الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثانية: الحق أنه لا يجوز تخصيص العموم بمذهب الراوي
، وهو قول الشافعي رحمه الله لأنه قال:(إن كان الراوي حمل الحديث على أحد محمليه: صرت إلى قوله، وإن ترك الظاهر: لم أصر إلى قوله)، خلافًا لعيسى بن أبان.
ومنهم من فصل، وقال: إن وجد خبر يقتضي تخصيصه، أو وجد في الأصول ما يقتضي ذلك، لم يخص الحديث بمذهبه، وإلا خص بمذهبه.
ومثله إمام الحرمين في البرهان بقوله صلى الله عليه وسلم: (لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا هاء وهاء) وحمل رواية عمر بن الخطاب رضي الله عنه على التقابض في
المجلس.
وحكى القاضي عبد الوهاب المالكي في الملخص، في هذه المسألة- خمس مذاهب:
تقديم ظاهر الخبر مطلقًا.
وتقديم تفسير الراوي مطلقًا.
والثالث: إن عدل عن الظاهر قدم الظاهر، وإن كان تأويلا فالتفسير أولى.
والرابع: لبعض المالكية، إن كان مما يعلم بمشاهدة الحال ومخارج الكلام، فهو أولى بالاستدلال، فالخبر أولى.
والخامس: زيادة على الرابع- إن كان لا طريق إلا ذلك فهو أولى، وإن احتمل ذلك وغيره، فالخبر أولى.
وقال الشيخ شمس الدين الأبياري في شرح البرهان: ما علمت أحدًا يقول بتقديم تفسير الراوي على الخبر، لكن (تفسيره يدل) على دليل تقدم على الخبر وإلا لما قدمه الراوي لعدالته.
قلت: وهذا ليس بخلاف للجماعة؛ لأنه مدركهم.
ومثل ابن برهان- في المسألة- في كتابه المسمى بالأوسط/ بقوله صلى الله عليه وسلم: (من بدل دينه فاقتلوه)، فخصصه راويه بالرجل دون المرأة، وتخرج على الخلاف حجة الحنفية في أن المرأة لا تقتل.
ومثله الإمام فخر الدين بقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعًا) فخصصه راويه أبو هريرة رضي الله عنه بأنه
يغسل ثلاثًا.
قلت: وهذا المثال أبعد المثل، بسبب أنه اسم عدد، وأسماء الأعداد لا يدخلها المجاز، لأنها نصوص، والتخصيص مجاز فلا يدخل في لفظ السبع بل يحمل مذهب أبي هريرة (على) أن السبع مندوب إليها، والثلاثة هي الواجبة، فيكون هذا قولا بالمجاز في المقتضي للطلب، وهي صيغة الأمر، لا في لفظ العدد، ولا عموم هاهنا البتة.
وكذلك (مثال) إمام الحرمين لا يتجه، بسبب أن التوسع في القبض إلى آخر المجلس حالة من حالات بيع الذهب بالذهب والعام في الأشخاص، مطلق في الأحوال- فلا يلزم من إخراج هذه الحالة الخاصة وتعيين حالة أخرى للحكم أن لا يكون الحكم ثابتًا في جميع الأفراد، ثابتًا في حالة مطلقة، بل ثبوته في حالة خاصة يستلزم ثبوته في حالة مطلقة، لضرورة استلزام الخاص العام.