام على الفتيا، (138/ ب)

ص: 151

بموجب ظنه، ولولا ذلك لم يكن لاشتراط تلك الشروط العظيمة في منصب الاجتهاد فائدة، فإن أصل الظن لا يتوقف، ويحصل بدونها، وإنما فائدة تلك الشروط النهوض بسببها إلى رتبة علية من الظن، حتى لا يثبت في حكم الشريعة إلا بعد استيفاء القدر المشترط في ثبوته، احتياطا للشرائع العظيمة، التي هي سبب للسعادة الأبدية، ومخالفتها سبب للشقاوة السرمدية، ومثل هذه الأخطار العظيمة، لا يجوز ترتيب أسبابها بمباديء الآراء الضعيفة، بل لو تيسر أن لا يثبت شيئا منها إلا بالعلم اليقيني والكشف الشافي، لم يعدل عنه، لكن تعذره في أكثر الصور أوجب العدول عن العلم إلى الظن، لئلا تتعطل المصالح، والظن بعد هذه الشروط غالب الصواب، نادر الخطأ، فلذلك أقيم مقام العلم.

وأما مخاطبات أهل العرف فبعيدة عن هذا النمط بعدا شديدا جدا، فلا يجوز أن تجعل أصلا لهذه المسألة.

ص: 152

وأما الحديث، فيمنع صحته وصحة التمسك به، فهذا وجه ضعفه.

وأما كونه خلاف الإجماع، فلما تقدم من النقل عن العلماء.

والصواب في المسألة ما صدرتها به فاعتمده، فالخطب فيها على ذلك التقدير يسير قريب.

* * *

ص: 153

المسألة السابعة

في الوقت الذي يجوز للمجتهد أن يحكم بموجب العموم

قال الغزالي في المستصفى: لا يجوز الحكم بالعموم ما لم (يتبين) انتفاء دليل التخصيص، ولا خلاف أنه لا تجوز المبادرة إلى الحكم قبل البحث عن كل ما يمكن أن يكون مخصصاً، وكذلك جميع أدلة الشرع لا يجوز التمسك بشيء منها حتى يفحص عن كل ما يمكن أن يعارضه وإلى أي غاية يصل في البحث عن ذلك، فإن المجتهد إن استقصى، أمكن أن يشذ عنه دليل لم (يعثر) عليه، فكيف يحكم مع إمكانه؟

وقد انقسم الناس في هذا المقام على ثلاثة مذاهب:

فقال قوم: يكفيه أن تحصل غلبة الظن (بالانتفاء) عند الاستقصاء في البحث، كالذي يبحث عن متاع في بيته وفيه أمتعة كثيرة فلا يجده، فيغلب على ظنه عدمه.

وقال قوم: لابد من اعتقاد جازم وسكون نفسي بأنه لا دليل، أما إذا كان

ص: 154

يشعر بجواز دليل يشذ عنه/ ويحيك في صدره إمكانه، فكيف يحم بدليل يجوز أن يكون الحكم (به) حراما؟

نعم إذا اعتقد جزما، وسكنت نفسه، جاز له الحكم، كان مخطئا عند الله أو مصيبا، كما لو سكنت نفسه بالقبلة فصلى إليها.

وقال قوم: لابد وأن يقطع بانتفاء الأدلة، وإليه ذهب القاضي؛ لأن الاعتقاد الجزم من غير دليل قاطع، سلامة قلب وجهل، بل العالم الكامل تشعر نفسه بالاحتمال، حيث لا قطع، والمشكل على هذا طريق (تحصيل) القطع بالنفي، وقد ذكره القاضي رحمه الله في مسلكين:

أحدهما: أنه إذا بحث في مسألة قتل المسلم بالذمي عن مخصصات قوله عليه الصلاة والسلام: (لا يقتل مؤمن بكافر) مثلا، فقال: هذه مسألة طال فيها خوض العلماء، وكثر بحثهم، فيستحيل في العادة أن يشذ عن جميعهم (مدركها)، وهذه المدارك المنقولة عنهم علمت بطلانها، فأقطع بأنه لا مخصص.

قال: وهذا فاسد من وجهين:

أحدهما: أنه حجر على الصحابة -رضوان الله عليهم- أن يتمسكوا بالعموم في كل واقعة لم يكثر الخوض فيها، ولم يكثر البحث عنها، ولا شك

ص: 155

في عملهم مع جواز التخصيص، بل مع جواز نسخ لم يبلغهم، كما حكموا بصحة المخابرة، بدليل عموم إحلال البيع، حتى روى رافع بن خديج النهي عنها.

الثاني: أنه بعد طول الخوض لا يحصل اليقين، بل إنه لا يشذ المخصص عن جميع العلماء؟ ومن أين عرف أنه بلغه كلام جميعهم؟ فلعل منهم من (تنبه للدليل)، وما كتب في تصنيف ولا نقل عنه، وإن أورده في تصنيف فلعلع لم يبلغه.

وعلى الجملة، لا يظن بالصحابة -رضوان الله عليهم- فعل المخابرة مع اليقين بانتفاء النهي، وكان النهي حاصلا ولم يبلغهم، بل كان الحاصل إما ظن أو سكون نفس.

ص: 156

المسلك الثاني للقاضي: قال القاضي: لا يبعد أن يدعي المجتهد اليقين، وإن لم يدع الإحاطة بجميع المدارك، إذ (يقول): لو كان الحكم خاصا لنصب الله سبحانه وتعالى دليلا للمكلفين ويبلغهم إياه ولا يخفيه عليهم.

قال الغزالي: وهذا أيضا من الطراز الأول، فإنه لو اجتمعت الأمة على شيء أمكن القطع بأنه لا دليل يخالفه، إذ يستحيل اجتماعهم على الخطأ. (139/ ب)

أما في مسألة الخلاف، كيف يتصور ذلك؟ قال الغزالي: والمختار عندنا، إن (تيقن) الانتفاء إلى هذا الحد لا يشترط، وأن المبادرة قبل البحث لا تجوز، بل عليه تحصيل علم أو ظن باستيفاء القطع، أما الظن فبانتفاء الدليل في نفسه، وأما القطع، فبانتفائه في حقه بتحققه عجز نفسه عن الوصول إليه، بل بعد بذل (غاية) وسعه، فيأتي بالبحث الممكن إلى (حد) يعلم أنه بحثه بعد ذلك سعي ضائع، ويحس في نفسه بالعجز يقينا، فيكون العجز عن العثور على الدليل في حقه يقينا، وانتفاء الدليل في نفسه مظنونا، وهو الظن بالصحابة -رضوان الله عليهم- في المخابرة ونظائرها، وكذلك الواجب في القياس والاستصحاب، وكل ما هو مشروط بنفي دليل آخر.

ص: 157

تنبيه:

قال الإمام فخر الدين في المحصول في هذه المسألة: إذا قلنا: يجب نفي المخصص في التمسك بالعام، فذلك مما لا سبيل إليه إلا أن يجتهد في الطلب ثم لا يجد، لكن الاستدلال بعدم الوجدان على عدم الوجود، لا يورث إلا الظن الضعيف.

قلت: ليس الأمر كما قال، بل يحصل الظن المقارب للقطع من المجتهدين، بسبب كثرة محفوظاتهم واطلاعاتهم، والظن الضعيف إنما يقال في حق غير الحفاظ، لكنا نشترط في المجتهد أن يكون من الحفاظ، وسير مثل هذا عظيم، ربما قارب القطع.

وأوجه هذه الأقوال قول الغزالي، فإنه قول معتدل بين الإفراط والتفريط، فهذه المسائل السبعة كلها تنبني على جواز التخصيص ووقوعه.

* * *

ص: 158